عادل منير: «معا لمستقبل أفضل» مبـادرة رومانسية ولو أُعيد طرحها سأحذف نصفها

الدكتور عادل منير، أكد أن مشاركته فى مبادرة “معًا لمستقبل لصناعة التأمين”، كانت لاقتناعه بدوره فى شحذ الهمم ، نافيا فى الوقت ذاته الاطلاع على المبادرة فى شكلها النهائى قبل عرضها على «الرقابة المالية»، واصفا إياها بالرومانسية، وأنه إذا أعيد طرح مشاركته فيها فسيتخذ القرار نفسه، إلا أنه سيحذف نصف المطالب التى تضمنتها المبادرة

عادل منير: «معا لمستقبل أفضل» مبـادرة رومانسية ولو أُعيد طرحها سأحذف نصفها
ماهر أبو الفضل

ماهر أبو الفضل

10:38 ص, الأحد, 30 سبتمبر 18

 ■  السوق تخشى الإعلام الكاشف ويؤمن بمقولة «دعنى أعمل دعنى أمر»
 ■ الممارسات حولت القطاع إلى ما يشبه تُجار سوق العبور وأخلاقيات المهنة باتت مُلحة
■  الجهاز الرقابى ليس مسئولا عن تطوير المنتجات وقيامه بذلك يُحسب له
 ■ إسناد حصص إجبارية من أخطار الشركات للمصرية للإعادة خالف المعايير العالمية
 ■ التلميح بتحريضى على الرقابة المالية «باطل» ومشاركتى فى المبادرة ضمنية
 ■ ثلاثة محركات لمعدل النمو أبرزها ضبط الممارسات وشرعنة التعاملات
 ■ بعض الشركات لاتزال تجمل فى ميزانياتها لأسباب سياسية
 ■ شُح القطاع بسبب سيطرة المدرسة الحكومية فى الإدارة
 ■ المشاركون فى منتدى إعادة التأمين تجاوزوا 300.. واستطلاع بوصلة التجديدات أهم نتائجه
■  إرجاء تأسيس مجمعتى «متناهى الصغر» و«العنف السياسى»
■ عقد منتدى تسويق التأمين الثانى فبراير المقبل ومصر سوق ناهضة فى الحياة
■ عرض مشروع إنشاء ناد أفريقى للحماية على مجلس إدارة الـ«FAIR» العام الحالى
 
حوار- ماهر أبو الفضل:

شارك الدكتور عادل منير، أمين عام الاتحاد الأفروآسيوى للتأمين وإعادة التأمين «FAIR» فى المبادرة التى قادها إثنان من وسطاء التأمين والمعنونة بـ«معًا لمستقبل أفضل لصناعة التأمين».

مشاركة «منير» فى المبادرة أعطت ثقلًا لها، لأسباب لها علاقة بالمناصب التى تقلدها فى السابق، ومن بينها رئاسة الهيئة العامة المصرية للرقابة على التأمين، ثم نائب رئيس هيئة الرقابة المالية، بالإضافة إلى توليه منصب نائب رئيس مجموعة مصر القابضة للتأمين، قبل انتقاله لتولى منصب أمين عام الاتحاد الأفروآسيوى، ناهيك عن رصيد الخبرات التى تكونت لديه بحكم المناصب التى تقلدها فى السوق، مضافا إليها رصيده العلمى كأستاذ للتأمين فى عدد من الجامعات المصرية والأجنبية.

لكن، إذا كانت المشاركة أعطت ثقلًا للمبادرة، فإنها طرحت بدلا من التساؤل ألفا، بعضها مرتبط بأسباب المشاركة، وبعضها الآخر له علاقة بقبوله للمطالب التى حوتها المبادرة والتى تعارض بعضها مع البعض الآخر، ناهيك عن عدد من المطالب التى لا يستسيغها العقل قبل اتساقها مع القانون.

