حسنًا، أن يلتئم قبل القمة العربية الدورية.. الاجتماع غير العادى لوزراء الخارجية العرب، لمعاودة بحث القضية الفلسطينية، المتفق على مركزيتها- عربيًّا وإقليميًّا ودوليًّا- ولاستئناف المطالبة بحقوق مشروعة تلكأ الإجماع على تسويتها بموجب إعلان دولة فلسطينية على حدود 1967- عاصمتها القدس الشرقية، ذلك بعد أن تبعثرت الجهود العربية بشأنها لسنوات منذ منتصف تسعينيات القرن الماضى، إلى أن أصدرت الإدارة الأميركية فى عام 2017 آخر مبادراتها للسلام فى الشرق الأوسط، المعروفة إعلاميًّا بـ«صفقة القرن»، التى طواها الاجتماع الوزارى العربى الأخير، من بعد أن انقسم العالم العربى إزاءها بين القبول والرفض، فيما تلقت إسرائيل من خلالها الاعتراف الأميركى بضم القدس والجولان المحتلتين إلى سيادتها، بجانب العزم على اقتطاع أجزاء من أراضى الضفة الغربية إليها، ناهيك عن اعتراف دول عربية بها، سرعان ما أحجمت فى الهرولة عن التطبيع لما تكشف لها عن غموض النوايا الإسرائيلية بشأن تسليحها، كما بالنسبة لمستقبل الدولة الفلسطينية، ما دعاها إلى رفض استقبال رئيس الحكومة الإسرائيلية فى أراضيها، ولتؤكد من خلال وزراء الخارجية العرب 8 فبراير الحالى.. مسار «حل الدولتين»، مع دعوة الأطراف الدولية للانخراط فى التسوية على أساسه، يدفعهم إلى ذلك التنبّه إلى مكامن الخطر عن التطورات الإقليمية والدولية لغير صالح الغرب، وهى الساعية منذ أوائل القرن الماضى إلى ضم أقطار عربية داخل كيانات إقليمية أكبر، تعمل فى إطار قوى أجنبية لملء الفراغ فى الشرق الأوسط بالتحالف مع وكلاء إقليميين (سايكس بيكو- وعد بلفور- اتحاد دول الهلال الخصيب MEC– حلفيْ بغداد والسنتو، ومن مشروع أيزنهاور إلى الشرق الأوسط الموسع.. إلخ)، قبل «الربيع العربى» 2011 كآخر إرهاصاتهم لسحق كيان المنظومة العربية، لولا أن حالت الثورة المصرية 2013 / 2011 دون امتداد مخططهم نحو السعودية ودول الخليج وسائر المنطقة العربية، بما فى ذلك تأكيد صمود سوريا، الحليف الإستراتيجى لمصر ضد محاولات إسقاطهما، إلى أن استأنفت دمشق مؤخرًا استقبال موفدين عن الجامعة العربية بالتوازى مع عملية انتقال سياسى جارية إزاء إعادة إعمار سوريا، إلى جانب ثمة دعوات من جانب إدارة «بايدن» لإقرار سياسات تجاهها، وعلى نحو قد يؤدى إلى علاقات دبلوماسية بين الجانبين، قد تضع نهاية لتدخلات حلفاء أميركا فى الأزمة السورية، الأمر الذى قد يحدد عودة سوريا إلى عضوية الجامعة العربية، ربما فى القمة القادمة، ما سوف يقلص على الأرجح ثقل اليد الإيرانية على القرار السياسى الداخلى فى كل من سوريا ولبنان و(العراق)، مما يفتح الأبواب لديهم للانضمام إلى «المشرق الجديد»، بجانب كل من مصر والأردن والعراق، بوصفها منظومة إستراتيجية اقتصادية مستحدثة فى العام الأخير، لدعم التنسيق بين الدول المشرقية الثلاث، إلى جانب دفع الزخم السياسى بين الضفتين الشرقية والغربية لنهر الأردن، ناهيك عن التنسيق الذى تتصدره مصر دفاعًا عن الأمن القومى لدول الخليج، ومن دون استثناء مغزى وصول الأخيرة إلى مدار حول كوكب المريخ كبداية لنهضة علمية فى المنطقة العربية، وبحيث يتركز ما سبق مع اعتزام الإدارة الأميركية الجديدة توجيه جهودها نحو «حل الدولتين»، فى الوقت الذى تختلف مع الإدارة الإسرائيلية بشأن سيادة الأخيرة على هضبة الجولان السورية المحتلة، وليس آخرًا بالنسبة لاحتمالات إنهاء الانقسام بين الفلسطينيين، سواء عبر فتح صفحة جديدة مع المحيط العربى، أو سواء من حيث الاتفاق الوطنى فيما بينهم حول آليات الانتخابات المرتقبة الفلسطينية.
ما سبق غيض من فيض بشأن تطورات محلية وإقليمية ودولية.. تبادر المنظومة العربية باتخاذها على الصعد الفردية والثنائية والجماعية للتعامل معها بصلابة مشهودة سوف تؤدى إلى صفحة جديدة فى المحيط العربى.