شهدت الجلسة الافتتاحية أمس على المستوى الرئاسى من فعاليات مؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية المناخ (COP 27) فى مدينة شرم الشيخ، الذى تحتضنه مصر خلال الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر الجارى حضور عدداً من قادة ورؤساء الدول والحكومات والمندوبين من نحو 197 دولة، و40 ألف مشارك من جميع دول العالم.
ووجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال كلمته فى الجلسة الافتتاحية أمس نداء عالميا لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية التى أثرت على جميع دول العالم، متسائلاً، هل ما نطمح إلى تحقيقه من أهداف يقع فى نطاق الممكن؟
وقال السيسى انه يجب توافر الإرادة الحقيقية والنية الصادقة لتعزيز العمل المناخى المشترك، وترجمة ما يصدر عن اجتماعاتنا من نتائج إلى واقع ملموس.
وأكد أن يشهد كوارث مناخية تتسارع وتيرتها وتزداد حدتها على نحو غير مسبوق يوما تلو الآخر، مخلفة وراءها آلاف الضحايا والمصابين والنازحين، ومسببة خسائر مادية بالمليارات، وكأن العالم قد أصبح مسرحا لعرض مستمر للمعاناة الإنسانية فى أقسى صورها».
وتابع السيسي: إن ما تنتظره منا شعوبنا اليوم هو التنفيذ السريع والفعال والعادل، تتوقع منا شعوبنا خطوات حقيقية وملموسة نحو خفض الانبعاثات وبناء القدرة على التكيف مع تبعات تغير المناخ، وتوفير التمويل اللازم للدول النامية التى تعانى أكثر من غيرها من أزمة المناخ الراهنة من هذا المنطلق، فلقد حرصنا على تسمية هذه القمة «قمة التنفيذ» وهو الهدف الذى يجب أن تتمحور حوله جميع جهودنا ومساعينا.
وأوضح أن هناك شعوبا باتت أكثر وعيا ودراية بحجم التحدى ومتطلبات مواجهته وبالثمن الباهظ للتقاعس أو التراجع، والأمل أيضاً فى حكومات تعلم ما يتعين عليها القيام به، وتسعى بالفعل إليه وفقا لقدراتها وإمكانياتها، وفى قطاع أعمال عالمى ومجتمع مدنى أصبح يمتلك من الأدوات ما يؤهله للعب أدوار مهمة فى هذا الإطار.
وقال السيسي: «لقد وضعنا فى مصر نصب أعيننا أهدافا طموحة، عبرنا عنها فى إستراتيجية مصر الوطنية لمواجهة تغير المناخ، ونعمل بدأب على الإسراع من وتيرة التحول الأخضر من خلال التوسع فى الاعتماد على الطاقة المتجددة والنقل النظيف، واتخذنا خطوات ملموسة نحو إحداث تحول هيكلى فى القوانين والتشريعات وآليات العمل الحكومية بما يساهم فى تعزيز الاستثمارات الخضراء».
واقترح «السيسى» الإعلان عن المزيد من المساهمات المحددة وطنيا، ورفع طموح إستراتيجياتكم لخفض الانبعاثات، وإطلاق مبادرات طموحة وفعالة تجمع جميع الفاعلين حول أهداف واضحة فى التكيف والتمويل، ومتابعة تنفيذ ما تم إطلاقه من مبادرات فى السابق، والانضمام إلى المبادرات الجديدة التى تعتزم مصر إطلاقها على مدار أيام المؤتمر.
وأكد أن الأهم من ذلك كله، أن تكون توجيهاتكم لمفاوضيكم، الذين يستعدون الآن لبدء أسبوعين من المفاوضات الهامة، هى التحلى بالمرونة والعمل على بناء الثقة والتوافق للخروج بالنتائج التى أعلم أنكم كقادة للعالم تريدون الخروج بها من هذا المؤتم.
