استعرض صندوق النقد روشتة لصناع السياسات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمواجهة التحديات الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية في ضوء زيادة أسعار السلع الأساسية والوقود.
وقال، في تدوينة نشرها على موقعه الإلكتروني، إن المقايضات المتعلقة بالسياسات لدى الدول المستوردة للنفط بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا أصبحت على المدى القريب معقدة بشكل متزايد، مضيفًا أن احتواء التضخم يعتبر أولوية رئيسية لتلك البلدان على الرغم من الانتعاش الهش بها.
وأضاف أنه في البلدان التي توجد فيها مخاطر ارتفاع توقعات التضخم أو اتساع ضغوط الأسعار، يعدّ التواصل الواضح والشفاف أمرًا بالغ الأهمية لتوجيه الأسواق.
أهمية التصدي لمخاطر الأمن الغذائي
وأكد أنه من المُلحّ أن تتصدى البلدان لمخاطر الأمن الغذائي وأن تخفف من تأثير ارتفاع الأسعار الدولية على الفقراء.
وأضاف أن الطريقة الأكثر فعالية لدى تلك البلدان هي ضمان حماية الأسر الضعيفة من خلال التحويلات الهادفة والمؤقتة والشفافة.
وتابع أنه حيثما تكون شبكات الأمان أقل قوة، يمكن رفع الأسعار تدريجيًّا، مشيرًا إلى أنه بالنسبة للبلدان منخفضة الدخل، فإن الدعم المالي المستمر من المجتمع الدولي أمر بالغ الأهمية.
وبالنسبة للبلدان ذات الديون المرتفعة بالمنطقة، يؤكد صندوق النقد أهمية أن تكون هذه التدابير مصحوبة بإجراءات موازنة في أماكن أخرى مثل خفض الإنفاق غير الضروري، أو تعزيز العدالة الضريبية الإضافية، أو مزيج من الاثنين لحماية القدرة على تحمل الديون في ظل الحيز المالي المحدود.
وبحسب التدوينة، سيساعد تنسيق السياسات المالية والنقدية وترسيخها في أطر سياسية متوسطة الأجل موثوقة على تسهيل هذه المقايضات.
أهمية المضي قدمًا في الإصلاحات الهيكلية
وقال صندوق النقد إن هذه التحديات تؤكد أهمية المضي قدمًا في الإصلاحات الهيكلية، والتي ستساعد البلدان على تحمل صدمات الاقتصاد الكلي في المستقبل وتسريع الانتعاش.
بجانب التدابير التي تعزز كفاءة الإنفاق الحكومي وتحصيل الإيرادات، بما في ذلك من خلال الرقمنة، وتعزيز نشاط القطاع الخاص، وتقوية شبكات الأمان الاجتماعي وكلها تعدّ أولويات مهمة.
وقال الصندوق إنه بينما تعمل البلدان في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على تكييف سياسات الاقتصاد الكلي مع الحقائق الجيوسياسية الجديدة، سيواصل صندوق النقد الدولي تقديم المساعدة من خلال تقديم المشورة بشأن السياسات والتمويل وتنمية القدرات.
وكتب التدوينة جهاد أزعور، رئيس إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى لدى صندوق النقد الدولي، واقتصاديان آخران بالإدارة.
وقال صندوق النقد إن الحرب في أوكرانيا، والعقوبات ذات الصلة، أدت إلى زيادة حادّة في أسعار السلع الأساسية، وارتفاع التحديات التي تواجه الدول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولا سيما تلك المستوردة للنفط في المنطقة.
وأضاف أنه بعد صعود برميل النفط إلى ذروة بلغت 130 دولارًا في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، من المتوقع أن تستقر أسعار البترول عند متوسط سنوي يبلغ حوالي 107 دولارات في العام الحالي بزيادة 38 دولارًا عن عام 2021، وذلك وفقًا لأحدث تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عنه.
وبالمثل من المرجح أن ترتفع أسعار المواد الغذائية بنسبة 14% إضافية في عام 2022 بعد أن وصلت إلى مستويات قياسية في عام 2021.
تعديل توقعات معدل النمو إلى 5% للشرق الأوسط
وبحسب تدوينة صندوق النقد، يأتي هذا الارتفاع في الأسعار في وقت غير مستقر للتعافي في المنطقة، مضيفةً أنه في تقريره عن آفاق الاقتصاد الإقليمي للمنطقة، عدّل توقعاته لمعدل النمو في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ككل بمقدار 0.9 نقطة مئوية إلى 5%.
لافتًا إلى أن هذا يعكس الآفاق المحسنة لمصدري النفط بفضل ارتفاع أسعار النفط والغاز.
وبالنسبة للبلدان المستوردة للنفط بالمنطقة، قال صندوق النقد إن ارتفاع أسعار السلع الأساسية أدى إلى زيادة التحديات الناشئة عن ارتفاع معدلات التضخم والديون، وتشديد الأوضاع المالية العالمية، وتفاوت التقدم في التطعيم، والهشاشة والصراع لدى بعض من تلك الدول.