اعترفت محافظة “بنك روسيا” ، إلفيرا نابيولينا، لأول مرة، أن العقوبات المفروضة على البنك المركزي تعني أنها لا تستطيع التدخل لمنع الروبل من الانهيار .
ولكن ما لم تصرح به نابيولينا هو حجم الأموال التي ما تزال بحوزتها، في حالة ما إذا طُلب من البنك المركزي اتخاذ إجراء.
قبل بضعة أيام فقط، كان بنك روسيا المركزي يحتفظ بخامس أكبر احتياطي عالمي من العملات الأجنبية، لكنه خسر نصف حيازاته على الأقل بجرة قلم الأسبوع الماضي، وفقاً لدبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي.
من وجهة نظر “معهد التمويل الدولي” فإن 40 إلى 50% من احتياطات روسيا -التي قُدِّرت آخر مرة بـ643.2 مليار دولار في منتصف فبراير الماضي- بعيدة المنال.
فارق شاسع
لم يكن الفارق في أسواق العملة صارخاً من قبل مثلما كان عليه أمس الاثنين، عندما تهاوى سعر الروبل بأكثر من 30% مقابل الدولار، في الوقت الذي حاول فيه البنك المركزي مقاومة التراجع. قالت نابيولينا إن المبالغ التي ضخها البنك المركزي تجاوزت حد المليار دولار خلال جلستي التداول السابقتين.
أصبحت قدرة البنك على القيام بدوره الأساسي المنوط به، والمتمثل في “حماية الروبل وضمان استقراره”، على المحك، في ظل محاصرة معظم أصوله الآن في فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة. ليلجأ بنك روسيا إلى تطبيق زيادة ضخمة على أسعار الفائدة، ووضع ضوابط لرأس المال في سبيل تهدئة السوق.
بالنسبة لخصوم روسيا، تستمر مطاردة ما تبقى من الدعامات المالية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قدم وساق. حيث حظرت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمس الاثنين، الأفراد والشركات في الولايات المتحدة من إجراء أي عمليات تجارية مع بنك روسيا، وهو قرار من شأنه التسبب في “شلل كبير” لأي أصول تابعة لبنك روسيا المركزي في الولايات المتحدة، أو لدى مواطنين أمريكيين، وفقاً لبيان وزارة الخزانة الأمريكية.
امنع الروبل من الانهيار
على الأرجح، سيفلت جزء كبير من ثروة روسيا من العقوبات، وهو أمر أقرَّ به مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي. حيث كان هناك أكثر من خمس الاحتياطي الإجمالي على هيئة عملات ذهبية في روسيا، حتى يوم 30 يونيو 2021، كما أن هناك 13.8% أخرى من الاحتياطي الروسي في الصين، وفقاً لأحدث بيانات متاحة.
مع ذلك، فإن نصف الاحتياطات المالية التابعة لـ”بنك روسيا” في مجموعة دول السبع سيتم تجميدها بموجب العقوبات الجديدة، حسبما أخبر بوريل الصحفيين. وقال: “سيؤثر هذا -بشدة- على النظام المالي في روسيا”.
هناك مصدر آخر للسيولة النقدية قد يسترعي انتباه المراقبين على الأرجح خلال الأيام المقبلة. فقد كان في جعبة روسيا 24.1 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة لدى صندوق النقد الدولي، كما في نهاية يناير الماضي، وتُخصص تلك الحقوق للدول الأعضاء بناءً على حصتهم في المنظمة، وفقاً لأحدث بيانات رسمية.
من المحتمل تقييد الوصول لهذه الأموال في ظل وقوف الحكومات حول العالم في صف أوكرانيا بعد غزو روسيا لها.
تحرك بنك روسيا بسرعة لحماية اقتصاد الدولة البالغ 1.5 تريليون دولار من العقوبات الشاملة التي ضربت البنوك الرئيسية، مما دفع الروبل إلى مستوى قياسي منخفض وترك الرئيس فلاديمير بوتين غير قادر على الوصول إلى جزء كبير من صندوق حربه الذي يزيد عن 640 مليار دولار.
يقول كل من سكوت جونسون، وجيمي راش، وتوم أورليك من “بلومبرغ إيكونوميكس”: “تعيش روسيا في خضم أزمة مالية، والسؤال الآن هو ما مدى عمق واستمرارية هذه الأزمة. فالعقوبات الغربية ضد البنك المركزي أثبتت أنها نقطة تحول حاسمة، حيث منعت الوصول للاحتياطات التي كانت ستستخدم على الأرجح كدعامة قوية للقطاع المصرفي… ستواجه روسيا ركوداً لا محالة”.
أرقام مشكوك فيها
عملت روسيا للتحرر من سيطرة الدولار على نظامها المالي في السنوات الأخيرة، إذ باعت أغلب حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية في 2018، حيث كانت تستعد للعقوبات المحتمل فرضها عليها.
مع ذلك يعتقد زولتان بوزار، المحلل الاستراتيجي لدي “كريدي سويس”، أن روسيا لديها حيازات في الولايات المتحدة أكثر بـ150 مليار دولار مما تصرح عنه الأرقام الرسمية.
حلل بوزار البيانات الخاصة بالبنك المركزي والأسواق المالية لحساب الرقم الأكبر. ووفقاً لتقديراته فإن نسبة تعرض بنك روسيا للدولار تبلغ 50% تقريباً، وليس 20% فقط كما يزعم البنك.