أعلنت وحدة ريفينيتيف البريطانية- الأمريكية لأبحاث الأسواق المالية والاقتصادية العالمية التى تتخذ من مدينة نيويورك مقرا لها أن القيمة الإجمالية لصفقات الدمج والاستحواذ على مستوى العالم منذ بداية العام وحتى نهاية شهر مايو الماضى بلغت أكثر من 2.4 تريليون دولار لتسجل أعلى مستوى فى تاريخها.
وجاء فى تقرير وحدة ريفينيتيف التابعة لمجموعة بورصة لندن أن إجمالى صفقات الدمج والاستحواذ العالمية خلال مايو فقط قفز إلى ما يقرب من 533 مليار دولار أو ما يعادل أكثر من %22 من القيمة الإجمالية العالمية لهذه الصفقات فى الخمسة أشهر الأولى من 2021 وذلك للشهر الثالث على التوالى ليسجل أعلى مستوى فى تاريخ هذا الشهر.
428 صفقة تتجاوز قيمة كل منها مليار دولار
وبلغ عدد الصفقات التى يتجاوز كل منها المليار دولار خلال الخمسة شهور الأولى من العام الجارى 428 صفقة بالمقارنة مع 131 فقط خلال نفس الشهور من العام الماضى الذى ظهر منذ بدايته وباء كورونا الذى مازال ينتشر فى أنحاء العالم برغم توزيع اللقاحات وتطعيم مايزيد عن 2.2 مليار شخص فى معظم الدول ولاسيما أوروبا وأمريكا.
وذكرت وكالة بلومبرج أن نشاط الدمج والاستحواذ سجل رقما قياسيا خلال الشهر الماضى مدفوعا أساسا بأسعار الفائدة المتدنية وارتفاع أسعار أسهم الشركات إلى مستويات جديدة وتزايد الاهتمام بعقد صفقات فى قطاعات التكنولوجية والأدوية والرعاية الصحية التى شهدت انتعاشا واضحا بسبب وباء كوفيد 19.
انتعاش الدمج والاستحواذ مع ضخامة السيولة
وجاء انتعاش نشاط الدمج والاستحواذ مع اتجاه الشركات لاستغلال ضخامة السيولة المالية المتراكمة لديها مع ارتفاع أسعار أسهمها للتوسع فى أنشطتها ومع استعادة الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين لتعافيها من تداعيات فيروس كورونا واستئناف أنشطتها المعتادة بفضل تطعيم معظم سكانها.
وصعد مؤشر ستوكس 600 لأسهم كبرى الشركات الأوروبية مع نهاية الربع الأول من هذا العام ليسجل أعلى مستوى منذ أكثر من عام بقيادة أسهم شركات قطاعات التكنولوجيا و منتجات التجزئة ومع ظهور بيانات تشير إلى هبوط معدل التضخم فى دول أوروبا، وانتعشت أيضا الأسهم الأمريكية بعد موافقة النواب الديمقراطيين على مشروع قانون لتخفيف تداعيات فيروس كورونا بقيمة 1.9 تريليون دولار والذى يعد واحدا من أكبر خطط التحفيز الاقتصادى فى تاريخ الولايات المتحدة.
وقال بول روبرتس المدير التنفيذى لشركة كوبيانت لتكنولوجيا الإعلانات إنه بعد تزايد الشكوك فى النشاط الاقتصادى خلال عام الوباء بدأت الشركات والمدراء التنفيذيون يبحثون عن وسائل للتوسع فى الأنشطة بأسرع ما يمكن من خلال الاندماج مع شركات تتمتع بقدرات تساعد على الاكتمال معها.
ويرى محللون أيضا أن كبرى شركات الاستثمار فى العالم استطاعت أن تكتنز رؤوس أموال ضخمة خلال السنوات القليلة الماضية مما ساعد على انتعاش صفقات الدمج والاستحواذ، ومنها الاندماج بين وارنر ميديا التابعة لمجموعة AT&T مع شبكة ديسكفرى التى تعرض قنوات تليفزيونية أمريكية مشهورة مثل HGTV و TLC لينتج كيان بقيمة تجاوزت 120 مليار دولار فى أكبر صفقة يشهدها العام الحالى حتى الآن.
قطاع التكنولوجيا يفوز بغالبية الصفقات
استمر قطاع التكنولوجيا الذى يساهم عادة بغالبية صفقات الدمج والاستحواذ كل فصل فى تحقيق أكبر قيمة لها لتصل إلى 503 مليارات دولار خلال الخمسة شهور الماضية، وجاء بعده قطاع الشركات الصناعية بأكثر من 255 مليار دولار ثم صفقات الدمج والاستحواذ بين شركات الخدمات المالية التى بلغت 250 مليار دولار بنفس الفترة.
وقفز إجمالى القيمة السوقية لأكبر خمس شركات تكنولوجية فى العالم إلى حوالى 8 تريليونات دولار بعد أن ارتفعت أسعار أسهمها خلال عام الوباء لتصل إلى مستويات قياسية بسبب انتشار فيروس كورونا الذى جعل معظم سكان العالم ولاسيما الدول المتقدمة والعديد من بلدان الأسواق الناشئة يعتمدون على تكنولوجيا الاتصالات بعد أن اضطروا للبقاء فى منازلهم والعمل منها أيضا للحد من العدوى من مرض كوفيد 19.
