قال محللين مصريين أن العلاقات المصرية القطرية تشهد “عودة للثقة والدفء” بين البلدين، موضحين أن نتائج المباحثات التي تمت تؤكد ذلك، لافتين إلى أن هناك مقاربات سياسية واقتصادية واستراتيجية بينهما، بالإضافة إلى وجود توافقات حول تطورات القضايا الإقليمية، ناهيك عن الإرادة المشتركة لتعزيز العلاقات الثنائية.
واستقبلت مصر وفدا قطريا لتعزيز التعاون بين البلدين في جميع المجالات، حيث شهدت القاهرة سلسلة اجتماعات بين مسؤولين كلا البلدين، فبدأت بلقاء بين سامح شكري وزير الخارجية ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يوم الإثنين الماضي.
وفي اليوم التالي، عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء اجتماعا مع وفد قطري ضم وزيري الخارجية والمالية والسفير القطري بالقاهرة سالم بن مبارك آل شافى.
كما استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي في نفس اليوم الوفد القطري الذي ضم رئيس جهاز أمن الدولة القطري عبدالله الخليفي، واختتمت هذه الاجتماعات بلقاء وزيري مالية البلدين الخميس الماضي.
وأسفرت هذه الاجتماعات عن اتفاق مصر وقطر على “تشكيل لجنة مشتركة برئاسة وزيري خارجية البلدين بهدف تعزيز التعاون والتنسيق في المجالات كافة”، فضلا عن “مجموعة من الاستثمارات والشراكات” في مصر بقيمة إجمالية تبلغ 5 مليارات دولار.
وقال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن هذه الخطوات هي الأولى من نوعها منذ استئناف العلاقات بين البلدين في يناير 2021.
واستعادت القاهرة والدوحة العلاقات الثنائية بموجب اتفاق العلا للمصالحة، الذي وقعته مصر والسعودية والإمارات والبحرين من جانب، وقطر من جانب آخر، في يناير 2021 بمحافظة العلا السعودية، وذلك بعد قطيعة دبلوماسية استمرت أكثر من ثلاث سنوات.
وبدأت القطيعة في 5 يونيو عام 2017 حين أعلنت الدول الأربع قطع علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر، بدعوى دعم وتمويل الإرهاب والتدخل في شؤونها الداخلية، وهي التهم التى نفتها الدوحة مرارا.
توافقات كبيرة بين الطرفين
وأضاف فهمي لوكالة أنباء (شينخوا)، أنه “سبق هذه الخطوات اتصالات مباشرة بين مسؤولي مصر وقطر، ولقاءات في منتديات دولية، لكن هذه الخطوات هي الأولى من حيث التوقيت والاهتمام الكبير وحضور البعد الاقتصادي بقو”.
ورأى أن هذه الخطوات تعكس وجود توافقات كبيرة بين الطرفين في هذا التوقيت، مشيرا إلى أن هذه التوافقات مرتبطة بالأبعاد الإقليمية والدولية التي تجري في الإقليم، ولها تأثير على توجهات العلاقات المشتركة بين القاهرة والدوحة.
وتابع “في تقديري، المقاربة الاقتصادية واضحة خلال زيارة الوفد القطري للقاهرة، لكن هناك أيضا مقاربات سياسية واستراتيجية على اعتبار أن هناك توافقا في موضوعات كثيرة.
وأردف الخبير المصري أن قطر تتوافق مع مصر حاليا بشأن قطاع غزة وليبيا وسوريا خاصة بعد أن تبينت المواقف بصورة كبيرة بما يسمح بأن يكون هناك أرضية للتعاون.
وأرجع زيادة التقارب بين البلدين في هذا التوقيت إلى رغبة البلدين في توثيق نمط العلاقات المشتركة، بما يسمح بأن تكون هناك علاقات مباشرة جيدة قائمة على المصالح المشتركة والفوائد المتبادلة”، فضلا عن وجود إرادة سياسية حقيقية للتعامل مع المتغيرات في الإقليم.
وأشار إلى أن هناك استثمارا لمناخ جديد يتشكل في نمط العلاقة بين القاهرة والدوحة، خاصة مع التطورات الحالية في الإقليم وقرب توقيع الاتفاق النووي الإيراني.
وأوضح فهمي أن الخطوات الأخيرة تعكس عودة الدفء والثقة في العلاقات بين البلدين” لاسيما بعد أن عادت العلاقات الثنائية إلى طبيعتها بصورة كبيرة.
وذكر أن هناك حرصا مشتركا على تطوير العلاقات بين مصر وقطر خاصة أن هناك مساحة كبيرة من التلاقي ربما يكون لها نتائج إيجابية خلال الفترة المقبلة.
ومن جانبه، وصف الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية اتفاق مصر وقطر على تشكيل لجنة مشتركة لتعزيز العلاقات والدخول في مجموعة من الشراكات الاقتصادية والاستثمارات بأنها خطوات رائعة تعزز العلاقات بين البلدين.
من المهم زيادة التقارب بين البلدين في هذا التوقيت
وقال غباشي – لـ(شينخوا) – إنه من المهم زيادة التقارب بين مصر وقطر في هذا التوقيت، لأن العالم العربي في خطر في ظل تجاذبات بين القوى الإقليمية والدولية على أرضه.
وأشار إلى أن الخطوات الأخيرة تعيد التوازن والدفء بين مصر وقطر وتخلق آليات تعامل بين البلدين.
وأكد أن العلاقات بين مصر وقطر من الممكن أن تعود إلى مستواها قبل القطيعة بل وتكون أفضل من السابق.
يشار إلى أن سامح شكري وزير الخارجية قال في مؤتمر صحفي مع نظيره القطري إن الشوائب التي انتابت العلاقات زالت من خلال التوافق على بيان العلا، وما تبع ذلك من تفعيل أمين وصادق للجنة المتابعة، وما وصلت إليه من نتائج إيجابية، وكل ذلك يدفع إلى الارتقاء بالعلاقات.
بينما أكد وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن العلاقات المصرية القطرية في تطور مستمر، موضحا أن آفاق التعاون واسعة.
واستطرد قائلا: “تجاوزنا المرحلة السابقة التي شابتها بعض التوترات بقلوب منفتحة ونظرة مستقبلية بما يصب في مصلحة بلدينا وشعبينا.