«بين آمال خفض أسعار الغاز واحتدام منافسة التصدير».. بهذه الكلمات لخصت وحدات بحوث فى بنوك استثمار وشركات صناعية، الوضع المستقبلى لـ شركات الكيماويات والأسمدة المقيدة بالبورصة المصرية خلال العام الحالي، ورجحت أن تشهد أداءً صعباً ومتذبذباً فى أسعار البيع.
يضم قطاع الصناعات الكيماوية والأسمدة بالبورصة 6 شركات «مصر لإنتاج الأسمدة – «موبكو»، والصناعات الكيماوية المصرية – «كيما»، وأبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية، ومصر لصناعة الكيماويات، والمالية والصناعية المصرية» وسيدى كرير للبتروكيماويات.
رأت وحدات البحوث أن شركات الكيماويات المقيدة بالبورصة على وشك التعافي، مستفيدة من توافر الغاز الطبيعى واحتمالية خفضه بيعه، لكن ترى الوحدات أن هذه الشركات تواجه أزمة فى ضوء المخاطر المتعلقة بالأحداث العالمية، لا سيما فيروس كورونا بالصين، الذى يؤثر بدوره على أسعار بيع البترول الخام بالأسواق الخارجية وبالتبعية على أسعار بيع المنتجات الكيماوية.
مسؤول: الصادرات تواجه أزمة مع خفض الدول المنافسة لأسعار الغاز
أكدت وحدات البحوث أن توافر الفائض من الغاز الطبيعى يؤدى إلى تراجع تكاليف مستلزمات الإنتاج، وزيادة الإنتاجية لمصانع الأسمدة والبتروكيماويات، لكنها لن تصبح كافية نتيجة المعطيات الخارجية، وبالتالى من المتوقع تراجع أسعار البيع بين 10 و%15.
تتوقع الحكومة فائضا يبلغ 1.5 مليار قدم يوميا من الغاز، كما تستهدف توصيل شبكة الغاز الطبيعى لعدد 0.7 مليون منزل كل عام، مع الإصرار على التوسع فى معامل التكرير، ما يدعم قدرة الدولة على خفض وارداتها من المنتجات النفطية المكررة بشكل ملحوظ خلال العامين المقبلين.
كشف حصر لـ»المال» من داخل القوائم المالية لعام 2019 خاص بـ 5 شركات صناعات كيماوية وأسمدة مقيدة بالبورصة، عن تحقيقها إجمالى أرباح بقيمة 4 مليارات جنيه، مقابل 4.3 مليار جنيه فى 2018، متأثرة بتراجع أسعار البيع خلال الربع الرابع من العام الماضى.
أظهر الحصر أن الشركات سجلت مبيعات بقيمة 12.4 مليار جنيه خلال العام الماضي، مقابل 12 مليارا العام السابق له، وتضمن الحصر إجراء معالجة حسابية وتحويل نتائج أعمال بعض الشركات من العام المالى إلى عام ميلادي، فضلاً عن استبعاد نتائج أعمال شركة سيدى كرير نظراً لأنها لم تعلن عن النتائج السنوية بعد.
ورغم انخفاض أسعار البيع بداية من الربع الرابع من 2019، سجلت شركات الأسمدة أداء جيدا خلال العام الماضي، والبداية من شركة أبو قير للأسمدة، التى حققت أرباحا بقيمة 2.93 مليار جنيه خلال 2019، مقابل 2.64 مليار جنيه فى 2018، بزيادة قدرها %11، ومبيعات بقيمة 8.44 مليار جنيه، مقابل 8.01 مليار جنيه العام السابق، بنمو %5.5، طبقا لحسابات «المال».
ارتفعت أرباح شركة أبوقير للأسمدة بنسبة %30.4 خلال العام المالى (2018 – 2019) لتصل إلى 3.16 مليار جنيه، مقارنة بصافى أرباح 2.42 مليار جنيه خلال العام المالى الأسبق، وزادت المبيعات إلى 8.58 مليار جنيه، مقابل 7.55 مليار جنيه فى العام المالى الأسبق.
جاء تحسن أعمال أبو قير نتيجة عوامل مختلفة فى مقدمتها استمرار تشغيل المصانع بكامل طاقتها الإنتاجية مع اتباع سياسة تنوع المنتجات وآلية مرنة فى التسويق، تزامنا مع العمل على خفض مصروفات التشغيل، وتحسن العوائد من شركتى «حلوان للأسمدة» و»إسكندرية للأسمدة» التابعتين.
