من المتوقّع أن تسجل شركات التنقيب عن النفط الصخري في الولايات المتحدة أرباحاً قياسية في الربع الثاني، لتعكس مساراً دام ما يقرب من عقد منيت خلاله بخسائر غذتها الديون.
وفي هذا الصدد، حقّقتْ أكبر 28 شركة مستقلة منتجة للنفط في الولايات المتحدة مدرجة 25.5 مليار دولار من التدفق النقدي الحر في الأشهر الثلاثة حتى 30 يونيو، وفقاً لتقديرات جمعتها بلومبرغ. وفي تلك الفترة الزمنية، ستكون هذه الشركات قد جنت ما يكفي من النقود لمحو ربع ما خسرته خلال العقد الماضي.
شركات التنقيب عن النفط الصخري تحقق أرباحا قياسية
يُذكر أن تقنية التكسير الهيدروليكي أحدثتْ ثورة في أسواق الطاقة العالمية من خلال تمكين شركات التنقيب الأميركية من حصاد موارد النفط الصخري التي كانت في السابق لا يمكن المساس بها. وفي غضون ما يزيد قليلاً عن 10 سنوات، انتقلت الولايات المتحدة من دولة متراجعة في إنتاج النفط الخام إلى مصدر مهيمن في مجال النفط والغاز على مستوى العالم، ولكن بتكلفة فلكية: خسرت 28 شركة حوالي 115 مليار دولار في العقد الذي سبق جائحة كوفيد-19.
بالنسبة لهذا العام، من المتوقع أن يصل التدفق النقدي الحر للقطاع إلى 100 مليار دولار، وأكثر من ضعف ما تم تحقيقه في 2021، وأكثر من تسعة أضعاف المبلغ السنوي المجمع من 2018-2020، وفقاً لبلومبرغ إنتليجنس.
من عام 2020 حتى نهاية الربع الثاني، ستجني الشركات أكثر من 85 مليار دولار، وفقاً للتقديرات، ومن المتوقع أن تستمر المكاسب على الأقل خلال الفترة المتبقية من هذا العام.
هذا إثبات لنموذج الأعمال الجديد للقطاع الذي يُفضّل الأرباح على نمو الإنتاج. وبالنسبة للمستهلكين، فهذه علامة على أن النفط الصخري لم يعد مستعداً لتمويل مشاريع التنقيب الخاسرة والتي ضمنت سنوات من إمدادات النفط الخام والغاز الطبيعي الوفيرة.
تعليقاً على الموضوع، قال بول تشينغ، المحلل المقيم في نيويورك في “بنك سكوتيابنك” (Scotiabank): “ستُبلِّغ كل شركة تقريباً عن أرباح قياسية وتدفق نقدي حر قياسي؛ وحتى لو كان هيكل التكلفة يتجه نحو الأعلى، فإن مقدار التدفق النقدي الحر الناتج سيكون هائلاً. كما سيستمر هذا حتى إذا تراجعت الأسعار إلى 80 دولاراً أو 90 دولاراً للبرميل”.
يُشار إلى أنه يتم تداول خام غرب تكساس الوسيط، وهو المعيار الأميركي، عند حوالي 95 دولاراً للبرميل بعد أن لامس 122 دولاراً في يونيو. كما أن سبعة من أعلى عشرة أسهم في مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” (S&P 500) هذا العام هي شركات النفط أو مصافي التكرير. تتصدّر شركة “أوكسيدنتال بتروليوم” (Occidental Petroleum)، التي تستثمر فيها شركة “بيركشاير هاثاواي” (Berkshire Hathaway) لمالكهاوارن بافيت بقوة، القائمة بعائد يبلغ 117%.
ومع ذلك، يُؤكِّد بعض المحللين أن مخزونات الطاقة مقوّمة بأقل من قيمتها الحقيقية. حيث تُسعَّر أسهم النفط المستقلة كما لو أن النفط سيتداول بحوالي 55 دولاراً إلى 60 دولاراً على المدى الطويل، على الرغم من أن الأسعار قد تحوم بالقرب من 100 دولار لسنوات، وفقاً لماثيو بورتيلو، المحلل في شركة “تيودور، بيكرينغ، هولت أند كو” (Tudor, Pickering, Holt & Co).
أساسيات ضيقة
قال بورتيلو: “تخصم الأسهم ركوداً مشابهاً لما حدث في عام 2008 لكن هناك فرقاً لأن أساسيات الخام ما تزال ضيقة للغاية، وسوف يميل المسؤولون التنفيذيون بقوة إلى عمليات إعادة الشراء بالنظر إلى عمليات البيع الأخيرة في الأسهم”.
من جانبها، قدّمتْ شركة “ماتادور ريسورسز” (Matador Resources)، وهي شركة التنقيب عن النفط الصخري في حوض بيرميان، لمحة مبكرة عن النتائج القوية من خلال نشر زيادة قدرها أربعة أضعاف في صافي الدخل ومضاعفة أرباحها. لكن هذا جاء مع تحذير على شكل قفزة بنسبة 17% في الإنفاق الرأسمالي المتوقع بسبب تضخم التكلفة وخطط نشر منصة أخرى.
أخيراً، أصبح لدى للشركات العاملة في رقعة النفط النفوذ الذي تحتاج إليه لزيادة الأجور التي تفرضها لحفر الآبار وتكسيرها لصالح عملاء مثل “ماتادور”، بما يتجاوز بكثير ما يتطلبه الأمر للتعامل مع التضخم.
حيث قال كريس رايت، الرئيس التنفيذي لشركة “ليبرتي إنيرجي” (Liberty Energy) التي تحتل المرتبة الثانية بين شركات التكسير الصخري لاستخراج النفط، في مقابلة عبر الهاتف: “الأمر مختلف الآن، كانت أوراق اللعب عموماً في أيدي عملائنا، ولم تكن في أيدينا كثيراً”.
عوائد “رائعة”
قالت شركة “هاليبيرتون” (Halliburton)، أكبر شركة تكسير في العالم، إن سوق جميع المعدات اللازمة لإكمال الآبار الجديدة قد نفدت تقريباً لبقية هذا العام، ويتحدث العملاء بالفعل عن خطط لعام 2023، في وقت أبكر بكثير مما كان متوقعاً.
أما شركة “هيس كورب” (Hess Corp)، التي تُقدِّر أن معدل التضخم على مستوى الصناعة يبلغ 20%، فإنها تتلمّس آثار ارتفاع التكاليف. حيث تُبقي شركة التنقيب ومقرّها نيويورك الإنفاق ثابتاً نسبياً مع تقليص توقعات الإنتاج. ويُشار إلى أن تكاليف الحفر والتكسير ترتفع بمعدل 100,000 دولار لكل بئر في منطقة باكن بولاية نورث داكوتا، مسرح العمليات الرئيسي للشركة.
إلا أنه يمكن التحكم في هذا العبء لأنه حتى عند 60 دولاراً للنفط، قالت شركة “هيس” إن آبار باكن تُولِّد أكثر من مليار دولار من التدفق النقدي الحر.
في حين قال الرئيس التنفيذي للعمليات غريغ هيل للمحللين والمستثمرين خلال اجتماع عبر الهاتف في 27 يوليو: “بالنظر إلى الأسعار الحالية، فإن هذه العوائد رائعة؛ ومن المؤكد أن الحركة في سعر النفط من وجهة نظر العوائد تتفوق على أية آثار تضخمية”.