عرض النقود يسجل أعلى وتيرة نمو فى عامين.. ومصرفيون: «لن يؤثر على التضخم»

أرجع مصرفيون تسارع وتيرة النمو الى إقبال المواطنين والشركات على الإحتفاظ بالكاش أو وضعه داخل البنوك فى حسابات جارية

عرض النقود يسجل أعلى وتيرة نمو فى عامين.. ومصرفيون: «لن يؤثر على التضخم»
سيد بدر

سيد بدر

9:31 ص, الثلاثاء, 23 يونيو 20

71 مليار جنيها زيادة فى الكاش المتداول خارج البنوك خلال أول 4 أشهر من العام الحالى مقابل 65 مليارا عن العام الماضى بأكمله

حقق المعروض النقدى M1 ، الذى يشمل النقود المتداولة بين الجمهور والودائع الجارية بالعملة المحلية لدى البنوك المصرية، أعلى وتيرة نمو فى عامين تقريبا خلال شهر مارس الماضى بنسبة بلغت %19.7، وفق بيانات النشرة الإحصائية الشهرية للبنك المركزى المصرى.

أرجع مصرفيون تسارع وتيرة النمو الى إقبال المواطنين والشركات على الإحتفاظ بالكاش أو وضعه داخل البنوك فى حسابات جارية ، لتمويل شراء وتخزين السلع الاستهلاكية والمواد الخام ، خوفا من تداعيات الحظر والتباعد الإجتماعى التى فرضها إنتشار فيروس كورونا المعروف علميا بإسم (كوفيد 19).

ويؤثر المعروض النقدى فى القوة الشرائية داخل الأسواق، وفى أسعار السلع والخدمات، كما يؤثر فى عمليات الادخار والاستثمار. فازدياد المعروض النقدى يمكن أن يدفع المستهلكين إلى المزيد من شراء السلع والخدمات، وبالتالى فإن ذلك يرفع النشاط الاقتصادى فى البلاد إذا كانت هذه السلع والخدمات متوافرة ويمكن إنتاجها فى الأمد القصير.

أما إذا كانت هذه السلع والخدمات محدودة فى كمياتها فإن زيادة حجم المعروض النقدى وبالتالى القوة الشرائية يمكن أن يؤدى إلى ارتفاع أسعارها، إلا أن هذا يمكن أن يدفع المستثمرين إلى تنفيذ استثمارات جديدة لإنتاج هذه السلع والخدمات باعتبار أن هناك حاجة لها، وأن ارتفاع أسعارها يؤدى إلى وجود هامش ربحى أكبر فى إنتاجها وبيعها.

ويشكل الكاش المتداول بين الجمهور نسبة تتجاوز %55 من المعروض النقدى، ويسعى البنك المركزى المصرى لمحاربة هذا الوضع من خلال العمل، حاليا، على نشر وسائل الدفع الإلكترونية ووضع حدود للسحب والإيداع من البنوك، حيث أعلن عن مبادرة لنشر 100 ألف نقطة تحصيل إلكترونى للمدفوعات قبل نهاية العام الجارى.

وذكر محافظ البنك المركزى طارق عامر، فى مداخلة تلفزيونية على قناة صدى البلد، خلال شهر مارس الماضى، أن الحجم الهائل للكاش يهدر نحو 50 مليار جنيه فوائد يمكن تحقيقها حال تداول هذه الأموال عبر الحسابات المصرفية، قائلا إنه « لا يعقل أن يتم تداول ملايين الجنيهات نقدا يوميا، مما ينهك فروع البنوك وموظفيها».

كان «المركزى» فرض مطلع مارس الماضى حدوداً للسحب والإيداع بواقع 10 آلاف جنيه للأفراد قبل أن يتم تعديلها فى شهر أبريل التالى له، الى 20 ألف من ماكينات الصرف الآلى و 50 ألفا من الفروع.