كشفت المؤشرات المالية المستقلة لشركة «موبكو» عن تراجع الأرباح %43.8 العام الماضي، لتسجل 830.42 مليون جنيه، مقابل 1.48 مليار جنيه أرباحا خلال 2018، كما تراجعت المبيعات %9 لتسجل 2.41 مليار جنيه، مقابل 2.64 مليار جنيه خلال العام السابق له.
ارتفعت أرباح شركة «كيما» %38 فى 2019، لتصل إلى 78.2 مليون جنيه مقابل 56.7 مليون جنيه فى 2018، بينما قفزت الإيرادات %63، لتسجل 404.4 مليون جنيه مقابل 248.1 مليون جنيه فى 2018، طبقا لحسابات «المال».
يذكر أن صافى أرباح «كيما» تراجع إلى 32.33 مليون جنيه خلال العام المالى الماضى (2018 – 2019)، مقابل 100.05 مليون جنيه أرباح العام المالى المماثل، وهبطت الإيرادات لتسجل 341.08 مليون جنيه، مقابل 571.04 مليون جنيه خلال الفترة المقارنة.
جاء تراجع الأرباح نتيجة انخفاض الصادرات نظراً لعدم وجود تصاريح أمنية للتصدير لبعض الدول، وإيقاف إنتاج الأمونيا بالشركة نتيجة ارتفاع أسعار الكهرباء والاعتماد على الأمونيا المشتراة من الشركات الشقيقة ما أدى إلى انخفاض الإنتاج وزيادة التكلفة وتراجع المبيعات.
أعلنت شركة «كيما»، فى وقت سابق، أنها تخطط لتحقيق مبيعات بقيمة 3.6 مليار جنيه خلال العام المالى الجارى (2019 – 2020)، كما تستهدف مبيعات قدرها 4.5 مليار جنيه خلال العام المالى المقبل (2020 – 2021)، مع بدء التشغيل التجارى لمصنع «كيما 2».
وأظهرت المؤشرات المالية المستقلة لشركة المالية والصناعية المصرية ارتفاع أرباحها بنسبة %36.3 خلال 2019، لتبلغ 144.25 مليون جنيه مقابل أرباح بقيمة 105.83 مليون جنيه فى 2018، بينما سجلت إيرادات بقيمة 884.2 مليون جنيه خلال الفترة المذكورة مقابل إيرادات بلغت 890 مليون جنيه فى العام السابق له.
وعلى صعيد قطاع البتروكيماويات، حققت شركة سيدى كرير أرباحاً بلغت 521 مليون جنيه خلال التسعة أشهر الأولى من 2019 مقابل أرباح قدرها 922 مليون جنيه فى الفترة المقارنة من 2018، فيما لم تعلن عن أرباح العام بأكمله حتى الآن، وبالتالى تم استبعادها من الحصر.
وتراجعت إيرادات «سيدى كرير»، إلى 3.9 مليار جنيه، مقابل إيرادات بلغت 4.2 مليار جنيه.
وهبطت أرباح شركة مصر لصناعة الكيماويات %74 لتسجل 31.8 مليون جنيه فى 2019 مقابل 122.8 مليون جنيه فى 2018، كما انخفضت المبيعات بمعدل %28 لتسجل 304.7 مليون جنيه مقابل 423 مليوناً وفقا لحسابات «المال».
وأرجعت مصر للكيماويات انخفاض الأرباح إلى زيادة مستلزمات الإنتاج، وعلى رأسها الكهرباء بنحو 20 مليون جنيه، إضافة إلى انخفاض أسعار بيع المنتجات بنحو 40 مليون جنيه.
وفى البداية، رجحت وحدة أبحاث بنك الاستثمار «نعيم» اتجاه الحكومة لخفض أسعار الغاز الطبيعى تدريجياً بحوالى دولار واحد لكل مليون وحدة، وأسعار الكهرباء بنحو %15 خلال العامين 2020 و2021.
«نعيم» ترجح خفض الغاز والكهرباء خلال عامى (2020 – 2021)
وافترضت «نعيم» أن يصل متوسط سعر خام برنت إلى 64 دولار للبرميل على المدى المتوسط، وأن تتراجع أسعار البتروكيماويات والأسمدة النيتروجينية بنحو %10 و%13 بالترتيب خلال 2020 مع ظهور قدرات إنتاجية جديدة على الصعيد العالمى واحتدام المنافسة فى أسواق التصدير.
