يتصدر الحديث فى أروقة نشاط التأمين عن قيمة الأصول المؤمن عليها فى ظل الحالة الاقتصادية الحالية وتعويم الجنيه والتضخم غير الآبه لما دونه، لعدد لا بأس به من المرات.
وقد اتفقت المؤسسات العاملة فى القطاع على ضرورة إعلام العملاء بأهمية تلك الخطوة فى مسيرة تعويضاتهم المستحقة عند وقوع الضرر.
وأجمعت آراء خبراء المجال على أهمية إعادة تقييم الأصول التأمينية، ومدى تأثير ذلك على الأقساط والتعويضات والقيم الآنية للسوق الفعلية لما تحت يد العملاء.
وأكد جمال شيبة؛ مساعد العضو المنتدب للشئون الفنية بشركة وثاق للتأمين التكافلي، على ضرورة أن تكون مبالغ التأمين المنصوص عليها بالوثائق متناسبة مع قيمة الممتلكات الحقيقية، لتجنب تطبيق شرط النسبية، حيث إنه نظرًا للاختلافات المتلاحقة فى المتغيرات الاقتصادية وآثارها الكبيرة على تبديل قيم الأصول المؤمن عليها، جعلتها غير متناسبة مع المبالغ المنصوص عليها، والتى أصبحت فى ضوء ذلك غير كافية، مما يعرضها لتطبيق شرط النسبية فى حالة وقوع حادث.
وأشار إلى أن مبدأ التعويض من المبادئ القانونية التى تخضع لها عقود تأمين الممتلكات والمسئوليات، إذ تعوض العميل عن خسارته المالية التى أصابته نتيجة تحقق ضرر.
وأوضح أنه من الضرورى أن تكون مبالغ التأمين المنصوص عليها بالوثائق متناسبة مع قيم الممتلكات السوقية تحت يد العميل، لتجنب تطبيق شرط النسبية، ولا يقل التعويض عن الخسارة الحقيقية.
والغرض الأساسى من تطبيق مبدأ التعويض على عقود الممتلكات -كما صرح- هو أنه يوضع العميل فى مركزه المالى الذى كان عليه قبل تحققه، إلا إذا رغب فى التأمين على ممتلكاته بمبالغ أقل من القيمة السوقية لها ففى هذه الحالة يحصل على تعويض غير كامل.
ولا يطبق مبدأ إعادة تقييم الأصول على عقود تأمين الحياة، حيث إن الخسارة المترتبة على حادث الحياة أو الوفاة لا يمكن قياس كميتها بدقة.
وعلى ذلك، فالعقود التى يشملها مبدأ إعادة التقييم لا بد أن تكون محكمة، بما يعنى أن يكون مبلغ التعويض المدفوع فى حالة تحقق الحادث محددًا قبلًا.
ويكون التأمين دون الكفاية عندما يكون مبلغ الوثيقة المدفوع على أساسه الأقساط أقل من القيمة الفعلية للممتلكات المؤمن عليها، لذلك يميل العميل عادة إلى التقليل من قيمتها بقصد دفع أقل قسط ممكن.
وقد جرت العادة -والكلام ما زال لـ«شيبة» – على أن تترك الحرية للعميل فى تحديد قيمة موضوع الوثيقة، حيث إنه الوحيد من يقرر مقدرته على دفع الأقساط، بينما يميل عند وقوع حادث وتحقق الخسارة إلى المطالبة بقيمة الضرر أيًا تكن، على الرغم من عدم كفاية مبلغ التأمين.
وتنظيمًا لحالات التعويض فى حالة التأمين دون الكفاية؛ ظهرت قاعدة تتعلق بحساب قيمة التعويض أطلق عليها «النسبية»، وتنص على أن الحالات التى يكون فيها مبلغ الوثيقة أقل من قيمة موضوعها، فإن العميل يعتبر مؤمنًا لدى نفسه بالفرق، ويتحمل نسبة من الضرر المحقق.