الدكتور عادل منير، أكد- فى حواره لـ«المال»- الذى تطرق لعدد من الملفات المرتبطة بسوق التأمين والاتحاد الأفروآسيوى- أن مشاركته فى مبادرة “معًا لمستقبل لصناعة التأمين”، كانت لاقتناعه بدوره فى شحذ الهمم وتعضيد الطروحات الداعمة لتطوير ونمو سوق التأمين، بغض النظر عن المسئول عنها سواء شخصية طبيعية أو اعتبارية، نافيا فى الوقت ذاته الاطلاع على المبادرة فى شكلها النهائى قبل عرضها على «الرقابة المالية»، واصفا إياها بالرومانسية، وأنه إذا أعيد طرح مشاركته فيها فسيتخذ القرار نفسه، إلا أنه سيحذف نصف المطالب التى تضمنتها المبادرة لأسباب عديدة.

وإلى نص الحوار:-

«المال»: قبل الولوج فى طرح بعض الأسئلة المرتبطة بسوق التأمين المصرية والأفروآسيوية، دعنى أتساءل عن سبب مشاركتكم فى مبادرة «معا لمستقبل أفضل لصناعة التأمين»؟

منير : لابد أن أنوه فى البداية إلى أن مشاركتى فى المبادرة لم يكن مخططًا له، فلقد طُلب منى وضع المقترحات والتوصيات التى تعن لى لدعم وتطوير سوق التأمين بصفتى مسئولا سابقا عن جهازه الرقابى، ومسئولا تنفيذيا سابقا لمجموعة مصر القابضة للتأمين، وقد وضعت ستة مقترحات لها علاقة بوساطة التأمين، ولا أخفيك سرًا، فلقد استخدم القائمون على تلك المبادرة اسمى للتماهى والتباهى – وهذا مشروع- لإبراز أهمية التوصيات، ولذلك فمشاركتى فى المبادرة كانت ضمنية وليست صريحة.

«المال»: كيف تكون مشاركتك ضمنية واسمك فى صدارة القائمة التى أعدت المقترحات؟

منير: لأننى أشجع أى مبادرة طالما أنها تتضمن أملًا فى مستقبل جديد، حتى وإن كانت غير مخطط لها سلفا.

«المال»: رغم نُبل مقاصد القائمين على المبادرة، فإنه أُهيل عليها التراب بسبب تناقضات مطالبها؟

منير: هذا وارد، ومن تلين عزيمته ويفتر حماسه بسبب النقد بشرط أن يكون بناء، أراه حالما، الأهم من ذلك أن تكون المبادرة حجرا ساهم فى تحريك المياه الراكدة، وأرى أن الهيئة العامة للرقابة المالية تعاملت مع المبادرة بذكاء فقد استثمرتها بشكل جيد، فتمكنت من تأسيس نواة لبنك معلومات يضم كل المشكلات التى تواجه الصناعة بأطيافها وأطرافها المختلفة، بالإضافة إلى رؤية تلك الأطراف لمعالجة المشكلات، وأهم المطالب التى تعن للسوق أو تتصورها.

«المال»: وهل ترى ما يبرر استحواذ الوسطاء على الجزء الأكبر من مطالب المبادرة؟

منير: من الطبيعى أن تستحوذ مطالب الوسطاء على نصيب الأسد، لأسباب من بينها أنها مهنة صاعدة وقطاع ناهض، ناهيك عن وجود أكثر من 7 آلاف وسيط فى شركتى قطاع الأعمال العام، وألف فى الشركات الخاصة، بالإضافة إلى 1500 وسيط حر أو مستقل، بخلاف شركات الوساطة التى تجاوزت الـ 75 شركة، وهؤلاء الوسطاء هم العنوان الرئيسى للصناعة، والدينمو المحرك لتحقيق خطط سوق التأمين، و”الرقابة المالية” تنبهت لذلك وأدركته مبكرا فشرعت فى اتخاذ الإجراءات الداعمة لرفع كفاءة عناصره سواء بالتدريب أو التنظيم، وكان يجب أن يعاد النظر بشكل دورى فى هذه الصناعة، أقصد الوساطة، وتصنيف العاملين فيها نوعيًا وكميًا، بمعنى تخصص وسطاء للأخطار الكبيرة وآخرون للمخاطر المرتبطة بقطاع التجزئة، بهدف دعم قدراتهم لتطوير السوق، ومن الطبيعى أن تشهد مراحل التطور تدخل الرقيب بالإجراءات التنظيمية.

