سجلت حركة السياحة العالمية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالى نحو 675 مليون سائح، بزيادة نسبتها %70 على نفس الفترة من العام الماضى، وفقًا لتصريحات الدكتور سعيد البطوطى المستشار الاقتصادى لمنظمة السياحة العالمية.
مصر وتركيا والإمارات وإسبانيا تقود مؤشرات التعافى والحركة تنتعش فى الشرق الأوسط والكاريبى
وقال «البطوطي» فى حواره لـ«المال»، إنه من المتوقع أن يصل أعداد السائحين الدوليين على مستوى العالم من 950 إلى مليار سائح، وذلك مع نهاية 2022.
وأضاف أن معدلات التعافى فى الحركة السياحية العالمية تسير بشكل سريع وعلى عكس التوقعات، مشيرًا إلى أن منطقة الشرق الأوسط والبحر الكاريبى وجزر الكنارى الأكثر تعافيًا.
وأشار إلى أن مصر وتركيا، والإمارات، وإسبانيا، واليونان من أبرز المقاصد التى تقود حركة التعافى خلال العام الحالى، متوقعًا أن تصل السياحة العالمية لمعدلات 2019 والبالغة نحو 1.5 مليار سائح خلال الموسم الصيفى لعام 2024.
عام «كورونا» الأسوأ على القطاع بعد فترة الحرب العالمية الثانية
وتابع «البطوطي» أن الأعداد السياحية تراجعت على مستوى العالم إلى 409 ملايين فى 2020 بسبب تداعيات جائحة كورونا، واصفًا إياه بأسوأ عام مر على القطاع بعد الحرب العالمية الثانية.
وأكد أن مصر سوف تصل إلى أرقام ما قبل جائحة كورونا والبالغة 13 مليون سائح خلال موسم شتاء 2023/ 2024، بينما ستحقق مع نهاية العام الحالى ما بين 10.5 إلى 11 مليون سائح.
التركيز على الأسواق الأوروبية والأمريكية ضرورة لاستقطاب أعداد كبيرة
ولفت إلى أن مصر على قائمة الوجهات التى تتعافى سريعًا، وهو عكس توقعات منظمة السياحة العالمية، إذ كان من المتوقع أن يبدأ تعافى المقصد السياحى فى عام 2024.
ونوه بأن الموسم الشتوى الحالى واعد، خاصة لمدن الأقصر وأسوان، مشيرًا إلى أن المنظمة تُدعم نمط السياحة الثقافية، نظرًا لأهميتها لأنها تعود بفائدة مباشرة على المجتمعات المحلية.
الأسواق السياحية
وطالب «البطوطي» وزارة السياحة والجهات المعنية بالتنشيط والترويج لمصر بالتركيز على الأسواق الأوروبية، والأمريكية، لاستقطاب أكبر عدد ممكن من تلك الدول خلال الفترة الحالية، خاصة أن هناك طلبا مكبوتا من هذه الأسواق على السفر إلى الخارج بعد عامين من الإغلاقات بسبب كورونا.
ونوه بأن السوق الآسيوية لم تتعافَ بعد، وما زالت لديه تخوفات من الجائحة وبالتالى حركة التدفق السياحى الوافدة منه «محدودة»، وبالتالى التركيز على الدول الأوروبية سيكون له عائد أفضل.
خطة الحكومة المصرية
وعن خطة الحكومة المصرية لمضاعفة إيراداتها من القطاع السياحة لنحو 30 مليار دولار، بواقع 30 مليون سائح سنويًا، قال «البطوطي» إنه لكى تحقق مصر هذه الأرقام المستهدفة، فلا بد من تحسين الخدمات ونظم الإدارة فى المنافذ التى يصل من خلالها السائحون، وإعادة تخطيط المناطق الأثرية ومراجعة تكامل الخدمات بها.
وأضاف أن الوصول لهذه الإيرادات والأعداد السياحية يستلزم خلق بيئة جاذبة، وهو ما سيكون حافزا لتدشين استثمارات فى أماكن الإقامة والخدمات الأخرى ذات الصلة وبالتالى زيادة الطاقة الاستيعابية وحجم الإيرادات.
وطالب أيضًا بضرورة استهداف السائحين من ذوى الإنفاق المرتفع، وزيادة معدلات الطلب على الوجهة السياحية المصرية، إضافة إلى رفع حجم الطاقة الاستيعابية للفنادق المصرية.
ونوه بأن الطاقة الاستيعابية حاليًا فى مصر تصل إلى حوالى 17 مليون سائح كحد أقصى (مع الأخذ فى الاعتبار متوسطات مدد الإقامة والموسمية).
وقود الطائرات
وعن أسعار تذاكر الطيران، قال «البطوطي» إن هناك زيادة بنسبة %30 فى أسعار تذاكر الطيران عالميًا، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الوقود وزيادة حجم الطلب.
ولفت إلى أن ظاهرة حرق الأسعار التى كانت تتبعها عدد من شركات الطيران انتهت نظرًا لرغبة تلك الشركات فى تعويض خسائر فترة الجائحة ولكى تتمكن من سداد مديونياتها.
وتابع أن هناك دراسة أجرتها رابطة سفر الأعمال الدولية، تفيد بأن أسعار تذاكر السفر العالمية سوف تستمر فى الارتفاع على مدار عام 2023، وذلك بسبب زيادة أسعار الوقود ونقص العمالة، وارتفاع تكاليف الأجور.
