الصين تسير إلى المريخ مع إطلاق الصاروخ الحامل “لونغ مارش-5” من موقع ونتشانغ للإطلاق المركبات الفضائية اليوم (الخميس) ضمن الرحلة الأولى لمسبار المريخ الصيني “تيانون-1” في رحلته الأولى.
وتأتي الرحلة لمواجهة التحدي المتمثل في إرسال مركبة فضائية إلى مدار حول الكوكب الأحمر وهبوطها ونشرها عليه في مهمة واحدة، بحسب ما نشرته وكالة شينخوا.
يأتي “تيانون”، وهو اسم مشروع الصين لاستكشاف المريخ، من القصيدة الطويلة “تيانون”، التي تعني الأسئلة السماوية أو أسئلة إلى السماء، والتي كتبها أحد أعظم الشعراء في الصين القديمة.
علامة بارزة في تطوير الصين
وتمثل البعثة ثلاثية المهام لـ”تيانون-1″ علامة بارزة أخرى في تطوير الصين لعلوم وتكنولوجيا الفضاء، فضلا عن كونها مغامرة جريئة جديدة في مسيرة البلاد الطويلة لاستكشاف الفضاء الخارجي بعد برنامجها القمري والسعي لبناء محطة فضائية.
كان للجنس البشري، وهو ينظر إلى السماء المضاءة بالنجوم، شغف طويل الأمد تجاه المريخ.
ومن المعروف الآن على نطاق واسع أن المريخ والأرض، اللذين يتمتعان بدرجات حرارة دافئة وغلاف جوي سميك ورطب حول السطح، أشبه بأخوين توأمين كبر كل منهما بعيدًا عن الآخر.
ولدى العلماء دائما اهتمام قوي باستكشاف هذا الأخ المنتمي للكواكب لاكتشاف أسرار أصل الحياة، وفك المزيد من ألغاز الكون الواسع.
كل 26 شهرا، يصل المريخ إلى أقرب نقطة إلى الأرض في مداره، ليفتح نافذة إطلاق من شأنها أن تسمح للمركبة الفضائية بإكمال هذه الرحلة بين الكوكبين بأقل قدر من الوقود. وتقع الأسابيع الأخيرة في إطار هذه النافذة التي فتحت حديثا.
ثلاث دول فقط
وحتى الآن، قامت ثلاث دول – دولة الإمارات العربية المتحدة والصين والولايات المتحدة – إما بإرسال أو الاستعداد لإرسال مركبات فضائية غير مأهولة إلى هذا الكوكب الذي يبعد أكثر من 55 مليون كيلومتر.
ومنذ التجربة الأولى التي قامت بها البشرية لإطلاق مسبار إلى المريخ في عام 1960، دخلت 15 بعثة هبوط بنجاح إلى الغلاف الجوي للكوكب، لكن ثماني بعثات فقط هبطت في النهاية ونفذت أعمال استكشاف.
المريخ مقبرة المسبارات
وهكذا، أصبح المريخ “مقبرة للمسبارات” بسبب معدل فشل يصل إلى ما يقرب من 50 في المائة.
وإذا استطاعت الصين النجاح هذه المرة، فسوف تنضم إلى مرتبة المستكشفين الرائدين للمريخ في العالم.
وقد حظيت مسيرة الصين إلى المريخ بمتابعة عن كثب من جميع أنحاء العالم.
الصين لا تتحدى أمريكا في الفضاء
وفي الوقت الذي يتوقع فيه الكثيرون نجاح الصين، يسعى البعض إلى تشويه هدفها المتمثل في تطوير علوم وتكنولوجيا الفضاء، وإلى تشويه سمعة برامج الاستكشاف التي يقوم بها البلاد واصفين إياها بأنها عرض للطموح من أجل تحدي ريادة أمريكا في الفضاء، وفتح ما يسميه الكثيرون بالحدود النهائية للبشرية.
تنتمي عقلية المحصلة الصفرية إلى حقبة الحرب الباردة عندما علقت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في سباق فضائي يتمثل في “أنت الرابح وأنا الخاسر”، لكن ذلك لا يتناسب مع هذا العصر حيث ينبغي أن يكون استكشاف الفضاء الخارجي معنيا بتجميع المواهب والموارد العالمية لصالح الجنس البشري بأكمله.
إن التزامات الصين الثابتة باستكشاف الفضاء وتطوير العلوم والتكنولوجيات ذات الصلة لا تهدف فقط إلى رفع قدرتها الخاصة على التعمق في الفضاء، وإنما أيضا إلى خدمة تقدم البشرية جمعاء.
الصين تسير إلى المريخ
وبينما تسعى الصين لاستكشاف السماوات، تقاسمت مع المجتمع الدولي ما تم التوصل إليه من نتائج علمية خلال استكشافها للقمر، وقدمت خدمات مجانية للملاحة عبر الأقمار الصناعية لمستخدمين عالميين عبر نظام تحديد المواقع العالمي (بيدو)، وهو نظام ملاحة صيني.
كما دعت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى إجراء تجارب علمية على متن محطة الفضاء الصينية، والتي من المتوقع أن تكتمل بحلول حوالي عام 2022.
الكونجرس يحظر التعاون مع الصين
وفي تناقض صارخ مع ذلك، وضع الكونغرس الأمريكي في عام 2011 تشريعا لحظر أي شكل من أشكال التعاون الفضائي مع الصين.
ومع انفجار عدد السكان وتراجع الموارد الطبيعية ووجود تحدي عالمي رهيب يتمثل في تغير المناخ على الأرض، فإن الهدف النهائي للاستكشاف الفضائي لكواكب مثل كوكب المريخ هو تأمين بقاء البشرية وتنميتها على المدى الطويل.
الفضاء ليس ساحة جديدة للحرب الباردة
لذلك، لا ينبغي السماح للفضاء الخارجي بأن يصبح ساحة معركة جديدة لحرب باردة أخرى، بل جبهة جديدة تماما يمكن فيها للجميع العمل معا من أجل مستقبل أفضل للجنس البشري.
وعلى مؤيدي لعبة المعادلة الصفرية في دول مثل الولايات المتحدة نبذ موقفهم التصادمي، والمساهمة في تعاون فضائي دولي مفتوح وشامل.
في فيلم الخيال العلمي “المريخ”، عاد عالِم النبات مارك واتني، المحاصر على سطح المريخ، إلى الأرض في نهاية المطاف في ظل عملية إنقاذ مشتركة نفذتها الصين والولايات المتحدة.
وفي فيلم آخر بعنوان “الأرض المتجولة”، يعمل أشخاص من جميع الألوان والجنسيات معا لإنقاذ الأرض.
إن رسالة التعاون هذه التي تنقلها تلك الصور المتحركة تعكس المثل العليا لمؤسسة الفضاء الصينية، وينبغي أن تكون ذات الروح التي توجه المساعي الفضائية للبشرية من أجل مستقبل مشترك أفضل لها.
يشار إلى أن هذه المقالة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال