بداية جديدة
يعد المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني منصة رئيسية لتحويل مقترحات الحزب إلى إرادة للأمة وهذا يعني أن الاستراتيجيات العظيمة للتحديث الصيني النمط التي وُضعت في المؤتمر الوطني الـ20 للحزب، يتم ترجمتها إلى خطط ملموسة خلال “الدورتين”.
وفي عام 1979، طرح القائد الصيني الراحل دنغ شياو بينغ مصطلح “التحديث الصيني النمط” في بداية الإصلاح والانفتاح بالإشارة إلى “شياوكانغ”، أو المجتمع الميسور. وبعد تحقيق هذا الهدف، اقترح الحزب الشيوعي الصيني هدف مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل في شتى النواحي.
ووفقاً لتقارير إعلامية، استخدم شي للمرة الأولى مصطلح “التحديث الصيني النمط” في خطاب عام ألقاه خلال ديسمبر عام 2015 بينما كان يقود جهود صياغة مخطط تنمية يهدف إلى دفع الأمة قدماً نحو مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل في شتى النواحي.
وبعد ست سنوات، وخلال الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، أعلن شي أن الهدف قد تحقق.
وواصل شي تحسين التخطيط الاستراتيجي للتحديث الصيني النمط، بالانتقال من بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل في شتى النواحي إلى إطلاق مسيرة جديدة للتحديث.
وفي المؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني، وضع شي “جدولاً زمنياً” لتحقيق التحديث. وبعد خمس سنوات، وخلال المؤتمر الوطني الـ20 للحزب، قدم شي “خارطة طريق” لتحقيق هذا الهدف.
ولخّص شي خمس سمات رئيسية للتحديث الصيني النمط تتمثل بـ: عدد السكان الضخم، والرخاء المشترك للجميع، وتنسيق التقدم المادي والثقافي الأخلاقي، والتناغم بين البشرية والطبيعة، والتنمية السلمية. وأصبح هذا الرسم التخطيطي للتحديث الصيني النمط الآن أكثر دقة وأفضل تصورا وأعظم جدوى.
وقال ديفيد فيرجسون، الذي حرر أربعة مجلدات من النسخة الإنجليزية لـ”شي جين بينغ: حول الحكم والإدارة”، قال: “لقد قدّم شي الكثير من الأفكار للتحديث ووضعها قيد التنفيذ. كما عمل طوال مسيرته، من المناطق الداخلية إلى المناطق الساحلية ومن المستويات المحلية إلى المستويات المركزية. وبغض النظر عن مكان عمله، كان شي مصلحاً فعالاً وفتح آفاقاً جديدة في دفع التحديث”.
تتمثل الأهداف المخططة للعام 2023 بإرساء أرضية صلبة لبناء دولة اشتراكية حديثة، فيما تعتبر الخمس سنوات التي تبدأ من عام 2023 مرحلة حاسمة لذلك.
ووافقت الهيئة التشريعية الوطنية الصينية على هدف النمو الحكومي بتسجيل نحو 5 بالمائة لعام 2023، أعلى بنقطتين مئويتين عن النمو الفعلي المسجل للعام المنصرم. وهذا يعني أن النمو الاقتصادي الصيني في عام واحد يعادل إجمالي الناتج المحلي لدولة أوروبية متقدمة متوسطة الحجم.
ولكن في الصين التي يبلغ تعداد سكانها 1.4 مليار نسمة، يقلُّ تصنيف مستوى تنمية البلاد من حيث أرقام نصيب الفرد. وفي معرض شرحه لهدف النمو البالغ 5 بالمائة، قال شي إنه إذا ما كانت الصين سترفع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي إلى نظيره في دولة متقدمة متوسطة المستوى بحلول عام 2035، فإن من الضروري الحفاظ على نمو معقول على أساس تحسين الجودة والكفاءة، وإن لدى الصين القدرة على تحقيق ذلك.
وقال شي: “التنمية عالية الجودة هي المهمة الأولية لبناء دولة اشتراكية حديثة”.
