صندوق النقد الدولى: الاقتصاد المصرى حقق نمواً إيجابياً خلال 2020 لتنوعه النسبى واستجابة الحكومة للأزمة فى الوقت المناسب

القطاع المصرفي «حجز الزاوية» فى الصمود أمام الوباء

صندوق النقد الدولى: الاقتصاد المصرى حقق نمواً إيجابياً خلال 2020 لتنوعه النسبى واستجابة الحكومة للأزمة فى الوقت المناسب
يحيى ياسين

يحيى ياسين

6:53 ص, الخميس, 5 أغسطس 21

لعب القطاع المصرفى المصرى دورًا قويًا فى دعم الاقتصاد المصرى خلال أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد؛ عبر المبادرات الداعمة والتمويلية التى أطلقها البنك المركزى المصرى بهدف مواجهة تداعيات الوباء. 

وتبنى البنك المركزى 18 إجراءاً للحد من آثار الجائحة من بينها تخفيض أسعار العائد لتحفيز الاقتصاد على النمو، وتأجيل كافة الاستحقاقات الائتمانية للعملاء من المؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة والأفراد، وتخفيض سعر العائد على بعض المبادرات التمويلية، وإطلاق مبادرة لدعم القطاع السياحى، ومبادرة أخرى لتمويل القطاع الخاص الصناعى والقطاع الزراعى وقطاع المقاولات بمبلغ 100 مليار جنيه بسعر فائدة %8 متناقصة.  

ونشر صندوق النقد الدولى مؤخرًا تقريرًا تناول فيه الوضع الاقتصادى فى مصر عقب جائحة «كورونا»، موضحًا أنه على غرار الوضع فى معظم الأسواق الصاعدة، مثّلت جائحة «كوفيد19-»» صدمة للاقتصاد المصرى، والتى سرعان ما انعكست تداعياتها عبر التوقف المفاجئ لقطاع السياحة الذى عادة ما يُسهم بنحو %12 من إجمالى الناتج المحلى، ويوفر %10 من فرص العمل، و%4 من إجمالى الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية.

وأوضح أنّه رغم انسحاب المستثمرين من الأسواق الصاعدة بحثًا عن الاستثمار الآمن، إلا أنّ الاقتصاد المصرى حقق معدل نمو موجب خلال 2020 ضمن الأسواق الصاعدة القليلة التى نجحت فى مواجهة تبعات انتشار الجائحة؛ لتنوعه النسبى، فضلًا عن استجابة الحكومة للأزمة فى الوقت المناسب.

وليد ناجى: القطاع يقوم بأدوار متنوعة فى دعم الاقتصاد ويحافظ على أموال وثروات الشعب

وقال وليد ناجى، نائب رئيس البنك العقارى المصرى العربى، إن القطاع المصرفى يقوم بعدة أدوار متنوعة فى دعم الاقتصاد المصرى، موضحًا أنّ الدور الأكبر يتمثل فى الحفاظ على الأموال وثروات الشعب واستثمارها فى القطاعات الأنسب والتى تُدر أرباحًا للجميع.

وأوضح أنّ البنك المركزى تفاعل مع الأزمة بعدة مبادرات، تمثّلت فى تأجيل سداد القروض وإلغاء مصاريف السحب من الماكينات الآلية، فيما دعّم المستثمرين إلى أقصى مستوى للحفاظ على استقرار السوق.

وتابع أنّ المركزى لا يزال يمتص الصدمة عن القطاع السياحى، بالإضافة لدعم العمالة الحرة وتشجيع البنوك على تسوية أغلب القروض المتعثرة ودعم العملاء بل وتسخير كافة إمكاناتها لتذليل العقبات أمام اجتياز الأزمة.

وأشار ناجى إلى أنّ محافظ الائتمان لدى البنوك لم تتأثر بالجائحة، فضلًا عن تحقيقها لمعدلات نمو؛ نتيجة ثقة المواطنين فى القطاع المصرفى وجودة المصارف المختلفة باعتبارها أكثر مؤسسية وتنظيمًا.

وأردف أنّ عملية الإغلاق الجزئية التى تبنتها الحكومة خلال الموجات الأولى من الجائحة، أتت بثمارها فى تماسك الاقتصاد واستمرار عجلة التنمية، موضحًا أنّ السوق المصرية لا تتحمل الإغلاق الكامل باعتبارها من الأسواق الصاعدة رغم ريادتها فى المنطقة.