«المال»: وهل المطالبة بفصل وساطة تأمينات الحياة عن الممتلكات يدعم تطور السوق؟

منير: قانون الإشراف والرقابة على التأمين لم ينص على ذلك ولم يتطرق له.

«المال»: لكن المبادرة حوت هذا المطلب؟

منير: يجوز الفصل فى مراحل تطور السوق.

«المال»: لكن المطلب ليس واقعيًا على إطلاقه لأسباب لها. علاقة بطبيعة ثقافة ليس العميل ولكن الوسيط نفسه؟

منير: التخصص مطلوب ويجب السماح به حتى لايختلط الحابل بالنابل.

«المال»: وهل هذا يطور السوق؟

منير: يطوره لصالح العميل.

«المال»: والجمع بين الوساطة المباشرة ووساطة الإعادة هل هذا أيضا مطلب يساهم فى تطوير السوق؟.

منير: هذا يتعارض بالطبع مع تطوير السوق.

«المال»: ولكن هذا أحد مطالب المبادرة؟

منير: هذا طلب وسيط.

«المال»: هل اطلعت على المبادرة فى صورتها النهائية قبل تقديمها للرقابة المالية؟

منير : لا لم أرها إلا بعد تقديمها.

«المال»: وما ملاحظاتك على المبادرة فى مجملها بعد إعلان الرقابة عنها وإطلاعك لاحقا عليها؟

منير: %25 من المطالب تضمنها قانون التأمين الحالى، ومثلها تضمنه مشروع القانون الجديد حسبما أُعلن، أما %50 الباقية فتحتاج إلى مزيد من الدراسة والمراجعة، لأنه ليس مقبولا أن يضع وسيطا مقترحا يتعارض مع مصالح الأطراف الأخرى فى صناعة التأمين، حتى وإن كان يخدم مصالحه الشخصية.

«المال»: معنى ذلك أنك لست راضِ عن المبادرة بشكل عام؟

منير : أعتقد أنها مبادرة رومانسية وتفاؤلية فى نسبة كبيرة من طلباتها.

«المال» لو أُعيدت المبادرة وطُرح عليك مجددًا المشاركة فيها، ما القرار الذى كنت ستتخذه؟

منير : بالطبع سأشارك من حيث المبدأ، لكن كنت سأقرأ ما تضمنته قبل تقديمها لجهات الرقابة، والتدخل بالحذف حينا والإضافة أحيانا بعد دراسته بشكل متأن، وضبط الصياغات، لكن دعنى أطلق عليها مبادرة شباب القطاع، والشباب له ما له وعليه ما عليه ولايمكن أن ننكر حماسهم حتى وأن كان غير موضوعى فى بعض الأحيان.

«المال» : المبادرة تطرقت إلى بعض الأرقام الصادمة، ومنها ما يتعلق بالتأمين الإجبارى على السيارات، ومنها أن الأقساط المحصلة مليار جنيه، مقارنة بالمطلوب تحصيله، وهو ضعف هذا الرقم أى مليارى جنيه، وهو ما يحمل إشارات ضمنية بوجود هدر للمال العام، ويثير بدلا من التساؤل ألف لأنه يطعن –عن غير عمد- فى ذمم القائمين على إدارة القطاع بأطيافه المختلفة؟

منير : أعتقد أن هذا الرقم خطأ وكان يجب سؤال من وضعه فى المطالب حول مصدر هذا الرقم، لا سيما وأن إجمالى عدد السيارات فى مصر يرنو على 9 ملايين سيارة، وأن الأقساط المحصلة تصل إلى مليار أو مليار جنيه وربع على أقصى تقدير.

«المال»: البعض لمح حينا وصرح أحيانا بأنكم بصفتكم مسئولا سابقا فى الجهاز الرقابى حرضت القائمين على المبادرة ضد مسئولى الجهاز الرقابى لاتهامهم بالتقصير تلميحا من خلال الهدر فى إجبارى السيارات، وأن هذا إهدار للمال العام، فما ردك؟

منير : هذا الاعتقاد يعد ضربا من الخيال، وباطل، لأننى واحد من بين 40 شاركوا فى المبادرة، والأهم من ذلك أن كل مشارك لم يعرف المشاركون الآخرون، وتم تجميع كل المقترحات وتم تقديمها إلى الرقابة المالية.