واستبعدت تعرض الدعم المخصص للأسمدة المحلية لمزيد من الخفض بما فى ذلك اليوريا والنترات فى ظل التنبؤات التى تشير إلى ارتفاع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار ليسجل 14.5 جنيه فى 2021.
وراجعت «نعيم» القيم العادلة لأسهم القطاع إذ خفضت القيمة العادلة لسهم موبكو من 101.8 إلى 86.2 جنيه، لكنها
أوصت بالشراء، متوقعة زيادة نسبة التوزيعات النقدية بحلول 2021 فى ضوء تسريع الشركة لعملية تخفيض ديونها فى الميزانية العمومية.
وأوصت الورقة البحثية بشراء سهم «كيما» عند قيمة عادلة قدرها 8.5 جنيه، موضحة أن بدء التشغيل التجارى لمصنع كيما-2 سيمثل دفعة إيجابية لربحية الشركة إذ إنه لم يتم ضم أرباح المصنع الجديد للشركة بعد.
وحددت القيمة العادلة لسهم أبو قير عند 26.3 جنيه مع توصية بالشراء بالتزامن مع طرح حصة إضافية من أسهم الشركة بالبورصة ضمن برنامج الطروحات الحكومية، موضحة أن الترجيحات بارتفاع صادرات الشركة لتتجاوز %60 من إنتاجها سيؤثر إيجابياً على الأرباح على المدى المتوسط.
وأوصت «نعيم» بشراء سهم سيدى كرير مع مخاطر عالية وخفضت القيمة العادلة من 17.2 إلى 13 جنيها، لافتة إلى أنه تم تسعير السهم بأقل من القيمة الفعلية فى ظل العبء الذى يمثله الاكتتاب فى زيادة رأس مال الشركة لتمويل مشروع البروبلين والبولى بروبلين الذى تتجاوز تكلفته الاستثمارية أكثر من مليار دولار.
وصنفت «نعيم» سهم مصر لصناعة الكيماويات كـ»عالى المخاطر» وخفضت تقييمه من 8.7 إلى 7.2 جنيه، لافتة إلى أن خفض أسعار الطاقة سوف يدفع أرباح الشركة نحو الارتفاع خلال العام المالى 2020/2021، فى حين تتمثل المخاطر الحقيقية فى الانخفاض التدريجى لحصتها السوقية.
بينما قال على عفيفي، محلل قطاع الكيماويات ببنك الاستثمار «بلتون» إن أسعار اليوريا العالمية انخفضت لتتراوح بين 230 إلى 260 دولارا للطن مقابل 280 و300 دولار فى هذا التوقيت من العام الماضي، وذلك بسبب عوامل خارجية تتمثل فى انخفاض أسعار البترول نتيجة انتشار فيروس كورونا.
وأشار عفيفى إلى أن انخفاض الأسعار أدى بدوره إلى تراجع عوائد التصدير، لافتا إلى أن مصانع الأسمدة تتعامل فى الوقت الحالى بسعر 4.5 دولار للمليون وحدة للغاز الطبيعي، بينما يتم معاملة شركة سيدى كرير بمعادلة سعرية مختلفة غير معلن عنها لأنها تحصل على نوعية معينة من الغاز يتم إنتاجها من الصحراء الغربية.
«بلتون» تتوقع انخفاضاً بين 10 و%15 فى الايرادات خلال العام
وأوضح المحلل المالى ببلتون أن أسعار بيع الأسمدة والبتروكيماويات بدأت فى الانخفاض عالمياً بداية الربع الرابع من 2019، وهو ما أثر على نتائج أعمال غالبية الشركات.
وأضاف: «تحصل موبكو على أسعار منخفضة من الغاز أقل من مثيلاتها فى حدود 3 دولار تقريباً، وهو اتفاق قديم مع الشركة»، مشيرا إلى أن شركات موبكو وكيما وأبو قير للأسمدة مرتبطة أكثر بأسعار بيع الغاز للمصانع، أما شركة مصر لصناعة الكيماويات فترتبط بأسعار بيع الكهرباء، وسيدى كرير بأسعار خام البترول فضلا عن الغاز.
وتوقع أن يبلغ متوسط أسعار بيع الأسمدة فى حدود 260 دولار للطن خلال 2020 بانخفاض بين 10 و%15، عن متوسط 2019، كما رجح أن يدور سعر خام برنت حول 68 دولارا.
