سعيد أبوطالب: «سيف» أو «حمدى» كان ظهرًا وسندًا لنا جميعًا

كشف المهندس سعيد أبوطالب من مؤسسى حزب العيش والحرية، أحد أقرب أصدقاء الراحل أحمد سيف الإسلام عن سيف الذى لم يعرفه الكثير، كشف للمال أسرارًا عن الفقيد لم يكن يعرفها أحد، وقال أبوطالب: بدأت علاقتى بالسياسة مع دخولى الجامعة، فتعرفت على بعض الزملاء فى هندسة عين شمس، التى كانت وقتها معقلاً مهما من معاقل «المطرقة» إحدى التنظيمات اليسارية التى انشقت عن منظمة «الشروق» فى السبعينيات، التى أسس منها الحزب الشيوعى، وتم الاتفاق على عملى ككادر سرى، وليس كادراً جماهيرياً، ومن هنا تعرفت على الزميل «حمدى» - الاسم الحركى لأحمد سيف الإسلام عبدالفتاح حمد، بصفته عضو اللجنة القيادية، مسئول التنظيم والاتصال بالمطرقة، والحقيقة إن لقاءات سيف معى ليلاً فى منزلنا، ومعه شنطة «اليوسفى» الذى كان يعشقه، وحواراتنا السياسية كانت من أخصب فترات حياتى.

سعيد أبوطالب: «سيف» أو «حمدى» كان ظهرًا وسندًا لنا جميعًا
جريدة المال

المال - خاص

1:58 م, الأثنين, 1 سبتمبر 14

المال- خاص :

كشف المهندس سعيد أبوطالب من مؤسسى حزب العيش والحرية، أحد أقرب أصدقاء الراحل أحمد سيف الإسلام عن سيف الذى لم يعرفه الكثير، كشف للمال أسرارًا عن الفقيد لم يكن يعرفها أحد، وقال أبوطالب: بدأت علاقتى بالسياسة مع دخولى الجامعة، فتعرفت على بعض الزملاء فى هندسة عين شمس، التى كانت وقتها معقلاً مهما من معاقل «المطرقة» إحدى التنظيمات اليسارية التى انشقت عن منظمة «الشروق» فى السبعينيات، التى أسس منها الحزب الشيوعى، وتم الاتفاق على عملى ككادر سرى، وليس كادراً جماهيرياً، ومن هنا تعرفت على الزميل «حمدى» – الاسم الحركى لأحمد سيف الإسلام عبدالفتاح حمد، بصفته عضو اللجنة القيادية، مسئول التنظيم والاتصال بالمطرقة، والحقيقة إن لقاءات سيف معى ليلاً فى منزلنا، ومعه شنطة «اليوسفى» الذى كان يعشقه، وحواراتنا السياسية كانت من أخصب فترات حياتى.

ظللت أسعد كطفل كلما قابلت «حمدى» أحمد سيف الإسلام، فى موعد أجده جلس فى غرزة يشرب الشاى فى الخمسينة، أو نلتقى فى شارع داخل شارع داخل شارع هربا من المراقبة لنجلس فى محل كشرى نتناول طبقين على حساب واحد منا، استمرت علاقتنا حتى تعرفنا تعرفا طبيعيا بعد زواجه من ليلى سويف، وكنت أزورهما مع زوجتى فى شقته فى شارع أحمد كامل بالهرم، وكان بيت سيف وليلى مفتوحاً للجميع، كان كأنه نزل، فتجد الكثير من زملائنا مقيمين إقامة شبه كاملة فى الشقة، والغريب أنه كان من الطبيعى أن تجد سيف وليلى على الأرض، وسريرهما يحتله زملاء.. وقتها تعرفت على الخالة «أم حمدى»، تلك المرأة البسيطة التى استطاعت أن تحمى سيف من قبضة البوليس فى بين السرايات فى إحدى المرات.