«المال»: لكن ماذا عن كواليس هذه المبادرة؟

منير : الكواليس تعطى انطباعا وتأكيدا أن مسئولية الكلمة فردية وليست جماعية وهذا ينفى أى تحريض على الجهاز الرقابى الحالى، لأن هناك من شطح ونبح فى المبادرة وهناك من كتب بموضوعية، فالشطح والنبوح موجود وهذا طبيعى ووارد خاصة كما قلت هى مبادرة يمكن وصفها بالشبابية بما تحمله من حماس غير مدروس فى بعض الأحيان.

«المال»: ما هى كواليس المبادرة فى الأساس؟

منير : تم إنشاء جروب على مواقع التواصل وطُلب من أعضائه وضع مقترحاتهم كل على حدة، وإصباغ من شاركوا بالأهمية، رغم أن الجروب الذى أنشئ كان يضم أساطين فى صناعة التأمين ولم يشارك أى منهم أو يدلو بدلوه.

«المال»: لكن هذه ملاحظة سلبية؟

منير: بالطبع ولكن دعنى أكرر لك توصيفى للمبادرة فهى مبادرة رومانسية أى ليست كلها موضوعية.

«المال»: دعنى أنتقل لملف آخر له علاقة بالاتحاد الأفروآسيوى، لقد عقد الاتحاد منتصف سبتمبر منتداه الثانى لإعادة التأمين ببيروت، وتمت عنونة المنتدى بـ”فرص إعادة التأمين تتجاوز التأمين التقليدي”، فما الفلسفة من العنوان؟

منير : هناك تطورات وتقدم وتحديث فى أسواق التأمين سواء على مستوى التشغيل أو على مستوى آليات توصيل المنتجات، وإعادة التأمين يتعامل مع التأمين، والتأمين نفسه يتغير كثيرا، الكوارث مثلا من تغيرات الطبيعة، فى الماضى كان إجمالى خسائر الأعصار “كاترينا” فى أمريكا خمسة مليارات دولار، والآن تجاوزت الفاتورة 20 مليار دولار، بسبب التغير المناخى الذى آثر فى الطول والكثافة، فى الماضى كان يحدث فى دقائق محدودة، الآن قد يصل إلى عشرات الدقائق، ومن ثم يكون تأثيره أكبر وتكلفة الخسائر ضخمة بسبب التغير المناخى، وبالتالى أثر فى المنتج التأمينى والخطر، بما يؤثر على إعادة التأمين.

وأيضا توجد ظاهرة جديدة فى العالم المتقدم وبدأت تزحف إلينا كسوق ناشئة، وهى الهجمات الإلكترونية وهو الفرع الناهض بدرجة عالية فى الدول المتقدمة لأنهم أكثر تعرضا لهجمات القرصنة الإلكترونية ودور إعادة التأمين هو الاستجابة بسرعة لهذه المخاطر وتحضير المنتجات لشركات التأمين.

«المال»: معنى ذلك أن أهمية إعادة التأمين تتجاوز التأمين المباشر؟

منير : كما أنه يجب على شركات التأمين التعامل مع أى خطر جديد، فإن شركات إعادة التأمين يجب أن تسبق التأمين المباشر فى هذه الأخطار، لأن شركات إعادة التأمين هى الوحيدة التى لديها القدرة على التسعير، وليس شركة التأمين الصغيرة، وكذلك تقييم المخاطر، بالإضافة إلى قاعدة البيانات التى تتوفر لدى معيدى التأمين، خاصة شركات الإعادة الرائدة.

ولابد أن ألفت الانتباه إلى أن إعادة التأمين يفيد المخاطر الكبيرة، أما المخاطر الصغيرة أو التجزئة فيتم تركها لشركة التأمين، على الرغم من أن مخاطر التجزئة والسيارات والصحى تستحوذ على %70 من إجمالى محافظ الأخطار فى عدد كبير من الدول، مقابل 30% للمخاطر الكبيرة وشركات إعادة التأمين تحصل على جزء معتبر من تلك النسبة.

