سعد زغلول نصاروالترجمة بين التنوير والإبداع (2)

سعد زغلول نصاروالترجمة بين التنوير والإبداع (2)
رجائى عطية

رجائى عطية

8:27 ص, الأثنين, 22 يونيو 20

على أن الجميل اللافـت أن الإقبال على الترجمة لم يكن فقط اهتمام أساتذة اللغات والنقاد، بل اقتنع بأهميتها وأقبل على الإسهام فيها مبدعون، ربما كان الأقرب أن يصرفهم الإبداع أو تصانيف التأليف عن الترجمة .. الدكتور طه حسين عميد الأدب العربى وصاحب الإنتاج الغزير فى المباحث الإسلامية، وفى النقد والأدب، وفى القصة والرواية، وفى الأدب التمثيلى، وفى التراجم والسير، وفى التربية والاجتماع والثقافة ـ نراه يترجم من الأدب اليونانى أوديب ملكا، وأنتيجونا وألكترا وروائع أخرى لسوفوكليس .. والأستاذ الأديب إبراهيم عبد القادر المازنى صاحب معركة وكتاب الديوان مع العقاد، وكاتب حصاد الهشيم وقبض الريح وخيوط العنكبوت وإبراهيم الكاتب وصندوق الدنيا ـ نراه يهتم اهتماما بالغا بالترجمة، بل ويكتب فى طرقها وأساليبها، ويخوض بنفسـه مضمارهـا فيترجـم « ساتين » أو« ابن الطبيعة » لأرتز يباشيف، ومختارات من القصص الإنجليزى لأوسكار وايلد وآخرين، و« جريمة اللورد سافيل لأوسكار وايلد»، و« آباء وأبناء » لإيفان تورجنيف، و« مدرسة الوشايات » لشريدان، و« آلـن كوترمين » باسم : « الشاردة » لسريدر هجرد . الذى قد لا يعرفه كثيرون، أن كاتبنا الفذ يحيى حقى، صاحب الدراسات النقدية، وصاحب إبداعـات « قنديل أم هاشـم »، و« البوسطجـى »، و« أم العواجـز »، و« صح النوم »، و« امـرأة مسكينة »، و« دمـاء وطين »، و « الفراش الشاغـر » ـ كان مؤمنا حتى النخاع بأهمية الترجمة ودورها فى تحريك الحياة الثقافية، وترجم هذا « الاعتقاد » إلى ترجمات متميزة نهض عليها مقتطعا لها جانبا كبيرا من وقت اهتماماته الإبداعية والنقدية .. ترجم « الأب الضليل » لأديث سوندرز عن قصة حياة الأب الضليل : « الكسندر ديماس » الكبير ـ مؤلف الفرسان الثلاثة، والكونت ديمونت كريستو، وهو الأب غير الشرعـى لألكسندر ديمـاس الابن مؤلـف « غـادة الكاميليا »، وترجـم « البلطـة » لميخائيـل سادوفيانو، و« لاعب الشطرنـج لستيفـان زفايـج »، وكتـاب القاهـرة “ ( فى عيدها الألفى ) لدزموند ستيوارت، ومسرحية « كنوك » أو« انتصار الطب» التى قام عليها مجد مؤلفها جيل رومان، ومسرحية « الطائر الأزرق » لموريس ميترلينك التى نشرتها معها دار المعارف بذات المجلد ضمن مسرحيات يحيى حقى المترجمة، فى احتفاء واضح بالترجمة والمترجم وما اختاره ليترجمه باقتدار لعملين متميزين من المسرح العالمى .. كانت حركة الترجمة على قدم وساق فى الستينيات والسبعينيات قبـل أن تدخل مؤسساتنا الثقافية بثقلها هذا المضمار، وقبل تشكيل المركز القومى للترجمة الذى اختارت له وزارة الثقافة الأديب الناقد الكبيرالدكتور جابر عصفور صاحب الحضور اللافت والنشاط الكبير فى حياتنا الثقافية .

الدكتور لويس عوض، أحد الفرسان الكبار وأعلام التنوير الذين ضربوا بمعاولهم عن علم وفهم واستنارة ـ فى مضمار الترجمة . فهو فضلاً عن كونه أستاذ اللغة الإنجليزية القدير، فإنه من كوكبة الموسوعيين الذين انفتحوا على الفكر الإنسانى بعامة، وعلى منابع الأدب والثقافة العالمية فى كل باب، وانعكس ذلك فى إنتاج غزير، أخذت الترجمـة نصيبًا كبيرًا منه، فترجم : « فن الشعر » لهوراس، و« بروثيوس طليقًا » للشاعر شلى، و« صورة دوريان جراى » و« شبح كانترفيل » لأوسكار وايلد، وثلاثية أوريست لأسخيلوس : « أجا ممنون » و« حاملات القرابين » و« الصافحـات »، و« خـاب سعى العشـاق » لشكسبير .. لـم يقتصر عطـاء الدكتور لويس عوض على الترجمـات التقليدية، وإنما نقل أيضا لقراء العربية حصاد مشاهداته الحية فى رحلاته نصف السنوية التى كان الأهـرام يوفده فيها إلى أوروبا لمشاهدة أحدث ما يقدم على مسارح انجلــترا وفرنسا، ويتابع عن قرب تطورات الاتجاهات الفكرية والأدبية والفلسفية .

www. ragai2009.com

[email protected]