محلل مالى: الكيانات صاحبة الحصة الأكبر محليا تعوض تراجع البيع فى الخارج
واستبعد محلل مالى بقطاع الكيماويات فى أحد بنوك الاستثمار الكبرى حدوث تحسن فى أسعار بيع الأسمدة حتى مع خفض أسعار الغاز، مشيراً إلى أن الأمر مرتبط أكثر بضرورة تحرير سعر بيع السماد المحلى.
وقال إن أسعار اليوريا حاليا تقترب من 240 دولارا للطن، وهى منخفضة مقارنة بأسعار العام الماضي، لافتاً إلى أن الشركات التى لديها القدرة على مقاومة انخفاض الأسعار هى التى تمتلك حصصاً كبيرة فى السوق المحلية للبيع بأسعار مرضية فى أوقات قوة الجنيه.
وتوقع المحلل المالى تراجع أسعار بيع الأسمدة إلى 250 دولارا للطن مقابل 280 دولارا تقريباً فى 2019 بانخفاض ما بين 10 إلى %15.
ولفت إلى أن أسعار خام برنت ستظل مرهونة بتطورات فيروس كورونا لتتراوح أسعاره ما بين 62 و65 دولارا، أو إصدار أى قرارات من الرئيس الأمريكى ترامب تتعلق بإمدادات النفط أو الحرب التجارية مع الصين.
وأوضح أن الأسمدة أقل تأثراً بانخفاض أسعار البترول لكن التأثير سلبى بشكل عام، إذ إن أغلب الشركات تصدر جزءا كبيرا من إنتاجها مثل موبكو التى تصدر %75 من إنتاجها، أما أبو قير وكيما فهما ملزمتان ببيع %55 من الإنتاج بالسوق المحلية.
وأكد المحلل المالى أن البيع بالسعر المحلى أثناء قوة الجنيه يحمى أرباح الشركات لأن الجزء التى تفتقده بسوق التصدير يتم تعويضه بالسوق المحلية.
وأوضح أن سيدى كرير ستعانى خلال العام الحالي، وحال حدوث هبوط فى أسعار الغاز ستتعثر بشكل أكبر، مرجحا أن يتم إلغاء مشروعها الخاص بالبرولبين والبولى بروبلين، الذى اعتبر تنفيذه فى الوقت الحالى ليس مناسباً نظرا لضغوط الأسعار عالمياً.
وقال مسؤول بشركة أسمدة محلية إن أسعار بيع السماد المصدر متدنى للغاية نتيجة زيادة المعروض وافتتاح مصانع جديدة، كذلك خفض بعض الدول المنافسة لأسعار بيع الغاز لمصانعها ومنها دول عربية.
وأضاف المسؤول، الذى فضل عدم ذكر اسمه، أن أسعار اليبيع فى السوق المحلية حالياً 3800 جنيه، والمصدر للخارج أقل من 220 دولارا للطن مقابل بيعه بأسعار 260 دولارا فى أوقات سابقة.
وترى وحدة أبحاث بنك الاستثمار «فاروس» أن أسعار اليوريا العالمية تشهد عدم استقرار إذ إن مؤشر متوسط أسعار اليوريا فى مصر سجل 272 دولارا للطن فى الربع الأخير من 2019 منخفضاً %9 وذلك قبل الهبوط إلى المستويات الحالية المستقرة عند 240 دولارا للطن.
«فاروس»: أسعار اليوريا تراجعت %9 فى الربع الأخير من العام الماضى
وأوضحت «فاروس» أن شركة «أبو قير للأسمدة» شهدت تحسناً فى إيرادات النصف الثانى من العام المالى الحالى 2019 – 2020 نتيجة زيادة الإنتاج من مصنع أبو قير 2، وبالتالى عوض الانخفاض العام فى أسعار اليوريا العالمية بنسبة %9 وارتفاع قيمة الجنيه %10.
وتوقعت أن تتوافق النتائج المالية لشركة أبو قير عن العام المالى الحالى مع توقعاتها لمبيعات العام البالغة 8 مليارات جنيه، ولصافى الأرباح 2.7 مليار جنيه، حتى إذا واجهت الشركة بعض الصعوبات فى النصف الثانى من العام نتيجة لتراجع أسعار اليوريا العالمية.
وأوضحت «فاروس» أن «أبو قير للأسمدة» سجلت مبيعات بقيمة 4 مليارات جنيه، وصافى أرباح بنحو 1.4 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام المالى الحالى.