«المال»: كم عدد من شاركوا فى المنتدى الثانى لإعادة التأمين؟ وأهم المحاور التى تطرق لها؟

منير : تجاوز عددهم 300 مشارك ممثلين لـ 140 شركة من 40 دولة و17 متحدثا عالميا، من جنوب أفريقيا ومن مؤسسة “A.M. Best”، وناقش محورين رئيسين أولهما له علاقة بالأخطار التكنولوجية باعتباره خطرًا ناهضا، ولابد من استيعابه من قبل معيدى التأمين، والمحور الثانى مرتبط بإلقاء نظرة لسوق إعادة التأمين العالمى قبل بدء موسم تجديد الاتفاقيات خلال شهور أكتوبر ونوفمبر، ونجح القاء الضوء على هذا المحور فى استطلاع بوصلة التجديدات لدى الأسواق الخارجية لصالح شركات التأمين، ونجح المنتدى فى أن يكون حلقة وصل بين أطراف إعادة التأمين على مستوى العالم، وتضم كلا من شركات التأمين ووسطاء إعادة التأمين بالإضافة إلى معيدى التأمين أنفسهم.

«المال»: هل معدلات النمو فى السوق المصرية تتناسب مع إمكاناتها؟

منير : بالطبع لاتتناسب، والدليل أنه رغم فرص النمو المتاحة فإن السوق المصرية لاتزال صغيرة مقارنة بأسواق أخرى كنا سابقين عليها تأمينيا مثل الإمارات والسعودية، والتى تتجاوز حصيلة أقساط كل منهم سنويا 8 – 10 مليارات دولار، مقابل 1.5 مليار دولار فقط فى مصر.

«المال»: وما السبب فى تلك الفجوة وتضاؤل السوق المصرية مقارنة بالسعودية والإمارات؟

منير : ثلاثة أسباب، أولها له علاقة بالاقتصاد، والثانى مرتبط بممارسة النشاط، والثالث وثيق الصلة بالتشريعات.

وفيما يخص الاقتصاد، فليس خافيا على أحد ما تعرض له الاقتصاد المصرى بعد 25 يناير بسبب الظروف السياسية، وتأثر قطاع التأمين به باعتباره مرآة للاقتصاد، أما عن ممارسة النشاط فالمقصود منها المنافسة السعرية وانخفاض نسبة الاحتفاظ وتصدير معظم الأقساط للخارج فى صورة اتفاقات إعادة تأمين، وعدم إجادة استثمار التطور التكنولوجى للوصول بالتغطية التأمينية لأكبر شريحة ممكنة من العملاء، أما التشريعات فهى تمثل الغطاء القانونى والداعم لأى صناعة وفى القلب منها التأمين كصناعة ترويض المخاطر.

«المال»: هل تلوح فى الأفق أى بوادر للتعامل مع تلك التحديات داخل القطاع من وجهة نظرك؟

منير : الرقابة المالية باتت على مقربة من إنجاز مسودة مشروع قانون التأمين، والذى يعول عليه لنهضة السوق، أما عن استثمار التكنولوجيا، فالسوق المصرية لاتزال متأخرة وتفتقر لما يسمى بعلم تطوير المُنتًج أو “product development “ وأهمها إعداد أبحاث ودراسات سوقية لمعرفة الاحتياجات وتلبية تلك الرغبات تأمينيا.

«المال»: وماذا عن الجزء الأهم وهو ممارسة النشاط، هل يوجد دور للجهاز الرقابى وكذا للكيان التنظيمى ممثلين فى الرقابة المالية، واتحاد الشركات لضبط إيقاع الممارسات؟

منير: للأسف استساغ البعض تحميل الجهاز الرقابى مسئولية أى ممارسة سلبية بل الأكثر من ذلك اتهامها تصريحا أو تلميحا بأنها مسئولة مباشرة عن أى مساوئ فى السوق، وهو تجن واضح على جهة الرقابة، لأن دورها ليس ضبط الممارسات السعرية خاصة فى السوق الحرة.

