طلبت شركات نفطية تعمل في كردستان العراق من الولايات المتحدة الأمريكية التدخل لتهدئة الأوضاع ونزع فتيل التوتر بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي، إلا أن خبراء بالقطاع لا يرجحون تدخلاً أمريكياً أو يستبعدون أن يجدي ذلك نفعاً إن حدث، وفق ما ذكرته “رويترز”.
يتوقع محللون أن ينسحب مزيد من الشركات العاملة في كردستان ما لم تتحسن الأوضاع على الصعيد الأمني والسياسي مع الحكومة المركزية، وذلك بعد أن تخارجت بالفعل شركات أجنبية، وفقدت شركات أخرى اهتمامها بالعمل في الإقليم.
يهدد ضعف الاستثمارات وغياب الاستكشافات الجديدة بتدهور إنتاج النفط في إقليم كردستان العراق، الذي من المتوقع أن ينخفض بنحو 50% تقريباً بحلول عام 2027، مقارنة بما هو عليه حالياً، وذلك حسب وثائق حكومية.
ضمان تدفق الإمدادات
ونقلت وكالة “رويترز” عن ثلاثة مصادر أن الأمر يستلزم تدخلاً لضمان استمرار تدفق النفط من شمال العراق إلى تركيا، حتى لا تضطر أنقرة إلى زيادة وارداتها النفطية من إيران وروسيا، مضيفة أن اقتصاد إقليم كردستان عرضة للانهيار إذا فقد إيراداته النفطية.
شاب التوتر الأجواء في فبراير عندما قضت المحكمة الاتحادية العراقية بعدم دستورية قانون ينظم قطاع النفط في كردستان، وفي أعقاب صدور الحكم كثفت الحكومة الاتحادية، التي طالما عارضت السماح لحكومة كردستان بتصدير النفط بشكل مستقلّ، جهودها للسيطرة على عائدات تصدير النفط من أربيل، عاصمة الإقليم.
حسب نسخة من خطاب اطلعت عليه الوكالة، كتبت شركة “إتش كيه إن إنيرجي” ومقرها دالاس لسفيري الولايات المتحدة في بغداد وأنقرة، في يناير، تطلب الوساطة في قضية أخرى تعود إلى عام 2014 وتتعلق بخط الأنابيب الواصل بين العراق وتركيا.
تتهم بغداد تركيا بانتهاك الاتفاقية الخاصة بالخط بسماحها بمرور صادرات كردستان، التي تعتبرها غير قانونية، عبر خط الأنابيب إلى ميناء جيهان التركي.
أجرت شركة نفطية واحدة أخرى على الأقل اتصالات رفيعة المستوى مع أربع حكومات معنية بشكل مباشر أو غير مباشر، لحثها على التدخل، حسبما قال صرح ممثل للشركة طلب عدم الكشف عن هويته، فيما أحجمت شركات أخرى عاملة في كردستان العراق مثل “جينيل إنيرجي” و”شيفرون” التعليق على قضية التحكيم، ولم تردّ شركتا “دي إن أو” و”غلف كيستون” حتى الآن على طلب التعقيب.
اقتصاد الإقليم في خطر
من شأن أي توقف لتدفق النفط عبر خط الأنابيب الواصل بين العراق وتركيا أن يقود لانهيار اقتصاد كردستان، إضافة إلى دفع تركيا للحصول على مزيد من الخام من إيران وروسيا، وفقاً لرسالة “إتش كيه إن” لممثلين عن الولايات المتحدة.
ويمكن لخط الأنابيب الممتد بين العراق وتركيا ضخ ما يصل إلى 900 ألف برميل يومياً، تمثل تقريباً 1% من إجمالي الطلب العالمي اليومي، من كل من شركة تسويق النفط العراقية “سومو” وحكومة كردستان العراق، إلا أنه يجري حالياً ضخ 500 ألف برميل من حقول شمال العراق، الذي سيجد صعوبة في زيادة الإمدادات ما لم تكن هناك استثمارات جديدة.
وفقاً لمصادر مطلعة اطلاعاً مباشراً، دعمت الشركات خطابات أرسلها أعضاء في الكونغرس إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن في أغسطس، وطالبت الخطابات بإجراء مشاورات رفيعة بين أربيل وبغداد تأميناً لاستقرار كردستان ودرءاً للتدخل الإيراني في العراق.
اهتمام أمريكي فاتر
في 16 أغسطس الماضي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إنّ الخلافات بين بغداد وأربيل خلافات تخص الجانبين، لكن الولايات المتحدة يمكن أن تشجع على الحوار.
استدعت الخارجية الأميركية في يوليو شركة الاستشارات القانونية الأميركية “فنسون أند إلكنز”، التي تمثل وزارة النفط العراقية في بغداد، لتقديم إحاطة في واشنطن بشأن الخلاف الخاص بخط أنابيب العراق-تركيا.
جيمس لوفتيس الشريك في “فنسون أند إلكنز” يقول إنّ “بغداد سترحب بالتأكيد بأي تصريحات أميركية لزعامة كردستان العراق بأن عليها التزام التدابير الدستورية العراقية ذات الصلة بقطاع النفط في العراق”.
قال رعد القادري العضو المنتدب للطاقة والمناخ والاستدامة في “أوراسيا غروب”: “الولايات المتحدة سحبت يدها من العراق على مدار العقد الماضي. وأي ضغط من واشنطن أو من غيرها لن يحل الخلافات بين بغداد والأكراد”.