تزايدت الشكوك حول قدرة البورصة المصرية على استيعاب طروحات جديدة كبيرة الحجم خلال الفترة الراهنة، عقب تأجيل تنفيذ طرح %45 من أسهم شركة «ماكرو للأدوية» فى السوق المحلية، بعدما قطعت شوطا كبيرا فى اجراءات الطرح.
وأثارت تلك الشكوك تساؤلات هامة حول ما إذا كان التوقيت الراهن مناسب وماذا عن مستقبل الطروحات الحكومية ؟ وما هو دور السيولة فى التأثير على تأجيل طرح «ماكرو» ؟ بالإضافة الى تحديد الأسباب التى ساهمت فى نجاح طرح شركة «تعليم» مؤخرًا.
كانت «المال» كشفت عن أسباب تأجيل طرح شركة «ماكرو جروب» للمستحضرات الطبية بالبورصة، والتى تضمنت تأثر الطرح بحالة التراجعات القوية التى ضربت البورصة فى الأسابيع الثلاثة الأخيرة، مما أثر سلبًا على قدرة المؤسسات المحلية على المشاركة بقوة فى الطرح، والخوف من مصير محتمل لسهم «ماكرو» مشابه لمصير أسهم مثيلة بقطاع الصحة هبطت عقب طرحها بالبورصة.
وأضافت «المال» فى خبرها أنه رغم تحقيق «ماكرو جروب» لمعدلات تغطية إيجابية من حيث مشاركة المؤسسات الأجنبية التى بلغت نحو %50 من الطرح الخاص، إلا أن الخسائر وانخفاض حجم السيولة كانتا من الأسباب التى ساهمت فى إتخاذ قرار التأجيل، بالإضافة الى ان مساهمى «ماكرو» سيدرسون تنفيذ الطرح مرة أخرى فى نهاية 2021 او مطلع 2022 المقبل.
ورغم ما حدث فى طرح «ماكرو جروب» إلا أن نظيره الخاص بشركة «تعليم» حقق معدلات تغطية جيدة الاسبوع الماضى، بمعدل تغطية للطرح العام بلغ 29.38 مرة، والخاص بلغ 2.34 مرة.
خبراء يفندون لـ «المال» الوضع الراهن والمستقبلى للاكتتابات وأسباب نجاحها أو فشلها
طرحت «المال» التساؤلات سالفة الذكر على مجموعة متنوعة من خبراء السوق بقطاعات الاستشارات المالية وبنوك الاستثمار، وقطاع الوساطة المالية والتحليل الفنى، لرسم صورة أكثر وضوحًا عن مستقبل الطروحات فى البورصة المصرية عقب تأجيل طرح «ماكرو جروب».
محمد أبو راوى: السوق لا يستطيع تغطية طروحات كبيرة متتالية فى ظل تراجعاتها الأخيرة
قال محمد أبو راوى، رئيس قطاع بنوك الاستثمار بشركة إتش سى للأوراق المالية والاستثمار، ان سوق الأسهم المصرية غير مناسبة لإستقبال طروحات جديدة خلال الفترة الراهنة، نظرًا لعدة أسباب أبرزها حالة السوق وتعرضها لموجات هبوط وتراجعات عنيفة خلال الأسابيع الماضية.
وأضاف ان تأجيل طرح شركة «ماكرو جروب» للمستحضرات الطبية لا يعنى عدم جاذبية الشركة محل الطرح، إلا أنه يُشير الى ان السوق ومؤسساتها المحلية لا تقدر على المشاركة فى طروحات جديدة .
وأوضح رئيس قطاع بنوك الاستثمار بشركة إتش سى للأوراق المالية والاستثمار أن قرار المشاركة فى تغطية الطروحات مرتبط بالحالة النفسية للمستثمرين التى تتأثر سلبًا وإيجابًا بحالة السوق والمستويات السعرية للأسهم.
وأشار أبو راوى إلى أن شركة «ماكرو جروب» تنتمى لقطاع لم يتأثر بجائحة فيروس كورونا، مما يؤكد ان حالة السوق لا ترتبط بقصة الشركة محل الطرح ذاتها ولكنها ترتبط بظروف السوق وحجم السيولة المتاحة .