«المال»: ومن المسئول عن ضبط الممارسات السعرية إذا كانت جهة الرقابة غير منوطة بذلك؟

منير : لم أقصد أنها بعيدة عن هذا الملف، بالطبع الرقابة المالية تقوم بدور إستراتيجى فى ضبط إيقاع الممارسات من خلال أدواتها، لكن ليس دور الجهة الرقابية، على سبيل المثال تطوير المنتجات أو زيادة رئة السوق، فنظامها الأساسى لايتضمن هذا من الأساس، ودور الرقيب هو حفظ الملاءة المالية للشركات وحمايتها لصالح العملاء، ومع ذلك فالهيئة تقوم بذلك رغم أنه ليس اختصاصها out of the box بل دور شركة التأمين، والرقابة المالية دورها حماية العميل وليس شركة التأمين، ويُحسب لها مشاركة السوق لتطوير تغطياته.

«المال»: بما أن الاحتفاظ أحد محددات نمو السوق، فلا يمكن لجهة الرقابة التدخل بتحديد نسب احتفاظ للمخاطر وإعادة ما يزيد على ذلك، لا سيما وأن هذا إجراء معروف فى بعض الدول؟

منير : هذا موجود فى الدول الناشئة كلها، خاصة الهند ونجحت ويجب أن نفكر فيها.

المال : من الذى يفكر؟.

منير: الرقيب.

«المال»: إذًا الرقيب له دور؟

منير : له دور فى جزء الاحتفاظ، ويجوز اتفاق شركات التأمين عليه بدون تدخل الرقيب، لكن لابد من موافقته وعلمه، بمعنى اتفاق الشركات فى الاتحاد صراحة على عدم إعادة تأمين أى مخاطر قبل استكمال الطاقات الاستيعابية المتاحة فى السوق.

«المال»: هل تحديد نسب احتفاظ يتم شرعنته بقانون أم يكفى قرار من جهة الرقابة؟.

منير : الهند لجأت لإصدار قانون.

«المال» : لكن شركات التأمين فى مصر اتفقت على أن لاتتفق؟ بالإضافة إلى المخاوف المرتبطة بالممارسات الاحتكارية وقد واجه السوق هذا السيناريو قبل بضعة أعوام خلال تقسيم الحصص فى العمليات الكبرى ؟

منير : الاحتفاظ لايتعارض مع قانون المنافسة، لأن الاحتفاظ ليس معناه الاتفاق على مؤشر تسعير، بل الاتفاق على توزيع حصص من المخاطر أو العملية التى تمت المنافسة عليها بحرية، وإذا حدث مشكلة يمكن للرقيب حلها مع جهاز المنافسة.

«المال» : بما أن الوعى الجمعى يميل إلى شرعنة الأفعال فهل تحديد نسب احتفاظ يتم بقرار أم بقانون؟

منير : من الصعوبة الرجوع إلى الخلف، بإلزام الشركات على إسناد جزء من مخاطرها لشركات أخرى، لا سيما وأنه عالميا هناك ما يسمى بمعايير الرقابة، وجهة الرقابة لايمكنها مخالفة تلك المعايير.

المال : معنى ذلك أن إسناد حصص للمصرية للإعادة قبل دمجها فى 2007 كان مخالفا للمعايير العالمية؟.

منير : بكل تأكيد، كانت مخالفة مؤكدة، وقد اشتكى آخر رئيسان للمصرية للإعادة قبل دمجها من إسناد الشركات لها المخاطر الرديئة وأنها لاتملك رفاهية الاختيار، أو حتى الرفض، ولكن فى المجمل الإسناد الإجبارى يتعارض مع ممارسات السوق وجهاز المنافسة إذا كان قائما فى ذلك الوقت لتدخل بوقفها، ولذلك نطالب بزيادة الاحتفاظ من خلال عرض وليس إلزام أى شركة تأمين لمخاطرها على الشركات الأخرى لاستكمال طاقتها الاستيعابية، وما يزيد تتم إعادته خارجيا.

«المال» : وهل ستقبل شركات الإعادة فى الخارج ذلك، خاصة وأن شركات التأمين ستنتقى الأخطار الجيدة، ومن ثم ستبقى الأخطار الرديئة التى لن تحقق عوائد لمعيدى التأمين؟.

منير : قد يحدث ذلك فى الإعادة الاختيارى وليس الاتفاقى، لأنه فى الثانية يتعامل مع محفظة كاملة وليس أخطارا منفردة.

