بدأت هيئة سكك حديد مصر -التابعة لوزارة النقل- الخطوات الفعلية لإسناد مهمة إدارة وتشغيل قطاع نقل البضائع للقطاع الخاص، إذ مقرر فتح المظاريف الفنية للشركات المتنافسة بعروضها لاقتناص المشروع، يوم 20 سبتمبر الحالي.
مصادر: رفع سقف التعاقد إلى 15 عامًا بدلًا من 10.. والعرض المالى الأعلى أهم درجة تقييم
قالت مصادر مطلعة، إن العرض المالى المقدم سيكون أهم درجة تقييم لاختيار الأفضل بين المتنافسين، باعتبار أن المشروع مطروح فى مزايدة وليست مناقصة، لافتة إلى أنه يستهدف إعلان الفائز قبل نهاية العام الحالى، وبدء مباشرة عمله الفعلى مطلع 2023.
وكشفت المصادر أن كراسة الشروط منحت فى مضمونها العديد من الحوافز التى تمكن المشغل الفائز من حصوله على هامش ربح مناسب، إلى جانب القدرة على تحقيق التزاماته تجاه الهيئة.
ولفتت إلى أن الفائز بالمشروع سيمنح حق استخدام الأصول المناسبة سواء من الموارد البشرية، أو العربات والمسارات، مع تسليمه كل العملاء المستفيدين أو الذين يستخدمون المرفق لنقل البضائع فى الوقت الحالى، مع منحه أيضًا حرية إعادة التعاقد إن لزم الأمر وفقًا لتسعيرة جديدة.
وأوضحت أن دور الهيئة يقتصر على محورين الأول: الإشراف على تنفيذ معايير الأمن والسلامة وقواعد التشغيل، والثاني: منح الإدارة للقطاع الخاص بنقل البضائع بسعر تجارى، وتقدم الرحلة المكملة لعملائه بريًا، والتخزين وما إلى ذلك من الأمور المطلوبة، فضلًا عن منح رخصة الاستعانة بالموظفين، خاصة سائقى القطارات مقابل حصول الهيئة على مقابل نقدى نظير استغلال تلك الأصول، بخلاف سداد قيمة عقود الإدارة والتشغيل السنوي.
وردًا على رسوم استخدام المسارات، أشارت إلى أنها ستحدد وفقًا لمسافة الكيلومتر، ويختلف مقابل استخدام المسار الفرعى، عن الرئيسي.
ولفتت إلى أن عقد الإدارة والتشغيل بين الهيئة والشركة الفائزة تم رفع فترته الزمنية إلى 15 عامًا، بدلًا من 10 كانت مقترحة عند طرح الشراكة فى الإدارة والتشغيل، مع منح المشغل جميع الصلاحيات التى تمكنه من وضع التعريفة المالية المناسبة دون تدخل الهيئة.
وذكرت أن كراسة الشروط حددت المسارات التى سيعتمد عليها المشغل فى الفترة المقبلة، مصحوبة بجدول زمنى لرحلات البضائع، بحيث تتمكن الشركة من عملية النقل وفق توقيتات محددة، وبما لا يتعارض مع قطارات الركاب.
وتابعت أن هناك نوعين من المسارات، الأول منتظم وثابت وفقا لجدول زمنى محدد على الخطوط، والثانى: طلب مسارات فردية يتم تجهيزها على حسب الحاجة، وفى هذه الحالة سيتم التنسيق مع طرفى التعاقد قبل انطلاق كل رحلة على حدة.
ويبلغ حجم أطوال الشبكة 9.570 كليومتر تربط جميع المناطق الرئيسية فى الوجهين القبلى والبحرى، والموانئ المصرية على البحر الأبيض المتوسط شمالًا، وتضم «الإسكندرية، وبورسعيد، والدخيلة، ودمياط»، وعلى البحر الأحمر شرقًا «السويس، والعين السخنة، وسفاجا»، وصولًا إلى منطقة القاهرة وما بعدها.
وأشارت المصادر إلى أن المنقول من البضائع بالسكك الحديدية فى الوقت الحالى يصل إلى 5.6 مليون طن سنويًا، ولا يزال هناك الكثير من الإمكانيات لزيادة كمية المنقول، ما يساعد على تخفيف الازدحام بالطرق وتقليل الانبعاثات الضارة.
