تشهد صناعة تأسيس صناديق متخصصة للاستثمار فى الذهب منذ سنوات طويلة مساع جادة من بعض المستثمرين والكيانات المحلية، إلا أن جميعها لم تُكلل بالنجاح حتى وقتنا الحالى.
بنك مصر وشعبة الذهب بوزارة التموين لديهما نوايا مبدئية
كما شهدت الفترة الماضية محاولات جديدة للتأسيس كان على رأسها بنك مصر، الذى كشف مؤخرًا عن نيتهُ لتأسيس صندوق للاستثمار فى الذهب بالسوق المحلية، سبقهُ مُقترح كان قد تم طرحهُ من جانب شعبة الذهب بوزارة التموين لتأسيس صندوق للاستثمار بذلك الوعاء أيضًا، هذا إلى جانب محاولات أخرى لمستثمرين آخرين فى السوق المحلية.
كان «بنك مصر» كشف حديثًا عن إجراءات مبدئية لتأسيس أول صندوق للاستثمار فى الذهب فى السوق المحلية، يهدف لتحقيق عوائد استثمارية مماثلة لتحركات أسعار الذهب بشكل يومي، فيما كانت شعبة صناعة الذهب قد طرحت مقترحًا بتأسيس صندوق للاستثمار فى الذهب وتم مناقشتهُ مع مسئولى وزارة التموين سابقًا.
حاولت «المال» رصد أراء مجموعة من الخبراء لجدوى هذه النوعية من الصناديق، وما أبرز العوائق التى تواجهها وخاصة فى ظل عدم نجاح أى من التجارب السابقة؟، هذا إلى جانب معرفة مدى تأثيراتها الإيجابية على السوق المحلية.
وأشاد الخبراء بتلك النوعية من الصناديق الاستثمارية، لافتين إلى أنها أحد أهم الصناعات المطروحة على الساحة العالمية، وخاصة فى ظل تفضيل عدد من كبار المستثمرين ضخ أمولهم بها، فيما اعتبروا أنهُ لا يوجد أى من المبررات بوقتنا الحالى لعدم تواجدها محليًا.
خبراء: طرح الوثائق فى البورصة المصرية خطوة هامة لتسهيل عمليات التخارج
وقالوا أن روتينية الموافقات تُعد هى العائق الوحيد أمام خروج تلك الصناعة للنور إلى جانب أزمات التخزين، معتبرين أن البدء فى تأسيس صناديق متخصصة للاستثمار فى الذهب وطرح وثائقها للتداول فى البورصة المصرية من أهم العوامل لإثراء سوق الأسهم وزيادة قيم تداولاته.
بداية قال هانى توفيق خبير سوق المال، إنهُ كان صاحب التجربة الأولى لتأسيس صندوق للاستثمار فى الذهب بعام 2010 إلا أن محاولاتهُ للتأسيس باءت بالفشل.
ولفت إلى أنهُ أجرى بتلك الفترة الكثير من المحاولات الجادة لتأسيس صندوق للاستثمار فى الذهب بعام 2010، فيما كانت روتينية الموافقات هى التى أوقفت تلك المحاولات، مشيرًا إلى أن المعضلة حينها كانت تكمن فى شراء الذهب من الخارج بأموال محلية أى خروج أموال.
وأشار توفيق إلى أن الذهب يُعد أحد أهم الأوعية الإدخارية المتواجدة بأسواق المال، كما أنهُ جاذب لشريحة كبيرة من المستثمرين، وبالتالى فإن التوجه لتأسيس صناديق متخصصة للاستثمار به هو خطوة جيدة ستعمل على إثراء السوق.
وأضاف أن مخزون الذهب خلال الفترة الحالية لدى البنك المركزى المصري، من الممكن أن يكون أحد أهم مقومات نجاح تلك النوعية من الصناديق.
وفسر هانى توفيق أن صناديق الذهب هى عبارة عن كيان متخصص للاستثمار فى الذهب بطرح وثائق بقيم معينة وتُحقق عائد وفقًا لحركة أسعار الذهب العالمية، لافتًا إلى أن تلك الصناديق ستُفيد شريحة صغار المستثمرين أكثر من غيرها.
ولفت إلى أن العُرف لدى صغار المستثمرين جرى بإدخار أمولهم فى الذهب من خلال شراء حِنيهات ذهبية ما يعرضهم لدفع مصنعية وغيرها، فيما أن شراء الوثيقة من صندوق الاستثمار المخصص للذهب ستخلو من ذلك وبالتالى فهى أكثر فائدة.
وأضاف خبير سوق المال، أنهُ حال تأسيس صندوق للاستثمار فى الذهب بشكل فعلى فيجب طرح وثائقهُ للتداول فى البورصة المصرية لتسهيل عمليات البيع والشراء، كما أنهُ سيعمل على إثراء سوق الأسهم.
وبشكل عام قال هانى توفيق، إن السوق المحلية تعانى من شح نوعية الصناديق المتخصصة سواء أكانت فى العقارات أو الذهب أو أى من الأوعية الادخارية الأخرى.
إيهاب السعيد: غيابها حرم السوق من استفادة كبيرة خلال السنوات الماضية
من جانبه أشاد إيهاب السعيد رئيس قسم التحليل الفنى بشركة أصول لتداول الأوراق المالية، بالمساعى الحالية لتأسيس صناديق للاستثمار فى الذهب.
