قال صندوق النقد الدولى إنه بدراسة بيانات من 143 دولة على مدار الثلاثين عامًا الماضية، وجد أن تكاليف الشحن تعتبر محركًا مهمًا للتضخم فى جميع أنحاء العالم، مضيفاً أنه عندما تتضاعف أسعار الشحن يرتفع التضخم بنحو 0.7 نقطة مئوية.
وتابع فى مقالة نشرها مؤخرها على موقعه الإلكترونى، أن الأهم من ذلك هو أن تأثيرات ذلك الارتفاع تبلغ ذروتها بعد عام وتستمر حتى 18 شهرًا، منوهًا بأن الزيادة فى تكاليف الشحن بالبلدان التى لوحظت فى 2021 قد تقفز بمعدل التضخم بنحو 1.5 نقطة مئوية العام الحالى.
ولفت إلى أن تكاليف الشحن أكثر تقلبًا وتؤثر على أسعار السلع المستوردة فى غضون شهرين، وسرعان ما تنتقل إلى أسعار المنتجين؛ إذ يعتمد الكثير منهم على المدخلات المستوردة لتصنيع سلعهم، لكن التأثير على الأسعار التى يدفعها المستهلكون يتراكم بشكل تدريجى، ويبلغ ذروته بعد 12 شهرًا، وهذه عملية أبطأ بكثير مما شوهد بعد ارتفاع أسعار النفط العالمية.
وأكد الصندوق أن زيادة تكاليف الشحن يؤثر على التضخم فى بعض البلدان أكثر من غيرها، إذ يُظهر البحث الذى أعده أن الخصائص الهيكلية لاقتصاد أى دولة مهمة، مضيفًا أن البلدان التى تستورد أكثر مما تستهلكه تشهد زيادات أكبر فى التضخم، كما هو الحال بالنسبة للدول الأكثر اندماجًا فى سلاسل التوريد العالمية.
كما أن البلدان التى تدفع تكاليف شحن أعلى من غيرها مثل البلدان غير الساحلية، ومنخفضة الدخل، خاصة الدول الجزرية، تشهد مزيدًا من التضخم عندما ترتفع هذه التكاليف.
وأظهر تحليل الصندوق أنه يمكن لإطار سياسة نقدية قوى وموثوق أن يلعب دورًا فى التخفيف من آثار ارتفاع أسعار الواردات والتضخم، مضيفًا أن الحفاظ على ثبات توقعات التضخم بشكل جيد أمر أساسى لاحتواء تأثير ارتفاع تكاليف الشحن على أسعار المستهلكين.
وتشير نتائج الصندوق إلى أن التأثير التضخمى لتكاليف الشحن سيستمر فى الزيادة حتى نهاية عام 2022، وسيخلق مقايضات معقدة للعديد من محافظى البنوك المركزية على مستوى العالم الذين يواجهون تضخمًا متزايدًا ولا يزال هناك ركود كبير فى النشاط الاقتصادى.
وعلاوة على ذلك، فمن المرجح أن تتسبب الحرب فى أوكرانيا فى مزيد من الاضطرابات فى سلاسل التوريد، ما قد يبقى تكاليف الشحن العالمية وآثارها التضخمية أعلى لفترة أطول، وفى النهاية يؤدى لتفاقم التضخم العالمى.
وقال صندوق النقد إن البحر يستحوذ على نقل أكثر من %80 من البضائع المتداولة بالعالم، والتى يتم نقل أغلبها فى حاويات فولاذية مكدسة بآلاف السلع فوق أكبر السفن التى تم بناؤها على الإطلاق.
وأضاف فى المقالة التى نشرها على موقعه الالكترونى مؤخراً بعنوان “كيف ترفع تكاليف الشحن الباهظة الأسعار حول العالم”، أن الصدمة التى خلفها وباء كورونا أكدت مدى أهمية تجارة الحاويات البحرية بالنسبة للاقتصاد العالمى.
ولفت إلى أنه من موانئ شنغهاى إلى روتردام إلى لوس أنجلوس، قلب تفشى فيروس كورونا سلاسل التوريد رأسًا على عقب، مشيرًا إلى أنه خلال تلك الفترة كانت الموانئ تفتقر إلى العمال الذين كانوا مرضى فى منازلهم.
وتابع أنه خلال تلك الفترة كان لا يمكن لسائقى الشاحنات وأطقم السفن عبور الحدود بسبب القيود المفروضة على الصحة العامة، مضيفًا أن الطلب المكبوت من برامج التحفيز الضخمة خلال فترات الإغلاق الممتدة طغى على قدرة سلاسل التوريد، وإلى جانب تسبب الوباء فى حدوث تأخيرات فى وصول البضائع إلى العملاء، ارتفعت تكلفة الحصول عليها بالبلدان.
وبحسب الصندوق، كانت نتيجة هذه التحديات أن تكلفة شحن حاوية على طرق التجارة عبر المحيطات فى العالم زادت سبعة أضعاف فى الأشهر الثمانية عشر التالية لشهر مارس 2020.
فى حين ارتفعت تكلفة شحن السلع بشكل أكبر، كما أن التأثير التضخمى لتلك التكاليف المرتفعة سيستمر فى النمو حتى نهاية هذا العام.