يتخلى عدد متزايد من الشركات البريطانية عن الإدارج في موطنهم، مع تفضيل الطرح خارج بريطانيا ، بعد أن أثارت سلسلة الطروحات المهمة المتخبطة الشكوك حول حملة لندن لجذب الشركات الناشئة والطروحات العامة الأولية.
تتجه بريطانيا لتسجيل أسوأ ربع أول من ناحية الطروحات العامة الأولية منذ 2009، وفقاً لبيانات جمعتها “بلومبرج”؛ فقد أدت الحرب الأوكرانية والتضخم المتزايد إلى إضعاف ثقة المستثمرين والسيولة، لكن في حين نجحت شركات في إيطاليا والنرويج في إتمام اكتتابات كبيرة؛ لم تشهد لندن سوى التأجيل.
ويقال، إنَّ شركة الملكية الخاصة “سي في سي كابيتال بارتنرز” تدرس إدراجا في أمستردام، إذ تميل علامة السيارات الرياضية “لوتس” إلى إدراج وحدتها لتصنيع السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة أو الصين، أما شركة “أرم”، المدعومة من “سوفت بنك”، وشركة “زيبز” لتحويل الأموال، فيقال إنَّهما تتطلّعان لطرح عام أولي في “ناسداك”.
جاذبية الطرح خارج بريطانيا
قالت سفيتلانا ماريوم، شريكة في مجموعة “كيه بي إم جي” للأسواق الرأسمالية البريطانية: “نشهد عدداً متزايداً من شركات التكنولوجيا والتكنولوجيا المالية البريطانية التي تتطلّع للخارج وإلى الولايات المتحدة لطرح أسهمها بحثاً عن أسواق أكثر عمقاً”.
إنَّ هذا الاتجاه مؤلم؛ خاصة بالنظر إلى جهود بريطانيا لتقديم نفسها كوجهة رئيسية لشركات التكنولوجيا في أوروبا، وأطلقت الدولة صندوق إنقاذ من الوباء للشركات الناشئة، وغيّرت قواعد الإدراج للسماح للمؤسسين بالاحتفاظ بالسيطرة على أعمالهم، وضغطت على بعض أكبر الشركات الخاصة في المنطقة للإدراج في المدينة. لكنَّه دون جدوى حتى الآن.
لطالما ذهبت الشركات البريطانية الناشئة إلى نيويورك بحثاً عن أسواق أعمق وتقييمات أعلى، وفي الوقت نفسه مُنيت لندن بسلسلة من طروحات أسهم فاشلة لشركات تكنولوجية مثل منصة توصيل الطعام “ديليفرو”، وشركة التكنولوجيا المالية “وايز”، وشركة التجارة الإلكترونية “تي إتش جي” ، وتتداول أسهم أكبر 10 طروحات تمت في العام الماضي تقريباً بأقل من أسعار الاكتتاب العام.
سوق من المشترين
تعني سنوات الأداء الضعيف أنَّ التقييمات رخيصة في بريطانيا، مما يجعلها سوقاً جذابة للمشترين، ولكنَّها أقل أهمية بالنسبة للمصدرين، والآن؛ تعد الأسهم البريطانية من بين الفائزين القلائل، فقد حقق مؤشر “فوتسي 100” مكاسب بنسبة 1% في عام 2022، مقارنة مع انخفاض نسبته 6.6% في مؤشر “ستوكس 600” المعياري، وتراجع مؤشر “ناسداك 100″ ” المحمل بأسهم التكنولوجيا بنسبة 12%.
قال أندرو ميلينغتون، مدير الأسهم البريطانية في صندوق “أبردن”: “منذ عدد من السنوات، عانت السوق البريطانية الآن من غيمة بريكست والتصور الخاطئ الشائع بأنَّها سوق مملة وناضجة.. لكن أعتقد أنَّ ذلك بدأ يتغير، ولقد رأينا بريطانيا تتفوّق على مؤشرات رئيسية رائدة العام الجاري، وبدأت فجوة التقييمات تضيق”.
مع ذلك؛ تبقى لندن أكبر مركز في أوروبا للخدمات المالية والملكية الخاصة والخدمات المصرفية ورأس المال المغامر، وهناك طروحات تصل قيمتها لمليارات الدولارات على استعداد لدخول السوق البريطانية في 2022، بما في ذلك شركة الخطوط الجوية “فيرجن أتلانتيك”، ووحدة مكوّنات الطعام في “أولام إنترناشونال” ، وشركة المحاماة “ميشكون دي ريا”.
الصيف الماضي، قالت شركة “بريتيش فولت” الناشئة لبطاريات السيارات الكهربائية، والتي كانت تفكر في طرحها أسهمها للاكتتاب العام في الولايات المتحدة من خلال عملية اندماج بشركة “شيك على بياض”، إنَّ لندن أصبحت وجهة أكثر جاذبية بعد إصلاح قواعدها للإدراج.
قال سيمون أولسن، شريك في مجموعة “ديلويت” لأسواق الأسهم الرأسمالية: “من المبكر للغاية تجاهل لندن.. فهي مركز الجاذبية وأكبر مركز مالي في المنطقة”.