وحددت جميع المقاطعات، والمناطق ذاتية الحكم، والبلديات البالغ عددها 31 في البر الرئيسي الصيني تقريباً أهدافاً أعلى للنمو، حيث حددت شانغهاي هدفها عند 5.5 بالمائة، بينما حددت شينجيانغ والتبت هدفيهما عند حوالي 7 بالمائة وأكثر من 8 بالمائة، على التوالي.
وقال وانغ شيانغ مينغ، الباحث في جامعة رنمين الصينية، إن تغيراً ملحوظاً سُجّل في المجتمع الصيني بعد المؤتمر الوطني الـ20 للحزب وتمثّل في أن الناس شعروا بإحساس أقوى بتطوير الاقتصاد، مضيفاً: “بدون قاعدة مادية صلبة، يستحيل إنجاز التحديث الاشتراكي.”
وتمثل التغيير الكبير بالتحول في الاستجابة لمواجهة كوفيد-19. فعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، اتخذت الصين إجراءات استجابة صارمة ساهمت بفعالية في حماية حياة الشعب وصحته. وفي شهر نوفمبر الماضي، ترأس شي اجتماعاً لقيادة الحزب حول تعديل إجراءات الاستجابة لكوفيد-19. وبعد ثلاثة أشهر، تم الإعلان عن تحقيق الصين انتصاراً في الخروج من الوباء.
من جهتها، قالت كريستالينا جورجيفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، إنه سيكون تحسين الصين لسياساتها في مواجهة كوفيد-19 على الأرجح العامل الوحيد الأكثر أهمية للنمو العالمي في عام 2023.
في الصورة الملتقطة يوم 26 أكتوبر 2022، شي جين بينغ يتحدث إلى قروي في بستان في قرية نانقو بمدينة يانآن في مقاطعة شنشي شمال غربي الصين. (شينخوا)
وقام شي برحلته الأولى خارج المدينة بعد المؤتمر الوطني الـ20 للحزب متوجهاً إلى الريف. وزار بستان فواكه في نانقو بمقاطعة شنشي، حيث سأل بصراحة مزارعي الفاكهة عما يمكنهم أن يكسبوا في يوم واحد، وكيف أحوال مداخيلهم، وما هي أحوال أسرهم.
وسأل شي “ما هي تقنيات قطف التفاح؟”، وقطف بنفسه تفاحة حمراء كبيرة كما شرح المزارع تشاو يونغ دونغ.
وخارج ورشة لفرز التفاح في القرية، تجمع الناس حول شي. وقال تشانغ قوانغ هونغ، أحد الكوادر بالقرية: ” يتمثل أكبر همّ للرئيس شي في معيشة الشعب”.
وقبل حلول عيد الربيع، تحدث شي عبر مكالمات فيديو إلى كوادر ومواطنين في مناطق مختلفة من أنحاء البلاد. وسأل كادراً من قرية لقومية تشيانغ في مقاطعة سيتشوان عن عدد السياح ودخلهم. وبعد معرفة شي بأن دخل الفرد في القرية بأكملها تجاوز 40 ألف يوان العام الماضي، ابتهج قائلاً: “هذا جيد!”
وحدّثت وي تشوه، وهي سائحة، حدّثت شي عن تجربتها في القرية. وعلى وجه الخصوص، قالت إن لحم الخنزير المُدخّن المحلي بأسلوب سيتشوان كان لذيذاً. وقالت: “طلب الأمين العام مني أن أتناول المزيد”، مضيفة: “أشعر أنه يهتم كثيراً بالتنمية الريفية وتعزيز دخل عامة الناس”.
