ضرائب بورصات العرب فى ميزان خبراء سوق المال

«المال» قامت برصد أبرز النماذج الضريبية فى البورصات العربية المختلفة، مع طرحها للنقاش مع خبراء سوق المال، من أجل الوقوف على إمكانية تطبيق أحدها فى البورصة المصرية للخروج من خندق الضرائب الذى بات مميتًا للسوق

ضرائب بورصات العرب فى ميزان خبراء سوق المال
أحمد علي

أحمد علي

7:40 ص, الأحد, 26 مايو 19

أى نموذج يُصلح لتطبيقه بالسوق المحلية فى ظل أزمة «الدمغة» ؟

انقسام فى تقبُل اقتراح فرض 10 % دمغة على صافى الربح ومطالب بتعظيم السوق أولاً

السعودية و البحرين والإمارات يطبقون الضريبة على عمولة السمسرة

قطر تُعفى بورصتها من الضرائب والرسوم والأردن تُفرض «دمغة» بنسبة ضئيلة

ضربات متلاحقة من كل الاتجاهات تتلقاها البورصة المصرية خلال الفترة الراهنة، بدءًا من تأخر تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، مرورًا بتدنى أحجام وقيم التداول وغياب الشركات الكبيرة الجاذبة، وصولًا إلى أزمة تمسك وزارة المالية باستمرار فرض ضريبة الدمغة على كل العمليات المنفذة بالسوق، حتى صدور قرار من الحكومة بتأجيل تطبيق الزيادة الثالثة فى ضريبة الدمغة.

وجاء قرار الحكومة بتأجيل تطبيق الشريحة الثالثة، بعد ضغوطات قوية من كل أطراف سوق المال، متسلحين بالتراجعات القوية للبورصة، وتراجع أحجام وقيم التداول لمستويات لا تُعبر عن حقيقة وضع الاقتصاد المصري.
وقدمت البورصة و الجمعية المصرية للأوراق المالية «أكما» مقترحًا لرئيس الوزراء، كشفت «المال» عنه، ينص على فرض ضريبة دمغة بنسبة %10 على صافى أرباح بنهاية كل عام، على أن يستمر تحصيل قيمة الدمغة على كل عملية منفذة، وفى نهاية العام يتم تسوية مستحقات المستثمر وردها حال تكبد خسائر.

«المال» قامت برصد أبرز النماذج الضريبية فى البورصات العربية المختلفة، مع طرحها للنقاش مع خبراء سوق المال، من أجل الوقوف على إمكانية تطبيق أحدها فى البورصة المصرية للخروج من خندق الضرائب الذى بات مميتًا للسوق.

وتُفرض دولة الإمارات ضريبة على قيمة عمولة السمسرة أو الوسيط المدفوعة عن كل عملية منفذة بالسوق، بواقع %5 من قيمة العمولة، يُسددها المستثمر، فى إجراء من شأنه أن يُخفض قيمة الرسوم الواقعة على كاهل المستثمرين.

أما المملكة العربية السعودية، فتقوم هى الأخرى بتطبيق نفس الفكرة، إذ تُفرض ضريبة على عمولة التداول الخاصة بالسمسرة، بالإضافة إلى فرض ضريبة بنسبة %5 على توزيعات الأرباح للمستثمرين الأجانب بالبورصة السعودية.

أما النموذج الآخر فهو الإعفاء، والذى تطبقه دولة قطر، التى أعفت جميع المستثمرين والعمليات المنفذة على الأسهم ببورصة الدوحة من أى رسوم وضرائب وآخرها ضريبة القيمة المضافة.

فيما تقوم دولة البحرين، بفرض نموذج ضريبة على الخدمات، إذ تقوم بفرض ضريبة قيمة مضافة بنسبة %5 على الخدمات المقدمة من بورصة البحرين و شركة المقاصة.

وقد قامت المملكة الأردنية مؤخرا بتسهيل إجراءات ضريبة الدخل على الربح المحقق من المتاجرة بالأسهم، فبدلًا من ضريبة بنسبة %5 على صافى الربح، فقد استبدلتها بنموذج ضريبة الدمغة، بفرض %0.0008 «8 فى عشرة آلاف» من قيمة العملية على كل من البائع و المشتري.

أما النموذج المتوازن، فهو المطبق فى بورصة الدار البيضاء، إذ تٌفرض دولة المغرب، ضريبة بنسبة %15 على صافى الربح المحقق، مع توفير حوافز ضريبية جيدة، تتمثل فى حصول الشركات على إعفاء ضريبى حال الطرح بالبورصة، بنسبة %50 حال تنفيذ الطرح عبر زيادة رأسمال بنسبة لا تقل عن %20 وإعفاء ضريبى بنسبة %25 حال تنفيذ الطرح عن طريق نقل الملكية.