ولعل قرارات المركزى ترجع الى النمو الكبير الذى شهده حجم الكاش المتداول خارج البنوك خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الجارى اذ ارتفع بقيمة تجاوزت 71 مليار جنيه فى الفترة من ديسمبر 2019 وحتى نهاية أبريل الماضى مقارنة بحجم زيادة بلغت 65 مليارا خلال العام الماضى بأكمله.

كما ارتفع النقد المتداول كنسبة من الودائع بالعملة المحلية ليسجل %18.5 بنهاية مارس الماضى وهو أعلى مستوى منذ مايو 2019 ، وذلك على خلفية نمو النشاط الإقتصادى المحلى وتسجيله معدلات %5.6 خلال النصف الأول من العام المالى الجارى 2019/2020.

وقال مصرفيون وخبراء، إن الزيادة الكبيرة فى مستويات النقد المتداول خارج الجهاز المصرفى خلال الشهور الأخيرة تأتى نتيجة أزمة وباء كورونا، وتأثيره على اتجاهات كثير من العملاء الذين فضلوا الاحتفاظ بالنقود فى حوزتهم خلال فترة الجائحة نظرًا للظروف الاقتصادية الراهنة.

وأشاروا إلى أن الدولة قامت بتشجيع الاستهلاك فى الفترة الأخيرة عبر عدة خطوات من بينها ضخ إعانة للعمالة غير المنتظمة بالمليارات وهو ما زاد النقد فى يد المواطنين، موضحين أن تشجيع الاستهلاك هو أحد السياسات التى تنتهجها الدول للخروج من الأزمات الاقتصادية نظرًا لقدرته على تنشيط الاقتصاد.

وأوضحوا أنه رغم ذلك فإن سرعة النقود لم تشهد زيادة ضخمة خلال هذه الفترة نظرًا للركود الاقتصادي، كما ان معدلات التضخم مازالت عند أهداف البنك المركزى التى يسعى لتحقيقها بنهاية العام الجارى %9 بزيادة أونقصان %3.

وأشارت بيانات البنك المركزى المحدثة إلى أن النقد المتداول خارج الجهاز المصرفى سجل نحو 579.09 مليار جنيه بنهاية أبريل الماضى مقابل 548.01 مليار جنيه بنهاية مارس السابق عليه، بنمو %5.6 بينما خلال شهرى مارس وأبريل شهد النقد المتداول خارج البنوك نموًا بنسبة %10.7.

وكشفت البيانات عن أن النقد المتداول خارج الجهاز المصرفى سجل نموًا بنسبة %13.5 خلال أول 4 أشهر من العام الجاري، مقابل %4.8 خلال الفترة المقابلة من العام الماضي، ونحو %2.8 خلال نفس الفترة من 2018.

طارق حلمى: الركود الاقتصادى حد من التضخم المتوقع نتيجة ارتفاع حجم الكاش

وقال طارق حلمي، الخبير المصرفى، إن الزيادة فى النقد المتداول خارج الجهاز المصرفى قد تكون نتيجة جائحة كورونا وتأثيرها على سلوك العملاء، واتجاههم لجمع أكبر قدر من الكاش من حساباتهم للاحتفاظ به، أو تلبية احتياجاتهم من شراء المواد الغذائية.

وأوضح أن هذه الزيادة فى الإقبال على شراء السلع التموينية دفعت بعض الأسعار للارتفاع على مستوى بعض السلع مما أدى لارتفاع طفيف فى معدلات التضخم، لكنه انخفض مرة أخرى نتيجة الركود الذى حل على الأسواق بفعل الأزمة.

واستبعد أن ترتفع معدلات التضخم فى الفترة المقبلة حتى مع زيادة النقد المصدر لاسيما فى ظل ركود السوق نتيجة أزمة كورونا، متوقعًا أن يلجأ البنك المركزى لتخفيض أسعار الفائدة لتشجيع الاستثمار وخفض خدمة الدين المحلى.