وشدد على أنه لا مجال للتراجع أو التذرع بأى تحديات لتبرير ذلك، حيث إن فوات الفرصة هو إضاعة لإرث أجيال المستقبل من أبنائنا وأحفادنا، وإننى أثق فى حكمتكم وفى إدراككم لهذه اللحظة المصيرية من عمر كوكبنا، وأعلم أننا جميعا أهل للمسئولية الملقاة على عاتقنا، لنمضى الآن سويا نحو التنفيذ ولا شيء غير التنفيذ.
من جانبه، دعا أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة لإبرام ميثاق بين الدول المتقدمة والنامية لعدم تخطى درجات حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية، كما أن أمريكا والصين لديهما مسئولية خاصة لبذل الجهود لترجمة هذا الميثاق على أرض الواقع.
وتابع إن نحو 3 مليارات من الناس يعيشون فى مناطق تعانى من تبعات التغيرات المناخية، مؤكدا أن الدول المتقدمة فى قمة جلاكسو وعدت بمضاعفة دعم التكيف إلى 40 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2025.
وأوضح أن العالم بحاجة إلى خارطة طريق حول كيفية تسليم ذلك، ويجب أن ندرك أن هذه ليست سوى خطوة أولى، ومن المقرر أن تنمو احتياجات التكيف إلى أكثر من 300 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030.
بينما أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات العربية المتحدة، أنه يتفق مع الرئيس السيسى، فى وقف الحرب الروسية الأوكرانية، قائلا: نجتمع اليوم فى وقت حرج لكوكبنا، فعالمنا يواجه تحديات معقدة ومن أهمها تغير المناخ الذى أصبح يؤثر على الاستقرار والأمن فى العالم.
وتابع: «الإمارات أول دولة فى المنطقة تعلن مبادرة إستراتيجية لتحقيق الحياد المناخى بحلول 2050 كما أطلقنا قبل أيام اتفاقية شراكة مع أمريكا لاستثمار 100 مليار دولار ولإنتاج 100 جيجاوات من الطاقة النظيفة، هذه المبادرات تخلق قطاعات ومهارات ووظائف جديدة، وتساعد على إبقاء الأمل لتفادى ارتفاع درجة حرارة الأرض».
وأشار إلى أن دولة الإمارات ستستمر فى مد جسور التعاون والتواصل مع المجتمع الدولى استعداداً لاستضافة الدورة 28 لمؤتمر المناخ فى مدينة «دبى إكسبو» عام 2023 علاوة على إنجاز أول تقييم عالمى لاتفاق باريس للمناخ.
وأكد الدكتور محمود محيى الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر «COP27» والمبعوث الخاص للأمم المتحدة المعنى بتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، أن تمويل العمل المناخى فى الدول النامية غير فعال لأن عملية التفاوض بين هذه الدول وجهات التمويل والاستثمار تستغرق وقتا طويلا.
وأضاف أن تمويل العمل المناخى غير كاف لوجود فجوة بين الاستثمار المتاح والمطلوب تبلغ نحو 1.3 تريليون دولار سنويا، فضلاً عن عدم التزام بعض الدول المتقدمة بتعهداتها المتعلقة بتمويل العمل المناخى فى الدول النامية.
وثمّن «محيى الدين» جهود الدول الأفريقية والنامية بشأن إيجاد وتطبيق حلول تمويلية للعمل المناخى لديها من خلال ربط الموازنات العامة بالعمل التنموى والمناخى، وتفعيل آليات التمويل المبتكر ومقايضة الدين مقابل الاستثمار المشترك فى مشروعات المناخ والبيئة.
وأوضح أن هناك نماذج جيدة لتمويل العمل المناخى من خلال المنح والقروض الميسرة منها النموذج الذى تقدمه مؤسسة التنمية الدولية «IDA» والذى يعتمد فترات سداد طويلة المدى بفوائد مخفضة.
وأكد أنه رغم وجود هذه النماذج فإنه من الأفضل ألا يعتمد تمويل العمل المناخى على الدين واللجوء عوضا عن ذلك لإنشاء أسواق للكربون وأدوات تخفيض الدين وتفعيل مقايضة الديون.