وتصدرت شركة أبل للكمبيوتر والموبايل السمارت قائمة الخمس الكبار فى صناعة التكنولوجيا على مستوى العالم لتقفز قيمتها السوقية من حوالى 1.3 تريليون دولار فى يناير من العام الماضى إلى أكثر من 2.3 تريليون دولار فى 9 فبراير من هذا العام لتتصدر قائمة الخمس الكبار ومنها أمازون ومايكروسوفت وجوجل وفيسبوك.
الميديا والتسلية والترفية تسجل أعلى قيمة بمايو
وحققت صفقات الدمج والاستحواذ بين شركات الميديا والتسلية والترفية قيمة قياسية خلال شهر مايو الماضى حيث بلغت حوالى 153.5 مليار دولار وبعدها شركات التكنولوجيا المتقدمة بحوالى 114.2 مليار دولار ثم شركات الرعاية الصحية بأكثر من 56 مليار دولار مع استفادة هذه القطاعات من تداعيات فيروس كورونا خلال عام الوباء وحتى الآن.
أما الشركات التى تستهدف الاستحواذ بغرض محدد والمعروفة باسم SPACs مثل جمع الأموال من خلال شراء شركة خاصة وإدارجها فى البورصة وطرح أسهمها فى اكتتابات عامة فقد سجلت قيمة قياسية أيضا خلال الفترة من بداية يناير حتى نهاية مايو من هذا العام بلغت 348 مليار دولار.
ويتوقع بلاك هيتشيسون المدير التنفيذى لشركة فليبا دوت كوم للبحوث المالية والاستثمارية الأونلاين استمرار الانتعاش القوى فى نشاط الدمج والاستحواذ بقية شهور العام الحالى ولاسيما فى قطاعات الأغذية والمشروبات وتجارة التجزئة التى ازداد الطلب عليها منذ العام الماضى بسبب فرض قيود البقاء فى البيت للحد من انتشار العدوى من فيروس كورونا.
الولايات المتحدة تتصدر دول العالم
تصدرت الولايات المتحدة دول العالم فى نشاط الدمج والاستحواذ حيث بلغ إجمالى قيمة الصفقات التى عقدتها هذا العام حتى نهاية الشهر الماضى أكثر من 1.3 تريليون دولار وبعدها أوروبا ومنطقة آسيا المطلة على المحيط الهادى بحوالى 411 مليار و387 مليار دولار على التوالى.
وتجاوزت قيمة صفقات الدمج والاستحواذ المعلنة بين شركات فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الربع الأول من العام الجارى 17.1 مليار دولار بزيادة قدرها %19 مقارنة بنفس الربع من عام كورونا.
الصفقات العالمية هبطت %6 بعام الوباء
كانت قيمة صفقات الدمج والاستحواذ على مستوى العالم هبطت بحوالى %6 خلال العام الماضى لتسجل 3.6 تريليون دولار بالمقارنة بعام ماقبل الوباء وذلك بسبب انكماش الاقتصاد خلال النصف الأول من العام الماضى نتيجة جائحة فيروس كورونا، لكن أنشطة الصفقات العالمية استعادت عافيتها بالنصف الثانى ليبلغ إجمالى قيمة الصفقات 2.3 تريليون دولار بزيادة قدرها %31 عن النصف الثانى من عام 2019.
وحققت صفقات الدمج والاستحواذ فى جميع القطاعات الصناعية والمالية فى أنحاء العالم انتعاشا فى عام كورونا ليقترب إجماليها من مستويات عام 2019 على الرغم من التأثير السلبى لأزمة الوباء على الاقتصاد العالمى حيث شهد النصف الثانى من العام الماضى زيادة كبيرة فى نشاط الدمج والاستحواذ ليعوض التراجع فى النصف الأول.
الصفقات تقفز %88 فى النصف الثانى
بلغت قيمة هذه الصفقات حول العالم منذ شهر يوليو حتى نهاية العام الماضى 2.3 تريليون دولار بزيادة بنسبة %88 عن النصف الأول من العام الذى اعتراه الشكوك بخصوص مدى وحجم الأضرار التى يسببها وباء كورونا على الاقتصاد العالمى وتردد الشركات فى إتخاذ أى قرارات استثمارية قد لا تحقق لها المستهدف من صفقات الدمج والاستحواذ.
وقفزت استثمارات قطاع الأدوية والرعاية الصحية إلى مايزيد عن 100 مليار دولار فى أكبر خمس عمليات اندماجات واستحواذات أعلنت عنها الشركات العالمية خلال العام الماضى الذى ظهر فى بدايته فيروس كورونا فى الصين وانتقل منها إلى جميع دول العالم ومازالت الوفيات منه والإصابات به فى ارتفاع مستمر لتقترب من 3.8 مليون ضحية وحوالى 176 مليون حالة.
وتصدرت صفقات الاندمجات والاستحواذات خلال عام الوباء صفقة شركة استرازينيكا البريطانية للأدوية عندما أكدت فى ديسمبر الماضى على استحواذها على اليكسيون فارماسيوتيكال الأمريكية للأدوية مقابل 39.1 مليار دولارلدعم استراتيجيتها على الأجل الطويل لتطوير أدوية مبتكرة فى علاج وتعزيز جهاز المناعة الذى يعانى من أمراض نادرة ومزمنة وابتكار اللقاحات اللازمة لمكافحة مرض كوفيد 19.