حدد 4 مخاطر أساسية تحيط بآفاق النمو الاقتصادي في البلدان المتقدمة والناشئة على حد سواء خلال العام الجاري، تتمثل أهمها في التوترات التجارية المتصاعدة، وشكوك تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وضيق الأوضاع المالية، وتراكم المديونية العامة والخاصة.
تصاعد حدة التوترات التجارية
وأشار في تقرير آفاق الاقتصاد العربي 2019، إلى أن تصاعد التوترات التجارية ما بين الاقتصادات الكبرى على مستوى العالم كان لها تأثيرها السلبي الملموس على معدلات نمو التجارة الدولية خلال عام 2018.
ويتوقع أن يؤثر بشكل كبير على آفاق النمو الاقتصادي العالمي خلال عامي 2019 و2020 ما لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن عدد من الأمور على صعيد التجارة الدولية وتبني إصلاحات ضرورية في إطار منظمة التجارة العالمية للوصول إلى نظام تجاري عادل متعدد الأطراف.
وتشير التوقعات بأن استمرار التوترات التجارية من شأنها التأثير على أنشطة الاستثماروالتصنيع وسلاسل القيمة العالمية ومعدلات نمو الأسواق الناشئة التي تعتبر المحرك الرئيسي للنمو العالمي.
واتفق الطرفان الأمريكي والصيني على بدء محادثات تجارية ومفاوضات تنتهي خلال 90 يومًا للتوصل لاتفاق بشأن الخطوط العريضة، قبل قيام الرئيس الأمريكي ببدء فرض رسوم جمركية على عدد من السلع المستوردة من الصين تبلغ قيمتها 200 مليار دولار بزيادة النسبة من 10-25%، وفي غضون ذلك قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن المباحثات تسير على ما يرام وأنها ستسفر عن اتفاقية عظيمة .
ومن شأن التوصل لاتفاق أن يقضي على التخوفات المحيطة بالتجارة العالمية، وتقوم المباحثات حول نقاط رئيسية وهي النقل القسري للتكنولوجيا، والسرقة الإلكترونية، وحقوق الملكية الفكرية، والخدمات، وخفض قيمة العملة كوسيلة للمنافسة التجارية، والزراعة، والقيود غير الجمركية على التجارة.
تحقيق أهداف التنمية المستدامة
وفيما يتعلق بالتخوف الثاني قال الصندوق إنه مازال هناك شكوك ومخاوف لدى عدد من المؤسسات الدولية من قدرة البلدان النامية واقتصادات السوق الناشئة على بلوغ أهداف التنمية المستدامة خلال عام 2030 لاسيما في ظل انخفاض معدلات النمو الاقتصادي دون المعدلات المطلوبة لبلوغ الغايات المنشودة نتيجة ظروف عدم اليقين التي تحيط بمسارات النمو االقتصادي العالمي، وعدم التوافق بشأن السياسات الاقتصادية، وتراكم المديونيات، واستمرار التفاوت في توزيع الدخول بما من شأنه التأثير على آفاق التنمية على المدى الطويل.
ولفت إلى أنه برغم تحسن أوضاع الاقتصاد العالمي خلال عامي 2017 و2018 ،إلا أن متوسط نصيب الفرد من الناتج قد تراجع في عدد من البلدان في وسط أفريقيا وجنوبها وغربها وفي غرب آسيا ومنطقة البحر الكاريبي وأمريكا اللاتينية حيث يعيش ربع السكان في فقر مدقع.
فعلى سبيل المثال، تُشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنه على الرغم من تحقيق معدلات متسارعة من النمو في أجزاء كبيرة من العالم، إلا أن هذا النمو لم يصل إلى الفقراء.
ولا يزال أكثر من 700 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر المدقع وهو ما يتطلب تحولات كبيرة تجمع ما بين تسريع وتيرة النمو، وخفض مستويات التفاوت في توزيع الدخل، وهو ما يستلزم على سبيل المثال رفع معدل النمو في أفريقيا إلى ما يفوق10% وهو ما يتجاوز معدلات النمو المحققة خلال الخمسين عامًا الماضية .
تراكم المديونيات العامة والخاصة
يُظهر تحليل لصندوق النقد الدولي أن الدين العالمي قد بلغ ذروته العام الماضي ليسجل 164 تريليون دولار، وهو ما يعتبر زيادة بنسبة 40% مقارنة بمستوى الدين العام الإجمالي المسجل عام 2007 ، وتعتبر الصين وحدها مسؤولة عن مسئولة عن 40% من هذه الزيادة.
من جانب آخر، ارتفع الدين العام في الاقتصادات المتقدمة إلى مستويات لم تشهدها منذ الحرب العالمية الثانية.
وعلى افتراض أن البنك المركزي الأمريكي سيعود لرفع معدلات الفائدة فإن الصندوق حذر من أن هذه الخطوة ستخلق ضغوطًا كبيرة على الأسواق الناشئة خلال الفترة المقبلة لاسيما في ظل استحقاق سندات وقروض دولارية بقيمة 500 مليار دولار في عام 2019 ،كما تشير تقديرات الأسواق إلى أن الاقتصادات الناشئة ستضطر إلى سداد أو إعادة تمويل مديونيات تقدر بنحو 2.7 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2025.
ضيق الأوضاع المالية
قال الصندوق إن اتجاه البنك المركزي الأمريكي لرفع العائد خلال العام الماضي بجانب التوترات التجارية ساهم في ضيق الأوضاع المالية وخروج رؤوس الأموال من الدول النامية والناشئة، وارتفاع تكلفة التمويل خلال 2019 و2020، وحدوث تقلبات في أسعار الفائدة والصرف في هذه الدول بما يستتبعه ذلك من تراجع معدلات النمو والإضرار بفرض تعافي الاقتصاد العالمي .
يشار إلى أن البنك المركزي الأمريكي تراجع عن اتجاهه لرفع أسعار الفائدة خلال العام الجاري متوقعًا استمرار التثبيت حتى آخر العام .
وفي خطوة من شأنها تقليل حدة المخاطر التي ذكرها التقرير أكد مجلس الاحتياطي الأمريكي أنه من المتوقع رفع تكاليف الاقتراض مرة واحدة فقط حتى عام 2021، ولم يعد يتوقع الحاجة إلى درء التضخم من خلال سياسة نقدية متشددة، بحسب وكالة رويترز.