زيادة الدعم وتثبيت الأسعار‮ .. «‬روشته» ‬القابضة والمصانع لعلاج أزمة الغزل

يتم تثبيت الأسعار لمدة 15 يوماً

زيادة الدعم وتثبيت الأسعار‮ .. «‬روشته» ‬القابضة والمصانع لعلاج أزمة الغزل
جريدة المال

أحمد عاشور

أحمد شوقي

12:00 م, الأربعاء, 13 أكتوبر 10

أدي ارتفاع أسعار الأقطان والغزل في السوق المصرية مؤخراً، إلي نشوب خلافات حادة بين الشركة القابضة للغزل والنسيج والأقطان من جهة ومصانع النسيج في مختلف المحافظات من جهة أخري، حيث تتهم المصانع الشركات التابعة لـ”القابضة” بالمغالاة في تسعير الغزول ومنع المصانع من الحصول عليها لصالح التجار، الأمر الذي خلق العديد من المضاربات في السوق المحلية، وهو ما لم تنفه “القابضة”، مؤكدة قانونية هذا التصرف ومبررة ارتفاع أسعار الغزول بالصعود الجنوني لأسعار الأقطان محلياً وخارجياً، إلي جانب نقص المواد الخام بالسوق المحلية.

من جهتها، عقدت “القابضة للغزل” أكثر من اجتماع مع مسئولي صناعة الغزل والنسيج محلياً، وانتهي الاجتماع الأخير الأحد الماضي، بالاتفاق علي عدد من المقترحات تساهم في حل الأزمة الطاحنة، التي تمر بها المصانع داخل السوق المحلية، في ظل ارتفاع جنوني غير مسبوق في أسعار الغزول عالمياً، واتفقت أطراف الأزمة علي قيام الشركات التابعة بتوحيد أسعار الغزول، وفق السعر العادل، عبر لجنة تضم جميع الأطراف، وتتولي تحديد السعر الاسترشادي، علي أن يتم تثبيت الأسعار لمدة 15 يوماً ويعاد مراجعتها مرتين شهرياً.

وشمل الاتفاق كذلك التأكيد علي ضرورة عودة الدعم المقدم من الحكومة إلي ما كان عليه بعد أن انخفض بواقع 25%، بالإضافة إلي المطالبة بزيادة الدعم بنسبة 50% توجه لصالح تخفيف أسعار الغزول بنفس القيمة المضافة للدعم، فيما استقرت الشركات التابعة لـ”القابضة للغزل” علي أن أولوية بيع الغزول ستكون لصالح المصانع، ثم الجمعيات الأهلية والتجار بعد ذلك، بشرط أن يكون التعامل بشكل نقدي فوري.

المرشدي: صناعة الغزل والنسيج تواجه مشكلة كبيرة تتمثل في ارتفاع أسعار الغزول

من جانبه، أكد محمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسيجية، أن صناعة الغزل والنسيج، تواجه مشكلة كبيرة تتمثل في ارتفاع أسعار الغزول، التي تقوم بتوريدها شركات “القابضة للغزل”، وتستحوذ علي أكثر من 65% من حجم القطاع، مؤكداً أن شركات قطاع الأعمال العام، بدأت مؤخراً في رفع الأسعار يومياً بشكل مفاجئ، ولم تلتزم بالتعاقدات المبرمة مع المصانع، وهو ما يهدد بتعرض المصانع للخروج من السوق، وأشار إلي قيام الشركات التابعة لـ”القابضة للغزل”، بالبيع للتجار، الأمر الذي أدي إلي حدوث مجموعة من المضاربات السعرية، إلا أنه أكد أن من شأن الاتفاق علي تثبيت الأسعار لمدة أسبوعين، وأولوية البيع للمصانع، ثم الجمعيات التعاونية، تقليل خسائر المصانع، مشدداً علي أن »القابضة« لم تخلق المشكلة.