ولفت إلى أن الاستثمار فى الذهب والدولار كان الوجهة الاستثمارية الأكثر إقبالاً من جانب المستثمرين فى السوق المحلية وخاصة فى فترة ما قبل 2016.
وقال السعيد إن عددا من المستثمرين المحليين لجأوا فى فترات سابقة، لشراء وثائق بصناديق استثمار فى الذهب بدول خارج مصر، وهو ما يوضح حجم الطلب على تلك النوعية وخاصة إن تم إدراجه بالبورصة المصرية.
وأضاف أن التأخر فى تأسيس وإنشاء نوعية صناديق الاستثمار فى الذهب حرم السوق من استفادة كبيرة وخاصة فى ظل الطفرات التى حققها المعدن بأسعارهُ العالمية خلال السنوات الماضية.
وتوقع أنهُ فى حال إطلاق صندوق للاستثمار فى الذهب محليًا سيلاقى نجاحًا غير مسبوق، موضحًا أن العائد على الاستثمار به مرتبط بالسعر العالمى للمعدن ولا يمكن تحديده.
ولفت إلى إنهُ لا يوجد فى السوق أى مبرر لعدم تواجد تلك النوعية المتخصصة من الصناديق حتى وقتنا الحالي، على الرغم من تواجدها فى العديد من أسواق المال المجاورة.
وقال ياسر عمارة رئيس مجلس الإدارة بشركة «إيجل للاستشارات المالية»، إن التفكير فى إنشاء صناديق متخصصة بالسوق المحلية ارتفع بشكل واضح مع بداية العام الجارى 2021، جراء ظهور رغبة من المستثمرين فى تنويع أوعيتهم الادخارية بما يؤمنهم من أى مخاطر مفاجئة.
ولفت إلى أن صناديق الاستثمار المتخصصة بشكل عام، عادة ما تلاقى نجاحا كبيرا مقارنة بغيرها، متوقعًا أن تلاقى صناعة صناديق الاستثمار فى الذهب نجاحًا كبيرا حال طرحها بشكل فعلى.
وأشار عمارة إلى أن الحديث عن تأسيس نوعية الصناديق تلك ظهر الحديث عنها مجددًا عقب إقرار تعديل قانون الثروات المعدنية وهو ما سيفتج المجال بشكل أكبر للتنقيب عن الذهب، مُرجحًا أن تتضمن الصناديق الجديدة كافة المراحل الخاصة بالمنتج.
تجدر الإشارة إلى أن الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء أصدر بمنتصف شهر إبريل لعام 2019، قراراً باللائحة التنفيذية لقانون الثروة المعدنية، الذى يعتبر نقلة مؤثرة فى مجال التعدين والبحث عن المعادن والاستثمار فى مصر، وبموجبه تغيرت العديد من القوانين التى كانت تمنع المستثمر من العمل فى الدولة، وجاءت هذه التعديلات بعد إصدار قانون الثروة المعدنية عام 2014.
كانت الحكومة المصرية طرحت سابقًا مناقصة لجذب شركات للتنقيب عن الذهب فى مصر وفازت بها حوالى 11 شركة محلية وعالمية.
وأشار ياسر عمارة إلى إن الذهب بشكل عام يُعد أحد الأوجه الاستثمارية الآمنة وعنصر جاذب لشريحة كبيرة من المستثمرين، وخاصة فى وقت الأزمات.
ولفت إلى أن العوائق الحالية أمام تلك الصناعة تتمثل فى صعوبة الموافقات من جانب الجهات المختصة، موضحًا أنهُ قد تظهر مشاكل اخرى وتحديات جديدة حال إقدام أى من الكيانات على تأسيس صندوق للاستثمار فى الذهب بشكل فعلى.
وقال إن قانون رأس المال 95 لعام 1992 نص صراحة على ضوابط تأسيس صناديق الاستثمار المتخصصة، إلا أن تلك القرارات والضوابط الإجرائية أمر مهم.
وأضاف أن وجود صناديق متخصصة للاستثمار فى الذهب سيكون لها مردود ايجابى على أداء السوق، وخاصة أنها ستُفيد المستثمرين فى تنويع أوعيتهم الادخارية قدر الإمكان، إلى جانب أنها ستكون مصدرا من مصادر التمويل الجديدة.
محمد حسن: أزمة التخزين تحدى محتمل أمام مؤسسيها
وقال محمد حسن العضو المنتدب بشركة «بلوم للاستثمارات المالية»، إن السوق المحلية لا يوجد بها بورصة لتداول معدن الذهب كما هو موجود بالأسواق العالمية.
وأشار إلى أن التوجه لتأسيس نوعية متخصصة للاستثمار بمعدن الذهب توجه محمود، لافتًا إلى أن التخزين للمعدن يُعد أحد العوائق التى من الممكن أن تواجه مؤسسى الصناديق وأيضًا سُبل تخارج المستثمرين به.
وأضاف حسن أنهُ لتسهيل عمليات دخول وخروج المستثمرين، من الممكن أن يتم طرح وثائق الصندوق فى البورصة المصرية لافتًا أنها ستجذب شريحة جديدة حال طرحها.
فيما تفاءل بشأن الكيانات التى أعلنت نيتها لتأسيس صناديق استثمار للذهب فى السوق المحلية، متوقعًا أن يشهد السوق أول صندوق للاستثمار فى المعدن قريبًا.