سمير محمود يتساءل: كيف يستفيد التأمين من جائحة كورونا؟

صناعة التأمين، عليها أن تتخذ جائحة كورونا، كمنصة لتعظيم أوجه الإستفادة منها

سمير محمود يتساءل: كيف يستفيد التأمين من جائحة كورونا؟
ماهر أبو الفضل

ماهر أبو الفضل

12:42 م, الثلاثاء, 21 أبريل 20

لايشغل العالم من أقصاه إلي أدناه ، في الوقت الحالي، سوي جائحة كورونا، خاصة وأن تأثيراتها طالت وستطال كافة الأنشطة والقطاعات، وربما بدأنا نلحظ ذلك في الوقت الحالي.

علي كلِ، صناعة بشكل خاص، عليها أن تتخذ تلك الجائحة، كمنصة لتعظيم أوجه الإستفادة منها، في كيفية ترويض المخاطر المستحدثة حينا، وإستخلاص الدروس والعِبر أحيانا، لنتطلع إلي مستقبل أفضل-بإذن الله- وإكساب الأجيال القادمة، مهارات التعامل مع الأزمات المتشابهة في حال حدوثها ، لاقدر الله.

تكوين قاعدة بيانات عن كورونا الهدف الأول للإستفادة من الجائحة

أظن- وليس كل الظن إثم- أن القائمين علي صناعة ، مشغولون الأن، بكيفية استثمار جائحة كورونا، لتكوين قاعدة بيانات كاملة عنها، مستندة علي حقائق لاينكرها إلا جاحد، لتوافرها بكثافة عبر الوسائل ، بتنوعها وتعددها.

الهدف من قاعدة البيانات، ليس فقط للتأريخ عن الأزمة أو الجائحة- وهو أمر مطلوب- ولكن للإستفادة منها في الوقت الحالي، وكما قلت سلفًا ، لإفادة الأجيال القادمة في صناعة التأمين، عن كيفية ترويض تلك المخاطر.

السؤال الذي يشغل الكثيرين، وفي القلب منهم، الخائفون علي صناعة ، والمنتمين لها، وقبلهم القائمين علي إتخاذ القرارات المؤثرة فيها والمحركة لها، هو كيف يستفيد التأمين من جائحة كورونا او فيروس COVID-19 ؟.

من وجهة نظري المتواضعة، والتي تحتمل الخطأ قبل الصواب، ويمكن الأخذ منها والرد، هو ضرورة إبتكار المنتجات الجديدة، التي تلائم طبيعة الخطر الجديد من جهة، والأخطار التقليدية من جهة أخري، التي تقدم قيمة حقيقية لعميل مستحق، وبتكلفة تلائم الضغوط الإقتصادية التي ستظهر علي المديين المتوسط والطويل، وفقًا لأراء الخبراء المتخصصون في علم الإقتصاد ومنظريهم.

استثمار كورونا في تدعيم جدار الثقة مع العملاء

لابد من استثمار جائحة كورونا، في تدعيم جدار الثقة بين ، والعملاء، والتأكيد علي أن صناعة التأمين، ظهيرًا إستراتيجيًا لهم وقت الأزمة، بالإضافة الي ضرورة الاستفادة من الجائحة، في سد أو اضعف الإيمان تقليص الفجوة التأمينية، من خلال الترويج للمنتجات التي تقدمها الشركات، بدعم مباشر من الرقابة المالية، التي لا تآلوا جهدًا في ذلك، ولعل القرارات التي إتخذتها خلال السنوات الماضية، تأكيد لذلك.

لابد من الاستفادة من جائحة كورونا، في تغيير الثقافة التأمينية، والتأكيد علي أن التأمين، هو السند في الشِدة، واستثمار وسائل الإعلام المتاحة ، في الترويج لأهمية التأمين للبشر والحجر، لزيادة مناعة العملاء الحاليين والمرتقبين، ضد حملات التشكيك في هذه الصناعة الإستراتيجية ، بل والتأكيد مرارًا وتكرارًا، أن صناعة التأمين تضمن الحماية المالية والإجتماعية والصحية للعملاء، مما سينعكس حتمًا علي حصيلة الأقساط من جهة، وزيادة مساهمة التأمين في الناتج القومي من جهة أخري.

