أمانى زاهر
توقع عدد من الخبراء استكمال العائد على أدوات الدين الحكومية مساره الصاعد حتى تستقر أسعار العائد عند مستويات فائدة ترتفع بنسب تتراوح بين 50 و75 نقطة أساس عن الفائدة الحالية خلال عطاءات وزارة المالية المقبلة.
وأشاروا إلى أن ارتفاع العائد على أدوات الدين الحكومية رد فعل طبيعى لزيادة سعرى عائد الكوريدور بالبنك المركزى، شأنه شأن أدوات التوظيف الأخرى المتمثلة فى الإقراض.
وقد قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى يوم الخميس الماضى رفع سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع 150 نقطة أساس ليصل إلى %10.75، و%11.75 على التوالى، كما تم زيادة سعر الإيداع والخصم بواقع 150 نقطة أساس سعر العملية الرئيسية لدى البنك المركزى إلى %11.25.
ولفتوا إلى أن العائد يجب أن يكون مرتفعا حتى يكون مغريا للمستثمرين الأجانب الذين من المنتظر قدومهم مع تفعيل البنوك الحكومية أداة للتحوط من هبوط العملة المحلية، مشيرين إلى أن العائد على أدوات الدين الحكومية من أعلى العوائد فى المنطقة.
يأتى ذلك وسط رفع «المالية» حجم اقتراضها الأسبوع الجارى من سوق أدوات الدين الحكومية إلى 22.500 مليار جنيه فى مقابل 22 مليار جنيه الأسبوع الماضى، هذا بالتزامن مع تكثيف استدانها من سوق أدوات الدين القصيرة الأجل وبقيمة 17.750 مليار جنيه بدلًا من 17.250 مليار جنيه الأسبوع الماضى.
وتتوزع هيكل مديونية المالية الأسبوع الجارى بين 3.750 مليار جنيه أذون خزانة أجل 91 يومًا، 4.500 مليار جنيه أذون أجل 182 يومًا، و9.500 مليار جنيه تتوزع مناصفة بين أذون خزانة آجال 273 يومًا و364 يومًا.
كما ستقترض الحكومة عبر سوق السندات طويلة الأجل 750 مليون جنيه لسندات آجل 18 شهرًا، 2.750 مليار جنيه آجل 3 سنوات، و1.250 مليار جنيه آجل 7 سنوات.
من جهته قال محمد فريد، رئيس مجلس إدارة شركة دى كود للاستشارات المالية ونائب رئيس البورصة الأسبق، أن العائد على أذون وسندات الخزانة سلك مسارًا صاعدًا بالفعل منذ فترة ليرتفع متوسط العائد على مختلف آجال أدوات الدين بنسب تصل إلى 100 نقطة أساس.
وتوقع استمرار موجة الصعود فى العطاءات التى سيطرحها المركزى نيابة عن وزارة المالية الفترة المقبلة، على أن ترتفع الأسعار دفعة واحدة وليس تدريجيًّا إلى أن يستمر التداول عند أسعار فائدة مرتفعة الأسابيع المقبلة.
ولفت فريد إلى أن العائد على أذون الخزانة سيرتفع بنحو 50 نقطة أساس، فيما من المرجح أن يرتفع العائد على السندات الطويلة الأجل بنسبة أكبر قد تصل إلى 70 نقطة مئوية.
واستند فى توقعاته إلى قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى يوم الخميس الماضى برفع عائدى الإيداع والإقراض لليلة واحدة بنحو 150 نقطة أساس دفعة واحدة، قائلًا: «طالما الفائدة المرجعية مرتفعة ستظل أسعار العائد عند تلك المستويات».
ويرى أن العائد المغرى لأذون الخزانة، بالتزامن مع توفير البنوك الحكومية أداة تحوط من التغير فى قيمة العملة للمستثمرين الأجانب، سيعززان من عودة الأجانب للاستثمار فى أدوات الدين المصرية مرة أخرى بعد فترة عزوف طويلة.
يشار إلى أن بنكى الأهلى ومصر قد فعلا آلية تحوط بعد اجتماع طارق عامر محافظ البنك المركزى مع مديرى استثمار ببريطانيا.
وتسمح آلية التحوط للآجانب بالتعاقد على سعر صرف محدد وليكن 8.85 جنيه للدولار للحصول على العملة المحلية اللازمة لشراء أذون خزانة فى السوق المصرية وعند الخروج يتم رد الدولار للمستثمر الأجنبى بنفس السعر المتفق عليه، وفى المقابل تنتقل مخاطر هبوط العملة من المستثمر إلى البنك مقابل ذلك سيحصل البنك على عمولة من المستثمر تختلف حسب الأجل الزمنى.
وقالت ورقة بحثية لبلتون إن عمولة عقود خيار الشراء تتوزع كالآتى %1.5 و%2.75 و%4 و%4.75 من المبلغ الأساسى لآجال 3 و 6 و9 و12 شهرًا على التوالى.