وأكد تقرير صندوق النقد أنّ مصر دخلت أزمة «كوفيد19-» مسلحة بهوامش كبيرة، بفضل الإصلاحات التى نفذتها منذ عام 2016 لتسوية الأزمات الاقتصادية الكلية، من خلال اتفاقات اقتصادية محلية ودولية متنوعة، والتى شملت تعويم سعر الصرف، وضبط أوضاع المالية العامة لتخفيض الدين العام، وإصلاح دعم الطاقة لمعالجة أحد المخاطر المالية الرئيسة، وإتاحة حيز للإنفاق الاجتماعى، والإصلاحات الهيكلية لتقوية مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات وزيادة فرص العمل، لاسيما أمام الشباب والنساء.

وبحسب التقرير تمكنت الحكومة من الاستجابة للأزمة عبر وضع خطة دعم شاملة مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادى، حيث قدمت دعمًا ماليًا لمؤسسات الأعمال والعاملين فى القطاعات الأشد تضررًا، مثل: السياحة والصناعات التحويلية، وتأجيل سداد الضرائب، وتوسيع برامج التحويلات النقدية إلى الأسر الفقيرة والعاملين غير النظاميين.

وخفض المركزى أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 400 نقطة أساس خلال العام الماضى، ليتراجع سعر الفائدة على الودائع لليلة واحدة من %12.25 إلى %8.25 لدعم النشاط الاقتصادى وتخفيف الضغوط فى الأسواق المالية المحلية.

وطبقا لصندوق النقد، أطلق البنك المركزى عدة مبادرات لتخفيف الضغوط على المقترضين وضمان توفر السيولة للقطاعات الأشد تأثرًا، منها زيادة إمكانات الحصول على ائتمان بأسعار فائدة تفضيلية وتأجيل سداد الاستحقاقات الائتمانية القائمة لمدة ستة أشهر، حيث كانت تلك التدابير الاستثنائية على مستوى القطاع المالى مهمة لضمان سلاسة تدفق الائتمان فى الاقتصاد.

محمد عبدالعال: «المركزى» اتبع سياسة فائقة التيسير فى ضخ الأموال للشركات المهددة بالإغلاق

وقال محمد عبدالعال، الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس السابق: إنّ القطاع المصرفى ساهم فى إنجاح تخطى الأزمة فى أعقاب برنامج الإصلاح الاقتصادى المطبق منذ 2016، موضحًا أن البنك المركزى طور إطلاق البرنامج الثانى للإصلاح فى إطار خطة التنمية المستدامة 2030.

وأوضح أنّ المركزى لعب دورًا رئيسًا فى ضخ الأموال للشركات المهددة بالإغلاق إثر تبعات انتشار الجائحة، والذى اتبع سياسة نقدية فائقة التيسير على حد وصفه، إذ خفض سعر الفائدة بمعدل 300 نقطة أساس خلال العام الماضى لأول مرة ودفعة واحدة والذى تبعها تخفيضها مرات متعددة.

وأكّد أنّ إلغاء المركزى للقوائم السوداء للشركات والأفراد، فضلًا عن إعفاء البنوك من زيادة رأس المال الرقابى لمواجهة مخاطر التركز الائتمانى لأكبر 50 عميلا، ساعدا فى دعم الاقتصاد بشكل غير مباشر.

وتابع عبدالعال أنّ القطاع المصرفى توسع بشكل كبير فى تقديم معظم خدماته بشكل آلى وإلكترونى خلال انتشار الجائحة، الأمر الذى يُعد إسهامًا مجتمعيًا وتوعويًا بالإضافة للإسهامات المالية، فيما قام المركزى بتفعيل دور شركة ضمان مخاطر الائتمان فى مبادرة لدعم القطاعات الاقتصادية المختلفة.

ويرى أنّ القطاع المصرفى نجح فى تضمين المزيد من العملاء الغير مصرفيين داخله خلال فترة انتشار الجائحة، وذلك ضمن استراتيجية الدولة للشمول المالى، مما ساعد فى رفع المحافظ الائتمانية للبنوك، فضلًا عن توسع مختلف البنوك فى دعم وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة تنفيذًا لتعليمات البنك المركزى.

محمد أبوباشا: سخر كل أدواته المتاحة لتدعيم السوق بشكل عام

وقال محمد أبو باشا، نائب رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار هيرميس، إنّ خفض معدلات الفائدة نسبيًا من قبل البنك المركزى كان له أثر واضح فى استقرار السوق، مشيدًا بتحفيزه للبنوك فى تأجيل الأقساط.