«المال» : هل ترى ضرورة تحديد نسب محددة يتم الاحتفاظ بها داخليا واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك وضبطه قانونيا على أن يتم إعادة ما يزيد عن ذلك خارجيا كأحد آليات الحد من تصدير الأقساط، وما يترتب عليه من الضغط على السيولة الدولارية؟.

منير : أنا ضد تحديد نسب حتى لانواجه بمخالفة القانون المحلى وكذلك المعايير العالمية، ويكفى أن توجه جهة الرقابة إلى ذلك من خلال المطالبة باستيفاء طلبات السوق المصرية قبل الخروج لمعيدى التأمين.

«المال» : ألا يحدث ذلك حاليا؟

منير : قد يحدث ولكن بشكل ودى.

«المال» : هل عدم اتخاذ الشركات هذا المنحى بسبب مخاوفها غير المبررة فى أحيان كثيرة من منافسيها مثل الخوف من فقد العميل فى حال الإفصاح عن بياناته، خاصة فى ظل المنافسة؟.

منير : بالتأكيد، خاصة مع وجود منافسة سعرية.

المال : البعض يعتقد أن مفهوم المضاربة السعرية أو المنافسة السعرية غير دقيق لأن التسعير يخضع للسياسية الاكتتابية لكل شركة وأشياء أخرى كرأس المال والاحتياطيات وخلافه؟ فما رأيك؟

منير : توجد منافسة سعرية وليس مضاربة سعرية فالثانية قد تميل إلى المزايدة فى الأسعار، أما المنافسة فمعناها أن الشركات تتنافس ليس على جودة الخطر ولكن على السعر من خلال خفضه.

«المال» : إذا عدنا إلى ملف الأفروآسيوى، ماذا حدث بخصوص نادي الحماية الأفريقي؟

منير : سيعرض على مجلس الإدارة هذا العام.

«المال» : ما الخطوة التالية فى حال الموافقة المبدئية من مجلس الإدارة؟

منير : سنبدأ فى إعداد دراسة الجدوى، والتواصل مع الأطراف المعنية، وأتمنى أن تكون القاهرة مقرا لهذا النادى، لكن التحدى هنا مرتبط بشركة التأمين التى ستدير النادى، وقد نتفاوض لأن يكون لشركة التأمين العالمية التى ستقوم بإدارة النادى مقرا أو تمثيلا فى مصر.

«المال» : ما آخر تطورات مجمعتى التأمين متناهى الصغر والعنف السياسى التى يدرس الأفروآسيوى إنشائهما؟

منير : تم إرجاء دراستهما.

«المال» : وما السبب؟

منير: لأن المجمعات الأربع التابعة للأفروآسيوى ناجحة ويجوز ممارستها لمعظم المخاطر الخاصة بمتناهى الصغر والعنف السياسى، بالإضافة إلى ضآلة كعكة متناهى الصغر فلا يتجاوز تمثيلها من إجمالى الأقساط %1، ومن ثم فالعائد منها فى حال إنشاء المجمعة سيكون ضئيلا.

«المال» : لماذا لاتستضيف مصر منتدى إعادة التأمين، لا سيما مع أهميته ؟

منير: يمكن دراسة ذلك، خاصة وأنه يعقد مرة فى دولة أفريقية وأخرى فى دولة آسيوية.

«المال» : متى يعقد منتدى تسويق التأمين الثانى فى مصر؟

منير : فى فبراير المقبل، وتم اختيار مصر لعقد المؤتمر فيها بشكل دائم لأسباب لها علاقة بنمو هذا النشاط، ويركز المنتدى على التسويق باعتباره “الدينمو” والرقم الفاعل فى معادلة نموها، ونجح الأفروآسيوى فى أن تكون مصر قِبلة ومركزا لمؤتمرى تأمين الحياة والتسويق فى الحياة.

