أكدت ديبورا ريفولتيلا كبير اقتصاديى بنك الاستثمار الأوروبى أن البنك يسعى إلى المساهمة فى دفع الاقتصاد المصرى خلال الفترة المقبلة، من خلال تقديم الدعم المالى لمشروعات القطاع العام والخاص، إلى جانب المشورة الفنية، مشيرة إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى لن يؤثر على حجم التمويلات المقدمة لمصر خلال الفترة المقبلة، إذ يعمل البنك فى مصر وفقا لتفويض، للعمل مع الحكومة المصرية ودعم جهود التنمية الاقتصادية، موضحة أن التمويل بدأ عام 2014 ويمتد حتى 2020.
جاء ذلك فى حوار عبر البريد الإلكترونى تنشره «المال» اليوم بمناسبة الإعلان عن نتائج مسح قام به البنك، بالتعاون مع البنك الدولى، وبنك التعمير والتنمية، يتضمن أراء 6000 شركة بمنطقة جنوب المتوسط، من بينهم مصر عن معوقات الاستثمار.
وقالت “ريفولتيلا” إن الاقتصاد المصرى يواجه عددا كبيرا من التحديات الاقتصادية، عقب سنوات من عدم الاستقرار السياسى، وعدم الوضوح مما خلق أزمات مالية، مثل زيادة معدل التضخم والذى أدى إلى تآكل القيمة الشرائية للمستهلك وضعف تنافسية الصادرات.
وأضافت كبير اقتصاديى بنك الاستثمار الأوروبى أن نقص العملة الصعبة ترتب عليها إحجام المستثمرين، وتعرض الاقتصاد المصرى لعدد من الصدمات، لذلك فإنه من المهم أن تعيد مصر الاستقرار الاقتصادى على المدى القصير والمدى المتوسطن بالإضافة إلى معالجة بعض التشوهات (مثل الدعم) والتى تؤثر سلبا على الأداء الاقتصادي.
وأشادت بالمشروعات القومية التى أعلنتها مصر، من بينها مشروع قانون السويس الجديدة، قائلة: “مصر لديها تاريخ طويل مع المشروعات العملاقة بدءًا من بناء الأهرامات”، وتدعو إلى الإعجاب، فمثلًا مشروع قناة السويس تم تنفيذه فى وقت قصير وبتمويل مصرى، وهذا مؤشر جيد للغاية، ويجب التأكيد على أن المشروعات العملاقة تسهل عمل القطاع الخاص ولا تستبدل دوره.
«المال»: فى البداية ما طبيعة عمل بنك الاستثمار الأوروبى ودوره فى عمليات التنمية؟
البنك يقوم بتوفير التمويل اللازم للمشروعات ذات الجدوى الاقتصادية
ريفولتيلا: البنك هو مؤسسة تمويل قائمة على توفير التمويل اللازم للمشروعات ذات الجدوى الاقتصادية، يقوم بدراسة أى مشروع من جميع الجوانب الاقتصادية، والمالية والبيئية والاجتماعية بحيث نضمن أنه ذو أثر إيجابى على حياة المواطن.
فأهم معيار للبنك هو أن يحدث المشروع الفارق ويدفع إلى الأفضل فى مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والبنك لا يعمل بمفرده وإنما بالتنسيق الدائم مع الحكومات وبما يضمن الاستجابة لأولويات وخطط التنمية.
ويعتبر بنك الاستثمار الأوروبى مؤسسة التمويل التابعة للاتحاد الأوروبى، ويعمل فى منطقة البحر المتوسط بصفة عامة، وفى مصر تحديدا بتفويض من الاتحاد الأوروبى لدعم عملية التنمية الاقتصادية فى مصر ودول جنوب البحر المتوسط، ومستقبلا سيستمر فى توفير التمويل اللازم للمشروعات الحيوية فى مصر ودعم القطاع الخاص.
«المال»: ما هى محفظة البنك فى مصر؟ وكيف تتوزع قطاعيا؟
ريفولتيلا: يعمل “بنك الاستثمار الأوروبى” فى مصر منذ أكثر من 35 عاما وفر خلالها تمويلا يزيد عن 7.3 مليار يورو موزعة على ما يقرب من 100 مشروع.
