حافظت وكالة ستاندرد آند بورز العالمية S&P Global Ratings على تصنيفاتها الائتمانية السيادية طويلة الأجل وقصيرة الأجل للاقتصاد المصرى عند مستوى B/B مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وقال التقرير التفصيلى الصادر عن الوكالة العالمية فى وقت متأخر أول أمس: «نؤكد التصنيفات لأننا نتوقع أن الاحتياطيات الأجنبية التى تم بناؤها منذ عام 2016 من جانب البنك المركزى المصرى، ستسمح للاقتصاد بتحمل الصدمة الخارجية المؤقتة الناتجة عن جائحة كورونا COVID -19».
الأرصدة ستكون فى حدود 37 مليار دولار بنهاية يونيو المقبل وخلال العام المالى 2020/2021
وتوقعت ستاندرد آند بورز أن تنخفض احتياطيات النقد الأجنبى (بما فى ذلك الذهب) من 45.5 مليار دولار فى نهاية فبراير إلى حوالى 37 مليار دولار فى نهاية يونيو 2020، وأن تظل مستقرة على نطاق واسع عند هذا المستوى تقريبًا فى السنة المالية 2020/2021، تغطى حوالي5 إلى 6 أشهر من مدفوعات الحساب الجاري.
وسجل الاحتياطى الأجنبى لمصر مستوى 40 مليار دولار فى نهاية مارس بعد أن أعلن البنك المركزى المصرى استخدام 5.4 مليار دولار فى مقابلة متطلبات الاقتصاد المحلى.
وأكدت ستاندرد آند بورز أن النظرة المستقرة للاقتصاد المصرى تعكس التوقعات بأن الانخفاض فى نمو الناتج المحلى الإجمالى سيكون مؤقتًا، وأن تنخفض مستويات الدين الخارجى والحكومى تدريجيًا بدءا من 2022.
نتوقع تباطؤًا فى نمو الناتج الحقيقى إلى %2.8 فى 2019/2020 و %0.1 فى العام المالى المقبل
وتوقعت الوكالة تباطؤًا كبيرًا فى نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى ليسجل %2.8 فى السنة المالية الحالية (2019/2020) و%0.1 فى السنة المالية (2020/2021) (تمثل انكماشًا بنسبة %1 خلال السنة التقويمية 2020) ، من %5.6 فى السنة المالية 2018 – 2019، مشيرة إلى أن الأزمة الصحية المستمرة والإغلاق الجزئى فى مصر والتطورات الخارجية ستؤدى إلى تقييد الناتج الاقتصادي.
ورجحت أن يرتفع العجز الكلى فى الموازنة العامة %8.3 من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة المالية 2020، و %8.5 فى السنة المالية 2021، من %8 فى السنة المالية 2018 – 2019، جراء حزمة التحفيز التى أطلقتها الحكومة لمواجهة تداعيات فيروس كورونا.
وأعلنت الحكومة عن حزمة تحفيز بقيمة 100 مليار جنيه، أو %2 من الناتج المحلى الإجمالي، ويشمل ذلك علاوات الأجور الأعلى والمعاشات والتحويلات النقدية المستهدفة فى إطار برامج تكافل وكرامة، وزيادة مخصصات الإنفاق لقطاع الصحة، ومرتبات شهرية للعمالة المؤقتة بقيمة 500 جنيه لمدة 3 أشهر، وانخفاض تكاليف الطاقة للقطاع الصناعى وتخفيف الضرائب لصالح القطاعات المتضررة.
وأشارت ستاندرد آند بورز إلى أن الانعكاس فى ضبط أوضاع المالية العامة سيؤدى إلى زيادة الدين الحكومى إلى %89 من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة المالية 2021، مقارنةً بتقديرها السابق البالغ %83 فيما توقعت أن ينخفض الدين الحكومى تدريجيًا من عام 2022، مدعومًا بإزالة تدابير التحفيز المؤقتة وإعانات الطاقة والكهرباء، وانخفاض تكاليف خدمة الديون.