وألقي المرشدي بالمسئولية الكاملة علي الحكومة، لعدم قيامها بزيادة الدعم لقطاع الغزل، والتأخر في صرف مستحقات الدعم منذ نوفمبر الماضي، إلي جانب ارتفاع أسعار القطن عالمياً، وهو ما زاد من تكاليف الإنتاج في شركات الغزل التابعة لـ”القابضة”، مشدداً علي أنه لـ”القابضة” الحق الكامل في البيع بالأسعار التي تراها، في حال لم يتم صرف الدعم من جانب الحكومة.

الجيلاني: صعود الأسعار العالمية للقطن السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الغزول

في سياق متصل، أكد محسن الجيلاني، رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج، أن السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الغزول، يتمثل في صعود الأسعار العالمية للقطن، فضلاً عن تأخر مستحقات الشركات التابعة لـ”القابضة”، لدي وزارة المالية من الدعم المخصص لقطاع الغزل والنسيج، الذي بلغ حتي الآن 103.4 مليون جنيه من إجمالي المستحقات المتأخرة لمصانع الغزل والنسيج والبوليستر من الدعم السنوي لـ»المالية«، وهي مستحقات متبقية تقدر بنحو 180 مليون جنيه، ولم تحدد “المالية” حتي الآن موعداً نهائياً لسداد هذه المستحقات.

وكانت الحكومة، قد أقرت صرف مساندة لدعم مصانع الغزل والنسيج، كي تتمكن من الوفاء بالتزامات الإنتاج، بينما تشير غرفة الصناعات النسيجية إلي أن وزارة المالية، اكتفت بسداد 200 مليون جنيه من الدعم الموجه للقطاع، ثم استخدامها خلال العام المالي المنتهي 2009-2010، ويشدد المنتجون المحليون علي ضرورة صرف المستحقات لمساندة منتج الغزل المحلي، الذي يعاني من منافسة أكثر من شرسة مع واردات الغزل الأجنبية.

وكان قرار وزارة التجارة والصناعة في أبريل 2009، توفير دعم بقيمة 325 مليون جنيه لمصانع الغزل بالقطاعين العام والخاص وشركات المناطق الحرة، قد لاقي ترحيباً من مسئولي قطاع الغزل بالسوق في محاولة لمساندة ودعم صناعة الغزل المحلية، وتمكينها من القدرة علي التصدير.

أسعار القطن شهدت ارتفاعاً بنسبة تصل إلي 34% خلال الخمسين يوماً الماضية

وأكد الجيلاني أن أسعار القطن شهدت ارتفاعاً بنسبة تصل إلي 34% خلال الخمسين يوماً الماضية، وهو ما أدي إلي ارتفاع تكلفة إنتاج المصانع، وبالتالي تحول المصانع للخسارة، ومن ثم تلجأ إلي زيادة الأسعار تعويضاً عن زيادة التكاليف من خلال البيع للتاجر بأسعار أعلي من المصانع وبشكل نقدي، مشيراً إلي أنه ليس هناك في القانون ما يمنع تعامل الشركات مع التجار، وفقاً لآليات السوق الحرة، إلا إذا جاء قرار من وزارة التجارة والصناعة ولو بشكل شفهي، وفق تعبيره.

وأضاف أنه من ضمن الأسباب التي أدت إلي ارتفاع القطن وجود مضاربات من خلال مراكز للتحكم في الأسعار، رغم أن حجم الإنتاج المصري يصل إلي 3.6 مليون طن سنوياً، وهو ما يحقق الاكتفاء الذاتي ولا يجعلنا نلجأ لاستيراد القطن، ومن ثم فإن الزيادة في أسعار الأقطان أدت إلي زيادة الغزول.

وحذر الجيلاني من عدم قدرة الشركات المصرية علي توفير احتياجات الشركات من الغزول خلال الموسم الجديد، مشيراً إلي أن هناك جزءاً كبيراً من الغزول، يتم استيراده من الخارج، وهو ما يقدر بما يقرب من 60 ألف طن سنوياً، متهماً القطاع الخاص بالاستيراد من الخارج، عندما كانت أسعار الغزول المستوردة متساوية مع أسعار الشركات التابعة للشركة القابضة، بحجة أن الغزول المستوردة أعلي جودة من نظيرتها المحلية، وهو ما كان يعرض الشركات للخسارة.

