طالما اصطدم راغبو الحصول على التأمين الطبى بعائق التكلفة لسعيهم إلى توفير مزايا إضافية ومنافع ضرورية لمختلف أفراد الأسرة، وهو ما التفت إليه عدد من قيادات شركات التأمين خاصة بعد أزمتى التعويم وفيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) نظرا لزيادة الأسعار الخاصة بالخدمات الطبية فى الأولى بنسبة %300 والثانية لفقدان البعض لوظائفهم أو فقدان المؤسسات المؤمنة لدى شركات التأمين جزءا كبيرا من إيراداتها مما أثر على الاحتفاظ بالتأمين الصحى للعاملين بها أو مطالبين بخفض المزايا لتتناسب مع دخولهم الحالية ووضع مؤسساتهم المالى .
وقال الدكتور أيمن الألفى العضو المنتدب لشركة « المصرية الإماراتية» لتأمينات الحياة إن هناك زيادة ملحوظة في الطلب على التأمين خلال الفترة السابقة بشكل عام من خلال الاستفسار الدائم عن التأمين وتغطياته والشروط والاستثناءات مما يشير إلى ارتفاع نسبة الوعى بأهمية الصحة والحفاظ عليها من خلال التأمين ووسائل أخرى وذلك بسبب المخاوف التى راودت الجمهور من الوباء.
وأشار إلى أن هناك اهتماما بالتأمين الطبى من جانب الكثير من المؤسسات للحفاظ على سلامة العاملين بها وكذا الأفراد القادرين على اقتناء وثائق لهم ولذويهم مما عزز الطلب عليه بشكل واضح لكن عائق التكلفة يصطدم أحيانا بطموحات المؤمن لهم أو راغبى التأمين وهو مايعمل على تباطؤ الحصول على التغطية لكن لا يلغيها.
وأوضح أن شركات التأمين التى تزاول الطبى أو شركات الرعاية الصحية التى تتحمل الخطر والإدارة بنظام «TPA» عليها دور كبير فى جذب العميل للحصول على التغطية الطبية لكن مع مراعاة عدة قواعد أهمها السيطرة على تكاليف العملاء من خلال ضبط السلوكيات الاستهلاكية وتحسين الاستخدام للأدوية فى حالات الضرورة واستخدام التشخيص عن بعد وكفاءة التشغيل، علاوة على إدارة المطالبات بشكل جيد والانتظام فى أداء ومتابعة الخدمة وسداد مستحقات مقدمى الخدمة.
وتابع أن من أهم واجبات شركات التأمين تغطية المخاطر ولذلك يجب على جميع الشركات إيجاد الحلول لتغطية الوفاة الناتجة عن فيروس كورونا وغيرها من الخدمات المضافة التى ترتبط أساسا باتفاقيات إعادة التأمين العالمية لكى تشمل تغطية هذا الخطر فى اتفاقياتها.
وأكد أن اتفاقيات إعادة التأمين حاليا يشوبها التشدد بسبب صعوبة الظرف الحالى لكن فى الفترة المقبلة سيبدأ الوضع فى الاستقرار وستعود شركات الإعادة إلى الأساسيات الفنية وتقديم الدعم اللازم للشركات كأحد أهم أدوارها، مشيرا إلى أنها تقوم فى الوقت الحالى بترتيب أوراقها لكى تستطيع التعامل مع الأسواق بشكل واضح وبشروط صريحة وشفافة لاتقبل الجدال.
وأضاف أن شركات الإعادة كانت واضحة مع شركات الحياة فيما يتعلق بتوفير التغطية التأمينية للوباء فى حالة الوفاة فقط لكن طلب العملاء للتغطية فى وثائق الطبى والحياة فى حالة الإصابة يمكن أن يدرس من جانبها وفى النهاية القرار لها .
الزين: ارتفاع الأسعار يمثل تحديا كبيرا.. وتلويح بخفض المنافع
من جانبها، قالت فاطمة الزين، مدير عام تطوير الأعمال بشركة «ميدجلف للتأمين- مصر « للتأمين إن هناك زيادة واضحة فى الوعى بأهمية التأمين الطبى فى السنوات الأخيرة بل تضاعفت بعد انتشار فيروس كورونا لكن هناك تحديات تمر بها السوق فى الفترة الحالية سوف تعمل على تباطؤ ذلك الطلب أبرزها التكلفة المرتفعة لتغطيات التأمين الطبى والخوف من انتقال العدوى خاصة مع تهديدات بوجود موجة ثانية من الوباء مما قلص من التوجه إلى مقدمى الخدمة مباشرة فترة الإغلاق الحكومى.
وأشارت إلى أن هناك طلبا على التأمين الطبى من جانب مختلف المؤسسات وعلى تجديدات العقود لكنها مقرونة بخفض المزايا التى كان يتمتع بها العميل فى السابق بسبب الأزمة الاقتصادية التى تسبب فيها انتشار فيروس كورونا بسبب عائق التكلفة الضخمة فى علاجه، علاوة على وجود بعض المستشفيات التى تقبلت علاج حالات كورونا وأخرى كثيرة رفضت.
وأضافت أن نقص التدفقات النقدية «Cash flow» أثر سلبا على كافة المؤسسات الاقتصادية وكافة الأوجه، لذا من غير المنطقى أن تطلب شركات التأمين رفع الأسعار على العميل بشكل لايتناسب مع الخدمة المقدمة حتى لا يتم العزوف عن طلب التأمين الطبى.
