رويترز: ضم قوات الشرطة لصلاحيات الرئيس التونسي قد يعمق الأزمة السياسية بالبلاد

جرى تأويل الدستور على أن رئيس الوزراء هو من يتولى الإشراف على قوات الأمن الداخلي

رويترز: ضم قوات الشرطة لصلاحيات الرئيس التونسي قد يعمق الأزمة السياسية بالبلاد
أحمد فراج

أحمد فراج

12:29 م, الأثنين, 19 أبريل 21

صرح الرئيس التونسي قيس سعيد، بأن صلاحياته كقائد أعلى للقوات المسلحة تتضمن قوات الأمن الداخلي، في تصعيد لخلافه مع رئيس الوزراء ورئيس البرلمان بشأن الصلاحيات.

مخاوف من انقسام المؤسسة الأمنية

وذكرت وكالة رويترز، أن تصريحات الرئيس التونسي تشير إلى رغبته فى ضم قوات الأمن الداخلي لصلاحياته مما يتسبب فى نزاع حول جهاز حساس هو وزارة الداخلية ويثير المخاوف من انقسام المؤسسة الأمنية بينما لا تزال البلاد تواجه مخاطر جماعات دينية متشددة.

وينص الفصل 77 من الدستور التونسى الصادر في 2014 على أن رئيس الجمهورية يتولى القيادة العليا للقوات المسلحة.

جرى تأويل الدستور على أن رئيس الوزراء هو من يتولى الإشراف على قوات الأمن الداخلي

وجرى تأويل الدستور على نطاق واسع على أن رئيس الوزراء هو من يتولى الإشراف على قوات الأمن الداخلي وأن وزارة الداخلية من صلاحياته.

لكن الرئيس التونسي قال في موكب احتفال بقوات الأمن الداخلي في خطاب حضره رئيس الحكومة هشام المشيشي ورئيس البرلمان راشد الغنوشي “إن رئيس الدولة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والمدنية. فليكن هذا الأمر واضحا بالنسبة إلى كل التونسيين في أي موقع كائن.. لا أميل إلى احتكار هذه القوات لكن وجب احترام الدستور”.

وسعيد أستاذ قانون دستوري من خارج المنظومة السياسية فاز بانتخابات 2019. وهو في صراع مع رئيس الحكومة المدعوم من رئيس البرلمان راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الإسلامي.

إقالة رئيس الحكومة وزراء مقربين من سعيد يفجر الخلاف بين الرجلين

وتفجر الخلاف بين الرجلين بعد أن أقال رئيس الحكومة المشيشي وزراء مقربين من سعيد من بينهم وزير الداخلية السابق توفيق شرف الدين هذا العام.

لكن سعيد رفض قبول أداء اليمين للوزراء المقترحين. ومنذ ذلك الوقت يشغل رئيس الوزراء منصب وزير الداخلية بالنيابة.

وفي تعليق حول خطاب سعيد قال المشيشي “ليس هناك داع للقراءات الفردية والشاذة..” مضيفا “أنها خارج السياق”.

وحتى الآن فشلت تونس في تركيز محكمة دستورية من شأنها أن تفصل في النزاعات الدستورية بين اللاعبين الرئيسين في البلاد.

يذكر أنه في خطوة أثارت استياء الرئيس التونسي وتسببت في تعميق الأزمة السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد، اقترح رئيس الحكومة هشام المشيشي إجراء تعديل وزاري لـ11 حقيبة وزارية في 16 يناير 2021، جاءت وفقاً لإملاءات حزامه السياسي والبرلماني بقيادة رئيس مجلس النواب زعيم حركة “النهضة” راشد الغنوشي، دون التنسيق والتشاور مع رئيس الجمهورية.

وتمكن المشيشي من الحصول على ثقة البرلمان في 26 من الشهر نفسه، وهو ما فُسر على أنه محاولة جادة من قبل رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب لعزل رئيس الجمهورية سياسياً، والإمساك بزمام كافة مقاليد السلطة بما في ذلك التي تدخل ضمن اختصاصات رئيس الجمهورية، وهو ما يتنافى مع مضمون وروح دستور 2014.

وقد أشار الرئيس سعيّد إلى أن بعض الوزراء المكلفين في التعديل الوزاري تحوم حولهم شبهات فساد وتضارب مصالح.

 وذلك على ضوء التقارير التي نشرتها منظمة “أنا يقظ”- غير الحكومية والمعنية بمكافحة الفساد- وأيدتها بعض الأحزاب والكتل البرلمانية، وتؤكد وجود شبهات في تضارب مصالح وفساد حول أربعة وزراء، وهو ما دفعه إلى رفض استقبال الوزراء الجدد في قصر قرطاج لحلف اليمين الدستورية وامتناعه عن إصدار المرسوم الرئاسي بتعيينهم.

المشيشي يقيل خمسة وزراء في 15 فبراير الماضى

ترتيباً على ذلك، وفي محاولة من قبل رئيس الحكومة المشيشي للتحايل من أجل الخروج من الأزمة وإنهاء حالة الجمود ورفع الحرج السياسي عنه أمام قطاع واسع من الشعب يحمله مسئولية فشل تشكيل حكومة مستقلة بعيدة عن التجاذبات السياسية، أقال المشيشي خمسة وزراء في 15 فبراير الماضى، وكلّف آخرين في الحكومة بمهامهم مؤقتاً، منهم الوزراء المثار حولهم جدل باستثناء وزير الصحة.

لكن لم يتمكن المشيشي بموجب هذا التعديل من حل الأزمة، وإقناع الرئيس سعيّد بالتراجع عن موقفه، وإنما تمسك الأخير بإقالة الحكومة كاملةً، وظل كل منهما- الرئيس ورئيس الحكومة إلى جانب حزامه السياسي والبرلماني الداعم له- متمسكاً بموقفه في تحدٍ واضح لبعضهما البعض، منتهجين في ذلك سياسة النفس الطويل.

وكان لغياب تشكيل المحكمة الدستورية دور رئيسي في ما تشهده البلاد من أزمة دستورية وسياسية إثر الصراع الدائر بين الرئاسات الثلاث بشكل عام منذ تولى الرئيس سعيّد رئاسة الجمهورية من جانب، وبين رأسى السلطة التنفيذية من جانب آخر، لكونها الهيئة القضائية المنوط بها الفصل في النزاعات بين الأفرع الثلاثة الرئيسية للسلطة في البلاد.

فمنذ إقرار تونس دستورها في عام 2014، لم تتمكن القوى السياسية والبرلمانية من التوصل لاتفاق سياسي ووطني حول مرشحيها الأربع ضمن الـ12 عضو لاعتبارات سياسية وحزبية، وقد حاولت تلك القوى خلال هذه الفترة تعزيز نفوذها في السلطة في ظل وجود نظام سياسي “هجين” قائم على تقسيم السلطات بين الرئاسات الثلاث، وهو ما أتاح فرصة لنشوب الأزمات على غرار الأزمة التي تشهدها البلاد حالياً.