كشفت دراسة صادرة عن صندوق النقد العربي حول «التقنيات المالية فى مجال الدفع الإلكترونى لقطاع التجزئة المصرفية» أن مصر تأتى فى المرتبة الأولى على مستوى عدد المنافذ التى تقدم خدمات الدفع الإلكترونى فى 8 دول عربية، بنحو 130 ألف منفذ، من إجمالى 178 ألف منفذ فى هذه الدول، أى تستحوذ على %73.
وأشارت الدراسة إلى أن عدد المعاملات السنوية التى نُفذت من خلال خدمات الدفع الإلكترونى لقطاع التجزئة فى الدول العربية وصل إلى 141 مليون معاملة خلال عام 2019، فى 8 دول عربية هى مصر والبحرين والجزائر وسوريا والعراق ولبنان وليبيا والمغرب، موضحة أن استخدام المحافظ الرقمية فى مجال الدفع الإلكترونى منتشر فى مصر التى تتصدر بنحو 15.3 مليون محفظة من إجمالى 21 مليون محفظة متوافرة فى هذه الدول، يليها البحرين بنحو 4 ملايين محفظة رقمية ومليون محفظة فى المملكة العربية السعودية.
وقال الصندوق إن الدراسة هى الدورية الأولى ضمن «مرصد التقنيات المالية فى الدول العربية» الذى يهتم برصد أبرز النماذج الناجحة فى مجال التقنيات المالية والقابلة للتوسع والتطبيق فى الدول العربية، وذلك فى إطار اهتمامات صندوق النقد العربى وفى سياق استراتيجيته الجديدة للفترة من 2020 إلى 2025.
وأوضحت الدراسة أن شركة بنوك مصر للتقدم التكنولوجى هى المسئولة عن توفير البنية الأساسية لنظم المدفوعات الإلكترونية على سبيل المثال شبكة بطاقات الخصم والصرافات الآلية 123 وغرفة المقاصة الآلية للمدفوعات EG-ACH وشبكة المدفوعات عبر الهاتف المحمول.
وقالت إن قابلية التشغيل البينى للأنظمة سواء على مستوى القطاع المصرفى أو على مستوى مزودى الخدمات المالية من خارج القطاع من أهم عوامل البنية التحتية المالية التى تساهم فى زيادة الشمول المالى الرقمي، وتعتبر قابلية التشغيل البينى هى القدرة على التحويل الإلكترونى للأموال ما بين حسابات العملاء فى المصارف المختلفة بعضها البعض، وبينها وبين المحافظ الإلكترونية لشركات الهاتف النقال من جهة أخرى.
وأكدت أنه مع مع دخول البنوك عصر الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول، فإن قابلية التشغيل البينى بين الحسابات المصرفية ومحافظ الهاتف المحمول منتشرة على نطاق واسع فى عدد من الدول العربية، فى حين لا يزال يتعين على الكثير من الدول بذل المزيد من الجهود على صعيد تشجيع قابلية التشغيل البينى ما بين المحافظ الإلكترونية لمزودى الخدمات المالية من خارج القطاع المصرفى.
ولفتت إلى أن نظم الدفع الإلكترونى فى بعض الدول العربية من بينها مصر تتسم بقابلية التشغيل البينى على مستوى القطاع المصرفى، كما تتسم بقابلية التشغيل البينى ما بين القطاع المصرفى ومزودى الخدمات المالية من خارج القطاع، كما تتيح أيضًا إمكانية التشغيل البينى ما بين مزودى الخدمات المالية من خارج القطاع المصرفى، مشيرة إلى أن السلطات الرقابية فى مصر والأردن والإمارات ولبنان والعراق والجزائر وسوريا والمغرب تقوم بتحفيز الخدمات المالية على اعتماد قابلية التشغيل البيني.
وتابعت الدراسة أن بعض الدول العربية تعتمد قابلية التشغيل البينى ما بين أنظمة الدفع الإلكترونى على مستوى الدولة، وعدد قليل منها يتسم بقابلية التشغيل البينى على مستوى الدفع الرقمى عبر الحدود بما يشمل كل من الأردن والإمارات ومصر والكويت، فيما لا تتسم نظم الدفع الإلكترونى بقابلية التشغيل البينى على مستوى التعاملات عبر الحدود فى باقى الدول.