في الصورة المجمعة الملتقطة يوم 18 يناير 2023، شي جين بينغ يوجه من العاصمة الصينية، بكين، التحيات بمناسبة العيد إلى جميع أبناء الشعب الصيني خلال حديثه عبر مكالمات فيديو مع كوادر ومواطنين في مناطق مختلفة من أنحاء البلاد قبل عيد الربيع. (شينخوا)
وقال شي للكوادر المرافقة له: “إن المهمة الأكثر مشقة وإلحاحاً لبناء دولة اشتراكية حديثة لا تزال تكمن في الريف”. وفي مؤتمر العمل الريفي المركزي الذي انعقد في أواخر عام 2022، قال شي إنه ومن أجل تقوية الدولة، يتوجب أولاً أن تكون الزراعة قوية، مشدداً على أن ضمان إمدادات مستقرة وآمنة من الحبوب والمنتجات الزراعية المهمة يعد دائماً أولوية قصوى.
إن السعي وراء استخلاص الحقيقة من الوقائع هو مبدأ يعتز به الشيوعيون الصينيون. ولطالما كان شي نفسه قدوة حسنة. فعلى مدار العقد الماضي، قام بأكثر من 100 جولة تفقدية إلى الوحدات القاعدية للحصول على خبرة مباشرة على الأرض.
ذات مرة، غادر بكين في الصباح الباكر ووصل في المساء إلى منطقة جبلية في تشونغتشينغ بجنوب غربي الصين. وفيما كان جالساً في الفناء مع السكان المحليين، قال لهم: ” ركبت طائرة، وقطاراً، وسيارة، وقمت بالتبديل بين ثلاث وسائل نقل للوصول إلى هنا حتى أقابلكم وأسمع ما تودون أن تقولوا لنا”.
وفي مرة أخرى، وخلال مناقشة جماعية لـ “الدورتين”، قال شي: “أيها المسؤولون، لا يمكنكم أن تخدعوني، لقد أتيت من منطقة فقيرة، وأنا أعرف تماماً الوضع هناك.”
تعطي “فلسفة التنمية الجديدة”، التي قدمها شي في عام 2015، الأولوية للابتكار، والتنسيق، والتنمية الخضراء، والانفتاح، والمشاركة. ومن المتوقع أن ترشد عملية التحديث للصين.
يعد الابتكار العلمي والتكنولوجي أولوية، وقد حثّ شي على تسريع وتيرة الاعتماد على النفس وتقوية الذات في هذا الصدد.
واستذكر تشانغ جين، النائب في المجلس الوطني لنواب الشعب، رئيس شركة شينسونغ للروبوتات، زيارة شي للشركة قبل بضعة أشهر.
وقال تشانغ: “في ورشة العمل، توقف تقريباً عند كل خطوة وطرح أسئلة على طول الطريق، مظهراً اهتماماً شديداً، وخاصة في منتجات الشركة المطورة ذاتياً مثل الروبوتات المتنقلة المستخدمة في خطوط إنتاج لتجميع السيارات والأذرع الروبوتية في صناعة تصنيع الرقائق.
وخلال محادثة مع مهندسين شباب، شدد شي على أن الابتكار المستقل أمر حاسم لتحول أي بلد إلى قوة تصنيعية. وطرح سؤالاً عما إذا كان لا يزال هناك الكثير من التحديات التقنية التي تحتاج إلى معالجة عاجلة، مشيراً إلى أن من الضروري دفع التقوية الذاتية العلمية والتكنولوجية قدماً لحل مشاكل “عنق الزجاجة”، التي ينتج بعضها عن الحصار التكنولوجي الغربي.
وأكد شي مراراً أن الإصلاح يجب أن يلتزم باتجاه اقتصاد السوق الاشتراكي. وفي شهر يناير الماضي، أرسل شي نائبا لرئيس مجلس الدولة إلى الاجتماع السنوي لمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي، حيث أعلن المسؤول أن الصين لن تعود أبداً إلى السعي وراء الاقتصاد المخطط.
وفي شهر فبراير الماضي، تم إدخال إصلاح كبير يتعلق بسوق رأس المال بأكمله، حيث تم تعميم النظام القائم على التسجيل إلى السوق بأكمله والإصدارات العامة المختلفة للأسهم، وهو أمر مفيد لتوزيع الموارد على نحو أفضل وفقاً لآليات السوق.
