ضغوط الإعادة والربحية توجهان المنافسة فى قطاع التأمين

توقعات بارتفاع الأسعار وانخفاض الاستثمارات واللجوء الحذر لـ «الإعادة الداخلية»

ضغوط الإعادة والربحية توجهان المنافسة فى قطاع التأمين
مروة عبد النبي

مروة عبد النبي

7:58 ص, الأحد, 9 أغسطس 20

إتفق العديد من كوادر السوق الفنية على أن شركات التأمين تواجه تحديات أثناء وبعد تفشى فيروس كورونا، وهو ما يستلزم وضع إستراتيجيات غير تقليدية للمنافسة بصورة أفضل من حيث التسعير وطرح المنتجات التى تلبى احتياجات العملاء، فضلا عن الاعتماد على التكنولوجيا أكثر مما سبق واللجوء إلى إعادة التأمين الداخلى بشرط استفادة السوق منها لأن الوضع الراهن يفرض على شركات الإعادة العالمية تحسين الاكتتابات الفنية والمالية لها وحسم الجدل فيما يتعلق بالمسموحات والاستثناءات، علاوة على إعادة النظر تدريجيا فى الأسعار الفنية المقدمة للعملاء والتى يشوبها المضاربات مما يزيد الضغوطات على كاهل الشركات المحلية ويؤثر على اتفاقاتها ويقلل ربحيتها.

إمام: المؤسسات العالمية تركز على تحسين الاكتتابات الفنية والمالية

وقال محمد إمام مساعد المدير الإقليمى للشركة الأفريقية لإعادة التأمين «Africa-Re» إن شركات التأمين العالمية واجهت خسائر كبيرة منذ بدء جائحة كورونا مما سيدفعها إلى تحسين نوعى فى الاكتتابات الفنية من حيث الشروط والتحملات والتدقيق فى البيانات والشروط المالية والتى من خلالها يطلب معيدو التأمين من شركة التأمين مضاعفة نسبة الخطر وسعره من أجل تعويض خسائر الطرفين أو تفاديها لأن العلاقة تكاملية والهدف ربحية الطرفين.

وأشار إلى أن العلاقة بين شركات التأمين والإعادة شراكة باعتبارهما صناعتين متكاملتين ولايوجد بديل نهائيا لشركات التأمين بالرغم من مزايا المجمعات التأمينية فى تحمل الأخطار والتى تهدف إلى تجميع الأقساط لنشاط واحد فى سوق واحدة فى وعاء واحد من أجل تغطية خطر ما حال تخوف معيدى التأمين من تغطيته أورفضه مما يحقق ربحية للشركات الأعضاء فيها ويقلص من حجم الخسائر إلى حد كبير مثل مجمعة تأمين السيارات الإجبارى.

ولفت إلى أن الضغوط التى تواجه شركات التأمين نوعان الأولى : ضغوط مستمرة على نفس الشئ موضوع التأمين مما يحتاج النظر فى تدشين المجمعة وهو قرار ليس سهلا ويحتاج إلى تدخل الهيئة العامة للرقابة المالية ودراسات فنية وقرارات واتفاقات تحتاج إلى وقت طويل جدا لحساب العائد الحقيقى إيجابا أوسلبا.

والثانية تلك التى تعانى منها الشركات باستمرار بسبب تقلبات السوق سواء فى النتائج الفنية أو المالية وحدوث خطر كبير أدى إلى خسائر كبيرة تدفع معيدى التأمين إلى التشدد ورفع الأسعار مثل تفشى فيروس كورونا الذى كبدها مليارات الدولارات مما يلزم شركات التأمين بتحسين نتائجها بصورة دائمة ورفع رأسمالها والإدارة الجيدة للخطر وانتقائه مسبقا، فضلا عن مستوى التعويضات المدفوعة والعدول عن المضاربات السعرية من جانب الشركات التى تقوم بذلك.

وأكد إمام أن شركات التأمين ستواجه ضغوطا بسبب الظرف العالمى الحالى لكن فيما يتعلق بمعيدى التأمين تحديدا سيختلف من شركة إلى أخرى، مشيرا إلى أن كبر حجم المحفظة الخاصة للشركة يمنحها قدرة تفاوضية مع معيدى التأمين بصورة أكبر وأفضل.