الشرائح التي لاتشملها تغطيات التأمين لابد وأن تكون في مرمي مستهدفات شركاته

السوق المصرية بشكل خاص، يعاني فيه أصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، بالإضافة الي الأسر ذات الدخول المنخفضة، والعمالة غير المنتظمة، ناهيك عن النساء المعيلات ، وصغار المزارعين، من التأثيرات السلبية لجائحة كورونا، خاصة ممن لا تشملهم شبكة الضمان الإجتماعي التي توفرها الدولة، أو الحماية التأمينية التي توفرها شركات التأمين، تلك الشرائح لابد وأن تكون في مرمي وحدات التأمين، بتعدد أطيافها وتعدد أطرافها.

لابد وأن تكون جائحة كورونا، ذراعًا جديدة لصناعة ، محفزة للقائمين علي شركاتها، وكيانها التنظيمي ، وجهازها الرقابي، لزيادة الوعي بالتأمين، وإعادة إحياء الحملات التي بدأها إتحاد التأمين في هذا الصدد، أو علي أقل تقدير، الإستفادة من الحملتان التي أطلقهما سابقًا، من خلال استثمار وسائل الإعلام، لتوعية شرائح المجتمع المختلفة بأهمية التأمين، ودوره في الأزمات.

أزعم أن فرص الإستجابة لأي صوت حان علي المجتمع، يطمئنه علي صحة أفراده، وضمان أصوله، ستكون كبيرة، والسوابق التأريخية تؤكد ذلك، ومنها وباء سارس، والذي استفادت منه شركات ، وساهم في زيادة حجم مبيعاتها بمستويات قياسية، خاصة في التغطيات المرتبطة بتأمين الأمراض الحرجة في المناطق التي تأثرت بهذا الوباء، في قارة أسيا.

إقتناع الشرائح التي لاتنضوي تحت التأمين بأهميته بات أيسر من ذي قبل

لاينكر إلا غافلًا، أن الخلل المؤقت في التدفقات النقدية ، بسبب قرارات الحكومة بمنع التجمعات- حماية للمجتمع- وتدابير التباعد الإجتماعي، ستكون كارثية علي المديين القصير والمتوسط بل وعلي المدي الطويل أيضا، ما لم يتم البدء في تفعيل منظومة الحماية الإجتماعية، التي إتخذت الدولة جزءًا كبيرًا منها، ولابد من صناعة أن يقوم بالدور المنوط به في ذلك، بالمنتجات التي تطمئن المجتمع بتنوع شرائحه، وتحفيزهم علي الإنضام لشبكة الحماية التأمينية، وأعتقد أن الشرائح الأكثر تأثرًا بتلك الجائحة، هي التي لا تنضوي تحت حماية التأمين، وهو ما يجب استثماره للوصول إليهم، لاسيما وأن إقتناعهم بأهمية التأمين سيكون أفضل من أوقات سابقة.

في ظل هذه الخلفية القاتمة ، كان من المفاجئ أن نرى كيف قامت الحكومات والهيئات التنظيمية والمشرفين وصناعة التأمين والشركات في دول العالم المختلفة بتعبئة الجهود لجعل التأمين متواجد و متاح على الرغم من هذه الظروف المعقدة مع التشديد على معاملة العملاء المرتقبين و العملاء الحاليين بنزاهة و مصداقية في هذا الوقت العصيب و في أقل من شهر ، شهدنا إصدار منتجات تأمين مبتكرة مصممة خصيصًا لصالح العملاء لإكسابهم مزيدا من الثقة في التأمين في دول مثل الهند وباكستان وماليزيا.