وفي الوقت نفسه، وضع شي تدابير لمنع المخاطر النظامية في القطاع المالي، والعقارات، وديون الحكومات المحلية.
وشدد شي في مناسبات مختلفة على أن، ومن ناحية، يجب على الصين أن تعمق إصلاح الأصول والمؤسسات المملوكة للدولة، ومن ناحية أخرى، ينبغي أن تستمر في تحسين بيئة الأعمال التجارية للقطاع الخاص.
وخلال “الدورتين” هذا العام، قال شي لرجال الأعمال من القطاع الخاص إن الحزب “ينظر على الدوام إلى المؤسسات الخاصة ورجال الأعمال بالقطاع الخاص كأفراد عائلته”، وشجعهم على التخلي عن مخاوفهم وأعبائهم، والمضي قدما في عملية التنمية بجرأة.
وقال شي، الذي عمل لأكثر من 20 عاما في مقاطعتي فوجيان وتشجيانغ المعروفتين بقطاعهما الخاص النشط: “لطالما دعمت دائما المؤسسات الخاصة”.
واستمرت المؤسسات الخاصة الصينية في النمو. ووفقا لمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي، في عام 2012، شكلت المؤسسات غير العامة حوالي 10 بالمائة فقط من إجمالي القيمة السوقية لأكبر 100 شركة صينية مدرجة. ومع ذلك، وبحلول نهاية عام 2022، ارتفعت هذه النسبة إلى أكثر من 40 بالمائة.
وقال شي إنه يخطط لبدء جولة جديدة من إجراءات الإصلاح الشاملة هذا العام، كما سيتم تسريع الانفتاح عالي المستوى على الخارج، بما في ذلك التعزيز الفعال للانضمام إلى الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية ذات المعايير العالية مثل اتفاق الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ واتفاق شراكة الاقتصاد الرقمي.
وفي عام 2021، انخفض مستوى التعريفة الجمركية الإجمالية للصين إلى 7.4 في المائة، أي أقل من التزام منظمة التجارة العالمية البالغ 9.8 في المائة. وتخطط الصين لتحقيق مزيد من خفض معدلات التعريفة الجمركية على 62 منتجا من منتجات تكنولوجيا المعلومات، كما سيتم تخفيض مستوى التعريفة الجمركية الإجمالية بمقدار 0.1 نقطة مئوية أخرى.
في الصورة الملتقطة يوم 4 نوفمبر 2022، شي جين بينغ يلقي كلمة بعنوان “العمل معا من أجل مستقبل مشرق من الانفتاح والازدهار” عبر دائرة الفيديو خلال حفل افتتاح الدورة الخامسة لمعرض الصين الدولي للاستيراد، التي أقيمت في شانغهاي شرقي الصين. (شينخوا)
وهناك إشارات واضحة على أن الانتعاش الاقتصادي يكتسب زخما. ففي فبراير الماضي، بلغ مؤشر مديري المشتريات لقطاع الصناعات التحويلية في الصين 52.6 في المائة، وهو مستوى مرتفع جديد منذ ما يقرب من 11 عاما. ومن المتوقع أن يستقر وينتعش الاقتصاد في الربع الأول هذا العام، حيث تظل توقعات الاستثمار الأجنبي إيجابية.
ويخطط معرض كانتون لزيادة عدد أكشاك العرض إلى ما يقرب من 70 ألفا هذا العام. ومن المتوقع أن يشهد معرض الصين الدولي للاستيراد، ومعرض الصين الدولي لتجارة الخدمات، ومعرض الصين الدولي للمنتجات الاستهلاكية، وجميعها تحظى بدعم قوي من قبل شي، توسعا في نطاقاتها.
من بناء ريف اشتراكي جديد إلى بناء الصين الجميلة، ومن الإبداع الفني إلى التقدم الثقافي والأخلاقي، اتخذ شي ترتيبات جديدة تغطي جميع المجالات المهمة.
