هيئة التنمية الصناعية: عروض استثمارية «عملاقة» من الإمارات والسعودية

تراهن الهيئة على البدء فى استخدام الفحم كمورد رئيسى لتوفير الطاقة للمصانع كثيفة الاستهلاك

هيئة التنمية الصناعية: عروض استثمارية «عملاقة» من الإمارات والسعودية
جريدة المال

أحمد عاشور

مدحت إسماعيل

2:12 م, الأثنين, 29 سبتمبر 14

تراهن هيئة التنمية الصناعية على البدء فى استخدام الفحم كمورد رئيسى لتوفير الطاقة للمصانع كثيفة الاستهلاك كجزء من حل أزمة الطاقة التى يعانى منها القطاع الصناعى فى الوقت الحالى، كما تراهن على قيام وزارة البترول بسداد مستحقات الشركات الأجنبية لتشجيعها على زيادة أعمالها والتوسع فى الاكتشافات الجديدة.

وعانى القطاع الصناعى بشكل واسع من ازمات نقص الطاقة على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، وحتى الآن لا تعمل معظم مصانع إنتاج الأسمنت والحديد بكامل طاقتها بسبب نقص الغاز.

وتترقب «التنمية الصناعية» الحصول على موافقة من رئيس مجلس الوزراء للبدء فى طرح رخص جديدة للأسمنت لتغطية 26 مليون طن تمثل فجوة تحتاج إليها السوق المحلية حتى عام 2020، كما تعكف حالياً على تدبير الأراضى اللازمة للعروض المقدمة من دول على رأسها الإمارات لإنشاء مصانع لإنتاج بنجر السكر وعرض صينى لإنشاء مصنع للأعلاف.

وخلال حوار أجرته «المال» مع اللواء اسماعيل جابر، رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية، كشف عن عوائد الهيئة من خطة ترسيم الحدود الجديدة التى أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى جانب ملامح الاستفادة من شبكة الطرق الجديدة التى من شأنها إحياء المناطق الصناعية النائية.

أزمة الطاقة.. تهديد مباشر

قال جابر إن استمرار أزمة الطاقة فى مصر يهدد وجود الصناعة بالكامل، مشيراً إلى أن الحكومة تسعى إلى سداد جزء من مستحقات شركات البترول الأجنبية قبل نهاية الشهر الحالى، حسبما أعلن وزير البترول المهندس شريف اسماعيل.

وأضاف جابر أن سداد مستحقات البترول سيساهم فى التعاقد على استكشافات جديدة للحقول النفطية إلى جانب إجراء عمليات صيانة مستمرة للحقول الحالية.

وتابع: إن الاتفاق على وضع تسعيرة لشراء الطاقة الشمسية سيساهم أيضا فى حل أزمة الطاقة بالنسبة للمصانع.

وكان وزير الاستثمار قد أعلن مؤخرا عن وجود مخطط لضخ 15 مليار دولار فى مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة خلال عام وربع العام.

المصانع بدأت رحلة الفحم والمخلفات

وذكر رئيس هيئة التنمية الصناعية أن الهيئة تواصلت مع جميع شركات الأسمنت، حتى تبدأ استخدام الفحم كبديل للغاز، والشركات تفهمت الموضوع، لكنه أشار إلى أن استخدام الفحم يتطلب وقتًا كافيًا، فبعض الشركات قالت إنه يحتاج إلى 6 شهور حتى يمكنه استعمال الفحم، وأخرى أكدت حاجتها لعام، وتوجد شركات قامت باستعمال الفحم أو المخلفات ومن الشركات التى استعملت الفحم، «لافارج» العالمية، و«أسيوط للأسمنت» التى قامت باستعمال المخلفات.

وأكد أن الضوابط التى تم وضعها لاستخدام الفحم جاءت بالتنسيق مع وزارة الدولة لشئون البيئة، فضلاً عن التنسيق مع الهيئة العامة المصرية للمواصفات والجودة، والتى اشتركت فى وضع المواصفات والضوابط، لتداول الفحم.

ويشار إلى أن مجلس الوزراء كان قد وافق على استخدام الفحم لمدة 3 شهور لحين اعتماد الضوابط النهائية.

وشدد رئيس هيئة التنمية الصناعية على أن جميع مراحل استخدام الفحم لها ضوابط سواء عمليات الاستيراد أو النقل والتداول داخل الموانئ إلى جانب التخزين.