فرض الضريبة مرتبط بتحقيق ربح والسوق تطلعاتها أكبر

وقال محمد فتح الله، العضو المنتدب بشركة بلوم مصر لتداول الأوراق المالية، إن فكرة فرض ضريبة من الأساس تكون مرتبطة بتحقيق المستثمر ربح ما، ولا يصح أن تُفرض الضرببة على تعاملات المستثمرين بالبورصة، الذين قد يتكبدون خسائر استثمارية ومن ثم تكون العقوبة متضاعفة.

وأضاف أن فكرة تطبيق نموذج ضريبة على قيمة العمولة، ستصطدم بالواقع السئ الذى تعيشه شركات السمسرة، مشيرًا إلى أن نسبة عمولة السمسرة فى تراجع مستمر، إذ كانت تبلغ نحو 5 فى الألف فى فترة التسعينيات تراجعت إلى أقل من 2 فى الألف.
وأكد أن تطلعات سوق المال أصبحت أكبر من فكرة تأجيل تطبيق الشريحة الثالثة، أو فرض ضريبة دمغة بنسبة %10 على صافى ربح المستثمر فى نهاية كل عام، مشيرًا إلى أن حالة الإحباط التى أصابت السوق عقب قرار التأجيل.

وشدد على أن السوق فى حاجة إلى إلغاء كافة الرسوم والضرائب المفروضة عليه، بالإضافة إلى ضرورة العمل على الاستفادة من البورصة وتحويلها إلى رافد رئيسى لزيادة الناتج المحلى الإجمالى، فى ظل تسجيل أرقام كبيرة وضخمة للدين العام، بجانب العمل على توسيع رقعة المساهمين عبر طرح شركات جديدة.

نسعى لإحداث نوع من التوازن وإعادة السوق للطريق الصحيح

وقال إيهاب السعيد، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، ورئيس قسم التحليل الفنى بشركة أصول للسمسرة، إن البورصة فى حاجة إلى مساعدة قوية من المسئولين بالدولة، مشددًا على أن إلغاء الضرائب و زيادة الحوافز التشجيعية، السبيل الأمثل لانتشال السوق من عثرتها.

وأضاف أن السوق المحلية فى الفترة الراهنة، لا تصلح لأى نماذج ضريبية فى ظل التراجع الكبير فى قيم وأحجام التداولات، مشيرًا إلى أن مقترح البورصة بشأن ربط الدمغة بصافى الربح المحقق، يسعى إلى حل مشكلة سيولة المستثمرين، وإحداث نوع من التوازن بين مطالب السوق و تمسك وزارة المالية بفرض الضريبة.

وأوضح أن السوق فى حاجة إلى حوافز تُشجع الشركات على الطرح بالبورصة، مثلما كان مطبقًا فى البورصة المصرية مسبقًا، و مثلما مطبق فى البورصة المغربية حاليًا.

وأشار إلى أن تطبيق ضريبة على عمولات السمسرة لن يُشبع احتياجات وزارة المالية، ومن ثم فإن الاقتراح المقدم سيوفر للدولة فرصة استثمار تلك الأموال لمدة عام، قبل ردها للمستثمر حال تكبده خسائر.

وأوضح أن المستثمر سيكون على علم بموقفه المالى خلال العام سواء كان رابحًا أو خاسرًا ومن ثم فإنه سيكون قادر على التعامل بآلية الشراء الهامشى «المارجن» حال تأكده من استحقاقه لأموال ضريبة الدمغة المستقطعة فى كل عملية منفذة.


نموذج المغرب الأفضل مع ضريبة عمولة السمسرة

وقال الدكتور ياسر عمارة، رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية، إن النموذج المغربى والذى يوفر حوافز ضريبية لتشجيع الشركات على القيد بالبورصة، هو الأفضل من بين نماذج الضرائب الأخرى، لأنه بيعمل على إحداث نوع من التوازن.

وأضاف أن فكرة فرض ضريبة دمغة على قيمة عمولة السمسرة جديرة بالدراسة، لأنها سوف تسهم فى تقليل قيمة الضرائب التى يتحملها المستثمر، ومن ثم قد تكون حلًا لتمسك وزارة المالية بفرض الضريبة، وبين ظروف السوق السيئة.
وأوضح أن السوق ليست بحاجة إلى الدخول فى متاهات خاصة بمقترحات ربط ضريبة الدمغة بصافى الربح المحقق فى نهاية كل عام، مشيرًا إلى ضرورة الوضوح.