ولفتت إلى أن البنية الأساسية تضم شبكة خطوط ومحطات صالحة فى الوقت الحالى لاستخدامها فى نقل البضائع، وتبلغ 158 محطة، مرتبطة بمجموعة من الأحواش، وموزعة على طول الشبكة لتخزين وتجهيز القطارات.
كما يوجد عدد من المحطات التبادلية لأعمال الحاويات فى 4 مواقع هى: «كم 48 على خط الواحات البحرية، وخط بضائع حلوان، وكم 51 على خط «السويس السخنة»، ومحطة الروس على خط سكة حديد «الواسطى الفيوم».
ومن الخطوط التى سيتم العمل فى بداية التعاقد، مسار الاتحاد من منطقة التبين وميناءى الإسكندرية والدخيلة بطول 123 كم، و«الواحات البحرية الواحات البحرية منطقة التبين بطول 350 كم»، ومسار سكة حديد «السخنة الذى يربط ميناءى السخنة والأدبية بطول 55 كيلومترًا»، و«وصلة برج العرب الجديدة من خط الإسكندرية مطروح بطول 13 كم».
يشار إلى أنه يوجد 11 صومعة غلال سيتم خدمتها من خلال خطوط البضائع، وهى صوامع «شبرا، وطنطا، وكفر الشيخ، وإمبابة، وبنى سويف، والفيوم، وأبو راضى، والمنيا، وأسيوط، وسوهاج وقنا».
كما يوجد مصانع السكر والصناعات التكاملية بالحوامدية وأبو قرقاص، وجرحا، وقوص، وكوم أمبو، فضلًا عن مصنع أسمنت العامرية فى حلوان، وخدمة شركات أبوقير للأسمدة، وأبو زعبل للأسمدة، وطلخا، وكيما، ومناجم السباعية، ومعامل تكرير البترول بالمكس، وحوش البترول بفرز القاهرة، والعجرود بالسويس، ومستودع المنيا.
يشار إلى أن أسطول الهيئة من الجرارات حاليًا يصل إلى 100 جرار مخصصة لنقل البضائع، ويغطى هذا الأسطول الكم المطلوب فى الوقت الحالى من البضائع، إلى جانب أنه يتم العمل على تنفيذ برنامج لتحديث 81 جرارًا بالورش، فضلًا عن وجود 4500 عربة جاهزة للتشغيل.
وتعاقدت هيئة السكة الحديد فى الفترة الماضية مع الهيئة العربية للتصنيع لشراء صفقة 1000 عربة بضائع من طرازات مختلفة، تشمل عربات سطح لنقل الحاويات القادمة عبر الموانئ، فضلًا عن عربات نقل للغلال و300 عربة كشف قلاب، وتقدر قيمة الصفقة بـقيمة 4 مليارات جنيه.
والأسطول فى شكله الحالى قادر على نقل 7 ملايين طن بضائع لكن بدخول العربات الجديدة سيتم زيادته تدريجيًا، ليصل إلى 30 مليون طن خلال 2030، لتقليل الأحمال على شبكة الطرق الحديثة.
وأشارت المصادر إلى أن المشغل الفائز بالمشروع له حق الاستعانة بموظفين جدد فى مجالات التسويق وغيرها، مع التزامه بتعيين مدير عمليات تشغيل سكك حديدية لدية خبرة لا تقل عن 15 سنة للقيام بالعمليات التشغيلية على أكمل وجه وفقًا للقواعد المنظمة لذلك الأمر.
يشار إلى أن قطاع نقل البضائع فى الهيئة بالوقت الحالى، يضم 1640 موظفًا، موزعين على 6 مناطق جغرافية مختلفة.
وبحسب المصادر، فإن المشغل ملزم بعدد من البنود، على رأسها تنفيذ لوائح أمن وسلامة مسير القطارات، وتدريب قائدى الوحدات المتحرك ومساعديهم، وعمالة المناورة ونظار الورش، فضلًا عن إجراء كشف دورى للمخدرات، وكشف نفسى لجميع أطقم التشغيل، والتأمين على العاملين بالشركة.