الموانئ المرشحة لاستيراد الفحم ودور الدولة فى التعاقد

وعن الموانئ التى من الممكن أن تعتمد عليها الحكومة فى استقبال الفحم المستخدم فى توليد الطاقة، يقول رئيس هيئة التنمية الصناعية: فى الماضى كان يوجد رصيف اسمه «رصيف الفحم» بالإسكندرية، ومازال موجودا حتى الآن ويمكن استخدامه فى عمليات الاستيراد.

وأكد رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية أن الباب مفتوح للقطاع الخاص لتولى عمليات الاستيراد كما أنه لا يوجد ما يمنع تدخل الحكومة فى تلك العملية، سواء بالتعاقد أو تحديد الأسعار، فالأمر متروك بشكل كامل للعرض والطلب.

وعن امكانية دخول الحكومة مرة أخرى لتوفير الطاقة للصناعات كثيفة الاستهلاك، يقول جابر: المبدأ العام أن الصناعات الكثيفة لا تقوم الحكومة بتوفير الطاقة لها، لانها صناعات مستهلكة، أما الصناعات العادية التى لا تحتاج الى طاقة كثيرة فيتم التعامل معها تجارياً، مثل المشروعات الصغيرة والورش، أما الصناعات الثقيلة مثل الحديد، والأسمنت فهى ستوفر لنفسها الطاقة، وهذه السياسة لا تغيير فيها، لأن الحكومة لا تستطيع الوفاء باحتياجاتها.

وضع المرافق داخل المناطق الصناعية.. وأولويات التجهيز

وكشف رئيس هيئة التنمية الصناعية عن انتهاء الهيئة من صرف 1.5 مليار جنيه من المخصصات المالية التى أدرجتها الحكومة ضمن حزمة التحفيز الاقتصادى التى تم الإعلان عنها العام الماضى، واستخدمتها فى ترفيق 35 منطقة موزعة فى 22 محافظة، لافتاً إلى أن الهيئة تسعى إلى استغلال الأموال المتبقية قبل نهاية العام المالى الحالى.

ولفت إلى أن الهيئة تولى اهتماماً واسعاً بالانتهاء من المناطق التى تم العمل بها بالفعل، كأولوية حتى لا تواجه «التنمية الصناعية» صعوبات فى طرح مشروعات، على ان يتم إعطاء اهتمام أكبر بالمناطق التى تصل نسب الترفيق فيها إلى 80% أو 90% للانتهاء منها تماماً.

وكشف رئيس هيئة التنمية الصناعية عن تشكيل لجان ميدانية للمرور على المناطق بالمحافظات لتقييم عمليات الترفيق على أرض الواقع.

آليات التخصيص وسياسات التسعير

ونفى رئيس هيئة التنمية الصناعية أن يكون هناك اتجاه لتمليك أراضى صناعية للمستثمرين، مؤكداً أن التخصيص سيتم بنظام حق الانتفاع، وأوضح أن الهيئة حددت مقابل ايجار المتر مربع بنحو 4 دولارات فى مناطق القاهرة والاسكندرية ومناطق وجه بحرى، وما بعد محافظة بنى سويف يكون الايجار 2 دولار للمتر المربع، وبعد 5 سنوات يتم زيادته بنسبة معينة مثل 3%، أو 4%، مع إمكانية التجديد للمستثمر فترة مماثلة بعد انتهاء التعاقد إذا ثبتت الجدية بالشروط نفسها، ولكن مع تطبيق الزيادات السنوية المقررة.

ولفت إلى أن جميع الأسعار التى تم وضعها لن تتغير، خاصة أنه تمت مراعاة ذلك من خلال الزيادات السنوية والتى تم ذكرها.

«الطاقة» بريئة من تعثر 700 مصنع بعد الثورة

وعن الموقف الفعلى للمصانع المتعثرة يقول جابر: غالبية المصانع المتعثرة تعانى أزمات مالية ومنها مشروعات لم تدخل حيز النفاذ، وقامت الهيئة بعمل حصر للمصانع القائمة بالفعل واتضح أنها تبلغ حوالى 700 مصنع، وهذا الحصر تم قبل أن أتولى رئاسة الهيئة.

وأوضح أن اللجنة التى شكلتها «التنمية الصناعية» لدراسة أوضاع تلك المصانع أظهرت أن غالبية التعثر نتيجة أسباب مالية، فضلا فقدان الثقة فى السوق المصرية، وهذه الحالة آثارها على الدولة كلها وليس على الصناعة فقط، كما أن جزءًا كبيرًا من الشركات لا تمتلك القدرة المالية على سداد مديونيات حصلت عليها من الجهاز المصرفى، فأصبح صاحب المصنع فى مأزق كبير إما أن يسدد أجور العمال، وإما أن يقوم بسداد أقساط الديون والفوائد المتراكمة عليه.

