تشهد تجارة الأحجار الكريمة في العراق انتشارا واسعا وإقبالا كبيرا من العراقيين فبعضهم يقتنيها للزينة وآخرون يحتفظون بها كهواية والاستفادة من ثمنها بعد ارتفاع سعرها، والبعض الآخر يعتقد أنها تجلب الحظ وتطرد الشر، فيما يرى آخرون أنها جزء من التراث الشعبي ويجب الحفاظ عليها.
ويعرض الباعة وتجار الأحجار الكريمة في السوق القديم الكائن بأحد الأزقة الضيقة بمنطقة الميدان في شارع الرشيد التراثي وسط العاصمة العراقية بغداد مختلف أنواع الأحجار الكريمة والخواتم والأساور والأقراط والمسابح الخاصة بالصلاة التي تتميز بألوانها الزاهية لجذب انتباه زوار السوق.
انتعاش تجارة الأحجار الكريمة
وتستورد معظم الأحجار الكريمة الموجودة في السوق من عدة دول مثل إيران واليمن والسعودية ومصر وتركيا والهند ودول أخرى ، كما يتم استخراج بعض الأحجار الكريمة محليا من محافظة النجف جنوب بغداد والصحراء الغربية بمحافظة الأنبار غربي البلاد والمناطق الجبلية بإقليم كردستان شمالي البلاد.
وقال صباح كامل (51 عاما) بائع لوكالة أنباء ((شينخوا)) وهو يعرض عشرات الأحجار الملونة ومسابح الصلاة والخواتم المرصعة بالأحجار الكريمة ذات الألوان الجذابة في محله الصغير “إن تجارة الأحجار الكريمة مربحة”.
وأضاف “أعمل في بيع الأحجار الكريمة منذ عام 2010 وهناك طلب كبير على الأحجار الكريمة مثل العقيق والسليماني والداودي وعباس آباد وغيرها من أنواع الأحجار”.
وأوضح كامل أن بعض الناس يلجأون إلى الأحجار كونهم يعتقدون بأنها مفيدة ويستخدمونها لعلاج بعض الأمراض.
طلب على أنواع معينة
وهناك طلب متزايد على أنواع مختلفة من الأحجار الكريمة خاصة السليماني الذي يعتقد أنه يساعد في تعزيز ثقة مقتنيها ويزيل الغضب والاكتئاب، فضلا عن حجر الحب الذي يعتقد بأنه يجعل الإنسان محبوبا من الجميع، وأكثر من يقتنيه النساء.
وفي السوق يمكن رؤية العديد من المشترين وهم يتفحصون الأحجار الكريمة بعناية للتمييز بين الأحجار الكريمة الطبيعية والاصطناعية.
كما يأتي بعض الزبائن إلى السوق للحصول على الأحجار الكريمة كهواية وخاصة الأحجار الكريمة النادرة أو الأحجار ذات الأشكال الجمالية المتميزة والفريدة.
وتعد الأحجار الكريمة جزءا من التقاليد والتراث البغدادي القديم، حيث تواصل الأجيال الحالية اقتناء هذه الأحجار للمحافظة على تراثهم الغزير بالقيم والتقاليد التي تعكس ثقافتهم العريقة.
وقال عباس فاضل الذي جاء من محافظة كربلاء (100كم) جنوب بغداد إلى السوق “أحضر إلى سوق الميدان كل أسبوعين أو ثلاثة لشراء بعض الأحجار الكريمة لأني أهوى اقتناء هذه الأحجار، وأصبحت لدي مجموعة كبيرة منها وبعضها غالية الثمن”.
وأضاف “هناك إقبال كبير من العراقيين على شراء الأحجار الكريمة كون بعضهم يعتقدون أنها تساعد في الشفاء من بعض الأمراض مثل التهاب الكبد الفيروسي”.
وأوضح أن بيع الأحجار الكريمة أصبح مهنة لبعض العاطلين عن العمل الذين يتواجدون في المناطق التي يحضر إليها بعض السائحين، مبينا أنه يحاول الحفاظ على التراث العراقي باقتناء الأحجار الكريمة.
وتعرض بعض المحال التجارية الأحجار الكريمة مثل الياقوت الأحمر والأزرق والزمرد والفيروز والعقيق والزبرجد واليشم والرضوي والعديد من الأحجار الأخرى، بما في ذلك حجر در النجف المعروف محليا، وهو حجر كريم من عائلة الكوارتز.
من جانبه أكد كامل أن هناك إقبالا كبيرا على حجر در النجف ذي اللون الأبيض الشفاف، والذي يبدو مثل الزجاج ولكن بداخله بعض العلامات.
الشراء للزينة والاستثمار
بدوره قال عصام أبو حيدر (40 عاما) بورشة الجواهر الخاصة به “إن الأحجار الكريمة الطبيعية تتميز بارتفاع أسعارها ومع ذلك فإن العديد من هواة اقتناء الأحجار يشترونها للزينة والاستفادة من ارتفاع أسعارها في المستقبل”.
وتابع ” عالم الأحجار الكريمة عالم شاسع وفيه أحجار طبيعية وصناعية وأغلاها هو حجر الألماس الذي يتراوح سعر القيراط منه بين 100 و1000 دولار، كونه نقي بدرجة عالية من شوائب الكربون”.
وفي بعض الأحيان تتضاعف قيمة الأحجار الكريمة إذا كان جمالها مرتبطا بقصة أو حدث تاريخي أو توجد فيها رسوم فنية نادرة، أو إذا كانت تكوينات طبقاتها فريدة وفيها أشكال أو أسماء حيوانات أو طيور، وفقا لما قاله “ابوحيدر”.
ومضي يقول ” لدي خبرة 25 عاما في هذا العمل وأستطيع أن أقول إن الأحجار مثل نيسابور والفيروز والرضاوي ودر النجف والياقوت عليها أقبال كبير من الناس”.
علاج الأمراض
ويعتقد أنه قبل الطب الحديث في العصور القديمة، كان الناس يستخدمون الأحجار الكريمة لعلاج الأمراض لأنهم أدركوا أنها تمتص الطاقة السلبية من الجسم المريض.
وفي أحد المحلات الكبيرة بالسوق يجلس محمد راشد على مكتبه المغطى بالعديد من الرفوف ويعرض عشرات الأحجار الكريمة المختلفة بما في ذلك مسابح مطعمة بالأحجار الكريمة يتراوح سعرها من 2000 إلى 3000 دولار، كما يعرض بعض القطع الصغيرة والكبيرة من الأحجار الكريمة الخام التي يشتريها بعض الأثرياء لتزيين منازلهم.
وخلص إلى القول “أن بعض الفنانين وخاصة من الرسامين العالميين يستخدمون نوعا من الأحجار التي تتميز بألوانها الزاهية والبراقة لتلوين لوحاتهم ورسوماتهم بعد طحنها بصورة دقيقة، كحجر اللازورد”.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة “المال”.