كما يلتزم صاحب حق الإدارة والتشغيل بنقل شحنات الهيئة الخاصة بأعمال التجديد وصيانة المرفق وغيرها، على أن تخضع أسعار النقل للمفاوضات وفقًا لحرية التعاقد.
وأكدت المصادر أن الشركة الفائزة ملزمة بتشغيل جميع العربات الصالحة للعمل وفتح أسواق جديدة للعربات غير المستغلة حاليًا، كما تلتزم بجميع نفقات التشغيل التى كانت تتحملها الهيئة لحساب العاملين بقطاع نقل البضائع، والمحافظة على الأصول المستخدمة بكل أنواعها، وعند ردها للهيئة يجب أن تكون فى حالة جيدة.
وكان وزير النقل الفريق كامل الوزير، قال فى تصريحات سابقة، إنه تم تخصيص 225 مليار جنيه لتنفيذ مشروعات السكة الحديد منها 100 مليار لمشروعات الصعيد و53 مليار جنيه للوحدات المتحركة، أما البنية الأساسية فشملت 105 مليارات، وتطوير نظم الإشارات 50 مليارا، وتطوير الورش الإنتاجية 15 مليارا، وتنمية العنصر البشرى 2 مليار جنيه.
من جانبه، طالب خبير النقل الدكتور أحمد شعلة، وكيل كلية النقل الدولى واللوجيستيات بالأكاديمية العربية، منح القطاع الخاص كل المعلومات عن المشروعات الاستثمارية القابلة للشراكة بين الطرفين، سواء كان مزايا أو عيوبًا وكذلك توفير التسهيلات اللازمة.
كما طالب «شعلة» عدم قصر أسلوب الشراكة على الإدارة والتشغيل فقط، لتمتد إلى التنفيذ الفعلى وضخ استثمارات فى المشروعات الجديدة، لتخفيف الأعباء عن الدولة، فى ظل الأزمات العالمية المستمرة، متابعًا القطاع الخاص، يسعى دائمًا لتحقيق أعلى معدلات ربح وهذا أمر طبيعى، والجهات الحكومية يهمها فى النهاية الحفاظ على المرافق الخدمية، ومن ثم فإن هناك بعض النقاط التى قد تكون شبه متفق عليها من قبل عرض المشروع نفسه.
وأشار «شعلة» إلى نجاح شراكة القطاع الخاص فى إدارة المرافق الخدمية، فى أوروبا وبعض الدول العربية، لافتًا إلى أن نجاحها نتيجة تهيئة البيئة المناسبة للاستثمار.
وتابع إن مرفق السكة الحديد، كان متهالكًا بسبب تراكم الأزمات عليه لفترات عديدة، لكن الأعمال التى تنفذها الحكومة ووزارة النقل فى الوقت الحالى لتطويره، سواء فى نقل البضائع أو الركاب، سيكون دافعًا قويًا لدخول كيانات القطاع الخاص.
ولفت إلى أن إعلان وزارة النقل مؤخرًا عن تأسيس عدد من الشركات لإدارة فئات قطارات السكة الحديد، بالتأكيد سيغير نظرة المستثمرين للمرافق الخدمية.
ووصف وكيل كلية النقل الدولى واللوجيستيات بالأكاديمية العربية، فترة التعاقد على إدارة نقل البضائع من خلال السكة الحديد بأنها جيدة، ويمكن زيادتها لأكثر من ذلك، وفى نفس الوقت ليس بالضرورة تعميمها، لاسيما أن كل مشروع تختلف تكلفة الاستثمارية وعوائده عن آخر.
من جانبه، أكد الدكتور وائل يوسف، الخبير الاقتصادى، العضو المنتدب للشئون المالية بالشركة القابضة للصناعات المعدنية، أهمية التعاون بين كل من القطاع العام والخاص، موضحًا أن ذلك يعد بداية تغير الفكر لدى المرافق الخدمية.
ورهن «يوسف» نجاح الشراكة بضرورة الاتفاق على التفاصيل الدقيقة للعقود، تجنبا لأى خلافات مستقبلية، مشيرًا إلى أن الدولة تولى اهتمامًا واسعًا بهذا الشأن، والقيادات السياسية نادت بتوسع دائرة القطاع الخاص فى الاقتصاد والمشروعات بشكل عام.
مدحت إسماعيل – إسلام شريف