“فتح أسواق جديدة لاستيراد الأقطان” أحد محاور حلول أزمة الغزل

وأشار إلي أن أحد محاور حلول أزمة الغزل بالنسبة للشركات والمصانع، علي حد سواء، هو فتح أسواق جديدة لاستيراد الأقطان من دول حوض النيل، خاصة إثيوبيا وأوغندا وبروندي، حيث تعكف وزارة الزراعة علي دراسة إمكانية الاستيراد من هذه الأسواق، شريطة عرض مناقصات استيراد القطن علي الإدارة المركزية للحجر الصحي التابعة لها، وذلك ضمن مجموعة من الشروط والإجراءات التي تشمل أيضاً قصر الاستيراد علي البلدان الخالية من سوسة اللوز الأمريكية، وعدم الاستيراد إلا بعد الحصول علي موافقة إدارة الحجر، وأن تكون الأقطان محلوجة جيداً وخالية تماماً من البذور، وعدم ابقاء صفقات القطن المستوردة في الموانئ لمدة تزيد علي 15 يوماً.

وتابع الجيلاني: إن “القابضة” تستورد من 6 دول ممثلة في سوريا واليونان وأوزباكستان والسودان وكالورفينيا، ووافقت وزارة الزراعة مؤخراً علي الطلب الذي تقدمت به “القابضة” لاستيراد 1000 طن من الأقطان لصالح الشركات التابعة بتكلفة إجمالية تصل قيمتها إلي نحو 12 مليون جنيه، وسيتم توريدها دفعة واحدة، ويصل إجمالي قيمة استيراد شركات الغزل التابعة لـ”القابضة للغزل”، إلي مليار جنيه في المتوسط سنوياً، وتستهدف القابضة توفير نحو%10 من هذه التكلفة في حال موافقة وزارة »الزراعة« علي تنويع مصادر الاستيراد لتشمل عدداً من الدول الأفريقية والآسيوية، وتقل تكلفة استيراد القطن عن تكلفة نظيره المصري طويل التيلة، الذي لا يتناسب مع عدد واسع من صناعات غزول القطن المحلية، فيما تستحوذ نحو 20 شركة تابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج والأقطان علي نحو 60% من صناعة الغزل في مصر.

وقامت شركة الدلتا للغزل والنسيج التابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج والأقطان، باستيراد نحو 80 ألف قنطار من القطن بقيمة إجمالية تصل إلي نحو 40 مليون جنيه خلال العام المالي الماضي.

المساحة المزروعة من القطن في مصر تبلغ 2 مليون فدان

وتصل المساحة المزروعة من القطن في مصر سنوياً إلي 2 مليون فدان، تنتج نحو 2.7 مليون قنطار من القطن المصري، يتم التعاقد علي تصدير 1.6 مليون قنطار، ومن ثم يصل نصيب السوق المصرية من الإنتاج سنوياً إلي نحو 1.1 مليون قنطار، في حين تحتاج المغازل المصرية إلي نحو 4 ملايين قنطار، ومن ثم يتم اللجوء إلي استيراد الأقطان الأجنبية لتغطية العجز في المواد الخام، الذي يصل إلي نحو 2.9 مليون قنطار من القطن، الأمر الذي يزيد من تكاليف إنتاج الغزل سنوياً بصورة كبيرة، يمكن تجاوزها بوقف تصدير القطن المصري للخارج علي نحو ما حدث في العديد من الدول الأخرى.