وذكرت أن مصر إحدى 4 دول عربية توفر قابلية التشغيل البينى لأنظمة الدفع الإلكترونى بين القطاع المصرفى، وبين البنوك ومقدمى الخدمات المالية الآخرين، وكذل بين مقدمى الخدمات من خارج القطاع المصرفى، كما تتيح التعاملات المالية العابرة للحدود، موضحة أن مصر تتيح قابلية التشغيل البينى من خلال حلول الطرف الثالث وليس من خلال الاتفاقيات الثنائية بين مزودى الخدمات.
الأطر القانونية الداعمة للتقنيات المالية
وتناولت الدراسة أبرز عناصر الإطار القانونى الداعم لحلول التقنيات المالية فى مجال الدفع الإلكترونى فى قطاع التجزئة، من خلال قانون تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدى الصادر فى عام 2019 الذى ينص على: إلزام الجهات الحكومية بسداد المستحقات المالية للعاملين بها بوسائل الدفع غير النقدي، وإلزام الشخصيات الاعتبارية الخاصة بمختلف أنواعها بسداد مستحقات العاملين بوسائل الدفع غير النقدي، وإلزام جميع الجهات السابق الإشارة إليها بسداد مستحقات الموردين والمقاولين و مقدمى الخدمات وغيرهم من المتعاقدين معها بوسائل الدفع غير النقدي.
كما نص القانون على إلزام كافة الجهات التى تقدم خدمات عامة للجمهور أو تدير مرافق عامة، بأن تتيح للمتعاملين معها وسائل قبول للدفع غير النقدى فى جميع منافذ تحصيل مقابل الخدمة دون تكلفة إضافية.
وتناولت قيام البنك المركزى بتعديل قانون البنك المركزى رقم 88 لعام 2003 ليضم باب مخصص لنظم الدفع، يتيح للبنك المركزى مد مظلته الرقابية على شركات الدفع الإلكترونى والجهات غير المصرفية التى تقوم بتقديم خدمات الدفع، كما تم أيضا وضع إطار قانونى لاستخدام التقنيات المالية مثل العملات الرقمية أو المشفرة مما يتيح للبنك المركزى زيادة قدرته الرقابية والتنظيمية على التعامل مع هذه الأدوات، وأيضا دعم الأفكار الخاصة بالتقنيات الرقمية، وتنظيمها وتوفير بيئة اختبارية لتحفيز هذه الأفكار والحلول المبتكرة مما يتيح الفرصة للبنك المركزى لإصدار موافقات مبدئية للتشغيل التجريبى لمثل هذه المنتجات تمهيدا لوضع قواعد لتنظيمهابعد التأكد من سلامتها وآليات مراقبتها.
وأشارت إلى أن السلطات الرقابية فى مصر قدمت عددًا من الحوافز لتشجيع نشاط شركات التقنيات المالية فى مجال حلول الدفع بالتجزئة، حيث ينص القانون الجديد على إمكانية منحها إعفاءات فيما يتعلق بمتطلبات الترخيص للشركات الناشئة، وإنشاء المختبر التنظيمى لتطبيقات التقنيات المالية (Sandbox Regulatory) لمساعدة الشركات الناشئة فى تقديم أنشطتها فى بيئة رقابية حاضنة، وتحديد أهم متطلبات و تحديات السوق المصرية ونشرها على منصة التقنيات المالية، إضافة إلى رعاية العديد من مسابقات التقنيات المالية.
كما تتبنى مصر تدابير لتعزيز دور شركات التقنيات المالية فى مجال حلول الدفع بالتجزئة فى زيادة مستويات الشمول المالي، ذلك بما يشمل إنشاء منصة التقنيات المالية Egypt FinTech لربط كافة أطراف منظومة التقنيات المالية وتسهيل التواصل معهم، لكن الدراسة أشارت إلى أن هناك تحديًا حقيقيًا يواجه شركات الدفع الإلكترونى وهو انخفاض التثقيف المالى وصعوبات النفاذ إلى التمويل.