وتابعت: «القطاع الأكثر تأثرًا هو السياحة، كان فى انتعاش واعد حتى وقت قريب وشكل حوالى %12 من الناتج المحلى الإجمالي، و %10 من إجمالى العمالة، وسمح تزايد إنتاج الغاز الطبيعى المحلى لمصر بأن تصبح مكتفية ذاتيا ومصدرة صافية للغاز، ومع ذلك يظهر القطاع علامات التباطؤ بسبب جائحة COVID-19 وبطء النشاط الاقتصادى العالمي، ويمكن أن يؤثر الضعف المطول فى أسعار النفط والغاز العالمية على زيادة الاستثمار فى هذا القطاع».
وقالت الوكالة العالمية: «نتوقع انتعاشًا اقتصاديًا صغيرًا من النصف الثانى من العام المالى 2021، مدعومًا بانتعاش الاستهلاك والاستثمار العام والخاص، ويمكن للجهود المستمرة التى تبذلها الحكومة لتحسين بيئة الأعمال، مثل قانون المشتريات العامة الجديد، وآلية تخصيص الأراضى الصناعية، وتدابير ترويج الصادرات، وخصخصة الشركات المملوكة للدولة، أن تعزز نشاط القطاع الخاص على المدى المتوسط.
وأشادت الوكالة بالإجراءات التى اتخذها البنك المركزى المصرى لدعم الاقتصاد، بما فى ذلك تخفيض معدلات الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس، وخفض أسعار الفائدة على القروض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وقطاعات الصناعة والسياحة، والإسكان الاجتماعي، بالإضافة إلى تأجيل أقساط القروض.
وأوضحت أن انخفاض معدلات الفائدة سيقلل من تكاليف الاقتراض الحكومية، لكن يمكن أيضًا أن يقلل من جاذبية الأوراق المالية بالعملة المحلية لغير المقيمين، إذا ارتفعت مستويات التضخم وسط الاضطرابات فى جانب العرض وانخفاض قيمة العملة، وتقلص العوائد الحقيقية.
وأشارت إلى قيام البنك المركزى المصرى مؤخراً بفرض قيود مؤقتة على السحب النقدى اليومى وسحب الودائع بالجنيه المصري، قائلة: «نتفهم أن هذه الإجراءات كانت مصحوبة بإزالة رسوم المعاملات عبر الإنترنت ورسوم التحويل لتثبيط الاكتناز النقدي.
وقالت الوكالة إن تقييم «B / B» فى مصر يعكس عجزًا ماليًا كبيرًا، ودينًا عامًا كبيرًا (وإن كان يتراجع تدريجيًا من عام 2021) وعبء الفائدة، ومستويات الدخل المنخفض التى تبقى المخاطر الاجتماعية مرتفعة، وستظل نسب الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى فى مصر ونسب الفائدة إلى الإيرادات مرتفعة وحساسة لتحركات أسعار الصرف فى أى من الاتجاهين.
ويتم دعم التصنيفات من خلال آفاق نمو قوية متوسطة المدى، مدعومة بتنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية منذ عام 2016 بحسب s&p.
وأضافت:«سننظر فى إمكانية إجراء تصنيف سلبى إذا كان تأثير جائحة فيروس كورونا COVID-19 على الموقف الخارجى والنشاط الاقتصادى لمصر أشد أو أطول مما هو متوقع، مما قد يؤدى إلى انخفاض كبير فى احتياطيات النقد الأجنبى وانخفاض القدرة على خدمة الديون».
وتابعت: «يمكن أن يظهر ضعف التصنيف أيضًا إذا تعطلت خطة مصر لتخفيض نسبة الدين الحكومى إلى الناتج المحلى الإجمالى تدريجيًا بسبب الضعف المالي، أو ارتفاع تكاليف الاقتراض، أو انخفاض قيمة العملة بشكل أكبر من المتوقع».