وقال البنك المركزى، إن الرقم القياسى لأسعار المستهلكين “معدل التضخم الأساسى” سجل %1.5 بنهاية شهر مايو وذلك على أساس سنوى مقابل %2.5 فى أبريل الماضى، بينما المعدل الشهرى للتضخم الأساسى %0.3 فى مايو مقارنة بـ %1.2 خلال الشهر نفسه من العام الماضى و%1 فى أبريل 2020.

ويستبعد التضخم الأساسى أسعار السلع شديدة التقلب مثل الخضروات الطازجة والفاكهة، وأعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن تضخم أسعار المستهلكين بالمدن المصرية تراجع إلى %4.7 فى مايو من %5.9 فى أبريل.

محمد عبد العال: لن يكون له تأثير كبير على اتجاهات السياسة النقدية

وقال محمد عبد العال، الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، إن أهمية النقد المتداولة خارج الجهاز المصرفى تأتى ضمن الصورة الكاملة لمسح السيولة المحلية وودائع البنوك لدى البنك المركزي، والتى يعتمد عليها البنك المركزى لتحقيق أهدافه الاقتصادية.

وأوضح أنه رغم ارتفاع النقد المتداول خارج الجهاز المصرفى خلال الفترة الأخيرة إلا أنه ليس المؤثر الأساسى فيما يتعلق باتجاهات السياسة النقدية وأن هناك عوامل أخرى تؤثر فى هذا الأمر ينظر إليها البنك المركزى خلال اجتماع لجنة للسياسة النقدية.

وتابع: رغم ذلك نحن نمر بحالة من عدم اليقين على مستوى الوضع الاقتصادى ككل ونسبة النقد المتداول فى يد المواطنين ليست هى المؤشر الوحيد الذى يمكن النظر إليه فى هذه الفترة.

وأضاف أن الفترة الحالية تشهد ميلا للاحتفاظ بالنقود داخل البيوت فى ظل الظروف التى يمر بها الاقتصاد ورغم ذلك فإن النقد المتداول خارج الجهاز المصرفى ليس له تأثير كبير على السياسة النقدية كما أن معدل التضخم فى الوقت الحالى فى حدود الهدف المعلن من البنك المركزي.

وذكرت بيانات البنك المركزى أن السيولة المحلية سجلت نحو 4.35 تريليون جنيه بنهاية أبريل مقابل 4.28 تريليون جنيه بنهاية مارس السابق عليه، بزيادة %1.7 بينما سجلت زيادة %2.13 خلال مارس، ونحو %1.2 خلال فبراير.

وعلى مستوى السرعة الداخلية للنقود سجلت نحو %1.32 فى مارس، و %1.34 خلال فبراير، ونحو %1.36 خلال يناير،وفقًا لأحدث بيانات البنك المركزى.

ويقيس مؤشر سرعة النقود فى السوق عدد المرات التى ينتقل فيها المال من فرد لآخر أو من مؤسسة لأخرى، خلال فترة زمنية محددة، ويفيد هذا المؤشر فى التعرف على مدى صحة الاقتصاد والإقبال على شراء السلع والخدمات، وتشير سرعة النقود البطيئة إلى الركود الاقتصادي.

مصدر بقطاع الخزانة: سياسة الدولة لتشجيع الاستهلاك خلال أزمة كورونا دفعت «النقد» للارتفاع

وقال مسئول بقطاع الخزانة بأحد البنوك الأجنبية، إن الزيادة فى النقد المتداول خارج الجهاز المصرفى تأتى نتيجة السياسات التى اتخذتها الحكومة بشكل سريع خلال شهرى مارس وأبريل لتحفيز الاقتصاد عبر تنشيط الاستهلاك، وصرف منحة العمالة غير المنتظمة لنحو مليونى فرد بدءا من شهر مارس.

وأوضح أن الاستهلاك المتزايد قد يكون ملاذا للنمو الاقتصادى ومحفزًا للاقتصاد خلال فترات الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها الدولة، مستبعدًا أن يرتفع التضخم نتيجة زيادة النقد المتداول خارج الجهاز المصرفى فى ظل سياسات البنك المركزى الهادف لتحجيم التضخم عند رقم أحادى خلال العام الجاري.