«المال»: ما سبب الصورة الذهنية السلبية فى عدم سخاء قطاع التأمين وأنه شحيح فى إنفاقه إعلانيا وتسويقيا؟

منير: نظرا لطبيعة السوق المصرية، بسبب المدرسة الحكومية السائدة التى احتكرت التأمين أكثر من ثلاثة عقود، وعلى الرغم من البدء فى الخروج من عباءة هذه المدرسة فى تسعينات القرن الماضى، فإنها لم تتخلص من آثارها حتى الآن، واتفق فى أن القطاع لم يمارس الدور المطلوب لنهضته ولذلك فهو قطاع بخيل أو شحيح فى كل شيئ سواء فى الأجور أو الإعلانات والتدريب، وحينما كنت رئيسا للهيئة المصرية للرقابة على التأمين كنت أتمنى أن أرى اليوم الذى يعلن فيه رئيس اتحاد التأمين تصريحا فى الصباح، ليرد عليه رئيس الوزراء بتصريح مقابل فى اليوم التالى، نظرا لأهمية صناعة التأمين، بما لايقل عن أهمية البنك المركزى، والقطاع المصرفى.

«المال»: وكيف يتم ذلك؟

منير: من خلال الاتحاد واهتمام الوزير المختص، وعلى سبيل المثال حينما طلب د. محمود محيى الدين، وزير الاستثمار الأسبق إقامة مؤتمر “يورومنى تأمين” ومنح مهلة لاتتجاوز 39 يوما، سارعت شركات التأمين إلى المشاركة وتم تجميع 200 ألف جنيه إسترلينى فى يوم واحد، بما يوازى مليون جنيه وقتها.

«المال»: هل بسبب التكليف الوزاري؟

منير: للأسف نعم، ونحن مضطرون إلى التحرك وفق التكليفات لأننا فى دولة نامية ونحتاج إلى القانون واللوائح والقيادة والريادة، والتطوير لن يتأتى إلا بالإلزام!

«المال» : لماذا يكره التأمين الإعلام الكاشف؟

منير : لابد أن أؤكد حقيقة وهى أن جريدة “المال” هى الوحيدة المعبرة عن الإعلام الكاشف، وللأسف سوق التأمين يخشى الإعلام الكاشف، ولم ينجح فى استثماره بما يفيد الصناعة، والخوف من الإعلام الكاشف بسبب سيطرة الفكر الحكومى الذى يعتمد على مقولة “ دعنى أعمل دعنى أمر”.

«المال»: عودة إلى الملف الذى أعتقد أنه لن يغلق وهو إعادة هيكلة شركات التأمين الحكومية، بعض ممن عاصروا الدمج أكدوا أن “كونسرتيوم” إعادة الهكيلة تحفظ على البيانات التى قدمت لهم، فما ردك بصفتك رئيسا سابقا للجهاز الرقابي؟

منير : هيئة الرقابة خاضعة للحكومة، ونحن نعلم كيف تتجمل شركات التأمين ورؤسائها ونوابها فى البيانات المقدمة فى الميزانيات، ومن الممارسات التاريخية أن بعض الشركات تتجمل فى ميزانياتها لأسباب سياسية.

«المال»: لو كنت مسئولا الآن عن الجهاز الرقابى، ما القرارات التى كنت ستصدرها لزيادة معدلات النمو؟

منير: الهيئة قامت بعدد من المبادرات ومن بينها الإستراتيجية القومية لتنمية الأنشطة المالية غير المصرفية، والتى تركز على التأمين ومن بينها تغطية التجمعات والطلبة، هذه التحركات ستترك أثرا طيبا فى السوق، ولو كنت مسئولا كنت سأسرع من وتيرة مشروع القانون.

«المال»: لو كنت مسئولا الآن عن الجهاز التنظيمى ما الإجراءات التى كنت ستناقشها مع الشركات لضبط إيقاع السوق، خاصة فيما يتعلق بالمنافسة؟

منير: ضبط سلوكيات السوق والاستفادة من الخبراء، فأحيانا الممارسات تحول ممارسى التأمين إلى ما يشبه تُجار سوق العبور، ولو كنت مسئولا عن الاتحاد كنت سأعد ميثاقا أو ما يسمى بأخلاقيات المهنة وأضعه ضمن النظام الأساسى، واتحرك لتفعليه ومعاقبة من يخالفه، لا سيما وأن النظام الأساسى يسمح بذلك، كما كنت سأشرع فى إعداد الكوادر لخلق صف ثان وثالث لتنشيط الدماء فى السوق.

ماهر أبو الفضل

ماهر أبو الفضل

10:38 ص, الأحد, 30 سبتمبر 18