وقد استجاب البنك للتحديات التى شهدتها مصر عقب ثورة 25 يناير، وقام بالتنسيق مع الحكومة بضخ المزيد من التمويل فى القطاعات ذات الأولوية، و بلغ حجم التمويل الذى وفره خلال عام 2015 نحو 900 مليون يورو تقريبا ذهبت لعدد من المشروعات الحيوية، مثل مشروع محطة كهرباء دمنهور، ومشروع مترو القاهرة الكبرى، فضلا عن توفير خطوط ائتمان لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
فعلى سبيل المثال وفر بنك الاستثمار الأوروبى تمويلا قدره 600 مليون دولار، لمشروع محطة كهرباء دمنهور والذى تبلغ تكلفته الإجمالية 1.3 مليار دولار، والذى يأتى ضمن مشروعات خطة الحكومة المصرية الخمسية للأعوام (2012 – 2017) لتدعيم الشبكة القومية بقدرات تصل إلى 1800 ميجاوات لتوسعة وتدعيم والارتقاء بأداء الشبكة الكهربائية القومية فى مصر، ومجابهة الزيادة المضطردة للأحمال فى جميع قطاعات الدولة، ولتوفير الطاقة الكهربائية اللازمة للمشروعات الاستثمارية الجديدة.
حجم التمويل الذى وفره البنك لمصر من 2011 إلى 2015 بلغ 1.8 مليار يورو
بلغ إجمالى حجم التمويل الذى وفره البنك لمصر خلال الفترة (2011-2015) ما قدره 1.8 مليار يورو.
«المال»: هل يؤثر خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى على عمليات البنك فى مصر؟
ريفولتيلا: بالطبع لا، فـ”بنك الاستثمار الأوروبى” يعمل فى مصر ومنطقة جنوب البحر المتوسط وفقا لتفويض من الاتحاد الأوروبى للعمل مع الحكومة المصرية ودعم جهود التنمية الاقتصادية، والتفويض الحالى يمتد من 2014-2020.
«المال»: هل سيقدم البنك تمويلات جديدة خلال العام الجارى؟
ريفولتيلا: وافق مجلس إدارة البنك على قرض بقيمة 115 مليون يورو لمشروع إقامة مزرعة لتوليد الكهرباء من الرياح على الضفة الغربية لخليج السويس، بما يساعد على مواجهة الطلب المتزايد على الكهرباء، ويسعى البنك لمواصلة دعم القطاع الخاص فى مصر من خلال العديد من المبادرات لتوفير التمويل متناهى الصغر، وإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك من خلال الشراكة مع كبرى البنوك العامة والخاصة فى مصر.
بالإضافة إلى ذلك يعمل البنك حاليا على وضع الخطوات التنفيذية لمبادرة باسم (“Crisis response and Resilience Initiative” الاستجابة المرنة فى التعامل مع الأزمات)، حيث عرضها فيرنر هوير رئيس البنك على رؤساء وحكومات ودول الاتحاد الأوروبى، ولقيت ترحيبا كبيرا لدعم قدرة دول جنوب البحر المتوسط، ومنها مصر ودول البلقان، وذلك عبر دفع الدعم المقدّم للبنية التحتيّة الحيويّة، والقطاع الخاصّ لمواجهة التحديات الناتجة عن مشكلة اللاجئين.
«المال»: ما حجم التمويل المقرر أن توفره المبادرة الجديدة لدول المنطقة بما فى ذلك مصر؟
ريفولتيلا: تتضمن المبادرة توفير 6 مليارات يورو، إضافية لتمويل مشروعات البنية الأساسية والقطاع الخاص، فضلا عن 7.5 مليار يورو من المقرر توفيرها لتمويل المشروعات فى دول جنوب المتوسط، ومنها مصر إضافة إلى دول البلقان.
2 مليار يورو لتمويل مشروعات القطاع الخاص
ويتوزع التمويل الإضافى المقترح كما يلى، 2 مليار يورو لتمويل مشروعات القطاع الخاص، وفقا للإطار الحالى لأنشطة البنك و1.4 مليار يورو بشروط أكثر تفضيلا يصحبها خدمات استشارية للمساعدة فى علاج البنية الأساسية و2.6 مليار يورو، لتمويل المشروعات عالية المخاطر والتى تستهدف دعم القطاع الخاص وخلق فرص العمل.
«المال»: ماهى حجم التمويلات التى وفرها البنك للقطاع الخاص فى مصر؟
ريفولتيلا: يعمل بنك الاستثمار الأوروبى فى منطقة جنوب البحر المتوسط بصفة عامة، وفى مصر مصر بصفة خاصة من أجل دعم البنية الأساسية والاجتماعية بالإضافة إلى تنمية دور القطاع الخاص.