وأكد أنه رغم هذه التحديات بحسب آخر مسح لمفوضية السفر الأوروبية، فإن شهية السفر بين الأوروبيين آخذة فى الازدياد، إذ يخطط %70 منهم للقيام برحلات سياحية فى الأشهر الستة المقبلة، وأكثر من %52 يعتزمون السفر مرتين على الأقل، وهو ما يؤكد أن هناك طلبا مكبوتا على السفر.
وتابع أنه فيما يتعلق بالإنفاق حسب الدولة (لكل شخص فى رحلة واحدة) فالألمان والنمساويون سينفقون من 500 إلى 1000 يورو، بينما سينفق السويسريون أكثر من 2000 يورو.
وبخصوص الأنماط السياحية، قال إنه لا تزال الرحلات الترفيهية هى الخيار الرائد للسفر، وتستحوذ على %72، بينما يخطط %5 فقط للقيام برحلة عمل، متابعًا أنه فى أغلب الأحيان يفضل الأوروبيون السفر مع شريك بنسبة %38.
الحرب الروسية – الأوكرانية
وقال «البطوطي» إن تركيا ومصر ومنطقة البحر الكاريبى وجزر الكنارى من أكثر المقاصد التى استفادت من تداعيات الحرب الروسية والأوكرانية، مرجعًا ذلك إلى أن ضعف النمو الاقتصادى وارتفاع التضخم فى الدول الأوروبية كان له تأثير سلبى على قدرة سفر المواطنين.
وتابع أن مواطنى تلك الدول قاموا بتقليص الميزانية المخصصة للسفر مع اختيار الوجهات السياحية التى تتميز بأسعار معقولة عن غيرها، وهو ما أسهم فى زيادة حجم الحركة السياحية الوافدة للمقصد المصرى من السوق الأوروبية.
وتابع أن الإجراءات التى اتخذها الدب الروسى ضد أوروبا أثرت بشكل كبير على اقتصاديات تلك الدول وعلى مواطنيها خاصة ألمانيا، إذ تعتمد المصانع هناك على المواد الخام التى تستوردها من أوكرانيا وروسيا، وهكذا فيما يخص الوقود والحبوب وغيرها من المنتجات.
ونوه بأنه روسيا وأوكرانيا تستحوذان على %4 من السائحين الدوليين الوافدين إلى أوروبا، وبالرغم من أن تخفيف قيود السفر فى معظم الوجهات حول العالم قد أدى إلى تسريع وتيرة التعافى فى حركة السياحة العالمية، إلا أن الصراع فى أوكرانيا لا يزال يمثل تهديدًا خطيرًا للتعافى.
قمة المناخ
وقال «البطوطي» إن مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لحماية المناخ السابع والعشرين (COP27) المنعقد حاليًا فى شرم الشيخ سيعود بالنفع على السياحة المصرية، مشددًا على أنها المستفيد الأكبر من هذا الحدث.
وأضاف أنه حتى الآن التقارير الصحفية العالمية والبرامج التلفزيونية تُركز على مدينة شرم الشيخ، وهو ما يُعد دعاية سلسة لمصر كوجهة سياحية تصل لجميع الشرائح العمرية المتابعة للمؤتمر فى كل مكان من العالم.
ولفت إلى أن هذا الحدث سيكون له مردود إيجابى على مصر كوجهة سياحية مع تنمية الحركة الوافدة إليها، إذ أن ملف التغيرات المناخية والآثار الكارثية التى نتجت وما زالت تنتج عنها أصبح حديث العالم وشاغله.
وأوضح أن المؤتمر يجرى مناقشات جادة تدور حول هدف رئيسى، وهو ضمان التنفيذ الكامل لاتفاقية باريس التى تم التوقيع عليها فى عام 2015، وإدارة الغابات والحفاظ عليها كرئة للعالم وذات دور كبير فى الحد من التغيرات المناخية.
وتابع كما يتم التباحث حول خفض استخدام الوقود الأحفورى أو تقنيات حبس الكربون قبل وصوله إلى الغلاف الجوى، ومنع الاستخدام غير المستدام للأراضى وأنماط الاستهلاك الخاطئة التى بها الكثير من الهدر وتؤدى إلى تغير المناخ والتلوث وفقدان التنوع البيولوجى، فضلًا عن التمويل ومساعدة الدول الفقيرة على التكيف مع آثار التغيرات المناخية.
المنظمة
وأشار «البطوطي» إلى أن منظمة السياحة العالمية من إحدى منظمات الأمم المتحدة وتضم نحو 197 دولة، ويدور محور أعمالها حول توفير البيانات اللازمة للدول الأعضاء ومساعدتها فى الاستفادة من مقوماتها السياحية الطبيعية، من أجل رفع المستوى الاقتصادى والاجتماعى لمواطنى تلك الدول خاصة النامية.
وتابع أن المنظمة تقوم أيضًا بدعم الاقتصاديات المحلية للحكومات والعمل على التخفيف من حدة الفقر، كما تضم 6 لجان إقليمية، منها لجنة مختصة بمنطقة الشرق الأوسط إذ تقوم بتوفير الاحصاءات وعمل الدراسات المطلوبة إضافة إلى إصدار توصيات.