وأوضح «فريد» أن أذون الخزانة التى تحقق عائدا يفوق %12 ستكون مغرية للمستثمرين الأجانب، لاسيما مع تغطيتها لعمولة عقود خيار الشراء وتكلفة الفرصة البديلة التى تمثل عائد أذون الخزانة الأمريكية، متوقعًا أن يحقق الأجنبى عائدا صافيا يقترب من %4 من خلال الاستثمار فى أذون الخزانة الحكومية الفترة المقبلة.
وأضاف «فريد» أن عودة الأجانب مرة أخرى للسوق المحلية من شأنها أن تحد من وتيرة ارتفاع العائد على الأذون، وذلك على خلفية زيادة المعروض على وزارة المالية، لافتًا إلى أهمية مراعاة أن الحكومة لن تقبل بالمغالاة فى الأسعار للسيطرة على عجز الموازنة.
وتابع أن المالية تواجه ضغوطا شديدة فى عجز الموازنة المرشح للارتفاع عن %10، على خلفية خفض قيمة الجنيه بنحو %14 بالتزامن مع قرار لجنة السياسة النقدية برفع سعرى عائد الكوريدور.
ويذكر أن العائد على أذون الخزانة المحلية تتخذ مسارا صاعدًا ليبلغ العائد على آذون خزانة أجل 91 يومًا نحو %11.591، %12.22 لأذون أجل 182 يومًا، %12.478 لأذون 266 يومًا، و%12.514 لأذون 357 يومًا.
وانعكس ارتفاع العائد على أداء مؤشر المال «ALMAL IR»، الذى يقيس متوسط أسعار الفائدة على أذون الخزانة المحلية القصيرة الأجل، ليواصل تسجيل أعلى مستوياته منذ يونيو 2015 بالغًا %12.24، فى مقابل %12.176 خلال الأسبوع الماضى.
جدير بالذكر، أن مؤشر المال IR يقيس التغير فى متوسط أسعار الفائدة على أذون الخزانة المحلية التى تتراوح آجالها بين 3 شهور وسنة.
ويرى تامر يوسف، رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الأجنبية، أن ارتفاع العائد على أدوات الدين الحكومية رد فعل طبيعى لارتفاع عائدى الإيداع والإقراض لدى البنك المركزى، مشيرًا إلى أن التوقعات بإقدام لجنة السياسة النقدية على رفع مستويات الفائدة الأساسية كانت سببًا رئيسيا فى زيادة عائد الأذون الفترة الماضية.
ورجح استكمال مسيرة الصعود وذلك عبر تسجيل ارتفاعات بنسب تصل إلى 75 نقطة أساس فى المتوسط على مختلف آجال الأذون والسندات الحكومية.
كما صعد متوسط العائد على السندات الحكومية آجل عشر سنوات لأعلى مستوى لها منذ أغسطس 2012 لتكسر حاجز %17.
وكشفت نتيجة عطاء المركزى الذى طرحه نيابة عن وزارة المالية ارتفاع العائد المطلوب من البنوك المحلية بنسبة بلغت %1.1 لتسجل %17.099 بدلًا من %15.99 فى آخر عطاء لهذه الفئة.
ووصل أعلى سعر قبلته المالية إلى %7.15 بينما بلغ أقل سعر %16، مع تغطية العطاء بأكثر من %1.34 من البنوك المحلية.
كما صعد متوسط العائد على سندات آجل 5 سنوات لأعلى مستوى له منذ سبتمبر 2013، بعد تسجيله ارتفعًا بنسبة بلغت %1.4 عن آخر عطاء تم طرحه، ليصل إلى %15.505 فى مقابل %13.35.
ودفع مستويات العائد المرتفعة إلى تخفيض البنوك المحلية فائض السيولة التى عرضتها فى العطاء الدورى للودائع المربوطة الذى ينظمه المركزى أسبوعيًا بعائد %9.75 إلى 125.2 مليار جنيه ليعد أدنى مستوى له منذ يونيو 2015.
وعرض البنك المركزى إمكانية قبول 145 مليار جنيه فى عطاء الثلاثاء الماضى لينخفض عن الأسبوع قبل الماضى بنحو 5 مليارات جنيه الذى استعد فيه لقبول حتى 150 مليار جنيه، إلا أن العطاء شهد تراجعا ملحوظا فى حجم العروض المقدمة، الأمر الذى سهل تغطية كل العطاءات المقدمة بنسبة تخصيص %100.
يشار إلى أن آلية الودائع المربوطة لدى البنك المركزى تستهدف تخفيض حجم المعروض النقدى من الجنيه بالسوق المحلية من جهة، ومحاربة التضخم من جهة أخرى، بما يساعد على امتصاص فائض السيولة المتضخمة.
والمعروف أن مزادات الودائع المربوطة الأسبوعية إحدى أدوات السوق المفتوحة لإدارة مستويات السيولة داخل السوق المحلية، ويطرح «المركزى» عطاء الودائع ذات العائد الثابت فى الثلاثاء من كل أسبوع بسعر فائدة سنوى ثابت يصل إلى %9.75.
وقام 28 بنكًا باسترداد ودائع قيمتها 150 مليار جنيه، كانت قد أودعتها لدى المركزى فى مزاد الأسبوع الماضى، بعائد %9.75 واستحق أجلها.