فشرط النسبية يقتضى إذا كانت قيمة الممتلكات المؤمن عليها عند وقوع الخطر تفوق مبلغ الوثيقة، فيعتبر المشترك العميل بمثابة مؤمن لدى نفسه بالفرق بين القيمتين، ويتحمل تبعة نصيبه من الخسارة، أما فى حالة الخسارة الكلية فإن الشركة ستقوم بتعويض المشترك بمبلغ التأمين المنصوص عليه.
وتنحصر آثار تطبيق شرط النسبية فى استحقاق العملاء لتعويضات أقل من قيمة الخسارة، إثر تحملهم نصيبهم من الضرر، بنسبة الفرق بين مبلغ التأمين والقيمة السوقية.
وأكد «شيبة» أنه يتم تعديل مبالغ التأمين فى أى وقت، سواء أثناء فترة السريان، اعتبارًا من الزيادة التى طرأت على قيم الأصول إلى نهاية الوثيقة، وذلك يتطلب فى أغلب الأحيان إجراء المعاينة الفنية للأصول، وقد يتم عند التجديد، ومن الوارد فى هذه الوقت وقوع حادث قبل تاريخ التجديد، يتم تطبيق شرط النسبية.
وأشار إلى أن أكثر الفروع تأثرًا بشرط النسبية هو «السيارات التكميلى» لاحتوائه على كم كبير من التعويضات، فالقيم السوقية لها معلومة للجميع، سواء العملاء أو الشركات، ورغم أن كثيرًا من العملاء لم يستجيبوا لنداءات إعادة التقييم، فإن المؤمنين فى نشاط السيارات بدوا مستجيبين لذلك، بشكل مبدئي.
وإعادة تقييم الأصول، هو زيادة لمبالغ التأمين، والتى تؤدى بدورها إلى نمو الأقساط، وبالتالى ارتفاع التعويضات، حيث أصبحت شركات التأمين متحملة جزءًا من الخطر عن كاهل العميل الذى كانت وثيقته -قبلًا- دون الكفاية.
وقال وليد سيد مصطفى؛ خبير التأمين الاستشاري، إن الاتجاه العام الذى تزكيه الهيئة العامة للرقابة المالية والاتحاد المصرى للتأمين والشركات هو حث العملاء على إعادة تقييم الأصول المؤمن عليها وإبلاغهم بضرورة ذلك، لئلا يتعرضوا لشرط النسبية، إثر التعويم الذى أغرق أسعار الصرف مؤخرًا بانخفاض قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكى.
وأشار إلى أن شرط النسبية يعنى أن يُقتطع جزء من التعويض المستحق للعميل بنسبة معينة من مبلغ التأمين وقت وقوع الحادث، لقاء هبوط سعر الصرف وزيادة التضخم، مما يؤدى إلى زيادة الأصول عما كانت عليه وقت إنشاء الوثيقة، وهذا ما يجعل التوفيق بين ارتفاع قيمة المؤمن عليه والتعويض المستحق مستحيلًا.
وشدد على أهمية إعادة تقييم الأصول، حتى يتمتع العميل بقيمة التعويض بسعر السوق الآنية، كاملًا غير منقوص، لأن الغفلة عن تلك الخطوة ستعرضه لخسارة فعلية لمستحقاته إن وجبت من شركات التأمين.
ورجح كفة «السيارات» من جميع الأنواع التى برز تأثرها بشرط النسبية، إذ إن برهان ذلك يبين فى تغير الأسعار الذى طرأ على كل فئات المركبات؛ الأمر الذى خلق صدعًا شاسعًا بين القيمتين السوقية والتأمينية كان لا بد من رأبه، ويأتى «الماكينات» فى المقام التالي، بينما يتأرجح «الممتلكات» فى المرتبة الثالثة، لا سيما «الحريق والسطو»؛ نيجة للاختلافات فى أثمان المبانى ومواد البناء.
