تتخذ بعض الكوارث الطبيعية، أو حتى التي من صنع الإنسان، سمات مشتركة، طبقًا لوثيقة الممتلكات، لكنها تصبح عابرة للمحافظ التأمينية (Cross Class Claims) إذ تسببت التعويضات التي نجمت عن تلك الحوادث مطالبات تحت عدد كبير من أنواع ومحافظ التأمين الأخرى، وذلك مثلًا في التأمين البحري والبضائع، والفقد والضرر المادي الذي يلحق بالبضائع أثناء وجودها بالميناء، وأجسام السفن، والضرر المادي الذي للسفينة أثناء وجودها في الميناء وقت الكارثة، والحوادث الشخصية، وإصابات العمال والموظفين، وتأمينات الحياة، والوافيات والإصابات والعجز بأنواعه، وتأمين توقف الأعمال، وتوقف المصانع نتيجة توقف خطوط الإنتاج، والتأمين الصحي، وعلاج المصابين، وتأمين السفر، وتعطل الطيران في المدن المتضررة، وتأمين المعدات، وتأمين السيارات، وتأمين المسئولية المدنية.
وتضر تلك النوعية من المطالبات «التغطيات العابرة للمحافظ التأمينية» بشركات التأمين، وقد تؤدي إلى إفلاس بعضها، كما كان بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث تسببت الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001 في خسائر فادحة في الأرواح والصحة والممتلكات والدخل، وكانت استجابة الحكومة الفيدرالية وشركات التأمين الخاصة والجمعيات الخيرية للخسائر التي تعرض لها الأفراد والشركات ذات نطاق وحجم لم يسبق لهما مثيل من قبل، حيث دفعت شركات التأمين أكثر بكثير من أي حدث واحد آخر في تاريخ الولايات المتحدة، فضلًا على التبرعات الخيرية والتوزيعات من المنظمات الخيرية لم يسبق لها مثيل.
وتبعًا لما سبق؛ بلغ حجم التعويضات من شركات التأمين لأولئك الذين قتلوا في الهجمات على مركز التجارة العالمي (WTC) والبنتاغون وموقع تحطم بنسلفانيا والشركات والأفراد في مدينة نيويورك المتضررين من الهجوم على مركز التجارة العالمي 19.6 مليار دولار، وهي تمثل أكثر من نصف التعويضات الإجمالية لهذا الحادث.
وفي سياق «التغطيات العابرة للمحافظ التأمينية»، فقد وقع عام 2000 انفجار ناجم عن تسرب غاز في مصفاة نفط بميناء الأحمدي الكويتية أسفر عن حدوث أضرار مادية في بعض مواقع المصفاة بلغ 444 ألف برميل وعن مقتل أربعة أشخاص وإصابة 49 آخرين.
وأسفر انفجار بمستودع بميناء تيانجين عام 2015 شمال الصين، والذي يحتوي على مواد كيميائية خطرة وقابلة للاشتعال، عن مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة مئات آخرين وتدمير مناطق واسعة من المدينة، وكانت له قوة تعادل ثلاثة أطنان من مادة (تي إن تي) شديدة الانفجار، وقد أدت إلى خسائر كبيرة في البضائع المخزنة بالميناء كما تم حرق ساحة لوجستية تحتوي على عدة آلاف من السيارات بما يعادل حوالي 1500 سيارة.
وصرح الاتحاد الدولي للتأمين البحري (IUMI) إن حوالي 70 ألف سيارة قد تضررت في الانفجارات، وقدرت الخسائر العالمية في إعادة التأمين بحوالي 3.5 مليار دولار، بينما قدرتها شركةSwissRe بحوالي 8 مليارات دولار، وقالت شركة CIRC إن أكبر خسارة فردية كانت لدى شركة China Automobile Trading التي فقدت 3000 سيارة مستوردة في الانفجارات، وقد دفعت شركة China Continent Insurance مبلغ 266 مليون دولار لهذه المطالبات في يناير 2016، بينما كانت انفجارات ميناء تيانجين أكبر خسارة للتأمين وإعادة التأمين من صنع الإنسان في عام 2015.
وفي الرابع من أغسطس 2020 شهد العالم كارثة تجسد معنى «التغطيات العابرة للمحافظ التأمينية» حرفيًا، حيث انفجار ميناء بيروت، والذي تسبب الانفجار الهائل الذي وقع في مخزن بميناء بيروت في دمار كبير للمباني والممتلكات، فضلًا عن عشرات القتلى وآلاف الجرحى نتيجة تخزين 2750 طنًا من مادة نترات الأمونيوم التي خُزنت بطريقة غير آمنة في مستودع في الميناء، وقد قتل ما لا يقل عن 200 شخص في الانفجار وأصيب نحو 5 آلاف آخرين، وعلى الرغم من تحديد حجم الخسائر الفعلية لهذا الحادث إلا أن المحللون قدروا أن إجمالي قيمة الخسائر الناجمة عن الانفجار في مستودع ميناء بيروت المؤمن عليها نحو 3 مليارات دولار بالإضافة إلى خسائر اقتصادية بقيمة 15 مليار دولار، ومن المتوقع أن الكثير من هذه الخسائر لم يكن مؤمنًا عليه.