يعتقد خبراء بأن الاقتصاد الليبي بات على شفا الانهيار، جراء استمرار الهبوط الحاد للإيرادات الحكومية، إثر استمرار إغلاق منشآت النفط شرق وجنوب البلاد للشهر السابع تواليا.
كمال المنصوري، الباحث في الشؤون الاقتصادية، يرى بأن استمرار هذا الإغلاق سيدخل ليبيا في نفق مالي حرج، لن تخرج منه خلال السنوات القليلة المقبلة.
إغلاق منشآت النفط
وأوضح المنصوري في حديثه لوكالة أنباء ((شينخوا)) يوم الثلاثاء، بأن “لا أحد من أطراف النزاع في ليبيا مستفيد من هذا الإغلاق القسري، حيث الجميع في خسارة مكتملة الأركان، والذي يدفع الثمن الأكبر قطعا هو المواطن، الذي تأثر نتيجة توقف تصدير النفط”.
وتابع “نتيجة الإغلاق تواصل أسعار السلع الارتفاع، إلى جانب ندرة السيولة النقدية في المصارف واختفاء النقد الأجنبي، وكل ذلك يجعل السوق السوداء تتغول على المواطنين، وتستغل هذه الأوضاع لرفع مستوى المضاربات التجارية والمالية”.
وختم قائلا “خسرت ليبيا أكثر من 8 مليارات دولار أمريكي، وهو رقم هام في ظل أزمة عالمية جراء كوفيد-19 وما تسبب فيه بانخفاض أسعار النفط الدولية، وبالتالي سيضطر البنك المركزي إلى تعويض الفاقد من الاحتياطي، الذي سيواصل تآكل أرصدته، ولن تستطيع أي حكومة حاليا أو مستقبلا رد هذا العجز بسهولة، ويحتاج الأمر إلى أكثر من 5 أعوام شريطة إعادة التصدير فورا”.
تراجع إيرادات النفط
بدوره، أعلن البنك المركزي الليبي في أحدث تقرير له، بأن إيرادات النفط خلال الأشهر السبعة الماضية، لم تتجاوز 2.2 مليار دينار (1.5 مليار دولار)، وهو رقم ضئيل جدا مقارنة بالموازنة العامة للعام 2020، التي خصص لها قرابة 30 مليار دولار.
وقال البنك المركزي في تقرير حصلت ((شينخوا)) على نسخة منه، بأن “الإنفاق بين شهري يناير ويوليو من العام الجاري بلغ 19 مليار دينار، فيما لم تتجاوز إيرادات النفط 2.2 مليار دينار”.
كما أشار البنك المركزي إلى تدني الإيرادات السيادية غير النفطية (الضرائب وما في حكمها) إلى 50%.
كما بلغت قيمة العجز في إيرادات النقد الأجنبي 5.7 مليار دولار، تمت تغطيتها من احتياطي البنك.
وناشد مصطفى صنع الله، رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، المسؤولين عن إغلاق الموانئ النفطية، التحلي بالمسؤولية والروح الوطنية والشعور بمعاناة المواطن، وإنهاء الاقفالات غير القانونية لمنشآتها، لتتمكن المؤسسة من استئناف الانتاج.
خسائر هائلة
وأكد صنع الله بأن قيمة خسائر النفط جراء الإغلاق تخطت الـ8 مليارات دولار، رافضا تحويل المنشآت النفطية “للاستخدام العسكري” لموانئها، ومهابط طيران في حقولها، حسب قوله.
وتسيطر قوات “” بقيادة المشير حفتر على معظم حقول وموانئ النفط في شرق وجنوب ليبيا.
وتعتمد ليبيا على النفط بنسبة 95% من تحصيل إيراداتها، ويعد مصدر الدخل الوحيد للبلاد.
وتراجع إنتاج النفط بشكل كبير منذ 18 يناير الماضي، إلى دون 100 ألف برميل بعدما كان يتجاوز 1.2 مليون برميل يوميا، عقب إيقاف التصدير من موانئ رئيسية بمنطقة الهلال النفطي شرقي البلاد من قبل القبائل الليبية، التي تطالب بالتوزيع العادل للثروة وعدم صرف إيرادات النفط على المسلحين في غرب ليبيا.
ويواجه قطاع النفط في ليبيا صعوبات نتيجة عدم استقرار عمليات الإنتاج بسبب الإغلاقات المتكررة لحقول وموانئ نفطية على خلفية تهديدات أمنية أو إضرابات عمالية.
مؤسستان حكوميتان للنفط
ويوجد في ليبيا مؤسستان حكوميتان للنفط؛ الأولى في طرابلس، ويعترف بها المجتمع الدولي وتذهب إليها إيرادات النفط حصرا، والثانية في شرقي البلاد يصفها المجتمع الدولي بـ”الموازية”.
إبراهيم الشريف، الخبير في شؤون الطاقة، يؤكد في تصريح لوكالة أنباء (شينخوا)، بأن خسائر النفط يمتد تأثيرها دوليا وليس محليا.
وأوضح الشريف بهذا الصدد “ليبيا دولة هامة في سلة أوبك النفطية الدولية، وبالتالي تتأثر وتؤثر في محيطها جراء أي مشاكل متعلقة بتوقف التصدير، وهذا يفسر حرص دول غربية عدة، على القيام باتصالات مستمرة مع طرفي النزاع، لضمان تسوية عاجلة واستئناف الإنتاج في أقرب وقت ممكن”.
ضغوط دولية
ويطالب المجتمع الدولي ودول غربية عدة، على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا، بسرعة استئناف إنتاج وتصدير النفط، وإنهاء ما يصفونه بـ”الإغلاق القسري” لحقول وموانئ النفط في ليبيا.
وتعاني ليبيا من فوضى أمنية وصراع على السلطة بين الحكومة في طرابلس المعترف بها من المجتمع الدولي، وحكومة موازية في شرق البلاد يدعمها مجلس نواب وقوات “الجيش الوطني” بقيادة حفتر، منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في العام 2011.
يشار إلى أن هذه المقالة نقلا عن وكالة شينخو بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.