تزوجت أنا والدكتورة منى مينا – الأمين العام لنقابة الاطباء – فى عام 80، وكانت منى طالبة بالطب وأنا مجند، اعطانا وقتها سيف وليلى دولابا من اثاثهما، وفى 81 كان والدى مريضاً وكنت أعمل مع أحد الزملاء وتعاركنا، فتركت العمل وأصبحت عاطلاً، واحتاج المستشفى لمصاريف لوالدى فاعطانى سيف 500 جنيه لتغطية مصاريف علاج أبى.

سيف كان محبوباً ومحبا لكل البشر، وكان يعتبر أن الأموال وسيلة وليست غاية بمعنى الكلمة.

منذ 75 إلى 77 نمت المطرقة، وكنت اعمل وقتها فى المناطق الشعبية والعمالية ولست معروفاً، وكانت 18 و19 يناير بداية احساس التنظيمات اليسارية بالهزة العميقة، إذ اننا كنا قاب قوسين أو أدنى من السلطة، وضاعت من بين ايدينا، وفيما يبدو انها كانت بداية ظهور فكرة الجناح المسلح، والتى لا اعرف شخصياً عنها الكثير، ومثلى كل الاعضاء تقريباً، إلا أن اللجنة القيادية، وبها عدد محدود جداً منهم المرحوم أحمد سيف، والمرحوم أحمد التونى فقط، هم من يعلمون عنها الكثير، هل كانت مجرد فكرة أم اقتربت من التنفيذ وما مدى هذا الاقتراب.. لا أعلم.

فى بداية الثمانينيات وبعد مقتل السادات، وتسلم مبارك السلطة حدث تفكك واسع للتنظيمات اليسارية ومنها المطرقة، ووسط هذا التفكك وفى بدايات 83 قمنا بمحاولة العودة لترتيب التنظيم لنفاجأ بالقضية المسماة «التنظيم الشيوعى المسلح»، وتنتهى تماماً منظمة المطرقة أو الحركة الشعبية الديمقراطية «حشد».

كنت اسمع عن التعذيب الذى يتعرض له سيف، وزملاؤه بالقلعة من أجل الحصول على اعترافات ومعلومات، وابتعد الكثير من زملائنا عن سيف، إلا اننى كنت وزوجتى من القريبين جداً، فكنا نذهب دائماً للمنزل لزيارته حتى إنه فى أول افراج على ذمة القضية ذهبت إليه فوجدته يضع وجهه فى الأرض، ويهرب من النظر إلى، ويقبل علاء ابنه ويحتضنه بشكل دائم.

خرجت من عند سيف، باكيا فى الشارع، إلا أنه سرعان ما تغلب على مشاعره، وسمى ابنته منى على اسم «منى مينا، ومنى صادق» عضوتى التنظيم الوحيدتين.

درس سيف الحقوق فى السجن، بعد أن تخرج فى الاقتصاد والعلوم السياسية وعمل سائق تاكسى قبل السجن، وكانت دراسته للحقوق وفترة السجن فترة فارقة فى حياته.

تحول سيف ليصير ادراكه أكثر اتساعاً، وأكثر انفتاحاً على كل البشر المظلومين، وأصبح لفترة ليست بالقصيرة حكما عادلاً بين كل من يثق به، وكان يتجنب المشكلات الشخصية، وكنت اغار من اهتماماته الجديدة التى تبتعد بشكل أو بآخر عن اهتماماتى، بعد أن توقفت لفترة عن النشاط السياسى، إلا اننى عدت عن طريق عائلتى منى وسلمى لاذهب مرة أخرى إلى هشام مبارك للبحث عنهما فى حملة قبض.

أثر سيف فيمن حوله تأثيراً شديداً لبساطته، إذ تحول والده عبدالفتاح حمد من تنظيم الإخوان المسلمين إلى اليسارية وقت سجن سيف على ذمة قضية التنظيم المسلح لمدة خمس سنوات، بل وأصبح ابوه أمين حزب التجمع بحوش عيسى!، وكانت تلك السنوات من اقسى السنوات على سيف، إذ ماتت امه ومات ابوه وهو فى السجن، واليوم تتكرر القسوة، اذ يموت أحمد سيف وابناؤه علاء وسناء فى السجن.

جريدة المال

المال - خاص

1:58 م, الأثنين, 1 سبتمبر 14