على عبدالرحيم
محمود إدريس:
نظمت نقابة المهندسين جلسة نقاشية حول مشكلة سد النهضة الإثيوبى المزمع إنشاؤه خلال الفترة المقبلة، وذلك على هامش معرض ومؤتمر الانتر بيلد الحالى.
قال المهندس على عبدالرحيم، أمين عام النقابة، صاحب العديد من الدراسات فى مجال الهندسة المائية، إن مشكلة السد ليست وليدة المرحلة الحالية أو نتيجة سوء حكم من النظام الحالى، فالمشكلة ظهرت لأول مرة فى الخمسينيات من القرن الماضى فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وبالتحديد فور إعلان مصر عن إنشاء السد العالى.
وأضاف أنه فور إعلان عبدالناصر عن عزمه بناء سد فى جنوب مصر يسمح بتخزين 5 مليارات مكعب سنويا خلفه، على أن تكون منطقة أمام السد بحيرة ضخمة للغاية تستوعب 164 مليار متر مكعب والتى تمت تسميتها فيما بعد بحيرة ناصر، وألمح الى أنه فى هذا التوقيت بالتحديد اقترحت الولايات المتحدة على المسئولين الإثيوبيين بناء سد مشابه لزيادة الأمان المائى لمواطنيها.
وشدد على أن هذه الادعاءات الأمريكية لا صحة لها على الاطلاق، فإثيوبيا لا تحتاج نهائيا الى موارد مائية أو سدود، خاصة أنها يطلق عليها «نافورة أفريقيا» بسبب استمرار هطول الأمطار عليها باستمرار والتى تبلغ 400 مليار متر مكعب سنويا يدخل منها 52 مليار متر مكعب فقط الى النيل الأرزق فيما يذهب باقى الكمية فى الجبال والقشرة الأرضية.
وألمح الى أن قضية سد النهضة عادت للظهور مرة أخرى فى فترة السبعينيات ولكن الرئيس السادات تعامل مع المشكلة بخطة استراتيجية محكمة، تعتمد على الترهيب والترغيب، حيث هدد بضربة جوية لأى سد تشيده أى دولة من دول حوض النيل دون الاتفاق على ذلك فى مجلس دول حوض النيل، وفى المقابل اتجه لتقليل اعتماد مصر على النيل الأرزق فى تغذية نهر النيل والاعتماد بصورة أكبر على النيل الأبيض الذى ينبع من بحيرات فيكتوريا حتى يحدث اتزانا فى كل المصدرين، وذلك من خلال إنشاء عدد من القنوات فى جنوب السودان وعلى رأسها قناة جونقلى وعرض السادات وقتها التكفل بكامل العمالة وتكاليف التنفيذ وتم الحصول على موافقة السودان وبدأت عمليات التنفيذ فى 1979، وكان من المقرر الانتهاء منها فى 1985.
وأشار الى أن سير تنفيذ المشروع توقف بسبب اشتعال فتيل الحرب الأهلية فى السودان وتم وقف المشروع بصورة كاملة فى عام 1983 وذلك فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، ولم تحدث أى ردة فعل مصرية إزاء توقف هذا المشروع بل اكتفت الرئاسة المصرية بسحب العمالة من هذا المشروع.
وألمح الى أن مصر بالأساس تعد من الدول التى تقع تحت خط الفقر المائى والمقدر بـ1000 لتر مكعب لكل شخص فى السنة، وذلك لأن نصيب كل فرد خلال العام الماضى وصل الى 600 لتر مكعب فقط، أى أقل بـ%40 من الحد الأدنى للأمان المائى، مشيرا الى أن بناء سد النهضة سيعمل على زيادة حجم المشكلة.
وأضاف عبدالرحيم أنه برغم التأثيرات السلبية العديدة التى سيحدثها سد النهضة على الأمان المائى لمصر، لكنه لا صحة للقول بأن منطقة إنشاء السد هى منطقة كثيرة الزلازل وأنه فى حالة انهيار السد سيتسبب ذلك فى غرق مصر والسودان، لافتا الى أن منطقة إنشاء السد هى منطقة كانت تابعة جيولوجيا للسودان وليس لإثيوبيا، علاوة على أن السد المزمع إنشاؤه سيكون بعرض ألفى متر، وبتكلفة تنفيذية تقترب من الـ5 مليارات دولار، وهو ما يدل على البحوث الهندسية التى أجريت للتربة فى موقع السد مطمئنة للغاية بعدم حدوث أى هزات أرضية.
وأشار الى أنه حتى فى حالة انهيار السد مع عدم احتمالية ذلك لن تصل المياه المخزنة أمام السد الى مصر ولا حتى الى وسط السودان خاصة أن حوض الكونغو المجاور لحوض النيل ينخفض عن الأخير بـ200 متر، وهو ما سيوجه المياه تلقائيا الى هذا الحوض، وحتى فى حال وصول المياه الى جنوب السودان، فأرض السودان هى أرض مستوية وستعمل على تشتيت سير المياه وتوزعها فى عدد من المسارات المائية.