وأكد شي أن تحقيق إحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية يتطلب إعادة التوحيد الكامل للوطن الأم، وهو أمر ضروري وقابل للتحقيق على حد سواء، وقد صاغ منهجا شاملا لحل مسألة تايوان.
وفي خطابه الذي ألقاه قبل اختتام “الدورتين” هذا العام، قال شي إنه يجب معارضة التدخل الخارجي والأنشطة الانفصالية الساعية إلى “استقلال تايوان” بحزم، مشددا على دفع عملية إعادة توحيد الوطن الأم بثبات لا يتزعزع.
وقال كادر عمل مع شي في مقاطعة تشجيانغ في أوائل القرن الحادي والعشرين: “شي شخص مثالي وعملي. إنه رصين وعملي وحاسم ولديه رؤية واسعة ونظرة منهجية”. و”إنه جيد في تحويل الأزمات إلى فرص، ويمكنه وضع تصور لمخطط شامل من الألف إلى الياء”.
قائد الشعب
شي ليس يعمل لأجل الشعب فقط، بل يأتي منهم أيضا.
عندما عمل جنبا إلى جنب مع المزارعين الريفيين، تعلم أن يتحمل المشقة عند العمل لنقل الأسمدة ولم يأبه لآلام الجوع المستمرة أثناء العمل في الحقل. علمته هذه السنوات التكوينية القيمة الحقيقية لهؤلاء الأفراد المهملين دائما في المجتمع، مما منحه قدرة طبيعية على التواصل والاستماع إلى الناس العاديين ليساعد في حل مشاكلهم.
ربما يكون قد غادر الحقول منذ عقود، لكن حتى وهو في منصب الأمين العام، لم ينس أولئك الذين يكدحون هناك ولا أولئك الذين يشغلون الصناعات الأساسية للبلاد، من ورشات العمل إلى الأسواق. وما برح شي يحافظ على تواصل مباشر مع الجماهير سواء من خلال الزيارات الشخصية أو الرد على رسائل المواطنين.
في الصورة الملتقطة يوم أول فبراير 2019، شي جين بينغ يتجاذب أطراف الحديث ويعد المعجنات مع أفراد أسرة العامل المتقاعد تشو ماو جين في منطقة تشيانمن بقلب بكين، وذلك خلال جولته في أحد تجمعات “الهوتونغ”، وهي الأزقة السكنية المميزة بالعاصمة الصينية، بكين. (شينخوا)
في زيارة إلى إحدى الأزقة السكنية التقليدية في بكين، والمعروفة أيضا باسم “هوتونغ”، شمر شي عن ساعديه لصنع الفطائر المحشوة مع أحد الأسر، أثناء إجراء المحادثات معهم. وقبل مغادرته، أكد شي أنه يستمد القوة من مثل هذه التفاعلات.
على الرغم من جدول أعماله المشغول، يولي شي دائما الأولوية لسعادة الشعب باعتبارها واجبا. وفي أكثر من مناسبة، قال إنه “ينبغي أن تفيد التنمية جميع الأفراد بشكل أكثر إنصافا وشمولا، وتعزز التنمية الشاملة للشعب باستمرار”.
في بداية العام الجاري، تم التصويت لشي بالإجماع كنائب للمجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب من خلال انتخاب تنافسي في جيانغسو. كان واحدا من أكثر من 2900 نائب منتخب على مستوى الدولة، ليمثل التنوع الاجتماعي والاقتصادي الحيوي في البلاد، من العمال إلى المزارعين، والمتخصصين المهنيين إلى العمال المهاجرين.
في يوم 5 مارس، شارك شي زملائه النواب من وفد مقاطعة جيانغسو في دورة المجلس الوطني لنواب الشعب لمداولة تقرير عمل الحكومة ومناقشة شؤون الدولة.
إن المداولة في جيانغسو ليست الاجتماع الوحيد الذي حضره شي أثناء “الدورتين” هذا العام، بل ولا المرة الوحيدة التي تعامل فيها مع المشرعين والمستشارين السياسيين.