جهود تمكين شركات التقنيات المالية فى مجال الدفع الإلكتروني
على صعيد الجهود التى قامت بها السلطات الرقابية لتمكين شركات التقنيات المالية فى مجال حلول الدفع بالتجزئة من مواجهة التحديات السابق الإشارة إليها، تضمنت هذه الجهود ما يلي:
القيام بحملات للتوعية بخدمات التقنيات المالية، والعمل على تدريس المناهج المرتبطة بها فى الجامعات، وإنشاء شركة قابضة للاستثمار فى مجالات البنية التحتية لخدمات التقنيات المالية، وإنشاء صندوق دعم الابتكارات بهدف تمويل شركات التقنيات المالية الناشئة، وإنشاء لجنة المدفوعات عبر الهاتف المحمول Mobile Payment Committee برئاسة البنك المركزى وعضوية الجهات الرقابية ذات الصلة بهدف تيسير إصدار تراخيص شركات الدفع الإلكترونية، وكذلك إنشاء لجنة التقنيات المالية (FinTech Committee )برئاسة البنك المركزى وعضوية الجهات الرقابية ذات الصلة بهدف تيسير وإصدار تراخيص شركات التقنيات المالية، بالإضافة إلى إنشاء مركز التقنيات المالية، الذى يعمل بمثابة بيئة حاضنة لكافة شركات التقنيات المالية فى مصر.
وقالت الدراسة إن الخدمات المالية التى تقدمها شركات الدفع الإلكترونى لقطاع التجزئة فى كل من مصر ولبنان والإمارات والكويت والجزائر وليبيا وسوريا هى دفع الفواتير ورسوم الخدمات الحكومية والتحويلات المالية داخل حدود الدولة، والتجارة الإلكترونية ودعم التعاملات البنكية، والوكالة البنكية لبعض الخدمات، وأنظمة تحويل وحماية الرواتب.
تجربة شركة فورى للمدفوعات الإلكترونية
واستعرضت الدراسة تجربة شركة فورى للمدفوعات الإلكترونية التى بدأت فى مصر منذ 9 سنوات وتتيح طرقًا للدفع للشركات والأفراد، من خلال شبكة متنوعة من أجهزة الصراف الآلى ومحافظ الهاتف المحمول والمنافذ التجارية بجانب طرق الدفع عبر الإنترنت، حيث تقدم شركة فورى 250 خدمة مالية فى مجال الدفع الإلكتروني.
وتابعت الدراسة أن شركة فورى تساهم فى زيادة كفاءة نظم الدفع الإلكترونى بالتجزئة من خلال قاعدة أجهزة نقاط البيع المتوافقة مع المعايير العالمية، وهو ما ساهم فى ارتفاع كبير لأعداد المستفيدين من خدمات الشركة لتتجاوز 25 مليون عميل من الأفراد والشركات، بالتالى زيادة مستويات الشمول المالى، حيث توفر الشركة خدماتها من خلال أكثر من 141 ألف نقطة خدمة فى 300 مدينة تغطى كل المناطق الحضرية فى مصر. ساهمت سرعة انتشار الخدمة وجودتها فى ارتفاع حجم العمليات المالية إلى أكثر من 53 مليار جنيه.
وأكدت الدراسة أن سوق التقنيات المالية الحديثة شهدت نموًا بارزًا خلال السنوات الأخيرة، ليرتفع الاستثمارات فى التقنيات المالية على مستوى العالم من 19 مليار دولار عام 2013 لنحو 130 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الماضي، موضحة أن مجلس الاستقرار المالى يصنف التقنيات الحديثة فى خمس مجموعات رئيسية تشمل خدمات المدفوعات والمقاصة والتسوية والثانية تتضمن خدمات الإيداع والاقتراض وحشد التمويل، الثالثة خدمات التأمين، الرابعة خدمات إدارة الاستثمار الخامسة خدمات دعم السوق.