رأى خبراء اقتصاديون أن إقبال المؤسسات العالمية على تثبيت التصنيف الائتماني لمصر يعكس الثقة في الاقتصاد المصري، وقدرته على مواجهة التحديات.
وتم تثبيت التصنيف الائتماني لمصر مع نظرة مستقبلية مستقرة على الرغم من التداعيات السلبية لأزمة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
وأبقت مؤسسة (ستاندرد أند بورز) العالمية للتصنيف الائتمانى، الجمعة الماضي، درجة التصنيف السيادي للاقتصاد المصري عند مستوى “B/B” على المديين قصير وطويل الأجل، مع الحفاظ على النظرة المستقبلية المستقرة.
تثبيت التصنيف الائتماني لمصر
وتعد ستاندرد أند بورز ثالث مؤسسة تصنيف ائتماني كبرى تقرر تثبيت التصنيف الائتماني لمصر منذ أول مارس الماضي وحتى الآن.
ومقابل هذا، أجرت المؤسسة تعديلا سلبيا على تصنيف أكثر من ٣٥ دولة، بعضها فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جراء تداعيات أزمة فيروس كورونا.
وتعتبر مصر إحدى دولتين فقط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تم الإبقاء على تصنيفهما الائتماني والنظرة المستقبلية لاقتصادهما، حسب وزارة المالية المصرية.
وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي الدكتور فخري الفقي إن “تثبيت التصنيف الائتمانى لمصر من قبل مؤسسة ستاندرد أبد بورز العالمية مؤشر جيد على قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة التحديات مثل تحدي فيروس كورونا”.
تجديد الثقة في الاقتصاد المصري
وأضاف الفقي، وهو مستشار سابق بصندوق النقد الدولي، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن قرار تثبيت التصنيف الائتماني لمصر “يجدد الثقة فى الاقتصاد المصري من قبل مجتمع الأعمال الدولي، خاصة المستثمرين.
وهو يشجع كذلك على معاودة الاستثمار فى مصر مرة ثانية بعد انتهاء أزمة فيروس كورونا، لاسيما صناديق الاستثمار التى تستثمر فى أدوات الدين الحكومي، وهذا مهم جدا”.
وتابع أن القرار من شأنه أيضا أن “يقلل المخاطر بالنسبة لمن يتعامل مع الاقتصاد المصرى، باعتبار أن الاقتصاد مازال صلبا وجاهز لمثل هذه التحديات”.
الاقتراض بضمان سندات دولية
وأردف أن القرار “سيفيد مصر إذا أرادت الاقتراض بضمان سندات دولية.
وذلك لأن الفائدة ستكون فى الحدود المقبولة، ولن تزيد في ظل عدم زيادة مستوى المخاطر للمتعاملين مع الاقتصاد المصري”.
وعن دلالة تثبيت التصنيف الائتماني لمصر، أوضح الفقي أنه “أولا: يدل على أن مصر نجحت فى تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، ما جعل اقتصادها أكثر صلابة فى مواجهة كافة التحديات”.
واستطرد ” ثانيا: يدل على حسن إدارة أزمة فيروس كورونا من قبل السلطات المصرية، بحيث أنها حققت التوازن بين حماية أرواح المصريين واستمرار عجلة الإنتاج”.
معدل الاصابة منخفض في مصر
وأشار إلى أن معدل الإصابات بفيروس كورونا في مصر منخفض مقارنة بدول مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، و”هذا يعني أن مصر قامت بعمل رائع فى إدارة الأزمة، وهو أمر واضح جدا”.
وسجلت مصر حتى اليوم السبت 3032 حالة إصابة بفيروس كورونا، من بينها 701 حالة تم شفاؤها، و224 حالة وفاة.
وتوقع الفقي، أن يتعافى الاقتصاد المصري سريعا عقب انتهاء هذه الأزمة، مشيرا إلى أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن يحقق الاقتصاد المصري معدلات نمو إيجابية خلال العام الحالي، رغم الأزمة.
أما الدكتور وليد جاب الله عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، فقال إنه “كان من المتوقع أن يتم تحسين التصنيف الائتماني لمصر كنتيجة من نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادي.
لكن أزمة كورونا أدت لمشاكل كثيرة فى الاقتصاد العالمي، ترتب عليها تراجع كبير فى اقتصاديات كثير من الدول”.
شهادة ثقة في الاقتصاد المصري
وأضاف جاب الله لـ “شينخوا”، أن إبقاء “ستاندرد أند بورز” خلال مراجعة الموقف الائتماني للدول على تصنيف مصر رغم المشاكل الاقتصادية التى سببها فيروس كورونا “شهادة ثقة من المؤسسة فى الاقتصاد المصرى وقدرته على اجتياز الأزمة بكفاءة، فضلا عن ثقتها فى وجود التمويل الكافي” لذلك.
وتابع أن تقرير “ستاندرد أند بورز” أشار إلى أن مصر رصدت 100 مليار جنيه لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، وهو ما يمثل 2% من الناتج المحلي.
وأوضح التقرير، أن “وجود مثل هذه الوفورات المالية فى ظل احتياطي يغطي الاحتياجات الأساسية لمصر أكثر من ستة أشهر يساعد مصر على عبور تلك الأزمة”.
طرح سندات بفائدة منخفضة
وشدد جاب الله، على أن تقييم هذه المؤسسة العالمية يؤكد أن الاقتصاد المصري من الاقتصاديات القوية القادرة على جذب الاستثمار، ويساعد القاهرة على طرح سندات دولية بفائدة منخفضة.
وواصل أن هذا التقييم يدل على أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي نفذته الحكومة “له من النتائج الطيبة التى جعلت مصر تمتلك مالية عامة قوية تستطيع أن تتلقى الصدمات، ولديها القدرة المالية التى تساعدها على اجتياز أزمة كورونا بأقل قدر من الأضرار”.
وأشار إلى أن “مصر، سواء في تقارير ستاندرد أند بورز أو مؤسسة فيتش أو البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي حققت أفضل توقعات لاقتصاد فى المنطقة”.
الاقتصاد الأسرع تعافيا
وأكد على أن اقتصاد مصر سيكون أسرع اقتصاديات المنطقة تعافيا من تداعيات أزمة فيروس كورونا.
الأمر نفسه بالنسبة لوزير المالية المصري محمد معيط، مؤكدا أن قرار ستاندرد أند بورز “يعكس ثقة المؤسسات الدولية ومؤسسات التصنيف الائتمانى فى قدرة الاقتصاد المصرى على التعامل الإيجابى مع أزمة كورونا وتجاوزها.
وذلك بسبب الإصلاحات الاقتصادية التى اتخذتها مصر خلال السنوات الماضية، ما أتاح قدرا من الصلابة للاقتصاد المصرى تمكنه من التعامل مع التحديات والصدمات الداخلية والخارجية”.
وأشار معيط، إلى ” إشادة ستاندرد أند بورز بكفاءة وسرعة استجابة الآلية المؤسسية بمصر في إدارة الأزمة الحالية.
وأكد على أن مصر في مكانة أفضل نسبيا فى إدارة الأزمة من أقرانها بنفس التصنيف الائتماني.
وشدد على أن الحكومة “انتهجت سياسة استباقية لإدارة الأزمة بشكل سريع من خلال توفير حزمة مالية لمساندة الاقتصاد المصري، والحفاظ على المسار الإصلاحي للاقتصاد”، حسب بيان لوزارة المالية.