وأكد أن خسائر الأسهم خلال الفترة الماضية أثرت سلبًا على حجم السيولة المتاحة لدى المستثمرين، فى الوقت الذى يسيطر عدم الوضوح وحالة من التوترات على السوق.
وشدد أبو راوى، على أن الرؤية ستكون أكثر وضوحًا بشأن الطروحات فى سوق الأسهم خلال النصف الثانى من العام الجارى، مرتبطة بوضوح مستقبل جائحة كورونا فى مصر، وتطور عملية التطعيم بلقاحات كورونا المختلفة، وعدد من الملفات الهامة بالسوق.
هشام الشبينى: النجاح مرتبط برؤية المستثمرين الأجانب لمستقبل الاقتصاد والاستثمار بالدول النامية
من جهته قال هشام الشبينى، رئيس قسم البحوث فى شركة «مباشر» لتداول الاوراق المالية، ان القيمة السوقية للبورصة تعادل %10 من الناتج المحلى الإجمالى السنوى لمصر ومن ثم فإن البورصة المصرية تحتاج إلى طروحات عديدة وكبيرة لزيادة عمق السوق وزيادة جاذبيته وملائمته للاستثمار المؤسسى الأجنبى الضخم الذى تستهدفه الدولة.
وأضاف أن نجاح الطروحات العامة الأولية يعتمد على عدة عوامل أبرزها الظروف الخاصة بالعرض والطلب على الأوراق المالية المقيدة بالفعل فى البورصة وتلك الجديدة المخطط طرحها.
واوضح أن أفضل ظروف للطروحات الأولية تلك التى تتزامن مع زيادة جاذبية الاستثمار فى البورصة بشكل عام عندما تكون الأسعار السوقية للأسهم منخفضة والعوائد الرأسمالية المحتملة مرتفعة وعوائد الكوبونات النقدية عليها مرتفعة مقارنة بالعوائد المتوقعة من أصول استثمارية أخرى.
أضاف: «أسعار الفائدة الحالية فى البنوك بين 8.25 إلى %9.25 تعتبر منخفضة وفى ظل تضخم يدور حاليا بين 5 إلى %6 ونتوقع له %7 قريبا، حيث من المفترض أن الاستثمار فى البورصة يكون جذابا.
واوضح أن نجاح الطروحات العامة الأولية فى البورصة مرتبط برؤية المستثمرين الأجانب لمستقبل الاقتصاد والاستثمار فى الدول النامية، والتى يترتب عليها زيادة استثماراتهم «المحافظ وصناديق الاستثمار» الموجهة إلى هذه الأسواق ومنها البورصة المصرية.
وأضاف أن عوامل جذب الاستثمارات الأجنبية تعتمد على الانخفاض فى التضخم لدى الدول النامية وتحسن المؤشرات المالية للموازنة العامة للدولة، فضلا عن تبنى الدولة لسياسة سعر صرف مرنة وتحرير أسواق المال وزيادة دور القطاع الخاص.
ولفت إلى أن الطروحات الأولية لا تحتاج فقط إلى بيئة عالمية مواتية وإلى قصة نجاح لتجربة إصلاح اقتصادى كالتى تمت فى مصر وإنما تحتاج أيضا إلى عدم وجود أى مخاطر جيوسياسية خاصة.
وأضاف ان تعثر المفاوضات بين مصر والسودان من ناحية وبين إثيوبيا من ناحية فيما يتعلق بموضوع سد النهضة قد يعتبر عاملا سلبيا للاستثمارات الأجنبية غير المباشرة إلى الدول الثلاث وبالتالى قد لا يجعل الحالة ملائمة لنجاح طروحات عامة أولية«.
ولفت إلى أن مستويات الدخل والادخار والوعى بين المواطنين المصريين بثقافة الاستثمار بشكل عام والاستثمار فى البورصة المصرية بشكل خاص يعتبر عاملا أيضا محددا لنجاح الطروحات الأولية من عدمه.
