هل آن الأوان أن ننظر إلي شركات التأمين بنظرة مغايرة لمًا اعتدنا عليه من كيل الاتهامات رغم ما قدمته علي مدار عمرها من تقديم خدمات الاقتصاد المصري (نظرة تحليلية صادقة لحجم التعويضات المنصرفة خلال خمس سنوات فقط كافية)، هل آن الأوان أن نوقن أنها صناعة أمن قومي، هل سنظل ننظر لشركات التأمين من خلال فقط أرباحها متناسين أن شركات التأمين أمر طبيعي تمر عليها سنوات رواج يعقبها سنوات عاصفة لولا حجزها للاحتياطيات وزيادة مستمرة في رؤوس الأموال ما وقفت علي قدميها وأكبر شركات التأمين العالمية أفلست في الأوقات العادية فما بالك بخطر حرب اقتصادية عالمية أعقبها تضخم وركود ونقص في وسائل الإمداد وتعثر عملاء تأمين وزيادة في الأخطار المعنوية وخوف من عدم التزام معيدي التأمين بالتزاماتهم فهم أيضا في مهب الريح وضغوط اجتماعية من خلال مزيد من طلبات رفع المرتبات للعاملين بالصناعة وننظر فقط أن الجميع علي حق وشركات التأمين هي المتهم في أعين الجميع وهي التي ترفض التعويضات وهي المسئولة عن كل سلبيات.
صناعة التأمين تواجه خطر عاصف
صناعة التأمين وشركات التأمين الآن تواجه أكبر خطر قد يعصف بها تماما الصغير منها ثم الأكبر فالأكبر إذا لم ندرك خطورة الحرب الاقتصادية العالمية التي لا أحد يعرف أهدافها السياسية الحقيقية ومتي سوف تنتهي وما سوف تخلفه عنها من خسائر الله وحده يعرف مداها.
إن وجود شركات التأمين مستقرة دائمة يعني وجود صناعة وسطاء تأمين واتحاد تأمين وجميع الجهات التي تتعامل مع الصناعة.
هل آن الأوان أن ندرك أن منذ سنوات شركات التأمين كانت تحول جميع أرباحها التي كان الجميع يتحدث عنها فقط إلي مزيد من الاحتياطيات وزيادة في روؤس الأموال المدفوعة للشركات في انتظار السنوات العجاف والآن نحن في وسط الأزمة ووسط السنوات العجاف.
هل آن الأوان لمؤتمر يجمع جميع أطراف الصناعة لكي نخرج منه بتوصيات تحمي الجميع وليس فقط كل الأطراف ما عدا طرف واحد هو أساس الصناعة.
كل شركة تأمين في مصر سوف نساعدها الآن علي الوقوف علي قدميها معناه استقرار ونجاح للصناعة ككل وكل شركة مهما كانت صغيرة أو مهما كانت مكونات محفظتها ستسقط لا قدر الله ستكون بداية لسلسلة لن تنتهي إلا بانتهاء الحرب الاقتصادية العالمية حرب التضخم والركود وغدا الكساد.
هل شركات التأمين تستطيع الآن ومستقبلا تحمل مزيد من الضغوط كما كانت من قبل في ظروف مختلفة؟ سؤال أطرحه للجميع لأن الأوقات المختلفة في ظروف مختلفة تتطلب قرارات مختلفة قرارات مبتكرة قرارات تهدف لمصلحة عامة وليس قرارات لمصالح خاصة؟.
الضوء دائماً مسلط علي النظام المصرفي وسوق المال وصناعة التأمين ليست أقل أهمية إطلاقا لمن يدرك قيمتها وتأثيرها.
هل طرق تقييم شركات التأمين ومخاطرها والحكم عليها التقليدية المتعارف عليها هي نفسها طرق تقييم استقرار شركة في الظروف الحالية؟.
هل شركات التأمين مهما كان حجمها التي توجه أموالها وطاقتها الآن إلي محافظ تأمينية لا تتميز ب severity of losses بل تتميز ب frequency of losses وتستطيع ادعارتها دون خسائر فادحة قاتلة ولا تحتاج إلي إعادة تأمين بنسب كبيرة أفضل أم أسوأ حالا من شركات معظم محفظتها من أخطار كبيرة تتميز severity of losses وتحتاج إلي سوق إعادة تأمين بنسب كبيرة في سوق عالمي للإعادة يعاني من الحرب الاقتصادية سؤال إجابته منذ سنوات أكيد كانت تختلف عن السنوات الحالية والظروف الحالية ونحن لا نجد دولارات لسداد أقساط الإعادة ولا نضمن شركات الإعادة لظروفها أيضاً .
يا سادة نحن في زمن لابد أن نقيم مخاطرنا الحالية ومستقبلا بعقل وتضافر جهود وبأسلوب علمي نستطلع فيه رأي بيوت الخبرة العالمية في مخاطر صناعة التأمين وفي نفس الوقت نتمني أن نقوم يوما علي توقف لهذه الحرب التي لا تدمر دمار قنابل وأسلحة بل حرب تكسير عظام.