بين عامي 2013 و2022 ، حضر شي 53 مداولة وجلسة مناقشة، ليتحدث بشكل مباشر إلى حوالي 400 مشرع ومستشار سياسي. من السؤال عن معدل الزواج في قرية بسيطة بوسط الصين إلى متابعة التفاصيل حول صناعة السياحة الشتوية في مقاطعة جيلين بشمال شرقي الصين، تكون أسئلة شي دائما مؤثرة ومستهدفة.
ينظر المطَّلعون على السياسة الصينية إلى مثل هذه التفاعلات كمظهر من مظاهر الديمقراطية الصينية. وبناء على ذلك، ليس من المستغرب أن شي قد اكتسب سمعة طيبة لدعم تمكين الجماهير في إدارة شؤونها الخاصة وتشجيعها على المشاركة في الشؤون السياسية.
في الصورة الملتقطة يوم 5 مارس 2023، شي جين بينغ يشارك في مداولة مع زملائه النواب من وفد مقاطعة جيانغسو خلال الدورة الأولى للمجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب الصيني في العاصمة الصينية، بكين. (شينخوا)
قال شي في كلمته بمناسبة استقبال العام الجديد 2023 إن “الصين دولة كبيرة. من الطبيعي أن يكون لدى مختلف الأشخاص اهتمامات أو وجهات نظر مختلفة حول نفس القضية. ما يهم هو أن نتوصل إلى توافق في الآراء من خلال التواصل والتشاور”.
في يونيو عام 2022 ، أكملت الصين انتخاب مجالس نواب الشعب على مستوى المحافظة والبلدة، بمشاركة 1.064 مليار ناخب في الانتخاب. فكان واحدا من أكبر الانتخابات الديمقراطية الشعبية في العالم.
يعد مجلس نواب الشعب حجر الأساس للنظام السياسي بالصين، حيث يضطلع نواب المجلس الوطني لنواب الشعب بمجموعة واسعة من المسؤوليات، من بينها صياغة القوانين والإشراف على الحكومة والمؤسسات القضائية وانتخاب قادة الدولة.
ويتم تمثيل جميع الأقليات الإثنية الـ55 في البلاد في الهيئة التشريعية الوطنية. فعلى سبيل المثال، دونغ تساي يون عضوة من قومية باوآن الإثنية التي يبلغ عدد سكانها حوالي 20 ألف نسمة فقط.
أثناء “الدورتين” في عام 2019، اقترحت إنشاء طريق سريع جديد سيحفز تطور محافظتها في مقاطعة قانسو بشمال غربي الصين. أشاد النواب الآخرون باقتراحها، ورد شي، الذي كان حاضرا في الاجتماع، بمطالبة الإدارات المعنية بدراسة الاقتراح.
وبعد جولات من البحوث ودراسات الجدوى، بدأت أعمال البناء. ومن المقرر انتهاء الأعمال هذا العام.
قالت دونغ إن “هذا الطريق يمثل تطلعات الناس في مسقط رأسي لحياة حديثة”.
قد أكملت تشيوان تاي تشي، التي تعمل في محطة حافلات في ليانيونقانغ بمقاطعة جيانغسو في شرقي الصين، ولايتها الثانية كنائب في الهيئة التشريعية الوطنية. وصوتت لشي ليكون الرئيس الصيني قبل 5 سنوات.
قالت: “انتخبته كرئيس لأني واثقة بأنه قائد جدير بالثقة يهتم حقا بالشعب”.
واستذكرت أن شي كان حاضرا خلال مداولة قبل سنوات عندما طرحت قضية حول الركاب الأطفال بدون تذاكر على الحافلات، الذين قد يتسببون في تخطي الحافلات لعدد الركاب المسموح. تحدث شي فورا، ليدهش تشيوان، حيث رأت أن الموضوع محدد للغاية وصغير بالنسبة لزعيم الدولة. ولم يتحدث شي فقط، بل طلب مراجعة الممارسة على القطارات أيضا. وبعد الاجتماع، بدأت مراجعة القضية بسرعة، لتشكل خطة عملية.
