سيطرة حركة طالبان السريعة على أفغانستان يثير مخاوف تفشي الإرهاب لدى روسيا والصين وغيرهما، إذ إن انسحاب الجيش الأمريكي من هناك يخل بتوازن القوة في جنوب آسيا، بحسب وكالة بلومبرج.
وفر ما لا يقل عن ألف جندي أفغاني الأسبوع الجاري إلى طاجيكتسان، مما دفع إلى رفع حالة التأهب هناك، وتم استدعاء عشرين ألف جندي لحماية الحدود مع أفغانستان.
مخاوف تفشي الإرهاب بعد سيطرة طالبان
وأشارت وكالة بلومبرج إلى سعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحصول على تأكيدات من طالبان باحترام الحركة حدود دول منطقة وسط آسيا التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي، بينما قالت باكستان المجاورة إنها لن تفتح حدودها امام اللاجئين.
وحذر وزير الخارجية الصيني وانج وي الأسبوع الماضي من أن المهمة الأكثر أهمية في أفغانستان باتت ” المحافظة على الاستقرار ومنع الحرب والفوضى”.
ويخطط الوزير الصيني للسفر إلى آسيا الوسطى الأسبوع القادم لإجراء محادثات بخصوص أفغانستان.
ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الصيني وانج وينبن اليوم الجمعة الانسحاب الأمريكي بأنه كان متعجلا، وأضاف أن واشنطن يجب عليها احترام التزاماتها بخصوص “منع تحول أفغانستان لتصبح ملاذا للإرهاب مجددا”.
وأضاف: “هرولت الولايات المتحدة إلى سحب قواتها من أفغانستان، تاركة الشعب الأفغاني في حالة من الفوضى، مما يفضح حجة الدفاع عن الديمقراطية”.
وقال فان هونجودا الاستاذ بمعهد دراسات الشرق الأوسط لدى جامعة شنغهاي للدراسات الدولية إن الفوضى في أفغانستان ستمتد إلى بلدان أخرى وستقود إلى فوضى على المستوى الإقليمي.
وأردف: “الصين لا تريد أن تضطلع بتأدية مهام الدور الأمريكي، لكنها تأمل في تسريع التوصل إلى السلام والاستقرار في المنقطة لأن لديها مصالح في المنطقة”.
سيطرة متزايدة لطالبان
وتسيطر حركة طالبان حاليا على 204 من 407 منطقة، صعودا من 73 منطقة في بداية شهر مايو، بينما تسيطر الحكومة الأفغانية على 74 منطقة. ويتنازع الطرفان السيطرة على بقية المناطق، بحسب بيانات جمعتها صحيفة لونج وور جورنال.
وينذر الصعود السريع لحركة طالبان بانهيار الحكومة والجيش الأفغاني، في تكرار لسيناريو وقع في تسعينات القرن الماضي بعد انسحاب الاتحاد السوفيتي.
وبينما تسعى الولايات المتحدة لمنع القاعدة من استعادة موطئ قدم لها في أفغانستان، فإن العواقب تبدو وخيمة بالنسبة للبلدان الست المجاورة لها. وهناك بلدان قريبة أيضا مثل الهند كانت مستهدفة بشكل متكرر من الجهاديين.
مخاطر تفشي عدوى الإرهاب كانت واضحة في أبريل الماضي عندما انفجرت قنبلة في فندق فاخر كان يستضيف السفير الصيني في مدينة كوتا الباكستانية التي لا تبعد عن جنوب أفغانستان مقر طالبان.
روابط مع الجهاديين
وتحتفظ طالبان بروابط بنحو 20 جماعة إرهابية تعمل في المنطقة بداية من روسيا حتى الهند، بحسب سفير أفغانستان لدى الهند.
وتابع: “أنشطتها واضحة بالفعل على الأرض وهي تشكل مصدر تهديد واضح على المنطقة”.
وتتخوف باكستان من صعود طالبان إلى السلطة، رغم أنها ساعدتها على الوصول إلى السلطة في تسعينات القرن الماضي.
وتوجه أصابع الاتهام إلى طالبان بالمسئولية عن مقتل نحو 70 ألف مدني في باكستان منذ غزو الولايات المتحدة لأفغانستان عام 2001.
وربما تستغل طالبان الظروف الحالية فتبدأ في استهداف المشروعات الصينية بغرض التأثير على إسلام أباد، بعد تعرضت الحركة لضربات موجعة على يد القوات الباكستانية والأمريكية.
سوف تتعزز العلاقات الصينية الباكستانية بعد هيمنة طالبان على أفغانستان من ناحية والعلاقات الأمريكية الهندية من ناحية أخرى والروسية الإيرانية في المنتصف، بحسب السفير الهندي في أفغانستان.
وأضاف: “المنطقة ستتأثر بحدة، لكن بقية مناطق العالم لن تكون بمنأى عن التحولات في التوازنات الجيوسياسية والتطرف والعنف”.
طوفان اللاجئين
وسيتزايد من ناحية أخرى طوفان اللاجئين. وكلما حققت طالبان مكاسب على الأرض كلما هرب المزيد من الأفغان من القرى بحثا عن الأمان النسبي في المدن الأكبر حجما.
وتتوقع باكستان استقبال 500 ألف لاجئ من أفغانستان. وقالت السلطات إنهم سيعيشون في مخيمات قريبة من الحدود.
ويعيش بالفعل أكثر من 1.4 مليون لاجئ أفغاني في باكستان، بحسب المفوض السامي للاجئين التابع للأمم المتحدة.
انتصار طالبان سيكسب المتعاطفين مع طالبان في المنطقة برمتها الجرأة التي تكفي لتحولهم إلى جهاديين محتملين، بحسب الباحثة مديحة افزل الزميلة غير المقيمة لدى معهد بروكنجز في واشنطن.