وأكدت ضرورة عمل تنسيق بين تعاقدات التأمين الطبى وبين المصروفات التى ستتم من جانب شركات التأمين لتقديم الخدمة، مشددة على أهمية السيطرة على تكاليف العلاج الطبى من ناحية وعلى زيادة كفاءة إدراة هذه العقود للحفاظ على هامش ربح معقول يتجاوز بنا الأزمة.
وتابعت أن تقديم خدمة التأمين الطبى عن بعد يمكن أن يساهم فى السيطرة على ارتفاع التكاليف، علاوة على ضرورة حفاظ العملاء على استخداماتهم للكروت الطبية لدى الجهات مقدمة الخدمة فى حالة الضرورة للحفاظ على معدل استهلاكاتهم للتمتع بالخدمة طوال مدة العقد من خلال مراعاة الحد الأقصى له.
ولفت إلى أن شركات الإدارة الطبية على عاتقها مسئولية كبيرة بجانب شركات التأمين لخدمة العميل بدون أى ضرر مادى للأطراف الأخرى من خلال كفاءة معالجة المطالبات والسداد المنتظم للتعويضات والحفاظ على مستوى جيد من الخدمة يليق بالعميل وشركته.
وأوضحت أن شركات إعادة التأمين لها دور فى تقديم الدعم الفنى لشركات التأمين خاصة بعد أن أصبحت المنافسة متركزة على توفير تغطيات الأوبئة بوثائق التأمين أو بملاحق إضافية، مضيفة أن هناك شركات قبلت المشاركة فى الخطر لكن بأسعار مرتفعة جدا نظرا للتعويضات الكبيرة التى تم دفعها الشتاء الماضى لعملاء كورونا .
الدكرورى: ضخامة التعويضات وضعت الإعادة فى مأزق ..والصورة «ضبابية»
من جانبه، قال محمد الدكرورى مدير عام الشئون الفنية والعمليات بشركة «أروب» للتأمينات العامة إن انتشار فيروس كورونا عزز الطلب على التأمين الطبى بشكل واضح لكن هناك تحديات عديدة أمام ارتفاع نسبة اختراق الطبى فى الفترة الحالية أهمها أن أسعار الخدمات الطبية باهظة منذ قرار التعويم فى نوفمبر 2016 حتى ما قبل كورونا .
وأضاف أنه منذ انتشار فيروس كورونا قررت العديد من المؤسسات طلب التأمين الطبى لكن الأزمة الاقتصادية دفعتهم لطلب تخفيض القسط أو المزايا أو الحصول على تسهيلات، وفى المقابل فإن شركات التأمين فى وضع حرج ولن تستطيع تلبية هذه المتطلبات لتعارضها مع مصلحة الشركة ومستوى حماية العميل.
وكشف أن هناك طلبات من مؤسسات على تغطية الأوبئة بوثائق الطبى حتى لو بموجب ملحق إضافى أو قسط إضافى وهو ماتدرسه الشركات مع معيدى التأمين ولم يحسم بعد.
وأشار إلى أن الاتحاد المصرى للتأمين يقوم حاليا بعمل وثيقة تأمين طبى مصغرة يمكن لشركات التأمين ترويجها لعملائها توفر حدا معينا من المنافع وتحافظ على مستوى الطلب علي الطبى فى ظل ظروف اقتصادية صعبة تسبب فيها انتشار فيروس كورونا.
وتابع إن شركات التأمين حاليا ملزمة بتغطية مصروفات التشخيص والعلاج فى حالة الاشتباه بفيروس كورونا لعملائها حتى حسم حالة العميل إيجابية أم سلبية وهو من أهم الأدوار التى قامت بها الشركات فى هذه المرحلة لكن لن تستطيع بذل مجهود آخر بدون تغطية ومشاركة للخطر من معيدى التأمين.
وأكد أن التحديات التى تواجه شركات التأمين حاليا هى ارتفاع تكلفة التأمين الطبى، خاصة كورونا، علاوة على رغبة شركات التأمين فى الحصول على تغطيات للأوبئة فى وثائقها الأساسية ولو بسعر أعلى لكن شركات الإعادة قابلت هذا الطلب بالرفض، بالإضافة إلى عدم حسم التغطية فى معظم فروع التأمين ومنها الطبى بالرغم من زيادة الطلب عليه.
واعترف بضبابية الصورة لدى معيدى التأمين حتى الآن تجاه أسواق التأمين التى يتعاملون معها بسبب تكبدهم خسائر ضخمة بسبب كورونا فى الطبى والحياة وتوقف الأعمال وإلغاء الأحداث والأخطار والكوارث الطبيعية فى دول المنشأ والأسواق الأساسية بالنسبة لهم مما يجعل الأمر كله حتى الآن يشوبه التكهنات وعدم اليقين.
ولفت إلى أن معيدى التأمين إذا وفروا فى المستقبل القريب تغطية التأمين الطبى ضد كل الأخطار وخاصة الوباء سوف تكون بسعر مرتفع للغاية على العميل مما يكبله بميزانية مالية كبيرة عليه يمكن أن تدفعه للعزوف عن طلب التأمين أو خفض المزيا فى حالة اضطراره للاحتفاظ بالتأمين الطبى.