قبل عام، وتحديدا في مراسم افتتاح قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني-الأفريقي (فوكاك)، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ إن أفريقيا تتمتع بإمكانات كبيرة وإن هذه القارة العظيمة مفعمة بالأمل.
وفي العقد الأول من القرن الـ21، كانت هناك 6 اقتصادات من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بين الاقتصادات الـ10 الأسرع نموا في العالم.
وبعد عقود من الجهود المبذولة للحاق بالركب، تملك الآن أفريقيا فرصة حقيقية لتحقيق تنمية مستقرة وتسريع عملية تكاملها ورفع مكانتها الدولية.
استقرار سياسي
بين عامي 1896 و1901، بنى المستعمرون البريطانيون خط سكة حديد في كينيا لربط ميناء مومباسا وأوغندا لتشديد السيطرة على “شرق أفريقيا البريطانية”، كدليل على تاريخ القمع الاستعماري في القارة.
ولم تنجح معظم الدول الأفريقية في التخلص من العقود الطويلة للحكم الاستعماري إلا بعد الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين بعد نضال شاق وطويل.
اضطرابات بعد انتهاء الاستعمار
غير أن السحابة السوداء للاستعمار لم تنقشع عن القارة بعد ذلك، حيث سقطت العديد من هذه الدول في وحل الاضطرابات بسبب القضايا التاريخية، التي خلفها المستعمرون الغربيون، مثل ترسيم الحدود والصراعات العرقية والقبلية.
وعززت عوامل مثل تقليد النظام السياسي الغربي وفقدان قدرة الحوكمة من جانب بعض الحكومات الأفريقية وتدخل وتلاعب القوات الأجنبية، تلك الاضطرابات.
إطلاق الاتحاد الأفريقي
ومن مراجعة دروس التاريخ المريرة، أدركت الدول الأفريقية أن التنمية لا يمكن أن تتحقق بدون بيئة مستقرة سياسيا. ومنذ بداية القرن الـ21، شرعت الدول الأفريقية تدريجيا على طريق الوحدة والتعاون والسلام والتنمية.
وكان إطلاق الاتحاد الأفريقي في عام 2002 بمثابة علامة فارقة في رحلة أفريقيا باتجاه التكامل الإقليمي والقاري، وبعده حققت أفريقيا تقدما غير مسبوق من خلال التعاون الداخلي والاعتماد على الذات، واستقرت تدريجيا في وضعها السياسي، وبرزت كواحدة من أسرع المناطق نموا في العالم.
تراجع الفوضى بداية من 2010
وقالت ورقة بحثية للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية إن الفوضى الانتخابية في الدول الأفريقية تراجعت بشكل كبير منذ عام 2010. ومع الاستقرار السياسي المتزايد، زادت الغالبية العظمى من الدول الأفريقية من تنافسيتها العالمية بين عامي 2011 و2016.
تعاون مربح للجميع
في 31 مايو عام 2017، غادر أول قطار ركاب يحمل علما كينيا على واجهته الأمامية محطة مومباسا الغربية وسط صفير عال، إيذانا باكتمال بناء وافتتاح خط قطار مومباسا-نيروبي، الذي صممته وشيدته شركة صينية.
وعلى النقيض من الخط القديم، الذي خدم مصالح القوى الاستعمارية، خلق الخط الجديد البالغ طوله 470 كم، وهو المشروع الأكبر في البنية التحتية في كينيا منذ استقلالها، خلق 46 ألف وظيفة للسكان المحليين فضلا عن تدريب 1600 مهني.
إعادة تشكيل علاقات أفريقيا مع العالم
ويشهد خطا السكك الحديدية عبر كينيا على التغيرات العميقة التي مرت بها البلاد خلال القرن الماضي، ويقفان كنموذج مصغر على إعادة تشكيل علاقات أفريقيا مع العالم.
وفي السنوات الأخيرة، نهضت الدول النامية، كمجموعة، لاكتساب مكانة متزايدة في العالم، مما خلق الظروف لأفريقيا لتسريع تحديثها من خلال الاستفادة من قدرات الاقتصادات الناشئة.
النمو يقفز في إثيوبيا
إثيوبيا، ثاني أكبر دولة أفريقية سكانا بحوالي 100 مليون، كانت ذات مرة واحدة من أقل الدول نموا في العالم. بيد أنها في الفترة من 2005 إلى 2016، نمت بمعدل سنوي بلغ 10.8 بالمائة في المتوسط.
ولم تكن هذه الانجازات الرائعة لتتحقق لو لا جهود حكومة وشعب إثيوبيا. وقد استفادت الدولة أيضا من الحدائق الصناعية ومشاريع البنية التحتية التي بنتها بمساعدة الصين، مما أظهر استعدادها للتعلم من تجربة التنمية الصينية.
وتعد الصين الشريك التجاري الأكبر لأفريقيا للسنة الـ10 على التوالي، كما تصل استثماراتها التراكمية في القارة إلى أكثر من 110 مليارات دولار.
تعزيز تعاون أفريقيا مع الدول الأخرى
وقد عزز التعاون المثالي للصين مع أفريقيا تعاون الدول الأخرى مع القارة، التي زادت تجارتها مع الهند من 7 مليارات دولار في 2001 إلى أكثر من 70 مليار دولار في 2014، كما زاد حجم وارداتها من روسيا وتركيا بنسبتي 142 بالمائة و192 بالمائة على الترتيب بين عامي 2006 و2016.
مسقبل واعد
أطلق القادة الأفارقة في يوليو رسميا المرحلة التشغيلية لاتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية، في خطوة تهدف إلى رسم مسار التنمية للقارة.
وإزاء التحديات والفرص الناجمة عن المستقبل، يناط بأفريقيا مهمة اغتنام الفرص التي توفرها الظروف الدولية المتغيرة لتعزيز صوت أفريقيا دوليا، وضمان الاستقرار الاجتماعي على الأمد الطويل، والتنمية الاقتصادية المستدامة، ودفع تحسين الحوكمة، واستئصال الفساد من أجل إرضاء الشعوب الأفريقية.
مبادرة الحزام والطريق
وقد سهلت مقترحات لدفع التعاون الدولي، من بينها مبادرة الحزام والطريق المقترحة من قبل الصين، العلاقات الاقتصادية والتجارية للقارة مع الاقتصادات الناشئة.
وقال كوبوس فان ستادن، الباحث البارز حول الصين وأفريقيا في معهد جنوب أفريقيا للشؤون الدولية، إن” أفريقيا تملك أكبر عدد من الشباب. إنها مستقبل العالم. حسابيا، بنهاية هذا القرن، سيكون واحد من كل ثلاثة في العالم أفريقياً”.
وأضاف أن “أفريقيا يجب أن يكون لها كلمة أوسع فيما يتعلق بوجهة العالم. السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو أن تأخذ جزءا كبيرا من الاقتصاد. فالنمو مهم للغاية”.
يشار إلى أن هذه المادة منقولة عن وكالة شينخوا بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.