ولفت إلى أن إعادة التأمين فى الاتفاقيات المقبلة سوف تركز على الحريق والمسئوليات بشكل أساسى خاصة وثائق جميع الأخطار «all risks» والتى ستكون صريحة وواضحة الاستثناء من الأوبئة لإنهاء الجدل فيها نهائيا، أما فى حال تحقق الخطر لأى سبب آخر ستقوم شركة التأمين والمعيد بدفع فاتورة التعويضات كل وفق حصته بالاتفاقية، أما فى حالة توقف المنشأة نتيجة إصابة العمال أو ظهور موجة أخرى من فيروس كورونا أدت إلى الإغلاق فهى مستثناة تماما ولاتغطى إلا بملحق إضافى وتسعير منفصل.

وأكد أن ضغوط الربحية يمكن أن تجعل قلة من الشركات تلجأ إلى تقديم تسهيلات لكبار عملائها ذوى الخلفية التأمينية التاريخية الجيدة بشرط سماح إدارة وميزانية الشركة بذلك حتى لاتواجه أزمة سيولة.

وقال «إمام» إن شركات التأمين يمكنها فى الظروف الطارئة أن تلجأ إلى إعادة التأمين الداخلى والمعروف بالـ» Co-Insurance « وحصول السوق عبر عدد من الشركات على عمليات تأمينية شريطة أن تكون فى صالحها وليس العكس أو بسبب رفض شركات الإعادة قبول إعادتها لتخفيف حدة الضغوط.

الدكرورى: حسم الجدل حول الاستثناءات بسبب «كورونا» فى الاتفاقيات الجديدة

محمد الدكرورى مدير عام الشئون الفنية والعمليات بشركة «أروب»

من جانبه، قال محمد الدكرورى مدير عام الشئون الفنية والعمليات بشركة «أروب» للتأمينات العامة إن شركات التأمين ستواجه عددا من التحديات أبرزها التوقعات الكبيرة برفع شركات إعادة التأمين لأسعارها والتشدد فى وضع كل ماهو مستثنى صراحة فى تأمينات الممتلكات من التغطيات الأساسية وتأمين الأوبئة من خلال ملاحق إضافية بتسعير منفصل.

وأشار إلى أن انخفاض الفائدة على الودائع سيؤثر بالسلب على استثمارات شركات التأمين بجانب إصرار بعض الشركات على المضاربة السعرية لتحقيق أقساط تأمينية كبيرة سيكون على حساب الشركات التى تكتتب على أسس فنية سليمة وذات نتائج جيدة وتتحرك بخطى ثابتة نحو النمو.

وكشف عن وجود توجه حذر للغاية فى السوق المصرية للجوء إلى إعادة التأمين الداخلى فى حالات الطوارئ وبالشكل الفنى العادل حال اتفاق كل الأطراف، مشيرا إلى أن معيدى التأمين يرفضون إدخال الـ»Co-Insurance « ضمن اتفاقياتهم مع الشركات أحيانا أو بنسب قليلة جدا أحيانا أخرى محذرا من عواقب الاكتتاب غير الجيدة لأنه ليس فى صالح السوق ويجب انتقاء العمليات التى سيتم التأمين عليها من جانب الشركات وكذا العمليات التى سيتم إعادة تأمينها داخليا.

ولفت إلى أهمية حفاظ شركات التأمين على عملائها دون أن تجور على حقوقها فى الحصول على مستحقاتها مثل الحصول على القسط التأمينى دفعة واحدة حتى تتمكن من سداد حصة معيدى التأمين واستثمار باقى الأموال للحصول على عائد يوفر لها سيولة ويحافظ على استدامة التزامها بسداد التعويضات المطلوبة منها حال تحقق الخطر.

وأكد أن العلاقة بين شركات التأمين والإعادة بالرغم من أنها تكاملية فإنها تكسوها الصبغة التجارية البحتة وهو ما سيقضى بفعل الوضع الراهن على المناطق الرمادية فى إبرام تعاقدات الإعادة الجديدة بين الطرفين لإغلاق باب الجدل أو التقاضى بين العميل وشركة التأمين.