وبالفعل وفر البنك تمويلا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، من خلال توفير الائتمان اللازم للبنوك المحلية فى مصر، والتى تقوم بدورها بإقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وعلى سبيل المثال، وفر البنك ائتمانا بقيمة 120 مليون يورو لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى عام 2015 من خلال أحد البنوك المحلية.
ولا يعمل بنك الاستثمار الأوروبى بمفرده فنحن نعمل فى شراكة دائمة مع الحكومة المصرية، بالإضافة إلى مؤسسات التمويل الدولية الأخرى العاملة، وبما يضمن التكامل والتنسيق المستمر.
ويأخذ التمويل الموجه للقطاع الخاص أشكالا أخرى سواء من خلال الاستثمار فى صناديق الاستثمار المحلية والإقليمية أو توفير الإقراض للمشروعات متناهية الصغر من خلال الشركاء المحليين.
«المال»: سيعلن البنك بالشراكة مع البنك الدولى وبنك التعمير والتنمية نتائج مسح 6000 شركة عن المشكلات التى تعوق القطاع الخاص فى منطقة الشرق الأوسط..ما هى طبيعة هذا المسح فى مصر، كيف ترى المعوقات التى تواجه الشركات بالسوق المحلية؟
ريفولتيلا: مسوحات الشرق الأوسط هى إجراء استقصائى لفهم بيئة الاستثمار وتوفر معلومات كثيرة لقياس مناخ الاستثمار.
الحصول على التمويل وعدم توفر الكهرباء أهم معوقات الشركات
وتسأل المسوح بصفة، خاصة أرباب الأعمال والمديرين عن رأيهم فى العوائق التى تواجه شركاتهم، وقد أشارت النسبة الأكبر من العينة التى تم استجوابها وقوامها 6000 شخص (كل شخص يمثل شركة) إلى أن عدم الاستقرار السياسى، هو العائق الأكبر فى دول منطقة جنوب البحر المتوسط، وهو أمر طبيعى وناتج عن التوقيت الذى تم جمع البيانات خلاله وهى عامى 2013-2014 وهو أمر بات مختلفا اليوم، وجاء الحصول على التمويل وعدم توفر الكهرباء ضمن المعوقات الأساسية.
كما كشف عن أن الحصول على التمويل وعدم توفر الكهرباء هى مشكلات لا تزال قائمة بدرجة أو بأخرى، فعلى سبيل المثال تراجعت نسبة الائتمان الذى تحصل عليه الشركات فى مصر من الناتج المحلى الإجمالى فى الفترة الحالية مقارنة بفترة جمع بيانات التقرير.
وتشير بيانات المسح إلى أن الشركات فى مصر أقل من نظيرتها فى دول المنطقة من حيث الاقتراض من البنوك، أما بالنسبة للكهرباء فإن البنية الأساسية للكهرباء تتعرض لضغط كبير بسبب النمو السكانى، و تضخم الطلب الناتج عن دعم الكهرباء فى مصر.
وثبت أن الكهرباء الرخيصة تساعد على خلق طلب إضافى، وقد أشار المسح إلى أن الشركات المصرية تتعرض لانقطاع التيار الكهربائى بمعدل 16 مرة شهريا، وهو ما يترجم فى فقدانها لما نسبته 6% من مبيعاتها.
«المال»: ما هو دور البنك فى مساعدة الحكومة على حل هذه المشكلات؟
ريفولتيلا: يوجد مستويان، فعلى المستوى الأول قام البنك بالتنسيق مع الحكومة المصرية لتوفير تمويل نقدى أجنبى لحساب البنوك المصرية، وذلك حتى يتسنى توفيره للشركات الصغيرة والمتوسطة وهو الأمر الذى يسعى البنك إلى زيادته خلال الفترة القادمة.
وعلى المستوى الثانى استمر بنك الاستثمار الأوروبى فى توفير التمويل اللازم لمشروعات البنية الأساسية، خاصة فى مجال إنتاج وزيادة توليد الطاقة، ويعمل البنك الأوروبى للاستثمار مع جميع مؤسسات التمويل الدولية، بالتنسيق مع الحكومة المصرية بما يضمن توفير التمويل اللازم لمواجهة أولويات التنمية الاقتصادية فى الدولة.
«المال»: ما هو تقييمك لأداء الاقتصاد المصرى خلال الفترة الحالية؟
مصر تواجه عددا كبيرا من التحديات الاقتصادية عقب سنوات من عدم الاستقرار السياسى
ريفولتيلا: تواجه مصر عددا كبيرا من التحديات الاقتصادية عقب سنوات من عدم الاستقرار السياسى، وعدم الوضوح مما خلق أزمات مالية مثل زيادة معدل التضخم والذى أدى لتآكل القيمة الشرائية للمستهلك، وضعف تنافسية الصادرات.
