توسطت مصر، فنجحت في التوصل إلى هدنة في غزة الشهر الحالي، ما جعلها محط الأنظار على الصعيد الدبلوماسي، وغطى انخراط كبار المسئولين في واشنطن معها على العديد من الدول العربية التي طبعت علاقتها مع إسرائيل.
هدنة غزة تتوج جهود مصر
وقالت وكالة رويترز إن الجهود الأخيرة جلبت للقاهرة إقرارًا بأهميتها، وكذلك تحقيق تقدم على صعيد هدف سياستها الخارجية الرئيسي المتمثل في التوصل لإتفاق لإدارة سد النهضة الإثيوبيي الذي ترى القاهرة إنه يشكل مصدر تهديد كبير لإمداداتها من مياه النيل.
وبينما توسطت القاهرة خلال جولات العنف السابقة بين إسرائيل والفلسطينيين بفضل علاقتها بكلا الطرفين، يقول المحللون والدبلوماسيون إن جهودها كانت أكثر بروزًا في الوقت الراهن، مقارنة بما كان عليه الحال خلال السنوات العديدة الماضية.
ومن المقرر أن يبدأ رئيس حماس إسماعيل هنية زيارة إلى القاهرة بهدف تعميق الهدنة التي صمدت أسبوعا كاملا بفضل المباحثات المكوكية التي أجراها المسئولون الأمنيون المصريون مع إسرائيل وحماس.
وقال مسئول بحماس لوكالة رويترز: “بذلت مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي جهودا أكبر، وكانت هذه الجهود واضحة خلال حرب ال11 يوما”.
وعلى الرغم من أن حماس لها جذور تربطها بجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر، لكن القاهرة تحتفظ برابط استخباراتية قوية مع الجماعة.
وقال أحد الدبلوماسيين إن مصر تعتني بالحالة الأمنية على الحدود بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، وهو ما يجعلها تتعامل مع حماس “ببراجماتية فائقة.”
أدوار محدودة
ولعبت دولا عربية أخرى أدوارا أكثر محدودية. وهي تشمل الأردن التي أبرمت اتفاق سلام امتد لعقود مع إسرائيل، ولها أراضي محاذية للأراضي الفلسطينية. وقدمت قطر دعما ماليا لغزة.
كما تشمل أيضا دولة الإمارات العربية المتحدة، التي دعت إلى وقف التصعيد وكانت الأكثر بروزا من بين الدول العربية الأربع التي أعلنت تطبيع العلاقات مع إسرائيل العام الماضي ضمن “اتفاقيات إبراهيم” برعاية إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وعظمت اتفاقيات التطبيع هذه تكهنات رجحت تراجع الهيمنة الإقليمية لمصر، لكن محللون يقولون إن العنف الذي اندلع الشهر الجاري شكل مصدر إحراج للموقعين على هذه الاتفاقيات التي ضمت أيضا البحرين والسودان والمغرب وسط تزايد تعاطف العرب مع الفلسطينيين.
وبفضل الهدنة، استأنفت مصر والرئيس السيسي الاتصال بالبيت الأبيض، إذ تحدثت إدارة بايدن مرتين مع السيسي خلال 5 أيام.
وقال نبيل فهمي وزير الخارجية المصري السابق إن الانخراط المصري الأمريكي بخصوص الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيظل محدودا بسبب ضعف طموحات عملية السلام.
وتابع:” ما يجري الآن عبارة عن إدارة للصراع أكثر منه حل للصراع.”
وتعرضت مصر لانتقادات قوية من الديمقراطيين بخصوص ملف حقوق الإنسان.
لكن مصر قد تعلمت أن تنتظر عندما تسوء علاقتها بواشنطن، وحظيت بعد أن انجزت عملا جيدا بخصوص غزة بمساحة لإثبات صحة موقفها بخصوص حقوق الإنسان، بحسب حفصة حلاوة الاستاذ غير المقيم بمعهد الشرق الأوسط.
وأضافت:” باتت مصر لاعبا صبورا في حلبة السياسة الخارجية، ويجيء هذا بفضل الاعتقاد المؤسسي الجوهري بأن مصر كبيرة بما يجعل سقوطها مستبعدا”.