وأشار الدكرورى إلى أن شركات التأمين بدأت جزئيا فى توجيه بوصلة المنافسة نحو التكنولوجيا من خلال طرح المنصات الإلكترونية الخاصة بها وإصدار وتوزيع الوثائق النمطية التى سمحت بها الهيئة العامة للرقابة المالية، وكذا التوقيع الإلكترونى لإبرام الصفقات بطرق سريعة وميسرة بما يمكن أن يقفز بالأقساط التأمينية بشكل ملحوظ لتعويض أى تراجع يمكن حدوثه نهاية العام الجارى والعام المقبل.

وأكد أن دور شركات التأمين فى الوقت الحالى يكمن فى أداء الخدمة الجيدة وبروز خدمة العملاء وخدمات التواصل الأخرى على مدار الأسبوع والتركيز على دراسات السوق والأبحاث لمعرفة كل جديد ومناسب من خدمات ومنتجات للعملاء.

محسن: ضرورة النظر فى الأسعار المقدمة والبعد عن المضاربات

من ناحيته، قال محمود محسن مدير تطوير الأعمال بشركة طوكيو مارين جنرال تكافل مصر إن ربحية شركات التأمين ستتأثر فعليا بجائحة كورونا وتحديدا بسبب تراجع الاستثمارات وانخفاض سعر الفائدة والأقساط التأمينية والمضاربات السعرية التى تزيد من أعباء الشركات.

وأضاف أن شركة الإعادة تُقيم كل شركة على حدة من خلال توزان الأقساط التأمينية لفروعها وتحسن نتائجها الفنية عاما تلو الآخر، والمصاريف الإدارية والعمولات التى تنفقها والكوادر الفنية القادرة على التفاوض والاكتتاب.

وأشار إلى أن شركات التأمين سوف توجه قبلتها إلى عدد من الجهات التى وصفها بالمصمونة أو المحسنة للنتائج مثل التركيز على جودة الخدمات المقدمة لعملائها سواء على مستوى التعويضات أو المنتجات التأمينية التى تلبى احتياجاتهم، علاوة على ضرورة تكاتف شركات التأمين فيما يتعلق بضرورة الاكتتاب على أسس فنية سليمة لتجاوز صعوبة المرحلة الحالية وانتقاء الأخطار الجيدة.

وتابع أن ارتفاع الوعى بعد جائحة كورونا سيلعب دورا كبيرا رغم انكماش الطلب على التأمين إلى حد ما والذى يعد أبرز التحديات الحالية إلا أن الالتفات إلى أهمية وثائق توقف الأعمال وأهمية إصدار وثيقة تأمين الطبى ووثائق الحياة التى تغطى الوفاة ضد كورونا، علاوة على دور التحول الرقمى سواء بالإصدار أو التحصيل سيحل بطبيعته جزءا كبيرا من المشكلة وسيقلل الوقت والجهد والتكلفة على جميع أطراف العملية التأمينية.

وأوضح أن شركات التأمين عليها أن تغير من الطرق التقليدية التى تفكر بها طوال الوقت فى الأزمات العادية، معتبرا أن الظرف الحالى مختلف تماما ويتطلب إستراتيجيات تراعى كل المفاجآت التى حدثت بسبب تفشى فيروس كورونا.

وطالب محسن بالبحث عن طرق استثمار أخرى أكثر احترافية وكيفية التغلب على الإغلاق الجزئى أو الكلى والإجراءات المتبعة حيال ذلك ومحاولة اكتساب خبرة فى التعامل مع تداعيات الأوبئة أو تقلبات السوق بشكل عام، فضلا عن عقد جلسات عمل من قبل المتخصصين فى إعادة التأمين وشركات الوساطة فى الإعادة وبحث سبل تقوية أو تحسين التفاوض لشركات التأمين مع الإعادة وأهمية توافر بيانات دقيقة جيدة تساعد فى إبرام اتفاقات جيدة لينعكس ذلك كله مستقبلا بالإيجاب على الصناعة وعلى السوق ككل.