فى الوقت نفسه، فإن نقص العملة الصعبة والذى ترتب عليه إحجام المستثمرين، ونتج عن ذلك تعرض الاقتصاد المصرى لعدد من الصدمات، لذلك فإنه من المهم أن تعيد مصر الاستقرار الاقتصادى على المدى القصير والمدى المتوسط بالإضافة إلى معالجة بعض التشوهات (مثل الدعم) والتى تؤثر سلبا على الأداء الاقتصادي.
وأظهر المسح الإحصائى أن القطاع الخاص يمكن أن يلعب دورا كبيرا فى توفير فرص العمل ودفع التنمية الشاملة.
وتلاحظ أن القطاع الخاص الرسمى يسهم فى النشاط الاقتصادى بنسبة ضئيلة فى مصر، وهنا فإن التحدى القائم أمام صناع القرار هو زيادة نسبة الاقتصاد الرسمى وزيادة حجم إسهامه للاقتصاد المصري، وفى هذا الإطار يجب الاشادة بمبادرة البنك المركزى الخاصة بزيادة حجم القروض الموجهة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
«المال»: ما هو رأيك فى المشروعات القومية التى تم الإعلان عنها فى السنوات الماضية مثل قناة السويس، شبكة الطرق القومية واستصلاح 1.5 مليون فدان؟ هل وفر البنك أى مساعدات للتحضير أو تمويل تلك المشروعات؟
ريفولتيلا: مصر لديها تاريخ طويل مع المشروعات العملاقة بدءًا من بناء الأهرامات، وهى مشروعات تدعو إلى الإعجاب، فمثلا مشروع قناة السويس تم تنفيذه فى وقت قصير وبتمويل مصرى، وهذا مؤشر جيد للغاية على قدرة الحكومة على إنجاز المشروعات، ويجب التأكيد على أن المشروعات العملاقة تسهل عمل القطاع الخاص ولا تستبدل دوره، فالقطاع الخاص يستطيع خلق وتوفير فرص عمل تتوافق مع طموحات وإمكانات القوى البشرية فى مصر.
ما هو بنك الاستثمار الأوروبى وكيف تستفيد منه البلدان والقطاع الخاص؟
يعتبر بنك الاستثمار الأوروبى هو مصرف الاتحاد الأوروبى ويقوم بتوفير تمويل طويل الأجل للمشاريع السليمة والمستدامة بما يدعم السياسات الخاصة بالاتحاد الأوروبى، ويتخد من لوكسمبورغ مقراً لها ويتألف من 2900 موظفاً و30 مكتبا، وقدم البنك قروضاً بقيمة 77.5 مليار يورو فى 2015.
يستهدف بنك الاستثمار الأوروبى 4 مجالات أساسية لتعزيز النمو
ويستهدف بنك الاستثمار الأوروبى 4 مجالات أولوية لتعزيز النمو واستحداث فرص العمل الابتكار والمهارات والمؤسسات لصغيرة والمتوسطة والعمل المناخى والبنية التحتية الاستراتيجية فى انحاء الأتحاد الأوروبى، كما أنه يقدم المشورة فى الشئون الفنية والمالية.
ويقدم البنك دعمه للانعاش الاقتصادى فى أوروبا من خلال إنشاء الصندوق الأوروبى للاستثمارات الاستراتيجية واتاح 7.5 مليار يورو فى عام 2015، وقام بتعبئة 50 مليار يورو من إجمالى الاستثمارات بما يعادل 16% من المستهدف البالغة 315 مليار يورو على مر ثلاث سنوات.
وتعكس أنشطة البنك أولويات الاتحاد الأوروبى على الصعيد الخارجى ويعمل بالشراكة مع مؤسسات الاتحاد الأوروبى والبلدان المرشحة لانضمام والبلدان المجاورة للجنوب والشرق ويعمل أيضا فى البلدان الافريقية ومنطقة البحر الكاريبى والمحيط الهادى وآسيا وامريكا اللاتينية.
ويقرض بنك الاستثمار الأوروبى هيئات القطاع العام والشركات الخاصة ويقدم القروض المباشرة للمشاريع التى تزيد قميتها عن 25 مليون يورو، غلى جانب دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال البنوك المحلية، ويمكن للشركات ذات القيمة السوقية متوسطة الحجم نسبياً الحصول على دعم من اجل استثماراتها فى مجالات البحث والتطوير والابتكار، واليقدم البنك أكثر من 50% من التكلفة الكلية للمشروع.