وأوضح أن القطاع المصرفى بمبادراته المتنوعة مثل طرح إمكانية الإقراض بأقل عائد ممكن نحو %8، وتحفيز القطاعين الزراعى والصناعى ومبادرات الإسكان الاجتماعى، ساعد بشكل رئيس فى تدعيم الاستقرار الاقتصادى الحالى.

وأكّد أنّه يُسخر كل أدواته المتاحة لتدعيم السوق، حيث عملت البنوك على تسهيل معظم المعاملات المصرفية وتجهيز إمكاناتها لمساعدة العملاء والمحافظة على معدلات النمو بالرغم من انهيار معظم الاقتصادات الكبرى وتأثرها الحاد بتبعات انتشار الجائحة، فيما كان من المتوقع أن يقفز معدل النمو بوتيرة متسارعة قبيل «كورونا».

وتابع التقرير أن صندوق النقد الدولى قدم دعمًا ماليًّا قدره 8 مليارات دولار من خلال خطة تقوم على ركيزتين لمساعدة مصر على تلبية الاحتياجات المالية التى نتجت عن الجائحة، وقدمت أداة التمويل السريع مساعدة مالية طارئة قدرها 2.8 مليار دولار فى مايو 2020؛ لضمان توفر نقد أجنبى كافٍ لدى المركزي؛ لتمويل الواردات والاحتياجات الأخرى الضرورية، فيما أتاح اتفاق الاستعداد الائتمانى (SBA) للحكومة الحصول على موارد بلغ مجموعها 5.4 مليارات دولار أمريكى على مدى الاثنى عشر شهرًا اللاحقة.

ولفت إلى أن اتفاق الاستعداد الائتمانى ساعد الحكومة فى المحافظة على الاستقرار الاقتصادى، وإعادة بناء الاحتياطيات الدولية لاستعادة الهوامش التى سحبت منها بغرض التصدى للأزمة، والتقدم فى تنفيذ أهم الإصلاحات الهيكلية، مثل تعزيز الموارد العامة، وزيادة شفافية المالية العامة والحوكمة، وتحقيق تقدم فى القوانين لتحسين بيئة الأعمال، بغية وضع مصر على مسار للتعافى القوى والاحتوائى. 

منى بدير: نجح فى دعم القطاعات الأخرى التى امتصت الصدمات الكبرى فى أعقاب انتشار الوباء

وقالت منى بدير، المحلل ببنك الاستثمار برايم: إن «القطاع المصرفى يمثل إحدى الدعائم والركائز الرئيسة لدعم الاقتصاد المصرى فى مواجهة الأزمات وليست جائحة «كورونا» فحسب، موضحةً نجاح دوره فى دعم القطاعات الأخرى التى امتصت الصدمات الكبرى فى أعقاب انتشار الموجات الأولى.

وأوضحت أنّ مؤشرات السلامة المالية للقطاع المصرفى كانت قوية بما يكفى لتمويل الاقتصاد لتخطى الأزمة، فيما نجحت البنوك فى امتصاص الهلع الشعبى فى تأصيل أموالهم مقومة بالدولار عن طريق طرح شهادات بعائد مرتفع.

وأشارت بدير إلى أنّ المصارف عادة ما تدفع بمخصصاتها المالية الكبيرة لمواجهة الأزمات، موضحة أنّها نجحت فى تأدية دورها بشكل فعّال خلال الجائحة والذى بدا جليًا فى أرباح بعض البنوك.

وتجدر الإشارة إلى أن السياسات الاقتصادية نجحت -فى ظل برنامج الإصلاح- فى إبقاء الدين العام فى مستوى يحفظ ثقة المستثمرين، فيما أبدى الاقتصاد صلابة، ومن المتوقع أن ينمو بنحو %5.2 خلال العام المالى الجارى، وفقا لتقرير صندوق النقد.

وأكد التقرير أنه يتعين على الحكومة فى المرحلة القادمة، الحفاظ على الاستقرار الاقتصادى وتخفيض الدين العام، والتركيز على الإصلاحات الهيكلية لتشجيع النمو بقيادة القطاع الخاص، مثل: سياسات زيادة الإيرادات لتمويل السلع العامة الحيوية بما فيها الصحة والتعليم وشبكات الأمان الاجتماعى، وتعزيز الحوكمة والشفافية، ومواصلة تطوير الأسواق المالية.