صناعة التأمين حماية للاقتصاد
صناعة التأمين حماية للاقتصاد وتجميع مدخرات واستثمارات وعلينا أن نقارن بين حجم الاستثمارات في صناعة التأمين وبين صناعة و أنظمة أخري غير النظام المصرفي لندرك أننا خلال السنوات والعقود الماضية كانت هناك أخطاء مدمرة لهذه الصناعة لن أتحدث فيها لأننا كنا في ظروف نتحمل فيها هذه القرارات الخاطئة ولكن لكي نتعلم كيف نخطط لصناعة استراتيجية مستقبلا وكيف نحميها من خطر كالطوفان قادم عليها .
نعم آن الأوان أن نحمي استقرار ونساعد شركات التأمين لأنها أساس صناعات كثيرة وأطراف عديدة موجودة لوجودها وفيما سبق عانت الشركات من اتهامات غير مدروسة لنقص الوعي من كافة هذه الأطراف.
هل آن الأوان لكي نحمي الصناعة التي أساسها شركات تأمين بدراسة ومنهج علمي سليم يعقبه قرارات استراتيجية موحده متناسقة منضبطة لا تتعارض مع بعضها.
أحمل المسئولية علي نفسي كرجل صناعة وعلي زملائي في أنه لابد أن يكون لصناعتنا قرار لصالح ليس فقط الشركات بل لصالح الصناعة وبالتبعية لصالح الاقتصاد القومي من أجل مصر .
إذا لم نتحلي بالشجاعة والصدق في هذا التوقيت الصعب فمتي ؟
في زمن المخاطر العالية القرارات لازم تخرج من رؤية عامة لحجم المشكلة والخطر في صورة استراتيجية متناغمة وليس قرارات منفردة يتضارب بعضها مع الآخر كأنها تخرج من جزر منعزلة.
كل عنصر من حساب الإيرادات في شركات التأمين يقابله الآن خطر كبير يؤثر فيه سلبا بسبب ما يحدث من أزمة سياسية وحرب عالمية فعدم قدرة العملاء علي سداد الأقساط والتعثر والركود معناه تغطيات تأمينية بدون قسط مقابل له وتأخر سداد الأقساط معناه فقد شركات التأمين لفرص استثمار التدفقات النقدية والمنافسة الشديدة معناها مزيد من قبول شركات التأمين لمخاطر بمبالغ كبيرة دون قسط تأمين مناسب لها وعدم قدرة شركات التأمين علي سداد أقساط إعادة التأمين بالعملات الصعبة أو بسبب تأخر العملاء في سداد الأقساط المستحقة يعرض شركات التأمين بل سوق التأمين كله إلي كوارث لن يسلم منها أحد صغير أو كبير .
حتي في حالة قدرة شركات التأمين علي سداد مستحقاتها إلي معيدي التأمين فمن يضمن وفاء شركات إعادة التأمين بالتزاماتها في ظل ظروف اقتصادية وسياسية وحرب اقتصادية وعالمية ونزاع كبير بين الشرق والغرب وفي ظل عقوبات اقتصادية تظهر كل يوم دون سابق إنذار .
وكل عنصر من عناصر المصروفات المفروض يقل يزداد بسبب أيضا الأزمة نفسها مرتبات العاملين بالصناعة في ازدياد وانخفاض القدرة الشرائية للعملة المحلية تلتهم كل زيادة في المرتبات وتكاليف مشتريات الشركات من المهمات والعدد والأدوات الكتابية في ارتفاع مستمر و المنافسة الشديدة بين وسطاء التأمين وزيادة أعدادهم أضر بالصناعة والمنافسة بين شركات التأمين تؤدي حتما أيضا إلي زيادة في تكاليف الإنتاج والزيادة في عدد شركات الوساطة في التأمين والزيادة في منح رخص سواء في للوسطاء أو الشركات معناها مزيد من انخفاض في أسعار التأمين مع مزيد من ارتفاع في تكاليف الإنتاج ناهيك عن الارتفاع الشديد في حجم التعويضات المسددة وتحت التسوية بسبب ارتفاع الأسعار والتضخم لا نعرف إلي متي سيطول معناه دمار حتمي لشركات التأمين ما لم نعي ونفهم ونتفق علي استراتيجية واحدة وليس قرارات منفردة غير متناغمة داخل الشركات او داخل السوق ككل.
الحاجة إلى استراتيجية موحدة لمواجهة المخاطر
أحذر بشدة مالم نتفق علي توجه واحد متناغم منضبط وفق استراتيجية واضحة غير متضاربة في أهدافها أو طرقها ومع طول مدة الأزمة الاقتصادية السياسية والحرب الاقتصادية التي لا أحد يستطيع التنبؤ بها فإن السوق المصري للأسف سوف نري فيه كوارث من الممكن أن تعصف بعدد كبير من الشركات ولن يبقي إلا عدد قليل ممن استطاع بقدرته أن يصمد أطول من غيره أو سوف يسقط أيضاً وتسقط معه شركات تابعة كثيرة.
عادل فطوري العضو المنتدب لشركة وثاق للتأمين التكافلى