وقالت الوكالة إنها يمكن أن تفكر فى إجراء تصنيف إيجابى إذا كان التوسع الاقتصادى فى مصر يفوق توقعاتها بشكل ملحوظ، أو إذا تحسن يتجاوز التوقعات فى وضع الحساب الجارى إلى تقليل متطلبات التمويل الخارجى لمصر ومستويات الدين الخارجي.
وأكدت: «يمكننا أيضًا التفكير فى اتخاذ إجراء إيجابى إذا قلل برنامج الإصلاح المصرى بشكل جوهرى الدين الحكومي».
وتوقعت ستاندرد آند بورز انخفاضًا كبيرًا فى إيرادات الحساب الجارى (CARs) خلال الربع الأخير من العام المالى 2020، والنصف الأول من العام المالى 2021، ويأتى هذا الانخفاض على خلفية إغلاق السياحة الذى تسبب فيه فيروس كورونا COVID-19 (والتى مثلت حوالى %16 من إيرادات الحساب الجارى CARs منذ مارس 2018، وكذلك انخفاض الصادرات السلعية وعوائد قناة السويس بعد التباطؤ فى التجارة العالمية، وتراجع التحويلات المالية من العاملين فى الخليج.
وفى الوقت نفسه أدى تقلب الأسواق المالية العالمية إلى تدفقات رأسمالية كبيرة من الأسواق الناشئة، بما فى ذلك مصر، «نتفهم أنه كانت هناك تدفقات إلى الخارج لمحفظة بلغت 13 مليار دولار فى مارس (حوالى %50 من إجمالى الاستثمار الأجنبى فى أذون وسندات الخزانة)، مما أدى إلى انخفاض احتياطيات النقد الأجنبى للبنك المركزى المصرى والأصول الأجنبية للبنوك المحلية.
وتوقعت ستاندرد أن يواصل البنك المركزى التعامل مع ملف العملة بلطف لإدارة الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي، كما افترضت أن البنك لن يطبق ضوابط لرأس المال بالنظر إلى احتياطيات النقد الأجنبى القوية.
وقالت إن آجال استحقاق الديون الخارجية قصيرة الأجل للحكومة والبنك المركزى فى مصر حوالى 6.5 مليار دولار فى النصف الثانى من العام المالى 2020، و12.7 مليار دولار فى السنة المالية 2021 متوقعة أن يتم ترحيل جزء كبير من القروض الثنائية، ويمثل حوالى 11 مليار دولار ودائع مستحقة فى البنك المركزى من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت، والتى نتوقع تمديدها مرة أخرى.
وأشارت إلى أن الحكومة لديها 2.1 مليار دولار من القروض الميسرة المستحقة فى السنة المالية 2021، والتى سيتم استبدالها بمصروفات مقبلة بمبلغ مماثل من البنك الدولي، وبنك التنمية الأفريقي، والوكالة اليابانية للتعاون الدولي، وصندوق النقد العربي.
كما افترضت أن تقوم الحكومة بسداد مليار يورو مستحقة عليها فى أبريل من خلال أصولها الأجنبية الحالية، وتبلغ فترة استحقاق سندات اليورو التالية 2.5 مليار دولار فى يناير 2022.
وقالت إن الدين الخارجى قصير الأجل لمصر يشمل تسهيلًا بقيمة 2.7 مليار دولار مع الصين تم تمديده فى 2019 لمدة 3 سنوات، ولكن لم يتم سحبه بعد، وتوقعت ارتفاعًا حادًا فى الدين الخارجى لمصر المعدل للأصول الخارجية السائلة، إلى ما يزيد عن %100 من الحساب الجارى فى السنة المالية 2021، يليه انخفاض تدريجي.
كما توقعت أن تقترب مصر من صندوق النقد الدولى للحصول على برنامج تسهيل ائتمانى احتياطى أو تقترض من تمويل الطوارئ (تسهيل الائتمان السريع)، وستساعد الأموال الإضافية فى دعم احتياطيات النقد الأجنبى وتمويل جزئى للاستجابة المالية للحكومة للوباء.