واصل الجنيه السوداني رحلة تراجعه أمام العملات الأجنبية لاسيما الدولار الذي بلغ سعره في أمس الأول الخميس 183 جنيها، وسعره الرسمي في البنك المركزي 55 جنيها.
محاولات تخريبية
وأكدت وزارة المالية السودانية عدم وجود سبب اقتصادي أساسي لانخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، واتهمت عناصر من نظام الرئيس المعزول عمر البشير بالعمل على تخريب الاقتصاد.
وقالت الوزارة في بيان صدر ليلة أمس الخميس، إنه “لم يطرأ أى تغيير جوهرى على المؤثرات الحقيقية على سعر الصرف في السوق الموازية في اليومين الماضيين، يجعل قيمة الدولار تزداد بهذه الطريقة غير المبررة”.
واتهمت عناصر من النظام السابق بضخ كميات كبيرة من العملة الوطنية بعضها مُزور، لشراء الدولار والذهب بأسعار أعلى، بغرض “تخريب” الاقتصاد.
ونفت الوزارة معلومات عن شراء الحكومة كميات كبيرة من النقد الأجنبي من السوق السوداء لتغطية استيراد السلع الأساسية.
نفى شائعات
وقالت إنه “لا صحة لما يُشاع حول شراء الدولة للدولار من السوق الموازي لتغطية حوجة الدولة من السلع الاستراتيجية”.
وحذر اقتصاديون تحدثوا لوكالة أنباء ((شينخوا))، من تداعيات هبوط الجنيه السوداني فى بلد يواجه خللا جوهريا فى نظامه الاقتصادي.
وقال الخبير المصرفي ونائب المدير العام لبنك البلد السوداني عبدالله نورالدين، إن “هذا التراجع المستمر لسعر صرف الجنيه السودانى مقابل العملات الأجنبية يشكل انهيارا اقتصاديا”.
لا حلول لرفع قيمة الجنيه السوداني
وأضاف نور الدين: “لا تمتلك الحكومة الانتقالية أى حلول فى الوقت الراهن، ومن وجهة نظرى أن آفاق الحل تتمثل فى التركيز على زيادة الإنتاج وتعظيم الصادرات النقدية لتوفير النقد الأجنبى”.
وأرجع أستاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة بجامعة النيلين البروفيسور كمال احمد يوسف أسباب عدم استقرار سعر الصرف إلى ضعف الإنتاج وغياب الدعم الخارجى بسبب استمرار تواجد اسم السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وقال إن “هذه أزمة مستفحلة تستوجب التحرك باتجاهات عديدة على المستويين الداخلى والخارجي”.
ضرورة التوصل لاتفاق سلام
وتابع: “لابد من التوصل لاتفاق سلام ينهى الحرب ويوفر الموارد التى تستهلكها، كما لابد من الانفتاح خارجيا لاستقطاب الدعم والتمويل والاستثمار”.
ورأى يوسف أن جملة عوامل تؤثر على الوضع الاقتصادي وهى التضخم، وضعف الإنتاج والصادرات، وانفلات الكتلة النقدية، والعامل النفسي، وحالة عدم الثقة من قطاع الأعمال والمستهلكين والمستثمرين.
تدهور الجنيه السوداني مسئولية الحكومة
فيما حمل المحلل الاقتصادي السودانى زهير البكرى الحكومة مسؤولية تدهور العملة الوطنية.
وقال البكري إن “الحكومة تقوم بشراء النقد الأجنبى لاسيما الدولار من السوق الموازى لتغطية الاحتياجات الأساسية كالدقيق والوقود”.
وأضاف: “لا تتعامل الحكومة بشكل مباشر مع تجار السوق الموازى ولكن البنك المركزى يكلف شركات لتشتري له الدولار، وهو يقوم بطباعة النقود”.
ورفضت الحكومة فى وقت سابق مقترحا تقدم به اقتصاديون لتغيير العملة الوطنية لقطع الطريق أمام من يسعون لتخريب الاقتصاد.
الكتلة النقدية خارج النظام المصرفى
وقالت الحكومة إن معظم الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي، مما يسهل تخزينها وتصريفها في أعمال تخريب في وقت لاحق.
واعترف رئيس الوزراء السودانى عبد الله حمدوك بانفلات أسعار السلع الأساسية نتيجة تردى الوضع الاقتصادي.
وقال حمدوك فى برنامج (مؤتمر اذاعى) الذى بثته الإذاعة السودانية اليوم (الجمعة)، “نعم فلتت الأسعار من أيدينا، وقد قمنا بعدد من المبادرات لدعم الأسر ومنها دعم مادى يصل يصل إلي 3000 جنيه شهريا للأسرة الواحدة، ولكي لا يعتمد شعبنا علي الدعم المالي بادرنا بدعم المنتجين”.
شراء الذهب بأسعار مرتفعة
واتهم حمدوك جهات لم يسمها بتخريب الاقتصاد، وقال إن “هنالك جهات تشتري الذهب بأكثر من 10 في المائة من سعره الأساسي، وهذا عمل تخريبي منظم”.
وأدى الانخفاض المستمر لسعر الجنيه السودانى الى ارتفاع كبير فى أسعار السلع الأساسية والضرورية مما ضاعف من معاناة المواطنين.
ارتفاع الأسعار فى الأسواق
وكشفت جولة لوكالة أنباء (شينخوا) اليوم فى السوق المركزى جنوب العاصمة الخرطوم عن ارتفاع كبير فى أسعار اللحوم اذ تخطى سعر كيلوجرام من الفراخ 400 جنيه، فيما بلغ سعر كيلوجرام (الضأن) 900 جنيه.
ومنذ انفصال جنوب السودان فى العام 2011، يواجه السودان أزمة اقتصادية خانقة بعد أن فقد ثلثى إنتاجه النفطى.
وفى العام 2012 أقر السودان خمس حزم لرفع الدعم عن المحروقات ودقيق الخبز، ما أدى إلى سلسلة من الاحتجاجات كان أعنفها فى سبتمبر2013، وأدت الو مقتل 200 محتج.
وازدادت الأزمة الاقتصادية استفحالا فى العام 2018 ، وأدت إلى اندلاع ثورة شعبية فى ديسمبر 2018، أسفرت فى 11 أبريل 2019 عن الإطاحة بنظام البشير.
وسجل معدل التغير السنوي (التضخم) في السودان، 143.78% لشهر يوليو الماضى، بارتفاع 7.42% عن شهر يونيو، الذي سجل 136.36%.
وعزا الجهاز المركزي للإحصاء بالسودان فى تقريره الشهري، ارتفاع التضخم لارتفاع أسعار بعض مكونات مجموعة الأغذية والمشروبات كالخبز والحبوب والزيوت والدهون، واللحوم والبقوليات.
يشار إلى أن هذه المقالة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.