دخل عملاق التكنولوجيا الرقمية “آبل” في شراكة مع OpenAI، الشركة الناشئة التي يديرها سام ألتمان، والتي تقود مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، لدمج برنامجها شات جي بي تي في نظام تشغيل آيفون.
ووفقًا لتقرير من وكالة بلومبرج، ستكون الصفقة محور التركيز الرئيسي لمؤتمر آبل العالمي للمطورين الأسبوع المقبل، وهذا يوضح مدى التغير الذي طرأ على ديناميكيات القوة في وادي السيليكون خلال السنوات القليلة الماضية.
وتمنح الصفقة شركة “أوبن إيه آي” إمكانية الوصول إلى مئات الملايين من مستخدمي آبل، بمن في ذلك أولئك الذين قد يترددون في استخدام “شات جي بي تي”، إذ سيكون البرنامج الجديد مدمج في نظام الآيفون الجديد،. توفر هذه الشراكة للشركة واحدة من أهم التقنيات في عصر الذكاء الاصطناعي روبوت الدردشة الذي يتمتع بقدرات تحدث شبيهة بالبشر و خارقة يمكن دمجها مع الخدمات التقليدية للأجهزة المحمولة.
تعمل شركة آبل على تطوير مجموعة من ميزات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تلك التي تعمل على أجهزتها وغيرها التي تتطلب الحوسبة السحابية. قدمت شركة Apple أيضًا تقنية الذكاء الاصطناعي لمساعدها الرقمي Siri، لكن روبوتات الدردشة الخاصة بالشركة لم تصل إلى المستوى المطلوب حتى الآن.
وبالنسبة لشركة أبل، من المرجح أن تكون الشراكة مع أوبن إيه آي “علاقة قصيرة إلى متوسطة المدى”، كما قال داغ كيتلاوس، خبير التكنولوجيا المخضرم الذي شارك في تأسيس وإدارة سيري قبل أن تستحوذ أبل عليها، موضحا أن آبل بالتأكيد ستحاول بناء قدراتها الخاصة في هذا المجال.
سيلقي الرئيس التنفيذي تيم كوك خطابًا رئيسيًا في مؤتمر المطورين العالمي فيما يُنظر إليه على أنه أكبر عرض مبيعات لشركة Apple في السنوات الأخيرة، مع التركيز على تضمين الذكاء الاصطناعي، إذ يجب على الشركة إقناع المستهلكين والمطورين والمستثمرين بأنها قادرة على الازدهار في عصر الذكاء الاصطناعي، خاصة في وقت تواجه المزيد من الضغوط مع ركود أعمالها الحالية، مع انخفاض الإيرادات في خمسة من الأرباع الستة الماضية.
ولم تكشف الشركات عن الاتفاقية علنًا، كما أن شروط الصفقة غير واضحة، كما رفضت شركة أبل التعليق، على غرار سياسة التكتم التي اتبعتها شركة OpenAI ومقرها سان فرانسيسكو. كانت شركة Apple ذات يوم رائدة في وقت مبكر في خدمات الذكاء الاصطناعي، حيث أطلقت مساعدها الرقمي Siri في عام 2011، متفوقة على Alexa وGoogle Assistant التابعين لشركة أمازون لكن الشركة سرعان ما تخلفت عن المنافسين، وأدى ظهور ChatGPT لأول مرة في عام 2022 إلى إحداث تغيير جذري في مشهد هذه التقنيات الحديثة.
في نوفمبر 2022، أطلقت OpenAI روبوت الدردشة الذي استحوذ على خيال المستهلكين ودفع عمالقة التكنولوجيا إلى التدافع لتطوير خدمات الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم. ومنذ ذلك الحين، أحرز أقران أبل الرئيسيون تقدمًا كبيرًا. يتنافس كلا من جيميني المقدم من جوجل مع شات جي بي تي بقوة في هذا السوق الناشئ. كما بدأت شركة مايكروسوفت، أكبر داعم لـ OpenAI، في دمج مساعد كوبايلوت المدعوم بالذكاء الاصطناعي في برامجها. وعرضت شركة أمازون أيضًا نسخة محسنة من الذكاء الاصطناعي لمساعدها الصوتي أليكسا.
في المقابل، ظلت شركة آبل هادئة بشأن طموحاتها في مجال الذكاء الاصطناعي حتى الآن، حيث صرح كوك العام الماضي أن الشركة ستتحرك بحذر إلى مجالات جديدة وستضيف تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي فقط “على أساس مدروس”، وفي الآونة الأخيرة، زعم أن شركة أبل سوف تتمتع بميزة في مجال الذكاء الاصطناعي لأن الشركة “تدمج الأجهزة والبرامج والخدمات بشكل فريد وسلس”.
وخلف الكواليس، كان موظفو آبل يعملون بجد للوفاء بهذا الوعد. في وقت قريب من إطلاق ChatGPT، بدأ فريق صغير في أقسام الذكاء الاصطناعي وهندسة البرمجيات في آبل في تطوير منافس ChatGPT باستخدام إطار عمل يسمى Ajax. كما دفع كريج فيديريغي، رئيس برامج شركة أبل، المديرين إلى دمج أكبر عدد ممكن من ميزات الذكاء الاصطناعي في أحدث إصدار من نظام التشغيل iPhone وiPad، المعروف داخليًا باسم Crystal. بدأت مجموعة الخدمات، بقيادة إدي كيو، العمل على البنية التحتية الجديدة لمركز البيانات لدعم خدمات الذكاء الاصطناعي عبر الإنترنت. وبدأ الموظفون أيضًا في البحث عن كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي على Apple Music وتطبيقات الإنتاجية المكتبية للشركة.