فيما يصل إجمالي استيراد شركة كوم حمادة للغزل والنسيج إلي نحو 60 ألف قنطار من القطن، وبما يعادل 44 مليون جنيه، وتتمثل من اليونان وباكستان وسوريا والسودان، سواء كان من خلال وكلاء أو بشكل مباشر، وتوفر الطريقة الثانية موارد مالية كبيرة تمثل عمولة الوكلاء، التي مكنت الشركة من تحقيق إنتاج بقيمة 49 مليون جنيه.

فيما قال حسن بلحة، رئيس الجمعية الصناعية الإنتاجية بالمحلة الكبري، إن استهلاك المصانع التابعة للجمعية من الغزول، يصل إلي 500 طن شهرياً، وفي حالة عدم توفير المواد الخام للمصانع، فإن رأسمال الجمعية وائتمانات الشركات التابعة للجمعية، التي تصل إلي نحو 220 مليون جنيه سيتم إهدارها، مشيراً إلي أن شركات “القابضة” لم تعد تلتزم بتعاقداتها المبرمة مع مصانع النسيج، مشيراً إلي أن إحدي تلك الشركات لم تورد سوي 10 أطنان من صفقة يصل حجمها إلي 100 طن، وقامت برفع الأسعار.

بلحة: الأزمة التي تمر بها مصانع النسيج حالياً هي الأخطر منذ 30 عاماً

واعتبر أن الأزمة التي تمر بها مصانع النسيج حالياً، هي الأخطر منذ 30 عاماً، مشيراً إلي ارتفاع سعر طن الغزل في نوفمبر 2009 من 12 ألف جنيه إلي 22.350 ألف جنيه للطن، في الوقت الحالي، بنسبة زيادة تتجاوز 100% في فترة لا تتجاوز 10 أشهر.

وطالب رئيس جمعية المحلة الكبري، “القابضة للغزل” بإعلان أسعار الغزل، التي لم تعلن حتي الآن، ومن ثم لجأت كل شركة للبيع بسعر مرتفع، مشيراً إلي ضرورة وقف توريد الغزول إلي التجار، خاصة بعد احتكار مجموعة من التجار الغزول، مؤكداً أهمية دعم الدولة زراعة القطن، وتسليمه لشركات الغزل، ومن ثم تقل التكلفة وكذلك أسعار الغزول، لأن السوق لن تحتمل تلك الأزمة.

وأشار إلي أهمية زراعة القطن قصير ومتوسط التيلة في مصر، لأنه المناسب لمصانع الغزل، حتي تتوقف عن الاستيراد، ومن ثم تقل تكاليف الإنتاج وأسعار الغزل.

وأكدت جمعية منتجي المحلة، أنها أوشكت علي الافلاس أو الإغلاق في الوقت الذي تستوعب فيه مصانع النسيج في المحلة الكبري نحو 80% من القوي العاملة من سكان المدينة.

وأوضح نعمان أبوقمر، رئيس مصنع أبوقمر للنسيج بالمحلة الكبري، أن قيمة واردات شركته السنوية من الغزول من شركة دمياط للغزل والنسيج، التابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج، وصلت إلي ما يقرب من 20 مليون جنيه، وعلي الرغم من ذلك فإن شركته واجهت مشكلات عند الحصول علي الغزل من شركة دمياط، مطالباً بضرورة فرض رسم صادر يصل إلي 200 جنيه علي قنطار القطن، لضمان الحد الأدني من احتياجات مصانع الغزل، ويتم استيراد الباقي، مشيراً إلي تجربة الهند وباكستان في هذا الصدد، لتوفير احتياجات المصانع، مؤيداً فكرة منع توريد الغزول للتجار، بهدف دعم مصانع النسيج.

وأضاف أبوقمر أن شركته تعاقدت مع إحدي الشركات التابعة لـ”القابضة للغزل” لتوريد 100 طن، لكن الشركة فسخت هذا العقد، ولم تورد سوي ما يقرب من 15 طناً، للاستفادة من تغيرات الأسعار.

وأكد أنه من شأن اتباع هذه الأساليب تعرض الشركات للخسائر والإفلاس، الأمر الذي يهدد مستقبل العاملين بالشركات.