صراع دول «الترويكا» العظمى فى الشرق الأوسط (1-3)

صراع دول «الترويكا» العظمى فى الشرق الأوسط (1-3)
شريف عطية

شريف عطية

7:35 ص, الأحد, 27 ديسمبر 20

مع الصعود المطرد لقوة كل من الصين وروسيا، بالتوازى مع المجاهدة الأميركية للتمسك بأحاديتها القطبية، وفى إطار عالم «معتلّ بالمعنى الحرفي والمجازي للكلمة»، ليس من المستبعد للنظام الدولى- إلى أن يستقر بالتوازن من جديد- الدخول نحو مقاربة جديدة من الحرب الباردة لن تكون مثل سابقتها بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي منذ 1947، بل لأميركا من جانب في علاقاتها مع الصين وروسيا على الجانب الآخر، غير أن وضعية هذا التنافس المتجدد سوف تدور ضمنًا للحصول على الجائزة التى لا تزال معلقة فيما بينهم، منذ الحرب العالمية الثانية، بشأن الهيمنة على الشرق الأوسط، ما سوف يعطى لدول المنطقة هامشًا أوسع للمناورة وفقًا لمصالحها، إلا أن هذا التنافس الدولى سيضع أيضًا قيودًا على حركتها من واقع سعي كل من القوى الكبرى للعمل نحو استقطاب الحلفاء الإقليميين أو تطويع الخصوم، سيان بسيان، خاصة مع وجود تنافس مواز داخل الإقليم لجارات غير عربيات ذات أطماع إمبراطورية تعود إلى عصور سابقة، لاقتحام الفضاء العربي حاليًّا، غير المؤهل، لأسبابه، لمواجهة تحديات دولية وإقليمية، سواء من الحروب السيبرانية أو من الأسلحة ذاتية التوجيه التى تعمل بالذكاء الصناعى، ناهيك عن مظاهر الوهن التى تصاحب نمو الدولة الوطنية (العربية)، لأسبابهم، ذلك وقت يعرب فيه قطاع عريض من نواب الحزب الديمقراطى الأميركى عن دعمه العودة للعمل بالاتفاق النووى مع إيران دون فرض شروط مسبقة عليها، كما أن هناك انفتاحًا دبلوماسيًّا من جانب إسرائيل لنفس الشأن مع إيران باستثناء «حظر تطوير الصواريخ البالستية» التى تهدد المنطقة بأسرها، الأمر الذى يتزامن مع حل الكنيست الإسرائيلى نفسه تمهيدًا لإجراء انتخابات رابعة خلال عامين في مارس 2021، قد تأتى بحسب المراقبين بائتلاف حكومى أكثر يمينية فى رفض إقامة دولة فلسطينية مستقلة، أما عن تركيا- الجار الإقليمى الثالث غير العربى- فلا يزال مستقويًا بعضويته فى حلف «ناتو» بقيادة الولايات المتحدة، حيث يتلقى الضوء الأخضر للمضي فى مخططه نحو الهيمنة الإقليمية ذات المنطلق الأيديولوجى الذي يتأسس عليه أيضًا سياسة إيران، للخصم من رصيد الدولة الوطنية (العربية)، ما قد يجوز معه القول بحصول الجارات الثلاث الإقليميات غير العربيات، على دعم الغرب بشكل أو آخر- سابقًا ولاحقًا- بأقلّه للحيلولة دونهم والميل إلى التعاون الوثيق مع روسيا والصين، خاصة أن ثلاثتهم، أنقرة- طهران- تل أبيب، من حلفاء الغرب التقليديين منذ تقسيمات النفوذ فى الشرق الأوسط عقب الحرب العظمى، الأمر الذى تطّرد إيقاعاته بانتظام منذ النصف الثانى من القرن العشرين إلى اليوم، حيث تتخذ أدوات الصراع الإقليمى أشكالًا متغايرة فى تطوراتها من داخل صراع دول «الترويكا» العظمى فى الشرق الأوسط.

يتبع (2-3)