عادل عبدالفتاح: نجاح «تعليم» كان بسبب كونه قطاع دفاعى لم يتأثر بالتوقيت
فيما قال عادل عبدالفتاح، رئيس مجلس ادارة شركة «ثمار» لتداول الأوراق المالية، إن الوقت مناسب لإستقبال طروحات وبضاعة جديدة لنمو قاعدة السوق وجذب مستثمرين مصريين وأجانب.
وأوضح أن شركة «تعليم» تعمل فى قطاع دفاعى ومهم والسوق متعطشة لتمثيل هذه القطاعات، وبالتالى لم يكن عنصر توقيت الطرح مهم فى مثل هذه الطروحات وبغض النظر عن حركة المؤشرات ايضا ومن السهولة تغطيتهما.
وذكر ان السيولة متوافرة بالسوق وتحتاج إلى اوراق مالية قوية كما حدث فى اكتتاب تعليم الذى تم تغطية عشرات المرات.
ولفت إلى أن نجاح الطرح ليس مرتبطاَ بتغطية الاكتتاب فقط ولكن باستمرارية فى الأداء السعرى وتحقيق مكاسب على الشاشات، كذلك دور الطرح فى رفع قيم التداولات والسيولة بالسوق وهو الهدف الأعظم.
وأشار «عبدالفتاح» إلى أن التسعير المناسب بدون مغالاة ومضاعفات الربحية الجذابة محددات رئيسية لنجاح أى طرح خلال الفترة الحالية.
وأوضح أن الحكم على الطروحات لا يكون على المدى القصير لأن مروجى الطرح يمكنهم جذب ملاءات مالية قوية للاكتتاب، ولكن الأهم هو استقرار سعر الطرح وتحقيق مكاسب سوقية للمستثمرين.
ولفت إلى أن قطاعى التعليم والصحة والمدفوعات الإلكترونية جاذبة للسيولة بشدة خلال الفترة المقبلة، مشيرًا الى أن اقسام البحوث تُصدر تقييماتها بشكل مستمر للطروحات الجديدة، مما يتيح للمستثمرين بناء قرارهم الاستثمارى والدخول فى الطرح من عدمه.
أحمد أبوحسين: الفترة الحالية غير مناسبة
و قال أحمد أبوحسين العضو المنتدب بشركة كايرو كابيتال لتداول الأوراق المالية إن انخفاض السيولة فى الفترة الأخيرة جاء نتيجة تذبذب حركة المؤشرات لكن الطروحات المنتظرة عليها دور فى دخول اموال جديدة.
وأوضح «ابو حسين» أن السوق دائما متعطشة لطروحات جديدة مضيفاً أن توقيت الطروحات الحالية قد يكون غير مناسب، لكن المؤشرات المالية للشركات المعروضة هى التى تجذب شريحة من المستثمرين وتحكم عملية الطرح فضلا عن قوة عملية الترويج نفسها.
واشار إلى أن الحكومة ما زال لديها مخاوف من فشل طروحاتها فى ظل حالة التذبذب التى تشهدها الاسواق الداخلية والعالمية والتى ادت إلى تناقص السيولة على مستوى العالم ورأى أن الحكومة ترى أن الفرصة غير مهيأة لشريحة كبيرة من العملاء لإنجاح طروحات حكومية ضخمة بهذا الحجم.
وأوضح أن الظروف العالمية غير مهياة للطروحات الحكومية نظرا لارتفاع قيمتها، اذ تحتاج إلى مستثمرين ذوى ملاءة مالية كبيرة، وبالتالى من المتوقع استئناف البرنامج خلال الربع الرابع من 2021.
ويشمل جدول الطروحات الحكومية شركة «إى فاينانس» وطرح ثانوى لشركة «أبوقير للأسمدة» والطرح العام الأولى لبنك القاهرة.
وتتضمن الطروحات الخاصة طرح عام أولى لشركة جالينا القابضة لإنتاج بدائل اللحوم والخضروات والفواكه المركزة، وشركة إبتكار (التابعة ل إم إم جروب وبى إنفستمنتس القابضة).
ياسر عمارة: قطاع الأدوية يدخل فى مرحلة إعادة هيكلة و«المارجن» كلمة السر فى اختفاء السيولة
من جانبه قال ياسر عمارة رئيس مجلس ادارة شركة ايجل للاستشارات المالية، إن تأجيل طرح شركة «ماكرو جروب» بالبورصة المصرية، بات دليلا ومؤشرًا على عدم استطاعة السوق استيعاب طروحات كبيرة خلال الفترة الراهنة.