ونفى جابر أن يكون هناك أى حالات تعثر نتيجة عدم توافر الطاقة، قائلاً: أؤكد لكم، لا يوجد مستثمر واحد قام بغلق مصنعه كنتيجة مباشرة لتفاقم أزمة الطاقة.

وعن البرنامج الذى اعتمده رئيس الجمهورية لتنمية المناطق الصناعية، يقول رئيس هيئة التنمية الصناعية: الرئيس كان واضحًا، وقال إنه لم يعد برنامجاً، ولكن إذا نظرنا للمشروعات العملاقة، ومن بينها برنامج ترسيم الحدود الإدارية للمحافظات تمت مراعاة تخصيص منطقة صناعية على الأقل فى كل محافظة، بل وقد نجد أن المحافظة الواحدة تتضمن أكثر من منطقة.

وأكد جابر أن شبكة الطرق الجديدة ستساهم فى إحياء المناطق الصناعية النائية، والتى كان من المستحيل ترفيقها، خاصة فى مناطق مثل الداخلة بمحافظة الوادى الجديد، ولكن الشبكة الجديدة للطرق أحيت تلك المناطق وأصبحت لها قيمة سوقية عالية جداً.

المناطق المرشحة للمطورين الصناعيين

وكشف جابر عن وجود دراسة لطرح عدد واسع من الأراضى لصالح المطور الصناعى، منها مناطق بمحافظة الفيوم وأخرى فى منطقة الرسوة بمحافظة الاسماعيلية، مؤكداً أنه يوجد لدى الهيئة نحو 12 مطورًا صناعياً يعملون حالياً وجميعم أثبتوا نجاحات، ومن أبرز المزايا التى يمنحها المطور الصناعى أنه يتحمل كامل تكاليف عملية الترفيق إلى جانب الترويج للأراضى المتاحة، بالاضافة الى انه يقوم بجذب استثمارات.

وعن دور «التنمية الصناعية» فى مشروع محور قناة السويس يقول جابر إن الهيئة لديها دراسات كثيرة عن المحور، خاصة فيما يتعلق بالاستثمار الصناعى، ولكن ستتم إعادة النظر فى تلك الدراسات بعد تكليف هيئة قناة السويس بالإشراف على المشروع، موضحاً أن التنمية الصناعية لها العديد من المناطق فى مشروع المحور، من بينها منطقة صناعية عملاقة فى غرب جبل عتاقة.

أبرز العروض المقدمة للاستثمار فى الصناعة

واستبعد رئيس هيئة التنمية الصناعية إمكانية تحديد حجم الاستثمارات الصناعية المستهدفة خلال العام الحالى، ولكنه كشف عن تلقى مجموعة من العروض لإقامة مشروعات عملاقة من كوريا والصين، إلى جانب المملكة العربية السعودية وكذلك دولة الإمارات.

وأوضح أن الهيئة تلقت طلبًا من مستثمر صينى للحصول على أراض لإقامة مصنع للأعلاف بمحافظة الاسكندرية وجار تحديد الأراضى اللازمة للمشروع، بينما تقدم مستثمر إماراتى لإنشاء مصانع لإنتاج السكر من البنجر فى محافظة المنيا بتكلفة استثمارية تقترب من مليار جنيه بخلاف زراعة 150 ألف فدان.

وأضاف جابر أن شركات سعودية تسعى لضخ استثمارات بقيمة 2 مليار جنيه فى مشروعات صناعية خلال الفترة المقبلة.

إجراءات طرح رخص الحديد والأسمنت

وعن ملف طرح رخص الأسمنت، أوضح جابر أن الهيئة قامت بعمل دراسة لمعرفة احتياجات السوق المحلية من الأسمنت، لعام 2020 وأظهرت أننا نحتاج لنحو 26 مليون طن إضافية ونحن نقوم بإنتاج ما يقرب من 56 مليون طن.

وأضاف: وفقاً للدراسة تحتاج السوق فى الوقت الحالى لنحو 15 مليون طن، وعرضنا مذكرة تفصيلية بذلك على وزير الصناعة والتجارة، وقام بعرضها على مجلس الوزراء للبت فيها ومازالنا ننتظر القرار.