تقول تشيوان إنه عندما تحدث شي إلينا، نحن النواب الشعبيين، لم يكن متعاليا. وكان يسألنا “هل الأمر هكذا؟” “هل هذا جيد أم لا؟”.
أثناء “الدورتين” في عام 2021 ، قابلت تشيوان شي مرة ثانية. وذهبت إليه وذكرت تفاعلاتهما السابقة. على الرغم من أن الممر كان مزدحما، فعند مغادرته، قال شي “لنتحدث لاحقا”. رأت تشيوان أن ذلك سيكون نهاية المحادثة، غير أنه في حوالي الساعة الـ11 تلك الليلة، تلقت مكالمة من فريق شي يسألون عما إذا كان لديها أي اقتراحات أو مشاكل للطرح.
ويعتقد شي أن الديمقراطية مطلب للدول الحديثة، لكنها يجب أن تتماشى مع الظروف الوطنية، ولا ينبغي للديمقراطية الصينية بأي حال من الأحوال أن تكون هي نفسها الديمقراطية على النمط الغربي. ويصف شي الديمقراطية الصينية بأنها “ديمقراطية شعبية كاملة العملية” تغطي جميع جوانب العملية الديمقراطية وجميع قطاعات المجتمع.
وقال “الغرض من الديمقراطية هو معالجة القضايا الملحة لدى الشعب”. ولا يتسامح مع الانتهاكات التي قد تشكل تحديا للعملية الديمقراطية في البلاد.
ووفقا لأحد الشهود، خلال جلسة كاملة للجنة المركزية لفحص الانضباط للحزب في عام 2014، ناقش شي باستفاضة قضية شراء الأصوات في انتخاب المشرعين المحليين في هونان. وبغضب واضح، أطلق شي أسئلة متكررة: أين أعضاء الحزب؟ أين مفاهيمهم عن الانضباط الحزبي والقانون؟ أين ضميرهم؟
وبعد ذلك، ذكر شي هذه القضية في مناسبتين أخريين على الأقل. وفي نهاية المطاف، تمت محاسبة 467 شخصا.
في الصورة الملتقطة يوم 5 نوفمبر 2021، شي جين بينغ يدلي بصوته في مركز اقتراع لانتخاب نواب في مجلس نواب الشعب لحي شيتشنغ في هوايرنتانغ بمنطقة تشونغنانهاي الانتخابية في حي شيتشنغ بالعاصمة الصينية، بكين. (شينخوا)
وكثيرا ما يعتقد المراقبون أن ممارسة التحديث الصيني النمط عملية صعبة، خاصة بالنظر إلى العدد الهائل لسكان الصين – وهو أمر غير مسبوق منذ الثورة الصناعية في أوروبا. وذكر شي أنه حتى إطعام أكثر من 1.4 مليار شخص يمثل تحديا كبيرا. ولا ينبغي الاستهانة بقضايا مثل التوظيف والتوزيع والتعليم والرعاية الصحية والإسكان ورعاية المسنين ورعاية الأطفال، خاصة بالنظر إلى حجم السكان.
ووفقا لشي، فإن دفع التحديث الصيني النمط يتطلب رحلة جديدة من الحوكمة القائمة على القانون. وقال شي إن قضية سيادة القانون مقابل حكم الإنسان مسألة أساسية وقضية رئيسية يتعين على جميع الدول معالجتها في عملية التحديث.
وفي مقال موقع بمناسبة الذكرى الـ40 لإصدار الدستور الحالي وتنفيذه، أكد شي على دور الدستور في بناء دولة اشتراكية حديثة وإحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية.
وفي يوم الاثنين، صوت شي ونواب آخرون في المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني لتعديل قانون التشريع، من أجل زيادة محتوى لتعزيز تنفيذ الدستور. وفي عام 2018، كان شي أول رئيس صيني يتعهد بالولاء للدستور. وفي الأسبوع الماضي، وبعد انتخابه، تعهد شي مرة أخرى بالولاء للدستور، وتبعه أعضاء من فريق الحكم.