ونصح العملاء أن يبادروا إلى إعادة تقييم الأصول، ولا ينتظروا إلى مواعيد التجديد، بأن يضموا إلى وثائق التأمين ملاحق بالقيم السوقية الحالية لما تحت أيديهم.
ويقوم بإعادة التقييم خبراء مقيدون بالرقابة المالية، وتختار الشركات فى كل نشاط تأمينى ما يناسبه منهم، حتى يؤدى عمله فى تلك المهمة، وأكد أن مجموعة كبيرة من العملاء قد استجابوا لنداءات المؤسسات العاملة بالقطاع، وأضفوا على وثائقهم التعديلات اللازمة لملائمتها للقيم السوقية الفعلية.
وعزا ذلك الإقبال الملحوظ من العملاء على إعادة تقييم أصولهم إلى أنهم لا يملكون خيارًا آخر للحفاظ على مواكبة أقساط تأمينهم لما بالسوق الحالية من متغيرات، وذلك مما سيرجع عليهم بلا شك بفارق فى التعويضات عند حدوث ضرر أو خسارة.
من جهته، أوضح جمال شحاتة؛ مساعد العضو المنتدب لشركة سكان للتأمين، أن إعادة تقييم الأصول من آن لآخر له أهميته بالنسبة للعميل، لا سيما حينما يتعرض الاقتصاد لكبوات، متأثرًا بالمتغيرات العالمية، مما يفرض حزمة من الإجراءات تلجأ إليها الدول المتضررة، تتسق وتلك التحولات التى تقضى بتحرير أسعار الصرف.
وأضاف أن ذلك الأمر يظهر الأصول بقيمها الحقيقية ويعزز من الملاءة المالية للمؤسسة، وفقًا للمتغيرات التى طرأت نتيجة ذلك، حيث إنه من الأهمية بمكان علم العميل أنه حال تعرض المنشأة لخطر مؤمن ضده لم يعد تقييمه وفقًا لقيمته الحالية؛ سيكون التعويض محسوبًا استنادًا إلى المبالغ المؤمن بها، وسينخفض مقدار التعويض المؤدى.
وأرجع ذلك إلى انخفاض نسبة القيمتين التأمينية بالنسبة إلى الحقيقية، إذ كان يتعين لجوء المنشأة إلى تعديل الأخيرة، مما سيكون له أثر سلبى فى خفض قدرة المنشأة على استعادة كامل نشاطها كما كانت قبل تعرضها للحادث.
وأشار إلى أن أكثر الفروع تضررًا بشرط النسبية فى المقام الأول هو «السيارات» ولا يعنى ذلك أن باقى الممتلكات فى مأمن، إلا أنها قد تكون بقدر أقل، ومنها «الهندسية» و«الحريق»، فحال تغطية العدد والمعدات والآلات بأقل من قيمها؛ تصطدم المنشأة باستبدالها بقيم مغايرة لما تم التأمين به.
وقرر «شحاتة» أنه يجوز تعديل القيم التأمينية أثناء سريان الوثائق دون انتظار مواعيد تجديدها، وذلك الأفضل، لأن الحادث لا ينذر صاحبه بموعد مسبق ولا يدق ناقوسه استئذانًا قبل إيقاع الضرر.
وأكد أن إعادة التقييم تتم بواسطة خبير مرخص له من قبل الرقابة المالية بمزاولة مهنته، وقد تكون الأسعار المماثلة بالسوق لأى من الممتلكات هى القياس، ويكون ذلك من خلال المؤمن له أو معاين الشركة المختص، مما يزيد من استجابة معظم العملاء والمبادرة بالرغبة فى إعادة التقييم، لما فيه من تجنب لشرط النسبية.
وأوضح أن إعادة تقييم الأصول سيؤدى إلى تعظيم الأقساط، مما سيجعل مبالغ التأمين عاكسة لقيم حقيقية، ومن ثم التعويضات، التى ستكون مؤداة بزيادة تتناسب والقيم الفعلية لمنتجات السوق، وبهذا يتحقق هدف التأمين الذى سعى له العملاء.