وأشار إلى أن عملية التخبط التى تسيطر على السوق، و غياب اتحاد العاملين حتى اللحظة وعدم قيامه بمهامه، يؤثر بالسلب على السوق، مشددًا على أن فرض أى رسوم على التعاملات فى البورصة، سيكون قرار سيئًا فى الوقت الراهن.

واقترح تطبيق نموذج يضم فرض ضريبة على قيمة العمولة مع إمكانية زيادتها لـ 10 – %20 بالإضافة إلى توفير حوافز ضريبية تشجيعية للشركات عند الطرح بالبورصة بنسب مختلفة، بناءً على نوع الطرح سواء زيادة رأسمال أو نقل ملكية.

شركات السمسرة «تُعانى» وفرض الأرباح الرأسمالية أفضل

وأكد أيمن أبوهند، الخبير الاستثمارى والشريك المؤسس بشركة advisable wealth الأمريكية، أن نموذج فرض ضرائب على قيمة عمولة السمسرة، غير مجد حاليًا فى ظل معاناة شركات السمسرة من الظروف الحالية، مشيرًا إلى أن تلك الشركات تتهرب من تنفيذ العمليات الصغيرة بداعى انخفاض قيمة العمولة.

وأضاف أن السوق المحلية تمر بحالة غير منضبطة عندما يُحين الوقت لتطبيق الضرائب، مشيرًا إلى أن حالة الترفيه التى يعيشها المستثمرون لا يجب أن تستمر، مطالبًا بفرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية وإغلاق تلك القصة الممتدة منذ سنوات.

وأوضح أن النموذج الأمريكى فيما يتعلق بالضرائب على السوق يُعد الأفضل بين كل النماذج الأخرى، إذ يتم فرض ضريبة أرباح رأسمالية بنسبة ما تختلف بمدة احتفاظ المستثمر بالأسهم، إذ تُفرض بنسبة %35 حال قيامه ببيعها قبل عام من تاريخ شرائها، وبنسبة تصل لـ 10 – %15 حال بيعها بعد مرور عام على شرائها.

ويقترح تطبيق النموذج الأمريكى فى السوق المحلية، بفرض ضريبة أرباح رأسمالية بنسبة %15 حال تم بيع الأسهم قبل مرور عام على شرائها، أو بنسبة %10 بعد مرور عام، مشيرًا إلى أن ذلك سيخفف من حدة التغير و معدلات الدوران بالسوق، والذى يُعد مرتفعًا مقارنة بالأسواق المتقدمة.

وأشار إلى أن مقترح البورصة بشأن ربط ضريبة الدمغة بالأرباح المحققة فى نهاية كل عام بنسبة %10 يعنى فرض ضريبة أرباح رأسمالية ولكن بآلية تنفيذ مختلفة، مشددًا على ضرورة تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية بوضوح تام وربطها بمدة الاحتفاظ بالأسهم.

السوق ضعيفة ولن تحقق الحصيلة المستهدفة

وأكدت مى الحجار، مدير إدارة التطوير والإستراتيجية بشركة «أكيومن» لإدارة الأصول، أن السوق غير مؤهلة لتطبيق أى ضرائب سواء دمغة أو أرباح رأسمالية، فى ظل الخسائر التى يتكبدها المستثمرون منذ بداية العام، من ثم فإنها لن تحقق الحصيلة المستهدفة، وستكون الخسائر أكبر منها.

وأضافت أن الحكومة مطالبة بتشجيع الشركات على الطرح بالبورصة بجانب تشجيع المستثمرين على تحقيق الاستثمار بالسوق، بهدف إيجاد سوق مال قوى قادر على المساهمة الفعالة فى الناتج القوى الإجمالى.

وأوضحت أن النماذج العربية غير مناسبة للسوق المحلية، إذ تعانى الأخيرة من انكماش فى كل الأصعدة سواء شركات متداولة أو قيم تداولات أو عدد مستثمرين ناشطين، ومن ثم فإن الوقت الراهن غير مناسب لتطبيق مثل تلك الضرائب.

وشددت على أن المستثمرين الأجانب لا يأتون إلى البورصة المصرية بسبب انخفاض قيمتها، وتراجع معدلات السيولة، مشيرة إلى أن هناك حالة منى التناقض بين رغبة الحكومة فى دعم السوق وبين قيامها بفرض ضرائب تُقلص من حجمها وتتسبب فى هروب المستثمرين منها.

وأشادت بفكرة فرض ضريبة على قيمة العمولة المسددة للوسيط أو السمسار، ولكنها تساءلت هل ستقبل الحكومة بها فى ظل أنها ستؤدى إلى انخفاض الحصيلة أم لا ؟