وأضاف ان تأجيل طرح «ماكرو جروب» كان بسبب عدم تحقيق معدلات تغطية ايجابية للطرح أو الاكتتاب الخاص، لافتًا الى ان قطاع الأدوية بات فى موضع غير واضح من حيث التقييم خلال الفترة الراهنة، لعدة أسباب أبرزها اتجاه الدولة نحو حوكمة القطاع.
وأوضح رئيس مجلس ادارة شركة ايجل للاستشارات المالية أن مشروعات الدولة الأخيرة المتمثلة فى «مدينة الدواء» و«تصنيع المواد الفعالة»، قد تؤثر على تقييمات القطاع الطبى خلال الفترة المقبلة.
وأشار عمارة إلى ان أداء سهم «تعليم» عقب تنفيذ طرحه وبدء تداوله بالبورصة الأسبوع الماضى، لم يكن على المستوى المأمول ولم يحقق الإرتفاعات المنتظرة منه فى الجلسات الأولى عقب بدء التداول .
وأكد عمارة أن سوق الأسهم المصرية تعانى من شح فى السيولة المتاحة للتداول، يشير إلى أن شركة «ايبيكو» قامت ببيع أسهم خزينة بمستويات سعرية 42 جنيه مقارنة بسعر شراء 60 جنيها للسهم.
وألمح عمارة إلى انه من النظرة العامة لطرح «ماكرو جروب» فإن سعر السهم قد يكون مرتفعًا مقارنة بأسعار الأسهم المتداولة المنتمية لنفس القطاع الطبى فى البورصة، لافتًا الى ان المستثمر دائمًا يرغب فى معدل خصم كبير يصل الى %25 للمشاركة فى طروحات جديدة بالسوق.
وتابع موضحًا أن قصة طرح «راميدا» التى شهدت تراجع السهم بعد بدء التداول مباشرة كان أحد أسباب تخوف «ماكرو جروب» من مصير مماثل لسهمها وعدم نجاحه فى تقديم مستويات سعرية ايجابية ومن ثم كان قرار التأجيل هو الأنسب للشركة.
وتطرق رئيس مجلس ادارة شركة ايجل للاستشارات المالية إلى تأثر السوق بتغييرات ضوابط آلية الشراء بالهامش، رغم كونها قرارات صائبة ومفيدة للسوق على المدى الطويل، إلا أن هناك حالة من عدم تقبل تلك التغييرات التى تضع سقفًا لإستخدام الشراء بالهامش «المارجن».
وأكد عمارة، أن نسبة من الطروحات المختلفة فى البورصة كان يتم تغطيتها عن طريق الشراء بالهامش، الأمر الذى أصبح غير متاح عقب إعلان الضوابط الجديدة لألية الشراء بالهامش، إذ أصبحت المؤسسات المحلية وصناديق الإستثمار غير قادرة على تمويل مشاركتها فى الطروحات الجديدة.
وشدد على أن تأجيل طرح «ماكرو جروب» فى البورصة سيتسبب فى خلق انطباع سئ مجددًا عن سوق الطروحات خلال الفترة الراهنة، مطالبًا بالبحث عن آلية جديدة لتنفيذ الطروحات بخلاف النموذج المتبع الذى يضم إكتتاب خاص وإكتتاب عام .
قال سعيد الفقى مدير فرع شركة «أصول» لتداول الأوراق المالية إنه مند بداية الشهر الماضى والبورصة المصرية تمر بمرحلة تصحيح عنيف تعد الاقوى خلال عام اقترب المؤشر خلالها من مناطق الدعم القوية عند 10200 نقطة ثم بدأ يستعيد توازنة وتكوين مراكز شرائية جديدة فى هذة المناطق.
واوضح «سعيد» أنه برغم الظروف الحالية إلإ ان طرح شركة «تعليم» الذى تم مؤخراً لم يتم تداوله تحت أدنى سعر الطرح ، ما يشير إلى قدر السوق على استيعاب اوراق جديدة.