عندما أدان العشرات من السياسيين الأمريكيين بالإجماع تقريبًا أعمال عنف مبنى الكابيتول وما قام به المتظاهرون من اقتحام مبنى الكابيتول الأمريكي، فإنهم في الواقع كانوا يصفعون أنفسهم على وجوههم.
منذ وقتٍ ليس ببعيد، وصفت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي الاحتجاجات العنيفة في هونغ كونغ، التي تسببت في إلحاق أضرار جسيمة بالمرافق العامة وقوَّضت الاستقرار الاجتماعي بشكل خطير، بأنها “مشهد جميل يجب رؤيته” في عام 2019.
أعمال عنف مبنى الكابيتول
وفي يوم الخميس، وصفت اقتحام مبنى الكابيتول بأنه “تمرد مسلَّح ضد أمريكا”. كما انضم إليها العديد من السياسيين الآخرين في تسمية هؤلاء المتظاهرين بـ”الغوغاء”، واقتحامهم بـ”التمرد”.
إن إدانة ساسة واشنطن الحادّة للعنف في قلب السياسة الأمريكية وموقفهم المتسم بالبرود تجاه أعمال الشغب في الشوارع بهونغ كونغ هما على طرفي نقيض. لقد كشف هذا الاختلاف الساخر بشكلٍ لا لبسَ فيه عن نفاق معايير واشنطن المزدوجة تجاه العنف.
بغضّ النظر عن الاسم أو تحت أي ظرف من الظروف، لا ينبغي تبرير العنف أبدًا، بدلًا من جعل أصواتهم مسموعة، فإن المحرضين على العنف لن يسهموا إلا بزيادة حِدّة الخلافات وتفاقم المشاكل وتعميق الانقسامات الاجتماعية.
تشجيع العنف
وأظهرت مشاهد يوم الخميس القبيحة والعنيفة في مقر الكونغرس الأمريكي وردود فعل ، أن الأمر لا يعني أنهم لا يفقهون بأن العنف مدمر وخاطئ تمامًا؛ بل إن لديهم دوافع خفية في تشجيع العنف، مثل استخدامه كذريعة للتدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى.
في نظرهم، ما دام العنف لا يحدث في الولايات المتحدة ويعكّر صفو حياتهم، فهذا شيءٌ يجب التغاضي عنه.
وقال محمد صفا، مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة، في تغريدة على موقع التدوين المصغر (تويتر)، في أعقاب أعمال الفوضى بواشنطن، “إذا ما رأت الولايات المتحدة ما تفعله الولايات المتحدة في الولايات المتحدة، لقامت الولايات المتحدة بغزو الولايات المتحدة لتحرير الولايات المتحدة من طغيان الولايات المتحدة”.
قد يثير منشور صفا على (تويتر) ضحك الكثيرين، لكنه مع ذلك يمثل رفضًا قويًّا وسخرية لاذعة لعقودٍ من الغطرسة والبلطجة الوحشية للقوة العظمى الوحيدة في العالم تجاه البلدان الأخرى أشعلت صراعات دموية لا تنتهي، وهي أفعال أدّت إلى عشرات الوفيات في جميع أنحاء العالم.
إدانة أعمال عنف مبنى الكابيتول
وقال مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي المنتهية ولايته، والذي كثيرًا ما أجّج العنف والمواجهة في أجزاء كثيرة من العالم، في تغريدة على موقع (تويتر)، إن اقتحام مبنى الكابيتول الأمريكي “غير مقبول” و”لا يحتمل”.
ومن المؤمل أنه عندما تندلع أعمال عنف في المرة المقبلة في مناطق أو بلدان أخرى، يمكنه هو وبيلوسي وغيرهما من السياسيين الأمريكيين تذكُّر شجبهم لأولئك الذين نهبوا مبنى الكابيتول الأمريكي والتوقف عن ممارسة لعبة المعايير المزدوجة الانتهازية. وإلا فإن مقدرًا لهم أن يضيفوا المزيد من الإحراج إلى حياتهم السياسية المثيرة للشفقة.
يشار إلى أن هذه المادة نقلًا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.