وعن برنامج طرح رخص الحديد الجديدة يقول رئيس هيئة التنمية الصناعية: «تقدمنا بمذكرة لمجلس الوزراء للحصول على رخص لمصانع الحديد، التى تمتلك الطاقة الإضافية، ممثلة فى الكهرباء وليس الغاز، لافتاً إلى أنه فى حال موافقة رئاسة الوزراء ستتم إتاحة الفرصة لإنتاج 3 ملايين طن حديد تسليح إضافية».

المنطقة الصناعية الروسية والتعاون مع السودان

وفى سياق متصل كشف جابر عن اتفاق الحكومة مع الجانب السودانى على توفير البنية الخارجية لاقامة منطقة صناعية على مساحة 2 مليون متر مربع على الأراضى السودانية، فيما تتحمل الشركات المصرية تكلفة البنية الداخلية.

وكشف جابر عن وجود لجنة من الهيئة، لعمل تخطيط للمنطقة الصناعية، وجار تحديد الصناعات التى ستتم إقامتها فى تلك المنطقة، وغالبا ستكون صناعات غذائية، وجلود.

ويؤكد أن الهدف من الاستثمار فى السودان هو تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين لاعتبارات الأمن القومى.

كما كشف جابر عن قيام الهيئة بترشيح منطقة جبل عتاقة بشمال غرب خليج السويس على الجانب الروسى بهدف إقامة منطقة صناعية، مؤكداً انها واعدة بالاستثمارات، ولا توجد عقبة فى تحديد المساحة.

ويؤكد جابر ان مصر تسعى للاستفادة من خبرات روسيا التكنولوجية والفنية لإقامة مشروعات صناعية عملاقة.

امتيازات الجيش والمنافسة مع القطاع الخاص

وعن مدى تأثير منح اعفاءات جمركية للشركات التابعة للقوات المسلحة على قدرة القطاع الخاص فى منافسة الشركات المملوكة للجيش، يؤكد جابر أنه لا توجد أى مزايا تفضيلية لشركات القوت المسلحة عن القطاع الخاص، ولكن التفضيل يكون فى عمليات التسليح.

ويضيف أن الهيئة العربية للتصنيع تعامل معاملة الجهات الدبلوماسية، خاصة أنها تابعة لجامعة الدول العربية.

وتجدر الاشارة إلى أن وزارة المالية كانت قد أصدرت قراراً مؤخراً بإعفاء جميع واردات القوات المسلحة والشركات التابعة لها من الرسوم الجمركية.

«الهيئة العامة للتنمية الصناعية» رسم سياسات وتنفيذ أيضاً

أنشئت الهيئة العامة للتنمية الصناعية بقرار جمهورى رقم 350 لسنة 2005، لتكون الجهة المسئولة عن تنفيذ السياسات الصناعية التى تضعها وزارة التجارة والصناعة والجهات التابعة لها، وتحفيز وتشجيع الاستثمارات فى القطاع الصناعى، ووضع السياسات والآليات اللازمة للربط بين متطلبات تطوير القطاعات الصناعية وأنشطة البحث العلمى والتكنولوجيا المرتبطة بها، بالإضافة إلى وضع وتنفيذ سياسات تنمية الأراضى للأغراض الصناعية وإتاحتها للمستثمرين وتيسير حصولهم على التراخيص الصناعية.

وتطبق أحكام القرار على المناطق الصناعية القائمة والجديدة، وكذلك الأراضى الحاصلة على ترخيص صناعى وغير المستغلة والمملوكة للشركات أو الأفراد ويتم تحويلها إلى مناطق صناعية، على أن يتم إنشاء صندوق لدعم إنشاء وترفيق وتطوير المناطق الصناعية فى مصر، ودعم أسعار الأراضى والأنشطة الصناعية والخدمية المرتبطة بها فى هذه المناطق بما يحقق أهداف الهيئة فى التنمية الصناعية، وبما يؤدى إلى زيادة قدرة المناطق الصناعية على جذب الاستثمارات.

جابر رئيس بدرجة أركان حرب

تم تعيين اللواء أركان حرب إسماعيل جابر، رئيسًا لهيئة التنمية الصناعية أبريل الماضى، وكان مديرًا لإدارة المياه فى القوات المسلحة، إحدى إدارات الهيئة الهندسية، خلفًا للدكتور محمود الجرف، الذى شغل منصب رئاسة الهيئة خلال الفترة من نوفمبر 2012 إلى أبريل 2014، وكان أول ظهور رسمى لجابر فى تفقد لجنة الاستفتاء على الدستور بمحافظات السويس.