بلغ التضخم في الولايات المتحدة أعلى مستوى له منذ ديسمبر 1981، الأمر الذي يثير تساؤلًا حول متى سيصل أسوأ ارتفاع في الأسعار منذ 40 عامًا إلى ذروته ويتراجع.
شهد شهر مايو تسارع التضخم بشكل أكبر، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 8.6%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقًا لأرقام مؤشر أسعار المستهلك الشهرية، الصادرة يوم الجمعة عن مكتب إحصاءات العمل الأمريكي.
تراجعت أسواق الأسهم يوم الجمعة، لتتحطم آمالها في نهاية سريعة للتضخم الحاصل حاليًّا.
فقد خسر مؤشر داو جونز الصناعي 880 نقطة وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 117 نقطة. وانخفض مؤشر ناسداك بمقدار 414 نقطة بنهاية تعاملات يوم الجمعة.
أرقام التضخم مخيبة للآمال
وقال ديزموند لاكمان، الزميل الأقدم في معهد أمريكان إنتربرايز والمسؤول السابق في صندوق النقد الدولي، لوكالة أنباء (شينخوا) إن “أرقام التضخم المخيبة للآمال للغاية اليوم لا تترك لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مجالًا كبيرًا لرفع قدمه عن فرامل السياسات النقدية” واستعادة السيطرة على التضخم.
في الواقع يخشى البعض من أن يؤدي رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة إلى ركود من شأنه أن يزيد من ضرب الأسواق، التي شهدت تراجعًا في الأشهر الأخيرة، فضلًا عن محافظ المواطنين الأمريكيين.
ولا يوجد حتى الآن إجماع بين خبراء الاقتصاد حول الوتيرة التي ستبلغ بها الزيادات في الأسعار ذروتها وتنحسر.
فالبعض يعتقد أن الأسعار سوف تشق طريقها نحو الانخفاض ببطء شديد. ويعتقد آخرون أن التضخم سيبدأ في التراجع خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر المقبلة.
وارتفع معدل التضخم الأساسي، الذي لا يشمل أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، بنسبة 6%، وهو معدل أعلى من التقديرات البالغة 5.9%.
وأسهمت في هذه الزيادة أسعار المواد الغذائية والبنزين والسكن.
فقد ارتفعت أسعار الطاقة بنسبة 3.9% عن الشهر السابق، مسجلة زيادة سنوية بلغت 34.6%. وارتفع زيت الوقود بنسبة 106.7% خلال الأشهر الـ12 الماضية.
أسعار المواد الغذائية
وارتفعت أسعار المواد الغذائية إلى 10.1%، مقارنة بالعام الماضي.
وقال دين بيكر، كبير الاقتصاديين في مركز البحوث الاقتصادية والسياساتية، لـ(شينخوا): “ربما شهدنا ذروة التضخم”، لكنه أضاف أن كمية ضخمة تعتمد على أسعار الطاقة والمواد الغذائية، والتي تعتمد بدورها إلى حد كبير على الصراع في أوكرانيا.
وذكر بيكر “إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، أتوقع أن تنخفض أسعار النفط والقمح وعدد من السلع الأخرى بشكل حاد”.
وأشار بيكر إلى أن “هذا سوف يلعب دورا كبيرا في خفض التضخم”.
من جانبه قال سام بولارد، كبير الاقتصاديين في ويلز فارغو، وهو بنك أمريكي كبير، في حديثه لـ(شينخوا): “بالنسبة لكل من كان يأمل في أن يبلغ التضخم الرئيسي ذروته في وقت مبكر، للأسف تحطم ذلك (الأمل)”.
وذكر بولارد “هناك القليل جدًّا من الارتياح في الأفق، على الأقل فيما يتعلق بالأشهر المقبلة”، لافتًا إلى أن أسعار المواد الغذائية والبنزين لا تزال آخذة في الارتفاع.
وأضاف بولارد أن “التضخم مستمر في التسارع، ونحن لم نشهد الذروة بعد، وحتى عندما نشهدها، سيكون الاعتدال بطيئا بشكل مؤلم”.
وقال لاكمان إن الارتفاع الأخير في أسعار النفط الدولية إلى أكثر من 120 دولارا للبرميل يلقي بظلال من الشك على أي فكرة قائلة بأن التضخم سيبلغ ذروته في أي وقت قريب.
رفع أسعار الفائدة
ويخشى بعض المحللين من أن التضخم يهدد بدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع سعر الفائدة إلى النقطة التي يمكن عندها حدوث ركود.
وإذا حدث ذلك، فإن الأسواق ستتراجع بلا شك بشكل أكبر، حتى بعد انخفاضها من أعلى مستوياتها القياسية في الأشهر الأخيرة.
وأشار لاكمان إلى أنه منذ بداية العام، أدى انخفاض أسعار سوق الأسهم والسندات إلى تبخر حوالي 12 تريليون دولار من ثروة الأسر.
وذكر لاكمان إن أي خسارة أخرى في مثل هذه الثروة “يجب أن تزيد من خطر تعرضنا لهبوط اقتصادي صعب بحلول أوائل العام المقبل”.
ومن ناحية أخرى، يشعر البيت الأبيض بغضب الناخبين من هذه المسألة.
فقد بلغت الموافقة على أداء الرئيس الأمريكي جو بايدن الوظيفي أدنى مستوياتها، حيث وصلت إلى 39.4%، وفقًا لمتوسط استطلاعات الرأي التي أجراها موقع (ريال كلير بوليتيكس).
وقال داريل ويست الزميل الأقدم بمعهد بروكنغز في حديثه لـ((شينخوا)) إن “التضخم لا يزال يمثل مشكلة كبيرة لبايدن وسيضر بالديمقراطيين بالتأكيد في نوفمبر إذا استمر بمثل هذا المعدل المرتفع”.
يشار إلى أن هذه المادة نقلًا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.