كما تم إنشاء منصات أو بروتوكولات معلومات عن Covid-19 للعملاء من قبل القائمين علي صناعة فى العالم ؛ وإدخال ميزات تعقب و الترصد Covid-19 لمديروا المخاطر لتقييم البحوث المتعلقة بالأمراض المعدية ، والأوبئة من قبل قطاع التأمين ؛ و دعم مديروا المخاطر لمجمعات الوباء المدعومة من الدول لسد فجوات التغطية ؛ والأهم من ذلك ، اعتماد سياسات و آليات تنظيمية، وإشرافية مبتكرة لضمان تقوية أسواق التأمين ، وتحقيق المعاملة العادلة للعملاء .

التأكيد علي أهمية التأمين بدعم العملاء الحاليين لجلب الفئات المستهدفة

إيجازًا، أهمس في أذن القائمين علي صناعة التأمين المصرية، بضرورة استثمار جائحة كورونا في ، التأكيد علي أهمية التأمين، وجذب العملاء المستهدفون، وتقديم الدعم المطلوب للعملاء الحاليين،وفقًا لشروط التغطيات، لاسيما وأن هؤلاء العملاء، يمثلون سفراء لصناعة التأمين أمام الشرائح المستهدفة.

لابد من الإسراع بالتحول الرقمي، لاسيما وأن أثبت أهميته في تمكين السوق من توزيع منتجاتها، وخدمة العملاء، وتحصيل الأقساط عن بُعد- من خلال استخدام وسائل الدفع الإلكتروني- ومن ثم ضرورة التوسع في منظومة الرقمنة ، والاستفادة من البرامج المتاحة، وإبتكار الجديد الذي يخدم تلك الأهداف.

بث رسائل الطمآنة ضرورة حتي لاتتفاقم فاتورة الخسائر

أخيرًا وليس أخرًا، لابد من بث رسائل الطمأنة، المرتبطة بصناعة التأمين بشكل سريع حتي لاتتفاقم فاتورة الخسائر ، وذلك من خلال، التأكيد علي عدم إستغناء شركات التأمين عن العاملين فيها، خاصة المنتمون لقطاع التسويق، بحجة عدم الإستقرار المالي، لأن فقدان هؤلاء الأفراد تحت اي ظرف أو سبب، مثل عدم قدرتهم علي تحقيق المستهدف، سيعظم فاتورة الخسائر، خاصة وأن تعويضهم بعد مرور الأزمة بإذن الله، ستكون تكلفته أكبر من تحمل التأثيرات الوقتية التي خلفتها كورونا.

لابد من التأكيد علي فهم التأمين وشروط تغطياته، وشرحها للعملاء الحاليين والمستهدفين، بأمانة، حتي لايكونوا عُرضة لعمليات النصب والإحتيال، من قِبل بعض ضعاف النفوس، والتي سيتكبد التأمين آثارها، ما لم يتحرك الأن بما يلزم من إجراءات للحماية منها.

لابد من التعامل مع بعض الأزمات المرتبطة بعدم قدرة العملاء علي سداد الأقساط في مواعيدها، والسير علي نفس النهج الذي إستنته الرقابة المالية، تدعيمًا للعملاء، بتأجيل سداد الأقساط، وأن تتخذ الشركات الإجراءت اللازمة لذلك، بل وتزيد عليها- بناءًا علي دراسات دقيقة بالطبع- مثل جدولة الأقساط المستحقة.

لابد من الإستفادة من التباعد الإجتماعي ، بإبتكار أدوات تسويقية جديدة، وبدائل لعرض المنتجات، وتحصيل الأقساط، دون الإستغناء عن العمالة، والأهم من ذلك وكما كررت، إبتكار المنتجات الجديدة، التي توفر مزايا نسبية، وتغطي مخاطر ، أعتقد أن المجتمع في أمس الحاجة إليها.

والله من وراء القصد

مدير عام التسويق بشركة قناة السويس للتأمين