قال الفصل الأول من تقرير الاستقرار المالي العالمي لصندوق النقد الدولي، إن هناك خطر يتمثل في إمكانية حدوث تدهور مفاجئ في مزاج المستثمرين الإيجابي عالمياً.
وأوضح التقرير أن هذا التدهور المفاجئ سيؤدي إلي تضييق حاد للأوضاع المالية ، وسيكون لهذا أثر أكبر علي الاقتصادات التي تتسم بضعف أساسيتها الاقتصادية وقدر أكبر من مواطن الضعف المالي وحيز أضيق أمام السياسات لمواجهة الصدمات.
** أسباب محتملة للتدهور عالميا
وأرجع التقرير الصادر اليوم، ذلك إلي بعض الأسباب كحدوث تحول غير متوقع نحو آفاق أقل ميلاً لتيسير السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة يمكن أن يؤدي إلي إعادة التسعير في الأسواق وخاصةً إذا كان إدراك المستثمرون أن رؤيتهم لمدى تيسير السياسة النقدية كان مفرطاً.
وذكر أن المخاطر السياسية ومخاطر السياسات الاقتصادية ، كحدوث تصعيد في التوترات التجارية أو خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الاوروبي دون اتفاق، يمكن أن يؤثر على المزاج السائد في الأسواق ويؤدي إلى ارتفاع حاد في درجة تجنب المخاطر.
وشدد علي أنه ينبغي لصناع السياسات أن يفصحوا بوضوح عن أي إعادة تقييم لموقف السياسة النقدية إما للتغيرات في آفاق الاقتصاد أو للمخاطر المحيطة بهذه الآفاق ، وسيساعد هذا على تجنب التقلبات غير الضرورية في الأسواق المالية أو تقلبها المحدود بلا داع.
وأكد التقرير أن الأوضاع المالية ضاقت منذ صدور عدد أكتوبر 2018 من تقرير الاستقرار المالي العالمي، لكنه أشار إلي أنها لا تزال تيسيرية نسبيا، وخاصة في الولايات المتحدة.
أضاف أنه بعد حدوث انخفاضات حادة في الربع الرابع من 2018 ، تعافت الأسواق المالية بقوة في مطلع 2019 تأثرا بالتفاؤل المتزايد إزاء المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين ومع اعتماد البنوك المركزية الكبرى منهجا أكثر تأنيا ومرونة في العودة إلى السياسة النقدية العادية.
وأشار الفصل الأول من التقرير الصادر تحت عنوان ” مكامن الخطر في دورة ائتمان توشك على الاكتمال”، إلي أنه ساعد هذا التحول التيسيري في آفاق السياسة النقدية لدى الاقتصادات المتقدمة على الحفاظ على المزاج الإيجابي في الأسواق رغم تزايد الإشارات على تراجع النمو العالمي.
ولفت إلي أنه مع استمرار الأوضاع المالية التيسيرية، يستمر تراكم مواطن الضعف؛ فقد دام تشديد الأوضاع المالية في الربع الرابع من 2018 لفترة أقصر من أن تحدث تباطؤا مؤثراً في تراكمها، مما لم يحدث تغيراً يذكر في مخاطر المدي المتوسط التي تهدد الاستقرار المالي العالمي بشكل عام.
وأضاف التقرير أن هناك مواطن ضعف مالية مرتفعة حاليا في القطاع السيادي وقطاع الشركات والقطاع المالي غير المصرفي في عدة بلدان ذات أهمية نظامية ، ومع قرب اكتمال دورة الائتمان ، فإن مواطن الضعف في قطاع الشركات – والتي تبدو مرتفعة في 70 %من البلدان ذات الأهمية النظامية بناءً على إجمالي الناتج المحلي يمكن أن تتسبب في تضخيم الهبوط الاقتصادي.
ويعرض التقرير إطارا جديدا يقوم عليه التقييم الشامل لمواطن الضعف في الميزانيات العمومية وعبر القطاعين المالي وغير المالي، ويركز على عدد من مواطن الضعف المحددة في الاقتصادات المتقدمة والأسواق الصاعدة.
** زيادة كبيرة بحجم الأرصدة الاستثمارية
و قال التقرير، إن تدفقات الحافظة إلى الأسواق الصاعدة تتأثر تأثراً متزايدا بالمستثمرين المرتبطين بمؤشر معياري.
وأوضح أنه في العشر سنوات الماضية حدثت زيادة تعادل أربعة أضعاف في حجم الأرصدة الاستثمارية المرتبطة بمؤشرات سندات الأسواق الصاعدة التي يتم تتبعها على نطاق واسع، وهو ما أوصل حجمها إلى 800 مليار دولار أمريكي.
وتابع التقرير : تشير التقديرات إلى أن 70 %من تخصيصات البلدان للأرصدة الاستثمارية يتأثر بالمؤشرات المعيارية.
وقال إنه نظرا لأن المستثمرين المرتبطين بمؤشر معياري يكونون أكثر حساسية إ ازء تغيرات الأوضاع المالية العالمية مقارنة بالمستثمرين الآخرين، فإن مزايا الانضمام إلى المؤشرات قد تقل بسبب المخاطر المصاحبة التي تهدد الاستقرار المالي بالنسبة لبعض البلدان.
ونوه إلي أنه مع مساهمة هؤلاء المستثمرين بحصة أكبر في تدفقات الحافظة، قد تنتشر الصدمات الخارجية إلى اقتصادات السوق الصاعدة والواعدة ذات الحجم المتوسط بسرعة أكبر مما كان عليه الحال في الماضي.
** توصيات لاقتصادات الأسواق الصاعدة
وأكد التقرير على أنه ينبغي لاقتصادات الأسواق الصاعدة أن تتأكد من صلابتها في مواجهة تدفقات الحافظة الأجنبية الخارجة عن طريق تخفيض الالتزامات الخارجية المفرطة، والحد من الاعتماد على الدين قصير الأجل ، والحفاظ على هوامش أمان كافية من المالية العامة واحتياطيات النقد الأجنبي.
وأشار التقرير إلى أنه نظرا لتصاعد أهمية تدفقات الحافظة المرتبطة بمؤشر معياري، ينبغي استمرار الحوار الوثيق بين الجهات التي تقدم المؤشرات، والمجتمع الاستثماري، والأجهزة التنظيمية.
وأضاف التقرير أنه للبناء على التقدم المحقق حتى الآن، ينبغي للسلطات الصينية مواصلة سياستي تخفيف المخاطر والحد من الرفع المالي في القطاع المالي والتركيز بدرجة أكبر على معالجة مواطن الضعف لدى البنوك .
أشار إلي أنه سيكون من الضروري إجراء إصلاحات هيكلية مثل تخفيف التركيز على أهداف النمو وتشديد قيود الميزانية للمؤسسات الصينية المملوكة للدولة، بغية الحد من سوء تخصيص الائتمان.
** تحذيرات من انخفاض أسعار المساكن
وذكر التقرير أن أحدث البيانات تشير إلى زيادة مخاطر انخفاض أسعار المساكن علي مدار فترة السنة إلى الثلاث سنوات القادمة في بعض البلدان ، مشيراً إلي أن الزيادة السريعة التي شهدتها أسعارها مؤخرأً في كثير من البلدان أدت إلي إثارة المخاوف من مكانية حدوث تصحيح في الأسعار.